كميل سلامة لا يجوز توجيه المُشاهد.. وما يدور حولَ مهنتي لا يهمّني

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

راكيل عتيق-
يبدو أنّ الناس كانت جاهزة لتلقّفِ الموضوع المطروح في فيلم «قضية رقم 23» وكي تتناقش حوله، يقول الكاتب والمخرج المسرحي كميل سلامة في مقابلة خاصة لـ«الجمهورية». ويرى الممثل الذي برز في دوره في «قضية رقم 23» أنّ ما يدلّ على نجاح عملٍ معيّن هو سماعُ آراء متناقضة حوله، وأن ينظر إليه كلّ شخص من جهة، ما يعني أنه أصاب الطرفَين.
تبلغ مسيرةُ كميل سلامة المهنيّة نحو 45 عاماً من العطاء الفنّي على الصعيد التمثيل وعلى صعيد الكتابة والإخراج المسرحيَّين، واستطاع أن يتركَ بصماتٍ عدّة في صفحات المسرح اللبناني، وفي أعين مُشاهدي الشاشة الصغيرة من دور «وليم» في مسلسل «عشرة عبيد صغار» في العام 1974، إلى تعليمِ بصمته الكتابية والإخراجية عبر «بيت خالتي» و«نيال البيت» وغيرها.أمّا أعمالُه المسرحية فسرحت كثيراً على خشبة المسرح، وكانت جميعها «إنجازات حياة». بصماتُه طالت الشاشة الكبيرة أيضاً وعلّمت أبرزها عبر أفلام «غدي» و«طالع نازل» و«عكر» الذي حصد من خلاله على شهادة تقدير لأدائه في «مهرجان دبي السينمائي».أمّا الشخصية التمثيلية الأخيرة التي لبسها بشكلٍ آسر في فيلم «قضية رقم 23» للمخرج زياد دويري، فعلّمت البصمة بشكلٍ ثابت. المحامي وجدي وهبة شخصية سيُشتهر بها كميل سلامة لفترة طويلة.دليلُ النجاح يُعرض فيلم «قضية رقم 23» في صالات السينما في لبنان منذ نحو شهرٍ وجذب نحو 21 ألف مُشاهد في الأيام الأربعة الأولى لعرضه.وعن التجاوب مع الفيلم والنجاح الذي حقّقه بلعبه دور محامي الدفاع عن اللبناني طوني (عادل كرم) في قضيةٍ رفعها ضدّ الفلسطيني ياسر (كامل الباشا)، يؤكّد كميل سلامة لـ»الجمهورية» أنّ «الناس تستطيع تقييمَ الفيلم أكثر منا نحن، ومن خلال التقائي بأناس في الشارع لا أعرفهم، يقتربون ويتكلّمون معي بكل حبّ وفخر وتهذيب عن الفيلم أستطيع لمْسَ نجاحه.وبالنسبة لي يوجد شبهُ إجماع على مستوى الفيلم ككلّ وهذا هو الذي يهمّنا، بمعزل عن الأداء الشخصي، لأنّ الأداءَ الجماعي هو الذي يوصل الفيلم إلى النجاح، والشخصُ بمفرده لا يستطيع فعلَ شيء». ويؤكّد: «الفيلم علّم، وبرأيي سيستمرّ نجاحُه لفترة طويلة».أمّا عن اقتناع الناس بدوره، لدرجة أنّ البعض اعتبر أنّ مرافعاته في المحكمة تمثّل اقتناعاتِه السياسية الشخصية، يلفت سلامة إلى أنّ «في مجتمعنا يتمّ دمجُ الدور بالممثل والشخصُ بالشخصية، وهذا ما كان يخيفني (ينقِّزني) في البداية، إنما الآن أصبحتُ أعتبره دليلَ نجاح أو إتقان للدور، ما يزيدني ثقة. وتأثُّر الناس بكلّ شخصية أقدّمها يعني أنّ انتقالي كممثّل من دور إلى آخر مقنع، والمهمّ أن يقتنع المتفرّج بما يُشاهده كي يستطيعَ الدخول في عمق القصة أكثر».وإذ يُشير إلى أنّ النص مكتوبٌ لشخصية وجدي وهبه وليس لكميل سلامة، يقول ممازِحاً، إن «كنتُ أريد إعطاءَ رأيي الخاص فسأعبّر عنه عبر برنامجٍ سياسيّ وليس من خلال دوري في الفيلم. آرائي الشخصية أعبّر عنها في الصالونات الضيّقة، أمّا في هذا الفيلم فأحببتُ الدور وأحببتُ ما أفعله فقط».