في حوار شامل مع «الاتحاد».. نهيان بن مبارك حضارتنا الأصيلة تؤهلنا دائماً لنكون نموذجاً وقدوة للعالم كله

أكثر من سنة فى الإتحاد

أجرى الحوار: حمد الكعبي
أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، أن توقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية» في أبوظبي، كان إحدى ثمار الجهود المخلصة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، معتبراً الوثيقة انعكاساً واضحاً لرؤية سموه وتجسيداً للعبقرية القيادية. واعتبر الوثيقة رسالة سلام ومحبة ورخاء من الإمارات إلى العالم، أضافت إلى الجانب الروحي جوانب أخرى من مجالات العمل المشترك بين الجميع لما فيه خير البشرية، على نحو يجعل منها وثيقة دولية تاريخية مهمة للغاية، تترتب عليها آثار عملية وقانونية وأخلاقية، لمصلحة الإنسان في كل مكان. وفي هذا الصدد، شدّد معاليه على أن الإمارات تعمل بكل جدٍ والتزام على تطوير العلاقات الإيجابية مع أصحاب الحضارات والثقافات المختلفة، وتسعى باستمرار إلى تحقيق التواصل والتعارف والمحبة بين الناس، دونما تفرقة أو تمييز، انطلاقاً من احترامها لكل الأديان والمعتقدات. وجزم بأن «مفهوم التسامح» الذي رسخته الإمارات في مجتمعها، وتواصل العمل بدأب على نشره إقليمياً ودولياً، لا يعني الابتعاد عن الهوية أو إهمال المبادئ والمعتقدات أو الانفصال عن التاريخ والتراث، بل على العكس من ذلك تماماً، لأنه يمثل بمعناه تجسيداً لعراقة هوية الإمارات وكيف أنها في واقع الأمر دولة ذات حضارة أصيلة تؤهلها دائماً إلى أن تكون نموذجاً وقدوة للعالم كله، مضيفاً: «إن التزامنا القوي بمبادئ الأخوة الإنسانية، تعبير عن ثقتنا الكاملة بموقعنا المرموق في هذا المجال، بين دول العالم أجمع». ودعا الجميع إلى أن يكونوا دائماً على قدر آمال وتوقعات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، في أن المجتمع المتسامح، هو مجتمع ناجح، ومن ثم القيام بواجبهم في أن تكون الأخوة الإنسانية دائماً طريقة تفكير وأسلوب حياة. وفي حواره الشامل مع «الاتحاد»، اعتبر معاليه اعتماد هيئة الأمم المتحدة 4 فبراير يوماً للأخوة الإنسانية، شاهداً على إنسانية الإمارات التي خرجت من عاصمتها وثيقة الأخوة الإنسانية، فضلاً عن كونه تقديراً عالمياً للقيم والمبادئ الإنسانية التي يشترك فيها البشر في كل مكان، مشدداً على أن الإمارات تنظر إلى جميع البشر باعتبارهم أعضاء في مجتمع إنساني واحد. وأعرب عن اعتزازه بأن رسالة وزارة التسامح والتعايش، باعتبارها الوزارة الوحيدة من نوعها في العالم، تتمثل في أنها وزارة لجميع السكان في الدولة المواطن والمقيم، الرجل والمرأة، الشباب وكبار السن، الوزارات والهيئات، أصحاب الهمم، العمال الأجانب، إضافة إلى التواصل مع الأشقاء والأصدقاء، حول العالم، والعمل مع المنظمات الدولية المتخصصة كافة.

