ماذا حصل ليلة القبض على عماد جمعة؟.. الليلة التي سرّعت خطة الهجوم على عرسال!

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

كاتيا توا -
 
ثلاث سنوات ونيف، انتظر السوري عماد جمعة، قائد «لواء فجر الإسلام»، تلك اللحظة، لحظة استجوابه أمام المحكمة العسكرية في ملف «أحداث عرسال»، ليظهر نفسه بمظهر «المفاوض» في تلك المرحلة، داعياً «وزارة الدفاع والأمن العام ليكونا شهوداً» على الدور الإنساني «الذي لعبه أثناء المفاوضات مع جبهة النصرة، ومن سجنه، في قضية العسكريين الذين كانوا أسرى لديها.
 
يرفض جمعة مسألة اعتباره أنه كان السبب في إطلاق الشرارة الاولى لـ«معركة عرسال»، إثر توقيفه على أحد حواجز الجيش في الأول من شهر آب العام 2014، فهو كما يزعم، انسحب من الاجتماع الذي قررت فيه قادة الالوية والفصائل الهجوم على عرسال، بعد أن كانت الخطة تقضي بمحاربة حزب الله والجيش السوري، اللذين هما «عدوّنا الوحيد».
 
ويبرّر جمعة سبب مبايعته في البدء للنصرة ومن ثم لداعش فأنا كنت اريد تأمين طريق آمن إلى الشمال السوري وما فعلته كان بمثابة تزكية لي، فالمبايعة سماّها جمعة «مبايعة عمل» بحيث لم يكن ملزماً بالقرارات التي تتخذها القيادتان.
 
أكثر من ساعة، وقف جمعة أمام هيئة المحكمة برئاسة العميد الركن حسين عبدالله وبحضور ممثلة النيابة العامة القاضية مايا كنعان مدافعاً عن نفسه وعن «مجموعته» التي تشاركه في قفص الاتهام، وهم إنْ كانوا تراجعوا عن اعترافاتهم الأولية حول مشاركتهم في الهجوم على مراكز للجيش بعد تولي السوري يحيى المحمد المعروف بأبو طلال قيادة اللواء اثر توقيف جمعة، فإن الأخير أراد من استجوابه أمس تبرئة نفسه، «ليس أمام المحكمة وإنما أمام الشعبين السوري واللبناني، وشو ما كان الحكم فأنا مستعد له».
 
وفي جلسات أخرى متفرعة عن هذا الملف الذي تمت تجزئته إلى خمسة، وقف جمعة «شاهداً» في جلستين منها، شاهدٌ على أن موقوفين إثنين من الماثلين أمام المحكمة لم يكونا من مجموعته، فالأول خالد قرقوز لم يكن له أي دور ولم يشارك في الاجتماعات التي «توّجت» بإعلان ميثاق بين الفصائل والألوية الذي لم يوقّع عليه جمعة والثاني عمر مطر، لم يسبق لجمعة أن شاهده من ضمن مجموعته المسلحة.
 
في مستهل استجوابه في جلسة الأمس التي أرجئت إلى السابع من كانون الأول بعدما استمهل وكلاء الدفاع عن المتهمين تقديم لائحة بمطالبهم، طلب جمعة بحضور وكيله المحامي رشاد العلي «الوقت الكافي لشرح ما حصل معه وبأنني الصيد الثمين والمسبّب للمعركة». 
 
«تمام، تمام»، ردّد جمعة اكثر من مرة في إشارة منه على تأييده للجزء الأول من إفادته الأولية حول انتمائه في البدء إلى «كتائب الفاروق» عام 2011 ومن ثم تشكيله «لواء فجر الإسلام» الذي كان هدفه مع بدء الثورة إسقاط النظام السوري وكان عديده حوالي 300 عنصر. كان اللواء ممثلاً بمجالس عسكرية في تركيا ويضم ضباطاً منشقين من رتبة ملازم وما فوق ويحصل على تمويل من الائتلاف السوري.
 