مُنتَج مُقنِع ينأى كميل سلامة بنفسه عن أيّ زوبعاتٍ جانبية ويفضّل عدمَ الدخول بالجدال الذي ما زال دائراً وإن بوتيرة أخفّ حول الحملة التي شُنّت على المخرج زياد دويري، وفتح قضية قديمة وهي تصوير دويري فيلم «الصدمة» في فلسطين المحتلّة عام 2010، واتّهامه بالتطبيع مع إسرائيل.ويقول: «شغلنا أن نقدّمَ أعمالاً جيدة وجميلة. أنا أهتمّ بمهنتي وكلّ ما يدور حولها لا يهمّني. يهمّني أن أقتنع بالمُنتَج الفنّي الذي أقدّمه وأن تقتنع به مجموعة كبيرة من الناس. لنترك جانباً كل هذه الأمور السلبية ولننظر بإيجابية إلى عمل فنّي موجود في لبنان، ببساطة».وعن تحديد موقف الفيلم، يقول سلامة: «نحن كمخرج وممثلين انتهى عملُنا منذ نحو سنة ونصف السنة مع الانتهاء من تصوير الفيلم، والآن دورُ المُشاهد بأن يكوِّن رأيَه الخاص. نحن لا يجب علينا أن نوجِّهَه نحو تفكيرٍ مُسبَق أو أن نقول له ما الذي سيراه في الفيلم. هو حرٌّ في أن يرى ما يريده.وأهم شيء بالنسبة لنا أن يشاهدَ الفيلم، وأن يتذكّر نفسَه في أيّ حالة وتفكيرٍ كان في الظلام في السينما حين كان يُشاهد الفيلم، ففي «العتم» لا يُمكن لأحد الكذب على نفسه. والمشاهدُ حرّ في أن ينقلَ الرأيَ الذي يريده والحكم الذي كوّنه، ولا يحقّ لنا أبداً أن نعطيه حكماً مسبَقاً عن الفيلم قبل أن يشاهدَه».موضوعٌ للمناقشة يفتح فيلم «قضية رقم 23» قضايا وجراحاً لم تُختَتم ولا خُتِم ماضيها، وهي الخلاف اللبناني الفلسطيني. وعن قضية الفيلم وإن كانت تُشكّل أيَّ تحريض، يعتبر سلامة أنّ «السينما مثل أيِّ عمل فنّي، لغةٌ قائمةٌ بذاتها، وبالنسبة لنا كلّ مخرج لديه وجهةُ نظر في موضوعاتٍ يعتبرها الأهمّ في هذه اللحظة. ويبدو أنّ الناس كانت جاهزةً لتلقّف هذا الموضوع وكي تتناقش حوله.وما يدلّ على نجاح عمل معيّن سماعُ آراءٍ متناقضة حوله، وأن ينظرَ إليه كلّ شخص من جهة، ما يعني أنه أصابَ الطرفين. العمل الفنّي الذي يثير النقاش بعد مشاهدته هو دليل على نجاحه، على عكس نسيان المُشاهد كلَّ ما طرحَه الفيلم عند خروجه من السينما». ويرى أنّ «قضية رقم 23» ليس تحريضاً، إنه يطرح موضوعاً للمناقشة، وليس بالضرورة أن يجدَ الفيلم الحلَّ للموضوع الذي يطرحه».عن مشاركته في «قضية رقم 23»، يقول سلامة: «في مجال التمثيل، حقّقتُ خطوةً إضافيةً على سلّم التمثيل أطمح لها كممثل وهي المشارَكة في فيلمٍ عالمي متكامل مع مخرجٍ عالمي وإلى جانب ممثلين عالميّين، فيلم شارك في مهرجانات عالمية وحصد جوائز مُعترَفاً بها.وهذا بالنسبة لي إضافة في حياة مهنيّة مستمرّة منذ نحو 45 عاماً. بالتأكيد أطمح لأكثر من ذلك، ولكن كممثل أعتبرُ أنني عشتُ فترة جميلة جداً أثناء التصوير والآن أعيش فترةً جميلة جداً من ردّات الفعل حول الفيلم».بعد هذه الخطوة التمثيلية الماكنة يقول كميل سلامة إنه كممثل في انتظار أن يُقدّم له دورٌ له قيمة معيّنة كي يتقدّمَ من خلاله إلى الناس.أمّا على الصعيد المسرَحي فهو بصدد التحضير لمسرحية لبداية العام 2018، ويُشير إلى أنه في لبنان ككاتب ومخرج مسرحي، «عدد الأعمال التي قدّمتُها نحو 20 عملاً ولها مجموعة من المتتبّعين والمتابعين الذين ينتظرون أعمالاً أفضل، وهنا يكون التحدّي بأن أقدّمَ عملاً عندما يُقارَن بما سبقه يُقال إنه أفضل أو على الأقلّ بالمستوى نفسه. هذا طموحي وهذا ما أسعى إليه باستمرار».

شارك الخبر على