نهيان بن مبارك متحدثاً إلى حمد الكعبي خلال المقابلة (تصوير: على عبيدو)

ونوه معاليه إلى أن خطط العمل في الوزارة تأتي في إطار «البرنامج الوطني للتسامح» الذي اعتمده مجلس الوزراء، والذي يقوم على محاور عدة للعمل، هي دور الحكومة بوصفها حاضنة للتسامح، ودور الأسرة، وتعزيز التسامح لدى الشباب، إضافة إلى إنتاج المعارف والإسهام في الجهود الدولية لتعزيز التسامح، وإبراز دور الإمارات بلداً متسامحاً. وفي هذا الصدد، قال: «نعمل مع الجميع من أجل تحقيق هذه الأهداف والغايات، سواءً رجال الدين والدعاة، الوزارات والهيئات، رجال الأعمال، المدارس والجامعات، مؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى أعضاء الجاليات الأجنبية، ونرحب بأي مشاركة فاعلة». واعتبر أن ترسيخ ثقافة التسامح بين البشر، يتطلب بطبيعته التركيز على بناء الإنسان وإعداده ليكون هو محور العمل في الأنشطة والمبادرات كافة، مضيفاً: «يجب أن يكون نشر التسامح مسؤولية جميع أفراد وفئات المجتمع، وعلى الجميع أن يعملوا معاً من أجل تنمية الظروف والعوامل كافة التي تدعم التسامح والتعايش في المجتمع والعالم». وربط معاليه بين ترسيخ ثقافة التسامح بجهود التنمية ورفع مستوى المعيشة وحماية البيئة والاهتمام بالتعليم والتنمية البشرية، والسعي إلى تحقيق الأمن والأمان للفرد والمجتمع، إضافة إلى التعاون والتنسيق مع الأشقاء والأصدقاء والمنظمات الدولية المتخصصة حول العالم. وأضاف أن القوانين والتشريعات أدوات أساسية لمكافحة الكراهية والتعصب ونشر ثقافة الخير والعمل الصالح في المجتمع، منوهاً إلى تجربة الإمارات في هذا المجال، والتي نجحت في تحقيق الأهداف والغايات كافة.وفيما يلي نص الحوار:* وثيقة الأخوة الإنسانية، أكدت مدى التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بالنهج الذي سارت عليه منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث جسّدت منظومة التسامح والانفتاح والتعايش مع الآخرين في فكر القائد المؤسس؟** أولاً، أشكرك وأشكر صحيفة «الاتحاد»، على حرصكم على المشاركة في الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، الذي يأتي في إطار اعتزازنا الكبير بإصدار وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، التي صدرت هنا في الإمارات، يوم 4 فبراير 2019م، وأنتهز هذه المناسبة، كي أحيي القراء الكرام، راجياً لهم بإذن الله، كل خير ونجاح، في هذه الدولة العزيزة التي تقوم مسيرتها على التسامح والأخوة والسلام.إنني أتفق معك تماماً، في أن وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، هي امتداد طبيعي، لأعمال وأقوال مؤسس الدولة العظيم، المغفور له الوالد، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، في أن التسامح والأخوة بين البشر، هي الطريق إلى عالم أكثر سلاماً، وأكثر رخاءً، وأكثر استقراراً. الوثيقة كذلك، هي انعكاس حقيقي، لرؤية راعيها الكريم، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أعزه الله، وهو الذي يؤكد دائماً أيضاً، بالقول والعمل، على أن التعايش والمحبة والأخوة بين البشر، والعمل المشترك والنافع معهم، يؤدي دائماً، إلى تحقيق الخير والرخاء للجميع.