ثلاثية السيتي منصور
حوالي سنتان فى الإتحاد
هي طريق طويلة ومرهقة تلك التي مشاها بيب جوارديولا منذ أن غادر برشلونة، ليصل مجدداً قمة الهرم معتلياً العرش وواضعاً على رأسه تاج أوروبا للمرة الثالثة.احتاج الفيلسوف لسبع سنوات بالتمام والكمال لكي يضبط للمان سيتي المقاس التكتيكي الذي يلبسه أخيراً حلة الأبطال..سبع سنوات، تخيل بيب خلالها، كما لم يتخيل غيره من المدربين، ما لا يعد ولا يحصى من طرائق ومناهج وأساليب كي ترضى عنه الكأس ذات الأذنين الطويلتين، وقف طويلاً أمام بابها يتودد، تجرع مرارة الإخفاق مرات كثيرة، أحبطه أن يصل بالسماوي لرأس العين، أن يلعب نهائي أمجد الكؤوس سنة 2021 ليكون الغريم تشيلسي هو من استولى على إمارة النهر الأوروبي، دخل كهوف التفكير بالتأمل وبالتقريع، وفي كل مرة كان يبصر مع اشتداد حلكة المكان ضوء يتعقبه، فيأتي بلاعب وينقح أسلوبه ويحين فلسفته، ولا ييأس في كل الذي كان يفعله من أن يجد الأبواب توصد في وجهه، لقد كان جوارديولا جبلاً من الصبر لا تحركه رياح الألم من الإقصاء، ولا الندم على أن جملة النجاح اختنقت ولم تكتمل.وكان لا بد وأن نفهم في كل الذي نقل جوارديولا لمرتبة اليقين بانبعاث فجر الأبطال يوماً في سماء مانشستر سيتي، أن وراءه قيادة إماراتية حكيمة وصبورة واستباقية ومؤمنة بقدرة ناديها بربانه الفني وبلاعبيه، على أن يطوع دوري الأبطال فيأتيه لقبه ولو بعد حين مبايعاً.لم يدخر سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، أي جهد في سقي بذرات الأمل وطرد غيوم الشك وإعلاء رايات التحدي، فقد وجَّه إدارة المان سيتي إلى الإنصات دوماً لبيب جوارديولا وتمكينه مما يريد، مثلما وجهها لتكون علامة فارقة في صناعة النجاح الإداري والاستثماري في دوري يعج بالرساميل وأيضاً بالأدمغة الخارقة، لقد كان هناك يقين كامل من عائلة المان سيتي بأن الصرح الذي وضعت قواعده مع مجيء القيادة الإماراتية، تسامى وتعالى في السماء منذ قدوم بيب جوارديولا، وأن مواسم الحصاد ستكون جميلة ورائعة.وها هو البلومون قد صدَق الرؤية وأنجح الاستراتيجية وأبرز التحام القيادة الحكيمة والمتبصرة بالإدارة الفنية النابغة، لتعطي هذا المحصول الخرافي والتاريخي، فها هو السيتي الذي يتسيد المشهد الكروي الإنجليزي منذ سنة 2011، بحصوله توالياً من دون انقطاع، على كل الألقاب المتاحة، سيجعل من سنة 2023، سنة تاريخية بتتويجه لأول مرة بلقب دوري أبطال أوروبا منتصراً في نهائي مشنوق تكتيكياً على المشاكس إنتر ميلان الإيطالي، وبتحقيقه للثلاثية الأولى له منذ تأسيسه قبل 129 عاماً، الثلاثية التي توقع للسيتي سيادته على أوروبا، وتشهد التاريخ على أن من يحلم لا يعرف مستحيلاً، ومن يعمل طويلاً يضع على رأسه إكليلاً.شكراً للإمارات أنها جعلت عشاق مانشستر سيتي يحلمون بعد أن عاشوا لعقود على الأضغاث، شكراً لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان أنه أعطانا هذه التجربة الرائدة والملهمة، نجاح إنساني بهوية عربية، فيا للفخر..