رسام الكاريكاتير الهاشمي لـ “البلاد” فكاهي وجاد في آنٍ معًا... “العُبد” هو أبي وكل مواطن بسيط

أكثر من سنتين فى البلاد

تابعت‭ ‬أعمال‭ ‬ناجي‭ ‬العلي‭ ‬وصنعت‭ ‬منها‭ ‬كتاباً‭ ‬مازلت‭ ‬محتفظاً‭ ‬فيه

اغتيال‭ ‬ناجي‭ ‬العلي‭ ‬العام‭ ‬1987‭ ‬شكل‭ ‬صدمة‭ ‬عنيفة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي

شاركت‭ ‬بحل‭ ‬مشكلة‭ ‬“باركات‭ ‬الإسكان”‭ ‬عقابًا‭ ‬على‭ ‬الكاريكاتير‭ ‬الانتقادي

صدام‭ ‬حسين‭ ‬أبعدني‭ ‬عن‭ ‬العراق‭  ‬

لم‭ ‬أشأ‭ ‬خسارتي‭ ‬الجامعية‭ ‬فأكملت‭ ‬دراستي‭ ‬في‭ ‬سوريا

الثقافة‭ ‬والفن‭ ‬هما‭ ‬أسلوب‭ ‬لتطوير‭ ‬المجتمعات

“ذاكرة‭ ‬الوطن”‭ ‬تعاونتُ‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬“الإصلاح”‭ ‬وريعه‭ ‬لأطفال‭ ‬الانتفاضة

 

انطلقت‭ ‬حلقات‭ ‬بودكاست‭ ‬نقاط‭ ‬عبر‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬لصحيفة‭ ‬البلاد‭. ‬

وضيف‭ ‬الحلقة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬البرنامج‭ ‬فنان‭ ‬الكاريكاتير‭ ‬المعروف‭ ‬خالد‭ ‬الهاشمي،‭ ‬واصفًا‭ ‬أعماله‭ ‬الساخرة‭ ‬معدّ‭ ‬ومقدم‭ ‬البودكاست‭ ‬الصحافي‭ ‬راشد‭ ‬الغائب‭ ‬بأنها‭ ‬عن‭ ‬ألفَي‭ ‬كلمة‭. ‬

‭ ‬وفيما‭ ‬يأتي‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الحوار‭:‬

العُبد‭ ‬يشبه‭ ‬والدي

‭  ‬من‭ ‬هو‭ ‬“العُبد”‭ ‬بطل‭ ‬أعمالك‭ ‬الكاريكاتورية؟‭ ‬وهل‭ ‬يُشبه‭ ‬أحداً‭ ‬في‭ ‬الواقع؟

العُبد‭ ‬هو‭ ‬شخصية‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬التزامات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬إنساناً‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬بسلام‭ ‬وكرامة‭ ‬في‭ ‬الوطن،‭ ‬شخصيته‭ ‬ظهرت‭ ‬مؤخراً،‭ ‬وهي‭ ‬بمثابة‭ ‬الميزان‭ ‬الذي‭ ‬أزن‭ ‬فيه‭ ‬تعاملاتي‭ ‬ونظرتي‭ ‬تجاه‭ ‬الأحداث‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عيون‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط،‭ ‬وأحاول‭ ‬الالتزام‭ ‬بها‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭.‬

ويُشبه‭ ‬والدي‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬بي‭ ‬هذه‭ ‬الروح،‭ ‬كان‭ ‬يمتلك‭ ‬روحاً‭ ‬فكاهية‭ ‬جميلة‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬كان‭ ‬إنساناً‭ ‬جاداً‭ ‬ويعمل‭ ‬بمثابرة‭ ‬وإخلاص،‭ ‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬بالظلم‭.‬

 

الإبعاد‭ ‬من‭ ‬العراق

‭ ‬خلال‭ ‬دراستك‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬تعرضت‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬نشاط‭ ‬التيارات،‭ ‬حينما‭ ‬قرر‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬إبعادك‭ ‬عن‭ ‬العراق،‭ ‬فما‭ ‬تفاصيل‭ ‬ما‭ ‬حدث؟