إن وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، إنما تعكس بكل وضوح، رؤية مؤسس الدولة العظيم، الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في أن تكون الإمارات دائماً، نموذجاً وقدوة، لدول العالم أجمع، في التسامح والتعايش السلمي، هذه وثيقة تاريخية بكل المقاييس، تقوم على الثوابت والغايات الأخلاقية النبيلة، كما أنها وثيقة ترفض التعصب والعنف والمغالاة، وهي كذلك وثيقة تؤكد أهمية أن يتوحد الجميع، بصرف النظر عن اختلافاتهم، يتعايشون معاً، ويعملون في بيئة يسودها السلام والمحبة والعدل والحكم الرشيد - هذه الوثيقة كذلك، إنما تؤكد حقوق المرأة، والاهتمام بالطفل، وتوفير الحماية الواجبة للفئات الضعيفة، وهي فوق ذلك كله، تؤكد حرية المعتقدات، وحماية دور العبادة، وتعمل على تهيئة الجميع للعمل المشترك، من أجل مواجهة المشكلات والتحديات كافة، في هذا العصر.هذه كلها، ولله الحمد، مبادئ وقيم مستقرة في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ أن تأسست على يد المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عليه رحمة الله، وصولاً، إلى ما نحظى به الآن من نهضة مستمرة، في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه.* توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي، كان إحدى ثمار الجهود المخلصة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.. إلى أي مدى نجحت الوثيقة في ترجمة رؤية سموه الاستشرافية في تعزيز قيم الأخوة الإنسانية محلياً وإقليمياً ودولياً؟** إننا نعتز ونفتخر، بأن وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، تعكس بكل وضوح، رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أعزه الله، وتجسد عبقرية القيادة، لدى سموه. إننا نشير بكل فخر إلى أن سموه قد قام بالجهد الأكبر، في سبيل إعداد وإطلاق هذه الوثيقة، من أرض الإمارات الطيبة، بحضور قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، وفضيلة الإمام الأكبر، الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، باعتبارهما السلطتين الروحيتين الأعلى في هذا العالم.أنتهز هذه المناسبة، كي أتقدم إلى صاحب السمو رئيس الدولة، بصادق الشكر والعرفان والاحترام، لدوره المرموق في إصدار هذه الوثيقة التاريخية، ولحرصه القوي على أن تكون الإمارات دائماً، نموذجاً للمجتمع الناجح، بقيمه ومبادئه ونظامه، وبعلاقاته الطيبة مع الجميع، لما فيه تحقيق الخير والرخاء للجميع.إن هذه الوثيقة، وبحمد الله، قد أضافت إلى الجانب الروحي، جوانب أخرى من مجالات العمل المشترك بين الجميع، لما في الخير للجميع، وعلى نحو يجعل منها وثيقة دولية تاريخية مهمة للغاية، تترتب عليها آثار عملية وقانونية وأخلاقية، لمصلحة الإنسان في كل مكان.هذه الآثار تشمل تحقيق السلام والتعايش، داخل المجتمع الواحد، كما نلاحظ في مجتمع دولة الإمارات العزيزة، والتي يعيش فيها الجميع معاً، في سلام وازدهار - كذلك تشمل هذه الآثار الإيجابية للوثيقة، تحديد دور الحكومات، ودور التقنيات الحديثة في حياة البشر، بالإضافة إلى أهمية تعزيز العلاقات الدولية المثمرة، واتخاذها أساساً لنشر السلام والأمن والأمان في المجتمعات البشرية، للوثيقة كذلك، دور مهم في التعريف بالدور المهم لقيادات المجتمع في حياة البشر، وبالذات في مجالات التعليم، والبيئة، ووسائل الاتصال، والتلاحم الأسري، وعلاقة ذلك كله، بتمكين الشباب، وتمكين المرأة، وتحقيق الوفاق المجتمعي بشكل عام - الوثيقة تؤكد بكل وضوح، أن التنوع والتعدد في خصائص السكان، هو مصدر قوة للمجتمعات البشرية، على طريق السعي الدائم لتحقيق التقدم والازدهار في هذه المجتمعات.