عند هذا الحد، كان جمعة لا يزال «راضياً» على تلك الإفادة التي كان يتلوها رئيس المحكمة على مسامعه «تمام،تمام»، لكن «تمام» جمعة لم ينسحب على باقي أقواله الأولية، خصوصاً حين سأله العميد عبدالله عن مبايعته للنصرة فأجاب: «هي مبايعة عمل فالنصرة كانت تسيطر على القلمون بعد انسحابنا إثر اشتداد المعارك مع حزب الله، وكانت المبايعة لقاء تمويلنا ولم أشارك معهم في أي معركة. أردنا فقط الحفاظ على وجودنا، فلم نكن ملزمين بقرارات النصرة ورفضنا الدخول إلى لبنان».
 
«تماماً»، عاد جمعة ليؤيد أقواله الأولية حول مشاركته بمزارع ريما في القتال ضد النظام السوري حيث خسر عدداً من عناصره، وعندما طلب منه موفق الجربان الملقب بأبو السوس مهاجمة ثلاثة مراكز لحزب الله توجه مع حوالي 15 مسلحاً وتمت محاصرتهم مع الجيش السوري. ومع أن جمعة لم ينكر هذه الواقعة إنما بررها بالقول: «إن الحزب دخل علينا من الأراضي اللبنانية وعبر القاع وسحبوا 7 جثث لنا فتقدمنا وسيطرنا على الجوسة.كما أنه دخل علينا من جهة نحلة والحزب كان يستخدم الأراضي اللبنانية لمنعنا من التقدم».
 
في تلك الافادة، روى جمعة كيف أن أبو مالك التلي وبعد اشتداد الخناق قرر نقل المعركة إلى لبنان، ليضيف أمام المحكمة بأنه بعد سقوط القلمون طلب التلي عقد اجتماع لعدد من الفصائل والألوية والسرايا وتشكيلات أخرى، وكان برفقته القائد العسكري للنصرة أبو عبدالله الاحوازي. ويضيف جمعة: «عقد اجتماعان بهذا الخصوص، حضر أحدهما جميع الفصائل في الجرود وقادة التنظيمات وقادة ألوية والقائد الميداني للنصرة أبو عمر تفتنازي وأنا، وأبلغنا التلي أن أبو السوس وأبو عرب لن يشاركا لأنهما يحضران لعمل كبير، وكان هدف الاجتماع ضرب مراكز حزب الله وليس الدخول إلى لبنان، واعطائنا القلمون مقابل انسحابنا من الجرود، وقد جرى توقيع ميثاق بين المجتمعين إلا أنني لم اوقع عليه بعد أن تضمن الدخول إلى عرسال».
 
وتابع جمعة يروي «بأن تفتنازي اراد الدخول الى عرسال فرفضت لان الاتفاق كان يقضي بعدم ضرب اي مدينة لبنانية انما فقط مراكز الحزب التي تقصفنا». وإزاء ذلك- يضيف جمعة - «توجهت الى التلي الذي كان غادر الاجتماع وابلغته عن انسحابي فيما تم اعتقال عناصر من مجموعتي. كما انتسب معي لواء الحمزة ولواء المحمد».
 
وحول ما ذكره أولياً بأنه استطلع عبر محرك «غوغل» القرى الشيعية المحاذية للحدود ومهاجمة سبع قرى شيعية وحاجزين للجيش وأسر عسكريين، قال بأن ما حصل خلال الاجتماع هو تحديد القرى التي تشهد حواجز لحزب الله وأنا ذكرت في التحقيق أن هناك حاجزاً للجيش اللبناني، وأخذت تعهداً من المجتمعين بعدم ضرب الحاجز لأنه لم يكن لدي أي رد فعل مع الجيش رغم أنه قتل عنصراً من عناصري «وأنا شفت حالي أنني منعت أكبر كارثة على لبنان وهي أكبر من الذي حصل».
 
وفي رده على سؤال للمحكمة لم يتردد جمعة في القول موجهاً كلامه إلى العميد عبدالله: «أبو مالك انتو عملتو ونحنا تحت جلادّينو».
 
وعن مبايعته لداعش قال جمعة بأنه تعرف في القصير على مسؤول العلاقات العامة في داعش المدعو حسن الحسين وهو لبناني، وتزوج من شقيقة جمعة، وأبلغه بعد سفره إلى حلب بأنه بايع داعش وصار «دولة»، «وانا بعد أن أسر أبو مالك عناصري كنت مضطراً أن أبايع داعش حينها».
 