‭- ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬سأروي‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬تم‭ ‬ابتعاثي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬لدراسة‭ ‬الهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬وكنت‭ ‬استلم‭ ‬المنحة‭ ‬من‭ ‬العراق،‭ ‬وهي‭ ‬مبلغ‭ ‬بسيط‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬الـ25‭ ‬دينارا‭ ‬شهرياً،‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬كافية‭ ‬آنذاك،‭ ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬الخامس‭ ‬والأخير‭ ‬أثناء‭ ‬تحضيري‭ ‬لمشروع‭ ‬التخرج‭ ‬بدأت‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬الإيرانية‭ ‬الأولى،‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬إرباك‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬كله،‭ ‬وأحدثت‭ ‬شرخاً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬الخريطة‭ ‬السياسية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬اختلافات‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬الناس‭ ‬وتعاطيهم‭ ‬مع‭ ‬أحداث‭ ‬الحرب،‭ ‬وأنا‭ ‬ممن‭ ‬كانوا‭ ‬يرون‭ ‬بأن‭ ‬الحرب‭ ‬كانت‭ ‬عبثية‭ ‬واستنزافية،‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬بأن‭ ‬رؤيتي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬تصوّر‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬آنذاك،‭ ‬فتم‭ ‬إجراء‭ ‬حملة‭ ‬إبعاد‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬ممن‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬ملتزمين‭ ‬بأي‭ ‬تنظيمات‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬وكنت‭ ‬من‭ ‬بينهم،‭ ‬فتم‭ ‬إبعادنا‭ ‬بقرار‭ ‬من‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية،‭ ‬وكانت‭ ‬مفاجأة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬قرار‭ ‬إبعادنا‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬وكانت‭ ‬خسارة‭ ‬صادمة‭ ‬وإحدى‭ ‬الهزات‭ ‬العنيفة‭ ‬في‭ ‬حياتي‭.‬

التخرج‭ ‬في‭ ‬سوريا

‭  .. ‬وما‭ ‬هي‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الإبعاد؟

‭- ‬كان‭ ‬لدي‭ ‬خياران،‭ ‬إمّا‭ ‬أن‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬أو‭ ‬أذهب‭ ‬لمكانٍ‭ ‬آخر‭ ‬لاستكمال‭ ‬الدراسة،‭ ‬فكنت‭ ‬في‭ ‬مأزق،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أني‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬الأخير‭ ‬وحريصاً‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬خسارة‭ ‬دراستي،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬إحساسي‭ ‬بالخيبة‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬والدي‭ ‬ووالدتي‭ ‬دون‭ ‬الشهادة‭ ‬الجامعية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬المتفوقين،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأخص‭ ‬إني‭ ‬نشأت‭ ‬في‭ ‬أسرة‭ ‬متواضعة‭ ‬مادياً‭ ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬أكمل‭ ‬دراستي‭ ‬لتحسين‭ ‬وضعي،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬قدموا‭ ‬لي‭ ‬الخيارات‭ ‬المتاحة‭ ‬بأن‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬أو‭ ‬أذهب‭ ‬لمكانٍ‭ ‬آخر‭.‬

وكان‭ ‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المأزق‭ ‬أن‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬نقيض‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬وهي‭ ‬سوريا،‭ ‬فاتخذت‭ ‬الطريق‭ ‬البري‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬مروراً‭ ‬بالأردن،‭ ‬حيث‭ ‬استقبلونا‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬السودانيين،‭ ‬وسألوني‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬قدومي‭ ‬وأخبرتهم‭ ‬عن‭ ‬توجهي‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬للدراسة،‭ ‬وفسحوا‭ ‬لي‭ ‬المجال،‭ ‬فذهبت‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استغرقت‭ ‬الرحلة‭ ‬سبعة‭ ‬أيام‭.‬

صدمة‭ ‬عنيفة

‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬التخرج‭ ‬والعمل،‭ ‬خضت‭ ‬تجربة‭ ‬الرسم‭ ‬اليومي‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬المحلية،‭ ‬فكيف‭ ‬كانت‭ ‬البداية؟