إنني أقول دائماً، إن وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، هي رسالة سلام ومحبة ورخاء، من الإمارات إلى العالم، أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تأكيداً من سموه، على أننا في الإمارات، نحترم كل الأديان والمعتقدات، وأننا نعمل بكل جد والتزام، على تطوير العلاقات الإيجابية مع أصحاب الحضارات والثقافات المختلفة، ونسعى باستمرار إلى تحقيق التواصل والتعارف والمحبة بين الناس، دونما تفرقة أو تمييز، وصولاً، بإذن الله، إلى تحقيق التقدم والنماء للجميع.* اعتمدت هيئة الأمم المتحدة يوم 4 فبراير يوماً للأخوة الإنسانية، إلى أي مدى يعكس هذا القرار رؤية المجتمع العالمي وتقديره لرسالة وأهداف الوثيقة؟** إنه مما يبعث على السرور حقاً، أن دولة الإمارات، هي التي بادرت وطلبت من الأمم المتحدة، بأن يكون يوم 4 فبراير من كل عام، هو يوم الأخوة الإنسانية، احتفالاً بتاريخ إصدار الوثيقة التاريخية للأخوة الإنسانية، في أبوظبي - وقد جاءت موافقة الأمم المتحدة على هذه المبادرة، تقديراً كبيراً للقيم والمبادئ الإنسانية التي يشترك فيها البشر في كل مكان - إن اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، إنما يؤكد على مبدأ مهم، يتمثل في أن تعميق قنوات التعارف والحوار والعمل المشترك، بين الأفراد والجماعات والدول والشعوب، هي وسائل مهمة، لتحقيق مستقبل أفضل في هذا العالم، وأن هذه القيم الإنسانية، تمثل الأساس المتين لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي المنشود في كل مكان في العالم - إن الأخوة الإنسانية، إنما تؤدي إلى توفير الفرص الكاملة أمام الجميع، للإسهام الكامل في مسيرة العالم، كما أنها تؤدي إلى حل الخلافات والتخلص من الصراعات ومكافحة التطرف والتشدد والإرهاب، والالتزام بقيم العدل والمساواة.وكما أكرر دائماً، فإننا في الإمارات، نعتز غاية الاعتزاز بأن هذه الأمور كلها، هي مبادئ أساسية في تراثنا الوطني، وأننا في الإمارات ننظر إلى الجميع دائماً، باعتبارهم أعضاء في مجتمع إنساني واحد، يعمل فيه الجميع معاً من أجل نبذ التطرف والتشدد وتحقيق السلام والتعايش والتقدم في أنحاء العالم كافة - هذه كلها أهداف ومعانٍ مهمة، يتضمنها الاحتفال السنوي باليوم العالمي للأخوة الإنسانية.* يمثل إنشاء وزارة للتسامح والتعايش ريادة إماراتية على مستوى العالم تعكس نهجاً أصيلاً لمنظومة قيم التسامح، ورسوخها في نسيج مجتمع الإمارات، هل تسلطون معاليكم الضوء على رسالة الوزارة ومبادراتها في هذا الصدد؟** إنشاء وزارة مستقلة للتسامح والتعايش في الإمارات، هي مبادرة فريدة على مستوى العالم كله - وزارتنا هي الوزارة الوحيدة من نوعها في العالم، تتمثل رسالتها في الأساس، في أنها وزارة لجميع السكان في الدولة: المواطن والمقيم، الرجل والمرأة، الشباب وكبار السن، الوزارات والهيئات، أصحاب الهمم، العمال الأجانب، بالإضافة إلى التواصل مع الأشقاء والأصدقاء حول العالم، والعمل مع المنظمات الدولية المتخصصة كافة. الوزارة تركز في عملها على مجالات عدة، هي: التعليم والتوعية لجميع المواطنين والمقيمين، مع التركيز بصفةٍ خاصة، على الأسر والشباب، بالإضافة إلى العمل المثمر مع مؤسسات المجتمع كافة، العامة والخاصة، وتوفير الفرص كافة أمام جميع السكان للإسهام الناجح في مسيرة المجتمع والعالم دون تفرقة أو تمييز. للوزارة كذلك دور مهم في إنتاج المعارف ونشرها حول التسامح في