عائلة فخرو... تجار ومصلحون وأصدقاء مخلصون لحكام البحرين

أكثر من سنة فى البلاد

سافر‭ ‬لأميركا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1939‭ ‬بعد‭ ‬تحويل‭ ‬مصنع‭ ‬السيارات‭ ‬ببريطانيا‭ ‬لصنع‭ ‬الطائرات

 

يعد المرحوم يوسف بن عبدالرحمن فخرو شخصية اقتصادية ثرية بإسهاماتها الوطنية الخالدة، والتي تركت بصماتها في تاريخ مملكة البحرين الحديث، وكان من التجار البحرينيين الذين أخذوا زمام المبادرة في دول الخليج ليصبح من الوكلاء الرئيسيين للوكالات التجارية والخدماتية. 
وعائلة فخرو من العائلات التجارية التي تركت بصماتها في مراحل مهمة في تاريخ البحرين الحديث، ولها إسهام في تطور البحرين اقتصاديًا، وسياسيًا، وعلميًا، واجتماعيًا، وقد ألف رجل الأعمال، العضو المنتدب لمجموعة شركات عبدالله بن يوسف فخرو وأولاده التجارية، عادل بن عبدالله فخرو كتابًا بعنوان “عائلة فخرو في البحرين: تجار ومصلحون”، والتقت “البلاد” بالمؤلف عادل عبدالله فخرو، وهو حفيد المرحوم يوسف فخرو، وفيما يلي نص اللقاء:

حدثنا عن تسلسل فصول الكتاب والانسياب التاريخي للأحداث طوال 120 عامًا؟
- الكتاب يتناول عائلة فخرو من خلال منظور تاريخ البحرين الحديث، ويبدأ الخط الزمني المنشور في فهرس الكتاب المكون من 10 صفحات أول حدث منذ بدأ حكم العائلة الحاكمة في البحرين في العام 1783، ثم يتم الانتقال إلى العام 1820، حيث وقعت أول معاهدة صداقة بين البحرين وبريطانيا إذ كانت بين حاكم البحرين آنذاك الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وشركة الهند الشرقية، وبعدها ولادة المرحوم يوسف فخرو في عام 1871، والفترة التي تليها من تطور الأعمال التجارية والسياسية لعائلة فخرو.
ويغطي الكتاب حوالي 120 عامًا بالتفصيل منذ العام 1900 إلى 2020، وقد تم تقسيمه إلى 12 فصلا وكل فصل يغطي عقدًا من الزمن، وجميع الفصول فيها سرد عن العائلة.
ويحتوي كتاب “عائلة فخرو في البحرين: تجار ومصلحون” على فهرس زمني مكون من 10 صفحات يبرز أهم أحداث مرت فيها البحرين دون ذكر تفاصيلها وتغطي الأعوام منذ العام  1820 إلى 2021، وتم فيها مزج أمور سياسية واجتماعية، واقتصادية، وعائلية، وخاصة.
ومن هذه الأحداث على سبيل المثال ولادة والدي عبدالله يوسف فخرو (رحمه الله) في 11 نوفمبر 1918 في بيت العائلة بالمحرق، وهو نفس اليوم الذي وضعت فيه الحرب العالمية الأولى أوزارها.
كما أن العام الذي ولدت فيه والدتي المرحومة شيخة خليل المؤيد صادف سنة انتقال عاصمة البحرين من المحرق إلى المنامة.
ويتناول الفصل الأخير من الكتاب أولاد وأحفاد المرحوم يوسف فخرو، ويحتوي على فهرس بأسماء أفراد العائلة مع ترقيم الأبناء، ويبدأ الفهرس بذكر الابن الأكبر وهو المرحوم العم أحمد يوسف فخرو ومنح رقم 1 ثم ابنه الكبير قاسم 1.1 وهكذا، وقد اتبع هذا الأسلوب بسبب تكرر الأسماء في العائلة لعشرات المرات مثل اسم يوسف وعبدالرحمن ومحمد وعبدالله.

