في حي الزمالك

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

خطر لى وأنا في حي الزمالك أن أدعو نفسى على الإفطارفى مطعم صغير سمعت عنه بشارع 26 يوليو، ولما كان الجو لطيفا على غير العادة والشمس خفيفة فقد تشجعت على السير كنوع من التريض.

تأملت عمارة ضخمة ذات جراج واسع فى شارع يحيى إبراهيم، كُتب على بوابتها (سكن فى هذه العمارة، توفيق الحكيم وكتاب ومشاهير آخرون).

انعطفت يسارا وأخذت فى تأمل هذا الحى القديم وقد بدت عليه أطلال من روح الماضى، السيارات الفارهة على أبواب العمارات ذات الطراز الأوروبى القديم، هناك بعض المتاجر القديمة تبيع الفرش والملبوسات، ثمة مقاهٍ حديثة هى فى الأصل قديمة وتم تجديدها لبيع القهوة الأمريكية والمخبوزات الفرنسية والدنماركية.

بائع ورد يقوم يلف بعض صحبات الورد البلدى لبيعه، رغم أن دكانه ليس مخصصا لبيع الورد وإنما لشيء آخر لم أتبينه، ربما له علاقة بصناعة الورق أو ماشابه.. ألمح لافتة كبيرة ثبتت فى شجرة تعلن عن سلعة ما أو دروس فى مادة ما، سيدة تجلس على ناصية رصيف تنتظر حظها من صدقات المارة، رجل يجلس على رصيف يبيع زهور على قفص، آخر يبيع آلات موسيقية خشبية للأطفال ويرفع صوته ليلفت الأنظار لعل أحد يتوقف للشراء أو للتصدق عليه.

أصوات الأتوبيسات والسيارات الخاصة والمينى باصات تملأ الجو بالضوضاء والصخب.

توقفت لشراء بعض المجلات، ثم ذهبت إلى المطعم فإذا به صغير جدا تتوسطه منضدة كبيرة واحدة للجميع، اخدت مقعدا خاويا فى منتصف المنضدة بعد أن طلبت شطيرة فلافل وأخرى فول، كان غريبا أن أجلس على منضدة مع غرباء، كنت صامتة أتصفح مجلة بيدى حتى جاءت فتاة أوروبية لتجلس أمامى، كانت وحدها هى الأخرى، طلبت كوبا من الشاى فقط.

ابتسمت لها مرحبة، وتجاذبنا أطراف الحديث، هى ألمانية جاءت إلى مصر للدراسة بالجامعة.

تعجبت من تلك الطالبة التى تترك ألمانيا بجامعاتها وتأتى لمصر، لكنها فسرت لى أنها تدرس المعمار الهندسى بجامعة عين شمس، التى تتعاون مع جامعتها الألمانية، وذكرت لى أن من برنامج الدراسة أن تقضى فصلا دراسيا بمصر.

سألتها إن كانت تحب الأكلات الشعبية بمصر ودعوتها لشطيرة فول، فشكرتنى وطلبت منى أن أتحدث إليها بالعربية التى تحاول تعلمها.

تحدثنا عن ما أعجبها فى مصر من روح الناس الطيبة والآثار والطبيعة فى البحر الأحمر، وتحدثت عن زيارتى السابقة لبرلين فى الشتاء قالت إنها تستمتع بوقتها فى مصر مع زميلاتها فى السكن والجامعة. سألتنى عما أكتب وإن كان لى كتب مترجمة فأخبرتها كيف تحصل عليها، تمنيت لها يوما سعيدا واستأذنت لألحق بموعد هام. فى الطريق تأمت فندق ماريوت، أو قصر الجزيرة الذى أمر الخديو إسماعيل ببنائه ليستضيف فيه ضيوفه الذين حضروا احتفالات افتتاح قناة السويس من رؤساء وملوك الغرب، خاصة الإمبراطورة أوجينى زوجة نابليون الثالث، وحدث أن خصص بعد ذلك للملكة أم الخديو، ثم بيع لشركات الفنادق حتى وصل لشكله الحالى. تكثر المطاعم العائمة على كورنيش جزيرة الزمالك، رغم وجود لافتات عديدة تحمل شعار(لا للمطاعم العائمة التى تزيد من ازدحام الطرق بالزمالك).

الزمالك حى يفوح بالتاريخ والقدم، رغم عبث الحياة به.

شارك الخبر على