الإمارات وفي العالم، بالإضافة إلى تنظيم الأنشطة والفعاليات التي تجسد مفاهيم التسامح والتعايش السلمي على أرض الواقع. هذا بالإضافة إلى تنفيذ برامج للبحوث وإنشاء المؤشرات التي تقيس مدى تحقق التسامح في الدولة - للوزارة أيضاً دور مهم في نشر ثقافة التسامح والأخوة الإنسانية في العالم - نحن شريك أساسي في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية كافة التي ترتبط بحقوق الإنسان ونبذ العنف والكراهية، وتحقيق السلام والوفاق في العالم - وهنا أشير على سبيل المثال إلى أن الوزارة قد أطلقت مؤخراً، مبادرة مهمة لتأسيس التحالف العالمي للتسامح الذي سوف يسهم، بإذن الله، في نشر قيم التعايش والمحبة والسلام في العالم. ويهمني هنا أن أشير إلى أن خطط العمل في الوزارة تتحدد في إطار البرنامج الوطني للتسامح الذي اعتمده مجلس الوزراء الموقر، والذي يقوم على محاور عدة للعمل، هي دور الحكومة بوصفها حاضنة للتسامح، ودور الأسرة، وتعزيز التسامح لدى الشباب، بالإضافة إلى إنتاج المعارف والإسهام في الجهود الدولية لتعزيز التسامح، وإبراز دور الإمارات بلداً متسامحاً.كما يهمني أيضاً أن أشير كذلك، إلى أن الوزارة تعمل مع الجميع من أجل تحقيق هذه الأهداف والغايات، سواءً في ذلك رجال الدين والدعاة، الوزارات والهيئات، رجال الأعمال، المدارس والجامعات، مؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى أعضاء الجاليات الأجنبية - نحن نرحب بالمشاركة الفاعلة لهذه الجهات كافة، في عمل الوزارة.* ماذا يعني مفهوم التسامح الذي رسخته الإمارات في مجتمعها وتواصل العمل بدأب على نشره إقليمياً ودولياً؟** نحن، ولله الحمد، نعيش في وطن يقوم على أسس قوية من التعايش والتسامح والتواصل الإيجابي بين الجميع، من أجل تحقيق الخير والسلام والرخاء للجميع.التسامح في الإمارات، هو الحياة في سلام مع الآخرين، واحترام معتقداتهم وثقافاتهم - التسامح في الإمارات يؤكد تنمية المعرفة بالبشر أجمعين، نتعرف عليهم، ونتحاور معهم، ونعمل معاً من أجل خير الناس، كل الناس - التسامح في الإمارات، هو تعبير عن الحرص الكامل على توفير الحياة الكريمة لجميع السكان، وعن الالتزام القوي بالقيم الإنسانية التي يشترك فيها البشر في كل مكان - التسامح في الإمارات، ليس فقط واجباً أخلاقياً، بل هو كذلك أداة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وهو أيضاً الطريق إلى بناء علاقات دولية ناجحة، في عالم يتسم بالتنوع والتعددية في السكان - التسامح في الإمارات لا يمثل بأي حال ابتعاداً عن الهوية، أو إهمالاً للمبادئ والمعتقدات، أو انفصالاً عن التاريخ والتراث، بل على العكس من ذلك تماماً، فإن التسامح يجسد عراقة هويتنا وكيف أننا في واقع الأمر أصحاب حضارة أصيلة تؤهلنا دائماً إلى أن نكون نموذجاً وقدوة للعالم كله.نحن في الإمارات، وفي ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، لدينا اعتقاد راسخ بأن التسامح والأخوة الإنسانية هي أدوات أساسية، تجعل من دولتنا العزيزة موطناً للخير والتقدم والرخاء، لدينا التزام كامل بتعريف العالم كله، بالنموذج الرائع للدولة في هذا المجال - نحن في الإمارات - نعتز بالقوانين والتشريعات التي صدرت في الدولة من أجل دعم قواعد المحبة والوفاق والسلام الاجتماعي، نعتز بما يتم باستمرار في تطوير التعليم ودور وسائل الإعلام - نعتز بدورنا في تعريف العالم بطبيعة الإسلام السمحة وإسهاماته الكبرى في مسيرة البشرية - نحن في الإمارات، ولله الحمد، حريصون كل الحرص على الأخذ بالمبادرات كافة التي تسهم في تحقيق الخير والسلام في العالم كله - وهنا أشير مرة أخرى إلى وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، ونحن نحتفل في شهر فبراير من كل عام بيومها العالمي، وهي الوثيقة التي تجسد بوضوح هذه القيم والمبادئ والموجهات كافة.