رهان ديسانتيس المتردد

حوالي سنة فى الإتحاد

إذا كان من المفترض أن يكون رون ديسانتيس أكثر قابلية للانتخاب من دونالد ترامب، فلماذا وقّع حظراً على معظم عمليات الإجهاض في فلوريدا بعد ستة أسابيع من الحمل؟ هذا التوقيع يُعد بمثابة هدية من السماء بالنسبة للمحافظين المسيحيين الذين يُعتبرون مهمين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، لكنه عبء ثقيل عليه أمام المعتدلين والمستقلين الذين يُعتبرون مهمين بعد تلك المرحلة. كما أنه يُضعف حجتَه التي تقول إنه نسخة من ترامب تستطيع التغلب على الرئيس بايدن. ويوم الأربعاء الماضي، زاد ديسانتيس من سرعة محركه وأعلن عن ترشحه رسمياً للانتخابات الرئاسية. غير أنني لا أفهم. حسناً، إنني أفهم أنه يريد أن يكون رئيس كل الرؤساء، لكن تسويق ديسانتيس وحقيقة ديسانتيس لا يتوافقان. كما أن نظرية «فريق ديسانتيس» عن القضية والقضية نفسها مختلفتان. ومن نواح عديدة، يمكن القول إنه يلغي نفسَه، وإن حملته حملة محيرة للغاية. هذا لا يعني أنه لن ينجح. لكن في الفترة التي أُعلن فيها ترامب فائزاً عام 2016، انسحبتُ من مجال التنبؤ، أو على الأقل حاولتُ التحلي بقدر أكبر من التواضع، وأعترفُ بكل تواضع بأنني لا أشعر باليقين بشأن مصير ديسانتيس. لدى ديسانتيس فرصةٌ مشروعة في الظفر بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية. وهو يستطيع بكل تأكيد الفوزَ بالرئاسة. ذلك أنه يحكم ثالث أكبر ولاية في البلاد من حيث عدد السكان، وقد أُعيد انتخابه لفترة ثانية بفارق 19 نقطة تقريباً، وقد أبهر المانحين الرئيسيين، وجمع الكثيرَ من الأموال، ولديه شهرة واسعة. ووفقاً لاستطلاعات الرأي التي شملت الناخبين «الجمهوريين» خلال الأشهر الأخيرة، فإنهم معجبون به أكثر من أي بديل آخر لترامب. بل يمكن القول إن نيكي هالي وآسا هاتشينسون قد يكونان مستعدين لدفع أغلى ثمن من أجل الحصول على مثل هذا النوع من الضجة والتغطية الإعلامية التي يحظى بها ديسانتيس، والتي تخبرك في الغالب بمدى افتقار ترشيحاتهم للاهتمام. لكن، هل يرغب الناخبون الجمهوريون في بديل لترامب أصلاً؟ استطلاعات الرأي لا تقول ذلك. ووفقاً للمتوسط الحالي لاستطلاعات الرأي هذه، في موقع «ريل كلير بوليتيكس» المتخصص، فإن دعم ترامب يتجاوز 55 في المئة، مما يجعله متقدماً بأكثر من 35 نقطة مئوية على ديسانتيس. هذا في حين يوجد مايك بانس، الذي يحتل المركزَ الثالث، خلف ديسانتيس بحوالي 15 نقطة مئوية أخرى. وفضلاً عن ذلك، يتذبذب ديسانتيس مراراً وتكراراً. وحجته حول الأكثر قابلية للانتخاب تقوَّض ليس من خلال قانون الإجهاض في فلوريدا فقط، والذي يبدو أنه يتحاشى الحديث عنه، ولكن أيضاً من خلال القانون الذي وقّعه مؤخراً للسماح بحمل أسلحة نارية مخبأة في فلوريدا دون ترخيص، وهو ما قد يضعه على يمين الناخبين بعد الانتخابات التمهيدية، على غرار بعض التفاصيل المعينة لتشريعات دافع عنها بخصوص التعليم، وعقوبة الإعدام، وشفافية الحكومة وغيرها. غير أنه من خلال سعيه ليُظهر للجناح اليميني في الحزب الجمهوري إلى أي مدى يمكن أن يكون شرساً وفعّالاً، جعل نفسه مخيفاً للأميركيين الأقل محافظةً.وإلى ذلك، فإن تأكيده على رغبته في إنهاء «ثقافة الخسارة» التي ينتهجها الجمهوريون يشير ضمنياً إلى اتهام بأن ترامب حال دون فوز الحزب، لكنني أشكُّ في أن تجد هذه العبارة صدى قوياً لها عند القاعدة الجمهورية. ومثلما لفتَ إلى ذلك راميش بونورو في صحيفة «واشنطن بوست» مؤخراً، فإن سُمِّية ترامب المفترضة هي جزء طويل من قصته وعلامته التجارية. وفي هذا الصدد، كتب بونورو يقول: «لقد عزّز فوزُ ترامب في 2016 لدى العديد من المحافظين فكرةَ أن (قابلية الانتخاب) هي مجرد حيلة تستخدمها وسائل الإعلام والجمهوريون المتذمرون لتشويه سمعة المرشحين المستعدين للكفاح من أجلهم». حملات ديسانتيس وغيره من «قتلة» ترامب المحتملين، تستند إلى المزيج المعتاد من الغرور الكبير والطموح غير المعتاد والأمل العنيد لدى السياسيين الذين يطمحون إلى المراتب العليا. لكن محاولاتهم تستند إلى شيء آخر أيضاً، شيء أتقاسمُه، وشيء يفعله الكثيرون منا، وشيء يتعارض مع كل ما رأيناه وتعلّمناه على مدار السنوات الثماني منذ أن ترجل ترامب من هذا المصعد، وشيء لا نستطيع بكل بساطة زعزعته: إنه الاعتقاد بأن كذاباً ونرجسياً وعدمياً بأبعاده الكبيرة جداً لا يستطيع البقاء والاستمرار، وبأن قوى العقل والحذر ستضع في الأخير حداًّ لهيمنته. يراهن ديسانتيس على ذلك من دون أن يراهن عليه بشكل كامل وجريء. وهي مسألة تحوطية، مما يعكس حقيقة أنها قد تكون مراهنة محكوماً عليها بالفشل. 
فرانك برونيأستاذ الصحافة والسياسة العامة بجامعة «دوك» الأميركيةينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
 

شارك الخبر على