محمد هنيدي «تاه» في السينما ويبحث عن نفسه داخل «أرض النفاق»

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

على الرغم من كونه واحدًا من أبرز نجوم الكوميديا في آخر عشرين عامًا، محققًا نجاحات دونتها سجلات السينما المصرية بأحرف من ذهب، إلا أن السنوات الأخيرة لم يكن إنتاجه بالمستوى الذي اعتاده جمهوره، وما بين اختفاء غامض وظهور محبط، فقد الفنان محمد هنيدي، طلته المميزة التي طالما جذبت دون تفكير عشاق «الضحكة من القلب» بمجرد طرح اسمه على «أفيش» أحد الأفلام، متربعًا على القمة.

ظل هيندي، حتى سنة 2009، التي شهدت فيلمه «أمير البحر»، لا يفوت عامًا، إلا ويتواجد بعملًا سينمائيًا أو اثنين، وبالتحديد منذ الحضور الأبرز في «إسماعيلية رايح جاي» عام 1997، والذي فتح له أبواب البطولة المطلقة.

إلا أن شيئًا ما تغير، وبدأ حرص الكوميديان الأقصر في مصر، على التواجد على الساحة الفنية يتراجع، فلم يطل على جمهوره في آخر 8 سنوات سوى بـ3 أفلام فقط، كان آخرها «عنتر ابن ابن ابن شداد» في موسم عيد الفطر الماضي، بالإضافة إلى مسلسل «مسيو رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» في 2011 استثمارًا لنجاح الفيلم الذي عرض في 2008، بالإضافة إلى عدد من المسلسلات الإذاعية والكارتون للتليفزيون، بجانب مشاركة غير محسوسة في تقديم عدد محدود من البرامج التليفزيونية والإذاعية.

ربما يكون التفسير الأوضح لهذا الحضور المتفاوت وغير المعتاد، ما شهدته البلاد من حالة ثورية وأحداث سياسية ساخنة في تلك السنوات، ولكن تضعف تلك الفرضية أمام نجاح هنيدي سنة 2012، في هزيمة الانغماس الشعبي في الأوضاع السياسية المعقدة، آنذاك، وخطف الجمهور من ميادين الثورة إلى صالات السينمات لمشاهدة «تيتة رهيبة» في عيد الفطر، منفردًا بصدارة شباك التذاكر بنحو 22 مليون جنيه، متفوقًا من حيث الإيرادات على كل الأفلام التي عرضت على مدار العام والبالغ عددها 24 فيلمًا. 

واختفى هنيدي، بعد هذا النجاح، عن الشاشة الفضية مرة أخرى لمدة 3 سنوات، قبل أن يعود من جديد بفيلم «يوم ملوش لازمة» في الموسم الافتتاحي لعام 2015، متصدرًا سباق الإيردات برصيد 12 مليون جنيه، إلا أن ترتيبه تراجع في الرصيد الإجمالي للعام باحتلاله المركز السادس، وسط منافسة بين 24 فيلمًا، تصدرها «أولاد رزق» لأحمد عز وأحمد الفيشاوي، في إشارة أولى إلى تفوق البطولات المشتركة على أعمال النجم الأوحد.

فوت الكوميديان القصير، من جديد عامان ونصف تقريبًا، كي يتمكن من العودة مرة أخرى لرسم الضحكة على وجوه الجماهير، في موسم عيد الفطر الماضي، من خلال «عنتر ابن ابن ابن شداد»، إلا أن الظهور كان بلا بريق يذكر على الإطلاق، ومحبطًا لهنيدي نفسه قبل الجمهور، إذ خرج الفيلم بنفس الثوب القديم، متغافلًا تغيرات كثيرة طرأت على الساحة السينمائية فيما يخص معادلات التنافس التي أصبحت البطولة الجماعية جزءًا مهمًا في عملية التسويق ولعبة الإيرادات، وكذلك حسابات الجمهور الذي بات يبحث عن أفلام الأكشن والإثارة، خاصة أنه خرج من موسم الدراما الرمضانية متشبعًا بحصة كوميدية كبيرة، وهو ما عكس رفع عدد كبير من دور العرض السينمائية فيلم هنيدي، من قاعاتها بعد 50 يومًا فقط، تخطت فيه حصة «عنتر ابن ابن ابن شداد» 7 ملايين جنيه بالكاد.

وحاول هنيدي، منذ أن أدرك عدم تحقيق فيلمه الأخير النجاح المتوقع، تحويل انتباه الجمهور عنه أثناء عرضه بحيلة ذكية، من خلال البحث في دفاتره القديمة، واستحضار واحدًا من أنجح أعماله من جديد، مستغلًا موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، في استفتاء جماهيري مشروط بمشاركة 100 ألف شخص، طرح خلاله فكرة تصوير جزء ثانٍ من فيلم «صعيدي في الجامعة الأمريكية» وسط تفاعل كبير تجاوز الرقم المطلوب، وبالفعل نجح هنيدي في التغطية على فشل فيلمه مبكرًا، وخلق حدثًا جديدًا يحافظ به على كبريائه كنجم كبير اعتاد الأضواء المسلطة على نجاحه، لكن يبدو أن تعثرًا ما واجه الفكرة ومن شأنه أن يؤخر تنفيذها أو يطيح بها من الأساس، وبالتالي عليه عن أن يجد سبيل جديد وسريع للعودة. 

بدأ نجم الكوميديا، يبحث عن العودة إلى عرش الضحك مجددًا، لكن هذه المرة عبر الشاشة الصغيرة، التي باتت تجذب كثير من النجوم نظرًا لارتفاع عدد القنوات الفضائية، بجانب المكسب المضمون مسبقًا، بالإضافة إلى عامل مهم يتمثل في غياب كوميديا الموقف التي برع فيها هنيدي، عن دراما 2017، باستثناء مسلسل «إزاي الصحة» الذي لم يحظ بمشاهدة جماهيرية كبيرة، لتكون الساحة مهيئة تمامًا لنجاح مهم يحتاجه محمد هنيدي، لاستعادة بريقه مجددًا في سباق رمضان 2018. 

وتعاقد هنيدي، سريعًا مع المنتج جمال العدل، على مسلسل «أرض النفاق»، المقرر بدء تصويره خلال الأيام القادمة، بعد جلسات عمل مكثفة مع السيناريست أحمد عبد الله والمخرج سامح عبد العزيز، وتدور أحداث العمل الذي كان يحمل اسم «المدينة الفاضلة»، قبل تغييره خلال الساعات الماضية، فيقالب من الفانتازيا الساخرة، داخل رحلة من المحاكاة يتخيل خلالها شكل المجتمع الفاضل والصورة الأمثل للأخلاق الواجب توافرها عند الأفراد والمجتمعات للوصول للصورة المثالية، إذ يحاول المسلسل معالجة التدني العام الذي وصلت له الأخلأقيات والمعاملات وتمكن الفساد مؤخرًا.

شارك الخبر على