شيطان أم ملاك؟

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

يطرح فيلم «My Cousin Rachel» الكثير من الأسئلة حول بطلته منذ البداية وحتى النهاية، ويضعنا في موقع بطلة فيليب، ويتركنا في نفس حيرته، من هي ابنة العم ريتشيل، هل هي سيئة وقاتلة مثلما ظن، أم أنها امرأة مثقفة ملائكية؟ هل يظلمها أم يأمل فيها الكثير؟ كل ذلك من خلال ساعة وأربعين دقيقة من الدراما والإثارة.

فيلم «My Cousin Rachel» إنتاج 2017 وإخراج روجر ميشيل، وبطولة ريتشيل ويز في دور ابنة العم ريتشيل، وسام كلافلن في دور فيليب، وإيان غلين في دور الأب الروحي ومحامي فيليب، والفيلم مقتبس من رواية للكاتبة دافني دو مورييه والتي نشرتها سنة 1951، وقد تم تحويلها إلى فيلم سينمائي عام 1952 وكان من بطولة أوليفيا هافلاند وريتشارد بروتون.
عرض فيلمنا بالولايات المتحدة في التاسع من يونيو الماضي، وحصد إيرادات بلغت 8.2 ملايين دولار حول العالم، وأشاد النقاد بأداء بطلته وسنتحدث هنا عن «My Cousin Rachel» بالتفصيل.
يأخذنا بطل الفيلم وراوي الحكاية فيـليـب إلى الماضي، حيث نتـــعـرف عليه طفلا يتيما يربيه أحد أقربائه ويتبناه، ويصبح له الأب والصديق والأخ، ويكبر في كنفه يعيش في أملاكه، ولكن قبل أن يتم الخامسة والعشرين بسنوات قليلة تضطرب صحة أمبروز أشلي - يقوم بدوره كلافلن أيضا-ويضطر أن يسافر لإيطاليا بالشتاء ليبتعد عن رطوبة إنجلترا.
يرسل أمبروز لربيبه الرسائل يخبره فيها عن تحسن صحته، ثم تعرفه على أحد أقاربه نصف الإيطالية نصف الإنجليزية، ويفاجئه في إحدى الرسائل بأنه تزوج ابنة العم راتشيل، وتبدأ نغمة جديدة في الخطابات، حيث بعد المحبة والعرفان لزوجته الجديدة الجميلة يظهر الشك والخوف، وفي النهاية يطلب من فيليب الحضور إليه فورا.
بالفعل يسافر فيليب في اليوم ذاته، ولكن السفر في تلك الفترة لم يكن سهلا لذلك يصل بعد فوات الأوان ليكتشف أنه فقد أباه وصديقه الوحيد، ويقسم على الانتقام من راتشيل التي يؤمن أنها السبب وراء موته.
يعود مكسورا لبلده، ليجد أن عدوته قادمة لعقر داره بنفسها بحجة إعادة مقتنيات زوجها الراحل، ويكتشف كذلك أن أمبروز أورثه كل ثروته، والتي سيحصل عليها في عمر الخامسة والعشرين، ليشعر بالقوة وإنه قادر على تحطيمها بأطراف أصابعه.
ولكن كل الأمور تنقلب رأسا على عقب عندما تأتي ابنة العم راتشيل، وتبدأ الثوابت التي وضعها لكراهيته لها في الذوبان بالتدريج، بل تظهر لديه مشاعر أخرى يعبر عنها بكل طفولية شاب في مقتبل العمر يقع في حب امرأة تكبره عمرا وخبرة، جميلة ومثقفة، ويظل دوما السؤال المعلق فوق الرؤوس هل فعلا راتشيل تلك القاتلة التي تستحق الكــــراهيــة والانتــقــام، أم المرأة الرقيقة المظلومة؟
My Cousin Rachel إنتاج هذا العام وهو الفيلم الثاني الذي تم تقديمه لهذه الرواية، وقد تحولت قبله إلى فيلم آخر إنتاج الخمسينيات، ومسلسل من أربع حلقات من إنتاج الـ BBC والعديد من المسرحيات والأعمال الإذاعية كذلك.
ويرجع ذلك لتميز هذه الرواية بروح معاصرة، جعلتها على الرغم من أن أحداثها تدور منذ قرون مضت قادرة على إثارة العقل والمشاعر، وليست بجمود روايات كلاسيكية أخرى على روعتها لا يمكن أن تنظر لها سوى جزء من تاريخ الأدب فقط.
ابنة العم ريتشيل تناولت مشاعر شاب غرير أمام امرأة فائقة الحسن والذكاء، غير قادر على تحديد ما بداخلها، ولا حتى المشاهد حتى آخر لقطة استطاع ذلك، والكاتبة قدمت هذه المرأة بصورة مميزة، بل أعطت لها جانبا حداثيا وحرية فكرية وجنسية لم يتم إظهارها في شخصيات روايات كلاسيكية أخرى ما جعل ريتشيل من لحم ودم بالتأكيد.
ولو أردت عقد مقارنة بين الفيلمين لشعرت بالحيرة الشديدة، فكليهما رائع، وقد قدمت كل من ريتشيل ويز وأوليفيا دي هافيلاند الشخصية الرئيسية بصورة مختلفة، ومميزة، فلم تحاول ويز تقليد دي هافيلاند، وخرجت الأخيرة من عباءة شخصية ميلاني الشهيرة في فيلم ذهب مع الريح، وقد كانت رؤيتها في دورها هذا مفاجأة حقيقية، وقد ترشحت للجولدن جلوب عنه.
بينما دور فيليب لريتشارد بورتون كان فاتحة خير عليه، وأطلقه للنجومية بسرعة الصاروخ، وفاز عنه بجائزة الغولدن غلوب كنجم جديد، وترشح أيضا لجائزة الأوسكار، وأيضا قدم كلافلن الدور ببراعة، واستغل ملامحه الطفولية نوعا في إظهار فارق السن والتجربة بينه وبين ابنة العم ريتشيل.
بالإضافة لإجادة ريتشيل ويز لتمثيل دورها فأن هذه العوامل هي الفارقة في تميز هذا الفيلم، فقد كانت الملابس ملائمة تماما سواء لعصرها، أو حتى لشخصية ريتشيل الأرملة السوداء ذات الحجاب الذي يغطي وجهها، والتي عندما خلعت الأسود ارتدت ملابس داكنة أيضا تليق مع شخصيتها.
أما التصوير والاخراج فكانا ممتازين لإظهار التضاد بين الجمال والسلام في المناطق المحيطة بالمنزل، والمشاعر المضطربة به.
في النهاية فيلم «My Cousin Rachel» مميز بالفعل، أثار الكثير من التساؤلات وقدم قصة متماسكة وتمثيلا جيدا ممتازا ومناظر طبيعية متعة للأعين.

شارك الخبر على