ياسمين حمدان تعود بـ «الجميلات» إلى أرض «البلد»

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

رنا اسطيح -
بعد جولة حفلات ونشاطات فنّية مكثفة في مختلف بلدان العالم تعود أيقونة «الأندرغراوند» اللبناني ياسمين حمدان إلى لبنان بزخم فنّي تدفعه ثلاثية موسيقية هي الإطلاق العالمي (الولايات المتحدة، أوروبا والشرق الأوسط) لفيديو كليب أغنية «بلد»، ولألبومها الجديد «الجميلات» ثمّ حفل موسيقي خاص تحيي من خلاله الحفلَ الأساسي ضمن مهرجان «Beirut and Beyond» في ٧ كانون الأول المقبل.
بثورتها المعهودة التي تتمرّد على القوالب الموسيقية التقليدية وتتّخذ أبعاداً وطنية واجتماعية عدّة، تناهض من خلالها الفساد والتنميط والزيف الاجتماعي، تستمرّ ياسمين حمدان بإيصال صوتها وصوت الجيل من خلالها إزاء القضايا الكثيرة التي تسكت عنها الموسيقى العربية الحديثة أو تتجاهلها.الفنانة التي تكتب وتلحّن بنفسها أغنياتها، أطلقت أخيراً اغنية «بلد» المصوّرة لتجعل صوتها مسموعاً بوضوح إزاء قضايا الفساد في البلد والدوّامة التي تهمّش حقوق المواطن اللبناني وتكتم صوته.وفي الشريط الذي تولّى إخراجه إيليا سليمان وأنتجه تندّد الفنانة الملتزمة بالفساد وتجد نفسها في صورة المواطن المحبط الخائب الذي بات ضحيّة دولة مقصّرة وسياسيين متخاصمين متناحرين في نزاعات متناسلة يستغلّونه بلا كلل، فيما كل ما يريده هو غسل يديه منهم.وفي ألبومها «الجميلات» (قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش) تواصل ياسمين ثورتها الناعمة عبر رحلة استكشاف موسيقية فطرية تتجاوز قيود الأعراف السائدة.وبعدما كانت في ألبومها الأول «يا ناس» (2013)، قد قدّمت نسختها الخاصة المعاصرة لموسيقى البوب العربية، ها هي تواصل في «الجميلات» إستكشافها الموسيقي، فيما تواكب التحوّلات الجارية في العالم العربي.ومع أنّ غناء ياسمين يجد جذوراً في تراث الموسيقى العربية التي تقاربُها من زاوية متجدّدة خارجة عن الأطر التقليدية، تولد الأغاني ببنى وتوزيعات بعيدة من الأعراف المعهودة، وتستقي عناصر من الموسيقى الالكترونية والبوب والشعبية الغربية المعاصرة.وتتحقّق رؤيتها بالكامل في هذا الألبوم الصادر بالتعاون مع مجموعة من المنتجين البريطانيين.ياسمين مُترحّلة، تنقّلت بين ستّة بلدان وتشرّبت ثقافاتها الكثيرة. لذلك لا يمكن ألّا يتحوّل إصدار هذا الألبوم أيضاً إلى رحلة اختزنت عبرها الأصوات والأفكار وولّفت بينها، واستقت في طريقها من تفاعلات مستمرة مع بشر مختلفين وعمّقت تفكيرها ووسّعت وعيها الاجتماعي والسياسي الذي يندسّ لا محالة في كلمات أغانيها.في ألبومها الأول «يا ناس» جذبت ياسمين حمدان اهتماماً عارماً في أوروبا والولايات المتحدة، وكذلك في شمال افريقيا والشرق الأوسط، حيث تتمتّع حمدان بنجومية راسخة منذ أيّامها في فرقة الثنائي الموسيقي «Soapkills»، الذي أسّستها في بيروت حيث وُلِدت، وأصبحت أوّل فرقة للموسيقى الالكترونية المستقلة في الشرق الأوسط.وعن ألبوم «الجميلات» الذي أصبح متوافراً في لبنان تقول ياسمين حمدان: «في هذا الألبوم قرّرت أن آخذ بزمام الأمور، فتوجّهت إلى نيويورك وفي جعبتي 11 عيّنة نموذجاً أنهيت العمل عليها بين القطارات والطائرات وغرف الفنادق، أثناء جولتي لألبوم «يا ناس». إستغرق التسجيل خمسة أيام في ستديو «سونيك يوث» في هوبوكن، بمنطقة نيويورك».وتضيف الفنانة الموصوفة بأنها «الصوت المعاصر للموسيقى العربية» بحسب صحيفة نيويورك تايمز : «أسعى لإصدار ألبومات تشمل مزاجات كثيرة. وخاضت أغاني هذا الألبوم نضوجاً عضوياً أثناء بلورته، فيما تضافرت أفكار كثيرة في مرحلة التحرير لأنّ السياق أتاح ذلك.فقد تحتّم على المسيرة أن تشهد ترحالاً نقّالاً، شبيهاً بحياتي بعض الشيء، وترتّب تنظيمُها ببعض العشوائية بما يجيز وقوع المصادفات. هذا السياق المتعدّد الأوجه كان له تأثير طاغٍ على الصوت».في ألبوم «الجميلات» إشتملت عملية التسجيل على آلات من الشرق الأوسط وآسيا وإيقاعات خليجية وعراقية وقيثارات طوارقية الطابع وأنماط بزق غير معهودة، إلى جانب مقاطع دورية مألوفة الطراز للغيتار والطبول والآلات الالكترونية والنماذج المتواترة، مرفقة بأصوات عضوية بنكهات طبول تراثية.أما الكمان وأُرغن الهارمونيوم فيضفيان ألواناً على بعض الأغاني التي تتلوّح أحياناً بألحان تستحضر صوراً من الهند وسائر آسيا وعبق الصحارى.وتفصح: «تبلور الألبوم على خلفية حراك وترحال لانبثاقه على الطريق. ويتلألأ بين ثنايا غالبية الأغاني بُعدٌ إجتماعي وسياسي، على غرار الشخصيات والنفسيات الأنثوية التي ابتكرها.كما تنبثق بعض كلماتي من لقاءاتي بشخصيات تخلّف أثراً، كسائقي الأجرة في بيروت، الطليقي اللسان والمسيّسين إلى أبعد الحدود. فهؤلاء غالباً ما يملكون وجهات نظر مثيرة للاهتمام حول جميع نطاقات المجتمع، فيما وصل الكثيرون منهم إلى مرحلة الغليان بسبب نظام سياسي واقتصادي فاسد ومجحف.تقاطعت طريقي بمسارات شخصيات خارجة عن المألوف، منحرفين، مقاتلين سابقين، باعة هوى، شعراء... بتفاعلي مع هؤلاء تبَلور إلهامٌ حقيقي، فيما عكس غضبهم أصداء يأسٍ تردَّدت معها مشاعري المتضاربة ازاء الدوامة التي تكتسح لبنان والمنطقة». 

شارك الخبر على