* كيف نرسخ التسامح في الحياة اليومية للبشر، بحيث يكون مرادفاً للخير والنماء، ونابذاً للكراهية والعنصرية والتعصب بين البشر؟** هذا سؤال مهم، لأننا نعتقد أن ترسيخ ثقافة التسامح بين البشر يتطلب بطبيعته التركيز على بناء الإنسان وإعداده ليكون هو محور العمل في الأنشطة والمبادرات كافة. يجب كذلك أن يكون نشر التسامح مسؤولية جميع أفراد وفئات المجتمع - على الجميع أن يعملوا معاً من أجل تنمية الظروف والعوامل كافة التي تدعم التسامح والتعايش في المجتمع والعالم - ترسيخ ثقافة التسامح هو أمر يرتبط على نحوٍ وثيق بجهود التنمية ورفع مستوى المعيشة وحماية البيئة والاهتمام بالتعليم والتنمية البشرية، والسعي إلى تحقيق الأمن والأمان للفرد والمجتمع، بالإضافة إلى التعاون والتنسيق مع الأشقاء والأصدقاء والمنظمات الدولية المتخصصة حول العالم.نحن نرى كذلك أن نشر قيم التسامح والتعايش يتطلب إعداد وتشجيع قادة التسامح في المجتمع، وتمكينهم من إحداث الآثار الإيجابية المرجوة، بالإضافة إلى التطوير المستمر للقوانين والتشريعات - ترسيخ ثقافة التسامح تتطلب كذلك الوعي القوي بأن الأخذ بمبادئ التسامح والتعايش هو وسيلة مهمة لتحقيق التنمية والتقدم، وهو مجال طيب للاعتزاز بالتراث، ودعم الشعور بالهوية الوطنية، وبناء العلاقات الإيجابية بين فئات السكان، وتعزيز شعور الجميع بالولاء والانتماء للوطن. إنني أقول دائماً، إن التسامح هو أمر يمس حياة الجميع، وإن علينا جميعاً واجباً ومسؤولية، للعمل معاً من أجل فهم واحترام الثقافات والحضارات المختلفة، ومكافحة العنف والإرهاب، وصولاً، بإذن الله، إلى مجتمعات بشرية متماسكة، يحرص فيها الجميع على الإسهام الكامل في مسيرة المجتمع والعالم - والحمد لله، إننا نرى ذلك يتحقق بوضوح في دولة الإمارات العزيزة، بفضل قيادتها الحكيمة وشعبها المعطاء، وحرصنا جميعاً على تحقيق النجاح في المجالات كافة.* نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في أن تكون عاصمة للتسامح على مستوى العالم، وقد انعكس ذلك في مبادرتها العالمية الرائدة، ومن بينها وثيقة الأخوة الإنسانية، فإلى أي مدى أسهمت التشريعات والقوانين الصادرة في الدولة في ترسيخ قيم التسامح ونبذ الكراهية والتعصب؟** التشريعات والقوانين الصادرة في الدولة هي أداة لتشكيل مسيرة المجتمع نحو الأفضل، بإذن الله. القوانين والتشريعات تؤدي من دون شك إلى ترسيخ قيم التسامح والتعايش في المجتمع، لأنها من وجهة نظري، تجعل من السلوك الحميد طريقاً لتحقيق السلام بين الجميع - هذه القوانين والتشريعات تحث على حب الوطن والانتماء لآماله وطموحاته كافة، هي كذلك تدعو إلى تحمل المسؤولية وإلى التفكير السليم، وإلى احترام الآخرين والتواصل الإيجابي معهم وفهم واحترام الثقافات والحضارات المختلفة - القوانين والتشريعات كذلك، تعمل على تحقيق العدل الاجتماعي والحفاظ على حقوق الإنسان، وتدعونا إلى السلوك الإنساني والمجتمعي القويم - القوانين والتشريعات تسهم في القضاء على أي شعور بالتهميش أو الإحباط، وفي تعزيز القدرة على رفض الأفكار المتطرفة والهدامة - القوانين والتشريعات هي تأكيد على أن جميع السكان في الدولة، لديهم حق مطلق في الحياة الكريمة، في أمانٍ وسلامٍ واستقرار - لهذا كله، فإن القوانين والتشريعات في مجالات التسامح، هي أدوات أساسية لمكافحة الكراهية والتعصب، ونشر ثقافة الخير والعمل الصالح في المجتمع - والحمد لله، فإن تجربتنا في الإمارات في هذا المجال ناجحة تماماً في تحقيق الأهداف والغايات كافة.