‭- ‬كنت‭ ‬بطبيعتي‭ ‬محباً‭ ‬للرسم‭ ‬ومثل‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬تملكني‭ ‬الحماسة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬والأزمات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬وشعرت‭ ‬في‭ ‬وقتٍ‭ ‬مبكر‭ ‬أن‭ ‬الثقافة‭ ‬والفن‭ ‬هما‭ ‬أسلوب‭ ‬لتطوير‭ ‬المجتمعات،‭ ‬ومازلت‭ ‬مقتنعاً‭ ‬بهذه‭ ‬الفكرة،‭ ‬وكانت‭ ‬قراءاتنا‭ ‬واهتماماتنا‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬تعلمنا‭ ‬كيفية‭ ‬تقديم‭ ‬العطاء‭ ‬للبلد،‭ ‬وفي‭ ‬سورياً‭ ‬كنت‭ ‬متابعاً‭ ‬لأعمال‭ ‬ناجي‭ ‬العلي‭ ‬وصنعت‭ ‬منها‭ ‬كتاباً‭ ‬لازلت‭ ‬محتفظاً‭ ‬فيه‭ ‬حتى‭ ‬هذا‭ ‬الوقت،‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬تؤكد‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬قضايا‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬متقاربة،‭ ‬والقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تعكس‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭. ‬وفي‭ ‬أثناء‭ ‬بحثي‭ ‬عن‭ ‬وظيفة‭ ‬بدأتُ‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالرسم،‭ ‬وبدأتُ‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬ثقافية،‭ ‬ونشرت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج،‭ ‬ورسمت‭ ‬مجموعة‭ ‬أعمال‭ ‬لاقت‭ ‬استحسان‭ ‬بعض‭ ‬الفئات‭ ‬المثقفة،‭ ‬ونشرت‭ ‬أعمالي‭ ‬في‭ ‬أسرة‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب،‭ ‬وهذه‭ ‬كانت‭ ‬بدايتي،‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬الرسم‭ ‬لأن‭ ‬إنتاج‭ ‬ناجي‭ ‬العلي‭ ‬كان‭ ‬غزيراً‭ ‬وكان‭ ‬كافياً‭ ‬ولم‭ ‬أقدر‭ ‬على‭ ‬قول‭ ‬شيء‭ ‬بعده،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جاءت‭ ‬حادثة‭ ‬اغتيال‭ ‬ناجي‭ ‬العلي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1987،‭ ‬وكانت‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬صدمة‭ ‬عنيفة؛‭ ‬لأني‭ ‬كثير‭ ‬الإعجاب‭ ‬بهذا‭ ‬الفنان‭ ‬القدير‭.  ‬وبعدها‭ ‬أقمنا‭ ‬معرضا‭ ‬في‭ ‬نادي‭ ‬الحالة‭ ‬ورسمت‭ ‬مجموعة‭ ‬أعمال‭ ‬وكانت‭ ‬هي‭ ‬بدايتي‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الكاريكاتير،‭ ‬وتم‭ ‬التقاطها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬الصحافيين‭ ‬ومن‭ ‬ضمنهم‭ ‬كان‭ ‬إبراهيم‭ ‬بشمي‭ ‬ونبيل‭ ‬الحمر،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬فترة‭ ‬انبثاق‭ ‬فكرة‭ ‬إصدار‭ ‬صحيفة‭ ‬الأيام،‭ ‬وطلب‭ ‬مني‭ ‬بشمي‭ ‬الانضمام‭ ‬لمشروع‭ ‬الصحيفة‭ ‬الوليدة‭ ‬وخضت‭ ‬التجربة‭.‬

أزمة‭ ‬الباركات

‭ ‬رسمت‭ ‬الكاريكاتير‭ ‬المعروف‭ ‬عن‭ ‬أزمة‭ ‬المواقف‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان،‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬رئيساً‭ ‬لقسم‭ ‬الهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان،‭ ‬كيف‭ ‬تعامل‭ ‬معك‭ ‬مسؤولك‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭ ‬حين‭ ‬رأى‭ ‬عملك‭ ‬في‭ ‬الجريدة؟

