إطلاق الدعوة للعمل على "تخضير التعليم في لبنان" ياسين للتعاطي بمسؤولية مع القضايا البيئية  الحلبي التربية أساس لكل تنمية

أكثر من سنة فى ن ن أ

وطنية - أطلق وزيرا البيئة والتربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال الدكتور ناصر ياسين والدكتورعباس الحلبي وسفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة بهية الحريري ومديرة اليونسكو في بيروت كوستانزا فارينا، الدعوة الى العمل من اجل تخضير التعليم في لبنان، خلال ندوة عن " تخضير التعليم في لبنان"، عقدت بعد ظهر اليوم، في مكتب اليونسكو الإقليمي - بيروت، ضمن فعاليات مكتب اليونسكو الاقليمي للتربية في الدول العربية لمناسبة "اليوم الدولي للتعليم في لبنان"، بالتعاون مع اللجنة الوطنية لليونسكو في لبنان ووزارتي التربية والتعليم العالي والبيئة. 

حضر اللقاء المدير العام للتربية عماد الأشقر، رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء هيام اسحق، نشطاء في المجال التربوي والبيئي، مسؤولون تربويون وبيئيون في اليونسكو.

فارينا 
بداية كلمة مقتضبة لمديرة اليونيسكو فارينا، شددت خلالها على "ضرورة العمل وبذل الجهد الكبير من اجل تخضير التعليم في لبنان وتجهيز الطلاب للمعرفة في موضوع التغير المناخي، وعلى اهتمام اليونسكو وعملها مع المعنيين والمدارس لتحقيق التعليم الأخضر في لبنان".

الحريري 
ثم قالت الحريري: "يسعدنا ويشرفنا أن نرحّب بدّعوة منظمة اليونسكو إلى المدرسة الخضراء في لبنان، الوطن الأخضرالذي اختار أبناؤه شجرة الأرز رمزاً لوحدتهم الوطنية، وليكون الخضار محصّنا بالسّماء النقية البيضاء، وليكون أبناء لبنان من أوّل من آمن برسالة اليونسكو ودورها التربوي والثقافي والعلمي، والمتعارف عليه عند الحديث عن مقرّ وزارة التّربية والتّعليم بمنطقة اليونسكو وفي لبنان الأخضر، ان روّاده الكبار تأكيدا منهم على هوية لبنان الخضراء لم يتوقفوا عند شجرة الأرز الضاربة الجذور في قرون طوال بل أرادوا أن تكون الورود أيضاً معيارًا للزمان، فكانت ساعة الورود بمحاذاة  شهدائه ليكون الوقت أخضر في لبنان الأخضر". 

اضافت: "انّ لبنان الوطن تربّت أجياله على أن يكون في مطلع عامهم الدّراسي في الأحد الأول من كانون الأول، الاحتفال السنوي بعيد الشجرة حيث كانوا يجتمعون وينشدون ويحدّدون إنتماءهم إلى لبنانهم الأخضر من النّاقورة إلى النّهر الكبير. إنّ المدرسة الخضراء التي نلتقي اليوم لنجعلها هدفاً تربوياً هي في قلب كل لبنانية ولبناني وفي أصل تكوين هذا الكيان".

وتابعت: "نقدر عاليا دعوة منظمة اليونسكو اليوم لتفعيل هذه الإرادة العالمية في مواجهة تحديات المناخ الذي يهدّد كوكبنا الكبير الذي أمسى قرية كونية صغيرة، يبدأ الوباء فيها في الصّباح ويعمّ كلّ أرجائها في المساء. وإنّ تجربة وباء كورونا على مستوى كلّ الكوكب تجعلنا نجدّد ثقتنا وإيماننا بمهمة منظمة اليونسكو العالمية والتي تزامنت مع تأسيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ليناط بها مهمة الثقافة والتربية والعلوم، على قاعدة أنّ الحروب تقع أولاً في عقول البشر، وفي عقول البشر تُبنى حصون السلام مما يؤكد على أهمية تجديد مهمة اليونسكو في حماية الكوكب من الإعتداء على المناخ ونقائه".