* يتميز مجتمع دولة الإمارات بتنوعه الثقافي والعرقي، إذ تحتضن الدولة جنسيات مختلفة، وتوفر لهم مظلة من التسامح والتعايش الحضاري الذي يكفل للجميع العيش بحرية وكرامة من وجهة نظر معاليكم، ما هي أبرز العوامل التي تجعل هذا النموذج الإماراتي ينمو ويزدهر كل يوم؟**هذا سؤال مهم، لأننا يجب أن نكون دائماً على وعي كامل بالظروف والمقومات التي تجعل من الإمارات نموذجاً ناجحاً ومرموقاً في العالم في مجال التسامح والتعايش السلمي بين الجميع.إننا نتفق جميعاً على أن نموذج الإمارات الناجح في هذا المجال، إنما يعود أولاً وقبل كل شيء إلى عامل مهم، قد نعتبره العامل الأول، والذي يتمثل في أن مؤسس الدولة، المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان هو الرائد الحقيقي للنهضة الشاملة في المجتمع، كان يؤكد لنا دائماً، وكما سبق أن ذكرت، على أن الالتقاء والتعايش بين البشر والعمل المشترك والنافع معهم، يؤدي دائماً إلى تحقيق الخير والرخاء للفرد والمجتمع وللعالم كله - كذلك، فإن هذه الرؤية الحكيمة لحاضر ومستقبل العالم، قد استمرت في أعمال وأقوال قادة الدولة الكرام، ممثلين في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. إن القيادة الرشيدة للوطن بدءاً مع المغفور له الوالد الشيخ زايد، هي العامل الأول فيما نراه في الدولة من تسامح وتعايش ورخاء واستقرار. العامل الثاني، الذي أدى إلى انتشار التسامح والتعايش في الدولة، يتمثل في الخصائص والصفات التي يتمتع بها أبناء وبنات الإمارات - لدينا، ولله الحمد، شعب مسالم ومتسامح بالفطرة والطبيعة - شعب حريص كل الحرص على تحقيق كل ما يرتبط بالتسامح والتعايش من تقدم إنساني واجتماعي واقتصادي مرموق. بالإضافة إلى ذلك، هناك عوامل أخرى مهمة للغاية جعلت من الإمارات موطناً للتسامح والسلام، منها تعاليم الإسلام، تراثنا العربي والإسلامي، دستور الدولة، تشريعاتها وقوانيها، إلى جانب نظامها القوي ومؤسساتها الفاعلة، والتلاحم الحادث بين الشعب وقادته - إنني أقول دائماً إن نجاح التسامح في الإمارات، هو نتيجة طبيعية لما تحظى به الدولة من قيادة حكيمة، وشعبٍ واعٍ، وتراث خالد، وقيم أصيلة، ونظام قوي، ومؤسسات راسخة، وأمن واستقرار متين، ومناخ وطني عام يشجع على العطاء والإنجاز، ويؤكد التزام المجتمع باحترام حقوق الإنسان، في العيش الكريم، والأخذ بالقيم والمبادئ والأخلاقيات التي يشترك فيها البشر في كل مكان.* في دولة الإمارات العربية المتحدة «الأخوة الإنسانية» باتت نهجاً في الحياة اليومية للإنسان، كيف نجعل من هذا النموذج أيقونة يحتذى بها في مختلف شعوب العالم بما يحفظ للإنسان كرامته، ويحقق استقراره بعيداً عن الصراع والحروب وغيرها؟