‭ - ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الباركات،‭ ‬وأذكر‭ ‬وقتها‭ ‬أن‭ ‬وكيل‭ ‬الوزارة‭ ‬عبداللطيف‭ ‬كانو،‭ ‬انزعج‭ ‬من‭ ‬انتقادي‭ ‬وكان‭ ‬متابعاً‭ ‬لأعمالي،‭ ‬فأمر‭ ‬بإنشاء‭ ‬لجنة‭ ‬لمتابعة‭ ‬الأمر‭ ‬وأكون‭ ‬أنا‭ ‬من‭ ‬ضمنها،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬له‭ ‬ارتباط‭ ‬مهني‭ ‬لحل‭ ‬مشكلة‭ ‬مواقف‭ ‬السيارات‭. ‬فكان‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬على‭ ‬الكاريكاتير‭ ‬الانتقادي‭ ‬الذي‭ ‬عملته‭.‬

الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬رسام‭ ‬الكاريكاتير‭ ‬حين‭ ‬ينتقد‭ ‬أمراً‭ ‬معيناً،‭ ‬فهو‭ ‬يملك‭ ‬له‭ ‬الحلول‭ ‬أو‭ ‬الأجوبة،‭ ‬رسام‭ ‬الكاريكاتير‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬وظيفته‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬أجوبة‭ ‬وإنما‭ ‬وظيفته‭ ‬وضع‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬الخطأ‭ ‬والإشارة‭ ‬إليه‭.‬

مخطوف

‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬تتعرض‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لوحاتك‭ ‬إلى‭ ‬نقد‭ ‬“المطاوعة”،‭ ‬ولكن‭ ‬اللافت‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬جمعية‭ ‬الإصلاح‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تعاونت‭ ‬معك‭ ‬في‭ ‬كتابك‭ ‬ذاكرة‭ ‬القلب‭ ‬الذي‭ ‬جمعت‭ ‬فيه‭ ‬لوحاتك‭ ‬عن‭ ‬الشأن‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬فكيف‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭ ‬التحالف؟

‭- ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أنتقد‭ ‬“المطاوعة”‭ ‬بل‭ ‬أنتقد‭ ‬كل‭ ‬العقليات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬النقد‭ ‬أياً‭ ‬كانت،‭ ‬سواء‭ ‬سياسيين‭ ‬أو‭ ‬حكوميين‭ ‬أو‭ ‬“المطاوعة”؛‭ ‬لأنه‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬التيار‭ ‬الديني‭ ‬مخطوف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أشخاص‭ ‬عقلياتهم‭ ‬متزمتة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اللازم،‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬التيار‭ ‬الديني‭ ‬أصلاً‭.‬

‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬“ذاكرة‭ ‬الوطن”‭ ‬كان‭ ‬مع‭ ‬جمعية‭ ‬الإصلاح‭ ‬التي‭ ‬أقدّم‭ ‬لها‭ ‬الشكر،‭ ‬وكانت‭ ‬عوائده‭ ‬لصالح‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وأطفال‭ ‬الانتفاضة،‭ ‬وكان‭ ‬بالترتيب‭ ‬مع‭ ‬صديق‭ ‬عزيز‭ ‬وهو‭ ‬هشام‭ ‬ساتر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬العقليات‭ ‬المتفتحة،‭ ‬وتم‭ ‬طبعه‭ ‬بالألوان‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬مكلف،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬أره‭ ‬منشوراً،‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬الكتب‭ ‬لدينا‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬حضوراً‭.‬

ليس‭ ‬لي‭ ‬خلافات‭ ‬مع‭ ‬الدينيين‭ ‬وإنما‭ ‬خلافي‭ ‬فقط‭ ‬مع‭ ‬العقلية،‭ ‬وعلى‭ ‬العكس‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أشخاص‭ ‬بهيئة‭ ‬متفتحة‭ ‬ولكن‭ ‬عقلياتهم‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬تشنجاً‭ ‬عن‭ ‬عقليات‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يمتلكون‭ ‬الوعي‭.‬

شارك الخبر على