وختمت: "إنّ ما يشهده العالم ومنطقتنا من حروب ونزاعات وأزمات يجعلنا نتطلع من جديد إلى الإرادات الطيبة لمواكبة تطلّعات الشّعوب وإرادتها بالعلم والمعرفة والعيش في أمان وسلام، ولمواجهة تحدّيات المناخ وكل أشكال النّزاعات القاهرة والمدمّرة. إنّ التّعليم هو سمة الحياة الأصلية وعندما يتوقّف التّعليم تتوقّف الحياة، وإنّ التّجديد والتّطوير والعلم والإبتكار والإكتشاف هي سمة تعاقب الأجيال وتجدّد الحياة الوطنية والإنسانية، وإنّ تطوّر المفاهيم والإتجاهات العالمية يجب أن تتحوّل فوراً إلى مناهج تربوية بما يتماشى مع سرعة وتطور وسائل الاتصال. وقبل سنوات عندما اتّخذت وزارة التّربية والتّعليم في لبنان قراراً بدمج مفاهيم التنمية في العملية التربوية، لم نجد حينها مناهج تعليمية يمكن دمجها فيها. وإنّنا خلال هذا اللقاء المميز ندعو إلى إستحداث مناهج خضراء لدمجها في المدرسة الخضراء لنعيد الحياة والأمل إلى لبنان الوطن الأخضر وإلى كلّ كوكب الإنسان".

ياسين
بدوره، قال وزير البيئة: "في خضم ازماتنا يقول المراقب: اتريدون انقاذ الكوكب ونحن نغرق في تحدياتنا البيئية اليومية، او تبغون محاربة التغير المناخي قبل تغيير ادارتنا اليومية والادارة البيئية، او ترغبون مواجهة الكوارث الطبيعية، بينما نصارع ظروف الدهر السياسية؟".

اضاف: "كأننا نحمل الصخرة الى القمة لتعود وتتدحرح، وهكذا دواليك، حيث ينظر البعض لنا كأننا نعمل بلا جدوى، ولربما ينعتوننا بالعبثية والبعد عن الواقع. ولكن ما نقوم به اليوم ونؤسس له هو المستقبل، هو فعل ايمان حقيقي بهذا البلد حتى لو كانت الظروف صعبة. هو قوتنا للبقاء وعزيمتنا للاستمرار والوصول الى غد اكثر ازدهارا لابنائنا". 

وتابع: "انه الفعل الصادق للنهوض المستدام الذي نريده مبنيا على ثلاثية واضحة وجلية: اولا مركزية الانسان وتنمية رأس المال البشري والمواهب اللبنانية. ثانيا، حماية البيئة كأساس للتنمية المستدامة المسؤولة. ثالثا، بناء المؤسسات القوية الفاعلة التي تضمن هذا المسار التنموي الحقيقي، وهذه ليست شعارات، بل هي المسار الصحيح لتلك الاضلاع الثلاثة الواضحة لتعافي لبنان".

واردف: "تأتي مبادرة التعليم الاخضر كجزء من الاولويات التي نوليها لادراج المواد البيئية، وتلك المتعلقة بمكافحة التغير المناخي في مناهج التدريس وفي برامج اعداد المعلمين بالتعاون مع وزارة التربية واليونسكو وكل المعنيين. وهذه من الركائز الاساسية لتنمية اجيالنا في المستقبل وللتعاطي بمسؤولية مع القضايا البيئية ومكافحة التغير المناخي وطرق الحفاظ على النظم البيئية، التي وان فشلنا في مقاربة كل هذا الموضوع ستكون النتائج كارثية على الجميع". 

وختم: "لطالما سمعنا ان اساس الوعي البيئي يبدأ من الصفوف، وكذلك من البيت. وان ما نقوم به اليوم خطوة مهمة جدا لجعل التعليم اكثر اخضرارا وجعل البيئة اكثر ترابطا مع حياتنا. وللعمل المشترك الجاد لمستقبل افضل".