وأفاد جمعة بأنه تواصل عبر السكايب مع الاتحاد الأوروبي بشخص يدعى ليوناردو، الذي ابلغ بأن الاتحاد يخطط لعزل لبنان مثلما فعل في الاردن، وأنهم بصدد فتح خطوط مع السلطات اللبنانية.
 
وعما ذكره أولياً بأن عملية كبيرة كانت ستشن على القرى الشيعية بإمرته مع لواء الفتح وأنه بعد مبايعة داعش رفض الذهاب إلى حمص لأنه كان ملتزماً بخطة الهجوم، قال جمعة: «هذه محادثة أردت منها أن تكون بمثابة بطاقة تزكية لي لتسهيل دخولي إلى حمص».ولكنكم قمتم بعمليات استطلاع وعملتم على نزع 70 لغماً ضد الأفراد - سأله رئيس المحكمة - فأجاب:«نحن كنا نجهّز للعملية إنما بعد أسر عناصري انسحبت منها، ومن الأكيد أنه يجب القيام بعمليات استطلاع قبل العمل».
 
وفي ما خص التلي بأنه أراد زعزعة الاستقرار في الداخل اللبناني بالتنسيق مع الخلايا النائمة في الشمال وطرابلس والبقاع تتبع للنصرة وداعش ولارباك الجيش والايقاع بأكبر عدد من الشهداء، نفى جمعة هذه الواقعة وقال بأن التلي لديه أشخاص يمكن أن يعرقلوا مسألة دعم حزب الله وليس الجيش.
 
وماذا حصل ليلة القاء القبض عليه - سئل جمعة فأجاب: «عند العاشرة ليلاً كنا مجتمعين عندما وصل أبو عمر وقال بأن عرسال دخلت في الخطة فانسحبت لأن عدونا هو حزب الله والنظام السوري، وعندما اعتقلوا 32 من مجموعتي إثر ذلك هربت مع أربعة أشخاص. وأثناء توجهي إلى عرسال لزيارة عائلتي وبرفقتي فراس غنوم على طريق فرعية أوقفنا حاجز للجيش ولم يكن بحوزتي أي سلاح أو منظار كما قيل، وأبلغني مقدم في الجيش أني غير مطلوب إنما بعد ساعتين عاد وقال لي: أمورك معقدة».
 
وتحدث جمعة عن دور وساطة لعبه من مكان توقيفه في وزارة الدفاع وأفاد بـأنه أطلع على امور دقيقة مع الوسيط القطري واللواء عباس ابراهيم حيث كان يتواصل معهما. وأضاف جمعة: «إذا كانت داعش فتحت معركة من أجلي ودخلت عرسال من أجلي، فلماذا رفض أبو طلال بعد توقيفي بشهر مبلغاً مالياً نقله أحد الوزراء إليه».
 
وقال بأنه فوجىء بعد توقيفه بتولي يحيى المحمد الملقب بأبو طلال قيادة اللواء، فالأخير- يضيف جمعة - أبلغه بأن شقيقه وزير ويستطيع تقديم الدعم له»، منتهياً إلى التأكيد بأن عناصره بقوا في قارة ولم يشاركوا في أي معركة.
 
واستكملت المحكمة في هذا الملف الذي يضم 19 متهماً استجواب الموقوفين التسعة الآخرين الذين أجمعوا على نفي اعترافاتهم الأولية رغم محاولات رئيس المحكمة دفعهم لقول الحقيقة «لأن الإنكار لن يفيدكم» غير أنهم بقوا على «موقفهم» في إنكار جميع اعترافاتهم تحت ذريعة تعرضهم للضرب والتعذيب خصوصاً لجهة مشاركة معظمهم في الهجوم على مراكز للجيش في عرسال، ونفي أحدهم ما ذكره أولياً حول مشاركته في حفر قبر جرى فيه دفن أحد العسكريين الشهداء بعد ذبحه.
 
 
 

شارك الخبر على