** يجب أن نتذكر دائماً أن الأخوة الإنسانية تتطلب من الجميع السعي نحو التعارف والحوار والعمل معاً من أجل تحقيق الخير والسعادة للإنسان، والتقدم والرخاء للمجتمع، والعمل على توحيد الجهود من أجل مكافحة التطرف والتشدد والتعصب والإرهاب على كل المستويات. علينا كذلك أن ندرك أن للأخوة الإنسانية دوراً مهماً في التعامل الناجح مع القضايا والتحديات كافة التي تواجه العالم في هذا العصر، وأن لها دوراً أساسياً، في بناء روح التضامن والتكافل وتحقيق العلاقات الدولية المثمرة - وفي إطار ذلك، يكون على الجميع أن يعملوا معاً من أجل تعميق الشعور والالتزام الذي يتجسد في دولة الإمارات، بأن تكون الأخوة الإنسانية جزءاً أساسياً في مسيرة المجتمع - يكون علينا أن نعمل معاً من حيث توفير سبل المشاركة الواسعة للجميع، في أنشطة وفعاليات تشجع على ارتباط كل فرد بإخوانه وزملائه في المجتمع، وتوفير الفرص أمام الجميع للتعارف والحوار والعمل المشترك، وصولاً، بإذن الله، إلى أن يتعاونوا معاً في إخوة صادقة في خدمة المجتمع والإنسان. علينا كذلك أن نعمل على التوعية ونشر المعارف والخبرات التي تسهم في تعميق مبادئ السلوك القويم والبعد عن التحيز والعنف في العلاقات بين البشر - علينا أيضاً أن نحتفي دائماً بالمبادرات الناجحة المرتبطة بالإخوة الإنسانية، باعتبارها مجالات مهمة للتضامن والتعاون والعمل المشترك لما فيه الخير لجميع السكان - علينا في إطار ذلك، أن نعمل معاً من أجل أن يكون الشباب بالذات، أداة حقيقية للتغيير الإيجابي في المجتمع - علينا أن نتمثل باستمرار المعاني المهمة في وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، وما يمكن أن تؤدي إليه من تطوير إيجابي للعلاقات بين أصحاب الحضارات والثقافات المختلفة في العالم، والسعي بإخلاص نحو تحقيق مستقبل أفضل للبشر، يسوده الخير والسلام في كل مكان - هذه كلها غايات نبيلة نأمل أن تتحقق على أرض الواقع بإذن الله، وبفضل تكاتف وتعاون الجميع.* كلمة أخيرة في هذا الحوار توجهونها إلى القراء من جميع الأعمار؟** أشكرك، وأقدر كثيراً الدور الجيد الذي تقوم به صحيفة الاتحاد، في خدمة المجتمع والإنسان، وأحيي قراء الصحيفة الكرام، وأقول للجميع: إنه يحق لنا أن نعتز ونفتخر، بما تمثله بلدنا الإمارات من نموذج رائع في التسامح والأخوة الإنسانية، وما تؤكد عليه هذه الدولة الرائدة من خلال إنجازاتها المتوالية، على أن التعايش والحوار والعمل المشترك بين الأشخاص والجماعات التي تمثل معتقدات وثقافات وخلفيات متنوعة، من شأنه أن يؤدي إلى نشر السلام والرخاء والاستقرار في ربوع العالم كله. إنه في مناسبة احتفالاتنا باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، فإنني أعبر للجميع عن الأمل والرجاء في أن نكون دائماً، على قدر آمال وتوقعات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، في أن المجتمع المتسامح، هو مجتمع ناجح - الأمل والرجاء أن نقوم جميعاً بواجبنا في تحقيق التسامح والأخوة في العالم - الأمل والرجاء في أن تكون الأخوة الإنسانية دائماً طريقة تفكير وأسلوب حياة، تساعدنا على مواجهة التحديات بعقلٍ راجح، وقلبٍ سليم - الأمل والرجاء أن نؤكد الوعد والعهد، على أن حبنا لبلدنا الإمارات، وحبنا للإنسان في كل مكان، لا تحده حدود، ولا تقف دونه قيود، وأن التزامنا القوي بمبادئ الأخوة الإنسانية، هو تعبير عن ثقتنا الكاملة بموقعنا المرموق في هذا المجال، بين دول العالم أجمع.أدعو الله سبحانه وتعالى، أن تظل الإمارات العزيزة دائماً، وهي موطن التسامح والأخوة الإنسانية، موطن التقدم والنماء، في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أعزه الله، وكل عام والجميع بخير. 

شارك الخبر على