الحلبي
من جهته، قال وزير التربية: "المدرسة هي المؤسسة الأكثر تأثيرا في المجتمع لأنها الحضن الثاني بعد منزل العائلة، وفيها تتكون العلاقات الإنسانية وتبنى السلوكيات السليمة ويتعاظم الالتزام الفردي والجماعي بالقوانين والأنظمة، ويتكون الوعي الوطني والأخلاقي والحس التنموي. ومن أجواء المدرسة وانشطتها المتنوعة ينخرط المتعلمون مع المعلمين والقوى الحية في المجتمع، للعناية بالبيئة والسهر على استدامة مواردها، ويتسع إشعاع هذا الإلتزام في المجتمع وفي الحياة اليومية للمواطنين".
اضاف: "بقدر سعادتنا للاحتفال بإطلاق المبادرة إلى تعميم المدارس الخضراء، يؤسفنا ان تكون الظروف القاهرة في البلاد وتراجع قيمة رواتب المواطنين وخصوصا المعلمين، أدت إلى إقفال المدارس وتزايد الإضرابات طلبا لتعزيز القدرة على تحمل متطلبات الحياة وبالتالي الإستمرار في التعليم والوصول إلى العمل. غير أننا لن نستكين حتى نؤمن إعادة فتح المدارس ومتابعة التعليم وتنفيذ ما يمكننا من الأنشطة وخصوصا البيئية".

وتابع: "إننا نقدر عاليا إقدام مكتب اليونسكو الإقليمي بإدارة السيدة كوستانزا فارينا وفريق عملها ، على تنظيم هذا الحفل، والإصرار على ان نعمل بتعاون وتضامن للمحافظة على استمرارية التعليم وبناء الإنسان عبر مناهج متطورة تخصص مساحة مهمة للتربية الخضراء ، وتعزيز التوجهات العالمية والوطنية نحو تخفيف الإنبعاثات الضارة وتعزيز السلوكيات السليمة".

وقال: "إن التدهور البيئيّ المتسارع في مختلف أنحاء العالم، عزز ما يسمى "بالقلق البيئي" الذي تشعر به الأجيال الشابة ، فاستقطب هذا التدهور بأزماته وتعقيداته ومخاطره الوجودية الرأي العام العالمي، وخصوصا الجهود الكبيرة لهيئة الأمم المتحدة، ومنظمة اليونسكو التي تحركت بسرعة وفعاليّة لمعالجة الموقف المتردي للبيئة ، والعمل على بناء البرامج التربوية في اتجاه تحقيق التوازن الممكن بين الإنسان والطبيعة. وأدركت اليونسكو أن الوعي الثقافي يشكل الحصن الحصين لحماية البيئة وتطوير مصادرها والمحافظة على استدامتها. ومن هنا، وعلى هذا الأساس، برزت الحاجة إلى التربية البيئية التي ترتبط بأهداف التنمية المستدامة المتجذرة في مجال التعليم والتنمية المستدامة الذي تروج له منظمة اليونيسكو منذ أوائل التسعينيات، والتي تسعى من خلال عملها الدؤوب لكي يصبح  الأفراد والمجتمعات والعالم بأسره على مستوى مقبول من اكتساب المهارات والقيم والمواقف، للمشاركة في العمل التحويلي من أجل بناء مجتمعات خضراء بأقل الانبعاثات وقادرة على التكيّف مع المناخ".

اضاف: "أما في لبنان، ومع مشهد التخبّط الحاصل على المستويات كافة ، إقتصاديا وإجتماعيا، وبيئيا وتربويا، كان لا بد من إدخال مفهوم "التربية البيئية" في المناهج التعليمية والدعوة  لإطلاق مبادرة "التربية الخضراء" بالتعاون مع مكتب اليونيسكو الاقليمي في بيروت. فمجتمعنا اللبناني بات يعاني من فقدان مفاهيم كثيرة وأزمات مختلفة وملوثات متعددة الجهات، كل ذلك يضع مفهوم التربية البيئية في سلّم الاولويات، إذ أن التعليم البيئي كان من الخطوات التي اهتمت بها وزارة التربية والتعليم العالي خلال الاعوام السابقة بالتعاون مع القطاع الخاص". 