4 محاور رئيسية
ويركز كل فصل من الكتاب على 4 محاور رئيسة، أولها هي علاقة عائلة فخرو بالحاكم، فقد كان للمرحوم يوسف فخرو علاقة قوية جدًا مع الحاكم في حينه المرحوم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وقد سافر الشيخ عيسى بن علي آل خليفة إلى الحج وذهب معه المرحوم يوسف فخرو في العام 1905. 
وقد كان الحج آنذاك ليس عن طريق المملكة العربية السعودية وإنما كان الحج عن طريق الهند حيث يتم ركوب باخرة من البحرين إلى مدينة بومباي في الهند ومنها يبحرون إلى جدة، وذلك بسبب وجود صحاري شاسعة تفصل بين البحرين وجدة وكان بها قطاع طرق ولم يكن فيها إمدادات وماء وطعام فكانوا يذهبون بالبحر عن طريق الهند. 
وكانت علاقة المرحوم يوسف فخرو قوية جدًا مع المرحوم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة وابنه الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة الذي تولى مقاليد الحكم في العام 1932، وكذلك مع الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة الذي تولى مقاليد الحكم في العام 1942، وعلاقة العائلة بالشيخ عيسى بن سلمان وبالطبع مع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

التجارة
أما المحور الثاني فهو عن التجارة: وقد ركزت فيه على تطور تجارة يوسف فخرو، وتطور التجارة عمومًا في البحرين ودول الخليج. 
وكانت بداية العمل التجاري ليوسف فخرو بدكانين (محلين) بسيطين في المحرق لبيع المواد الأساسية ومواد البناء والأرز (عيش) وسكر، وهو نفس مجال عمل والده عبدالرحمن.
وتطور العمل التجاري والحياة في العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وحدوث رخاء وصرف من المستهلكين، ولم يكن التجار البحرينيين في معزل عن العالم، وقد تطورت أعمالهم من الاستيراد والتصدير حيث أخذ العديد من التجار البحرينيين زمام المبادرة في التجارة بدول الخليج، وأصبحت العائلات التجارية في البحرين وكلاء لوكالات تجارية وخدمات وغالبيتها في مجال السيارات والمكائن والكماليات.
وذكرت في الكتاب أن يوسف فخرو وأولاده يعتبرون من رواد التجارة الذين طوروا الأعمال في فترة الثلاثينيات والأربعينيات، كما أن من بين رواد التجارة في البحرين عبدالرحمن ويوسف خليل المؤيد، ويوسف بن أحمد كانو ثم أحمد بن علي كانو، وحسين بن علي يتيم، وهؤلاء العائلات التجارية لا تزال تعمل بالتجارة، وتواصل أعمالها التجارية الناجحة.
وبدأ يوسف فخرو العمل التجاري في العام 1888 ولا يزال أبناؤه وأحفاده مستمرين في التجارة، أي أن عائلة فخرو مستمرة بالعمل التجاري منذ حوالي 135 عامًا.
وتكمن ثروة يوسف فخرو في أنه كان محبًا لشراء العقارات والأراضي، ويستثمر الأموال التي يربحها من الأعمال التجارية في شراء الأراضي، ولا تزال بعض هذه الأراضي موجودة عند ورثته أو لدى المؤسسة الخيرية التي تم وقفها باسمه التي اشترت من الورثة بعض هذه الأراضي.

التعليم
ويتناول المحور الثالث التعليم، حيث يعتبر يوسف فخرو من مؤسسي مدرسة الهداية الخليفية والأمين المالي للجنة التي شكلها الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة مدير المعارف آنذاك (ما يعادل حاليًا وزير التربية والتعليم)، وهو الذي جلب التعليم إلى البحرين وكان تجار المحرق هم العضيد للشيخ عبدالله بن عيسى في بناء المدرسة وجلب المدرسين وجمع التبرعات.
وقد اهتم يوسف فخرو إلى أبعد حد بتعليم أبنائه وأحفاده، والذين درسوا ونالوا أعلى الشهادات من أفضل الجامعات، ولا يزال غالبيتهم بمراكز علمية أو مهنية متفوقة. ويعد أكثر ما تفتخر به عائلة فخرو هو تعليم أبنائها، وليس الثروة ولا التجارة.

الإصلاح
ويتناول المحور الرابع الإصلاح، وهو عنوان الكتاب، حيث إن العمل السياسي في البحرين شهد إصلاحات في فترة العشرينيات والثلاثينيات قادها حاكم البحرين آنذاك الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وبعد ذلك قادها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وقد ساهم في هذه الإصلاحات جدي يوسف عبدالرحمن فخرو، كما ساهم أبناؤه في العمل السياسية وكانت لهم أدوار متفوقة في الثلاثينات وفي الحركات السياسية في الخمسينيات، ثم تطور العمل السياسي في فترة الستينيات، وصولا إلى المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

شراكة
ما أبرز المحطات في استعانة العائلة المالكة إلى العائلات التجارية في استشارتهم في القضايا الاقتصادية وكيفية حدوث نمو وازدهار مستدام والشراكة بين القطاعين العام والخاص حسب رؤية البحرين 2030؟
- استحدث الشيخ عيسى بن علي آل خليفة في فترة العشرينيات مجالس والتي تعد من ضمن الإصلاحات التي نفذها، ومن بين هذه المجالس مجلس العرف، مجلس التجارة، ثم بلدية المنامة وبلدية المحرق، وقد تم تعيين تجار في هذه اللجان والمجالس التي رأسها أحد أبناء الشيخ عيسى بن علي آل خليفة لتقديم النصح والمشورة وقد شهدت تجارة اللؤلؤ إصلاحات كان من بين المشاركين فيها يوسف فخرو.