وتابع: "إن إطلاقنا لمبادرة التربية الخضراء اليوم ليس إلا إيمانا منا بأن الإنسان هو المسؤول عن بيئته وإقتصاده وبحره ومياهه وهوائه وتطوير ذاته وبالتالي وطنه . ومعلوم أن التربية هي أساس لكل تنمية وعبرها تتحقق أهداف التربية من أجل التنمية المستدامة وتستند هذه المبادرة الى ركائز عدة:
أولا: المدرسة الخضراء: Greening Schools بكل عناصرها ، من المبنى، إلى الادارة، والهيئة التعليمية، والتلاميذ. فالمدرسة الخضراء لم تعد خيارا في لبنان، بل هي ضرورة أساسية لمساعدة المدرسة للحد من الآثار البيئية، والتكاليف التشغيلية. فهي حق لكل تلميذ تساعده على استخدام المهارات المناسبة لاتخاذ إجراءات وأفعال ضرورية بشأن القضايا البيئية والاجتماعية والاقتصاد الدائري والاستدامة .

ثانيا : المنهج الاخضر: Greening Curricula ، وذلك من خلال تطوير المنهج التربوي بكلّ عناصره ومستلزماته البشريّة والتقنيّة والماديّة؛ مراعيا معايير الثقافة الخضراء والبيئة المدرسيّة الخضراء والمجتمع الاخضر والمواطن الأخضر. ويهمنا في هذا السياق أن نؤكد ان إطلاق الإطار الوطني لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي بالتعاون بين الوزارة والمركز التربوي للبحوث والإنماء وبالشراكة الفنية مع مكتب اليونسكو الإقليمي ، ومع القطاع التربوي الخاص والجامعات والجهات المختصة وبدعم من البنك الدولي ، قد سلك مسار التربية الخضراء في المناهج والمواد والأنشطة .

ثالثا : المجتمع الاخضر ، الذي يتم تحقيقه من خلال تثقيق لجان الاهل والتعاون مع البلديات والسلطات المحلية وتشجيعهم على حماية البيئة والتقليل من مخاطر التلوث". 

وقال: "إن وزارة التربية والتعليم العالي تسعى منذ سنوات لاتباع اساليب متطورة في ادارة المدارس والثانويات التابعة لها لتحسين الخدمات التعليمية المقدمة من جانبها ، ومواكبة الدول المتقدمة في هذا المجال. كما انها تركز ضمن استراتيجيتها على إنشاء جيل متميز ومؤهل لتلبية احتياجات المجتمع المتنوعة باستمرار، من خلال التعاون مع كل المؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني". 

اضاف: "إن لبنان الذي التزم رسميا أهداف الأمم المتحدة لتحقيق التنمية المستدامة ، يجتهد من خلال التربية في ترسيخ مفاهيم التنمية وأهدافها ، وإننا على يقين بأن وطننا بجهود المخلصين سيعاود حضوره وتعزيز مؤسساته، ولن يتحقق لنا ذلك إلا بالتربية والتعليم الجيد وسلوك مسار الجودة والإعتمادية في المدارس على غرار الجامعات".

وختم: "شكرا مجددا لمكتب اليونسكو ولجميع الحاضرين . ونتمنى لكم مستقبلا اخضر يليق بتطلعاتكم نحو وطن نتطلع إلى استنهاضه".

وتخلل الندوة كلمة لاختصاصية برنامج التعليم في مكتب اليونيسكو التابع للبلاد العربية ميسون شهاب، وحوار مع الحضور بين مدير عام التربية ورئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء.

                        =========

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على