تحول بالتجارة 
هل فكر يوسف فخرو بالدخول في القطاع النفطي خصوصًا أنه واكب فترة اكتشاف النفط وحدوث طفرة في عالم الاقتصاد؟
- ذكرت في الكتاب أن الإرادة الإلهية شاءت أنه في نفس الفترة التي انهار فيها سوق اللؤلؤ هي نفس الفترة التي تم فيها اكتشاف النفط في البحرين، وتم استبدال مداخيل الحكومة والبحرين من تجارة اللؤلؤ والرسوم عليها، فتحولت إلى مداخيل من النفط.
ففي العام 1929 حدث الانهيار الاقتصادي الكبير في أميركا ودول العالم، وأصبح جميع الأثرياء المعتمدين على الصرف والبذخ والكماليات لم يعد بإمكانهم الصرف، فانهار الطلب على اللؤلؤ.
مما أدى إلى إفلاس الكثير من تجار اللؤلؤ بسبب الديون التي لم يتمكنوا من سدادها، وكذلك عدم مقدرتهم بيع أملاكهم بسبب تبخر السيولة.
وقد شاءت الإرادة الإلهية أن يبدأ المدخول النفطي منذ العام 1932، وكثير من التجار غيروا نشاط أعمالهم من تجارة اللؤلؤ إلى نشاطات تجارية ووكلاء لوكالات تجارية لشركات مصنعة في أوروبا وأميركا، حيث منتجات هذه الشركات بحاجة لصيانة ومتابعة وعلاقات مع الزبائن وإعلانات، وقد كان التجار في البحرين روادًا وسريعين في التقاط هذه الفرصة.
وذكرت في الكتاب قصة ذهاب عمي أحمد يوسف فخرو في العام 1939 إلى إنجلترا، حيث كان يوسف فخرو وكيلا لشركة سيارات موريس، ولدى زيارته إلى المصنع في أكسفورد والتقائه بالمالك لورد نفيلد أخبره أن الحكومة البريطانية استملكت إنتاج مصنع السيارات وحولته إلى إنتاج طائرات (Spitfire) لمحاربة سلاح الطيران الألماني.
وتفاجأ يوسف فخرو وفكر فيما سيبيعه في البحرين، لذا سافر إلى أميركا في نفس العام 1939 لحضور معرض سيارات نيويورك، وقد كان تجار البحرين في تلك الفترة روادًا وعلموا أنفسهم اللغة الإنجليزية والكتابة على الآلة الكاتبة والسفر وركوب البواخر والطائرات والحصول على الوكالات التجارية وأثبتوا ريادتهم وكانوا الأكثر نجاحًا في دول الخليج في ذلك الوقت.

مفاتيح النجاح
ما هي مفاتيح النجاح وسر تألق عائلة فخرو على مدى 120 عامًا، خصوصًا أن أكثر من 90 % من الشركات العائلية تندثر بعد الجيل الثالث، فيما وصلت عائلة فخرو لجيلها الرابع؟
- أهم أمر الصدق والأمانة لأي شخص يدخل عملا تجاريًا، وهذا مبدأ رئيسي في التجارة. كما أن هنالك أمور أخرى تعلمناها من الحياة التجارية وهي عدم الاقتراض إلا للضرورة القصوى، مع التأكد أن يتم تسديد القروض من التدفق النقدي من العمل، وضرورة تسديد القروض والانتهاء منها في أسرع وقت.
الأمر الآخر هو الاعتماد على توزيع صاحب العمل الصلاحيات لأبنائه ومدرائه مع توزيع المهام عليهم في وقت مبكر، حتى يتفرغ كصاحب عمل للأمور الكبيرة، وهذه القواعد ليست جديدة ومطبقة منذ 100 عام وحتى يومنا هذا.
وكذلك المسؤولية الاجتماعية تطورت عما كانت عليه في السابق، حيث كان الناس بشكل عفوي يتصدقون على الأشخاص المحتاجين، إنما الآن أصبحت المسؤولية الاجتماعية ركيزًا من ركائز الشركات التجارية والصناعية.

شارك الخبر على