من نيويورك إلى باريس قالها عون ... القرار لنا وليس لغيرنا ... (الدكتور وسام صعب)

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

الدكتور وسام صعب
قد لا يختلف إثنان على مدى أهمية الزيارة التي قام بها الرئيس اللبناني ميشال عون إلى فرنسا والحفاوة الرسمية الإستثنائية التي استقبل بها الى حد جعلتنا نشعر أن أمبراطوراً عظيما يتوسط موكب الخيالة في شوارع باريس … .
فهذا الإستقبال الإستثنائي التي أعدته دوائر الرئاسة الفرنسية للرئيس اللبناني إنما يؤكد على الحرص الكبير التي توليه فرنسا للبنان وعلى مدى الإحترام والتقدير الذي تكنه للزائر اللبناني الكبير ... وهذا ما بدا واضحاً في الشكل والمضمون، وما حرصت فرنسا على إظهاره رسميا وبروتوكوليا، وما أبدته من تفهم للموقف اللبناني وهواجسه من مسألة ملف النازحين السوريين، هذا فضلاً عن تأكيد رغبتها في التحضير لإنعقاد مؤتمر باريس ٤ وما قد يحمل معه من مؤشرات إيجابية للبنان ويشكل رافعة لإقتصاده الوطني ... .
أما وعلى المقلب الآخر، فقد بدا واضحاً على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة إنعدام الكيمياء بين الرئيسين اللبناني والأميركي، حيث بدا واضحاً أن ما يفرقهما أكبر بكثير مما يجمعهما … وهذا ما ترجم في خطاب الرئيس عون من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة بحيث لم يكن من المتوقع من أي من الأوساط المراقبة بأن يرد الرئيس عون بهذه الطريقة الحازمة على الرئيس ترامب عندما كان يتحدث في كلمته عن ملف النازحين السوريين وتوطينهم حيث يتواجدون … فما تحدث به ترامب لم يكن ليحتمل أي تأويل أو تفسير في دلالاته ومقصده لأنه كان واضحاً فيما يقول ويعلن على الملئ، لاسيما وأن تفسير عبارة إعادة تموضعهم أو كما وردت بالإنكليزيّة في خطابه Resettlement لا تحتمل أية ترجمات أو تفسيرات أو تأويلات، ذلك أن عبارة إعادة التموضع لا يمكن إلا أن يحصل في بلد يتواجد فيه نازح أو لاجئ. ما يعني أنه وخلافاً لرأي البعض وما ذهبوا إليه من تبريرات وتفسيرات خاطئة وفي غير محلها لخطاب ترامب يحمل في طياته أكثر من سؤال ويثير بالوقت نفسه أكثر من علامة إستفهام حول النوايا غير البريئة والمبيتة للإدارة الأميركية تجاه مسألة النازحين واللاجئين وإبقائهم حيث يتواجدون في بلد اللجؤ ….
ومن هنا جاءت كلمة الرئيس عون بالمكان والزمان المناسبين لتضع النقاط على الحروف ولتقطع الطريق امام ترامب وسواه أصحاب نظرية مؤامرة التوطين من مسألة ملف النازحين السوريين ولترسم الأطر الأساسية لكيفية التعامل الدولي مع لبنان، ولتؤكد مجدداً أن هذا البلد لم يعد ضعيفاً أو منكسراً أو خانعاً بل بات للبنان رئيس قوي بإمكانه الوقوف من على أعلى المنابر الدولية ليقول لا في وجه مشاريع التوطين أو أي مشاريع تخريبية أو تدميرية تلحق الأذى بمصالح لبنان ووحدة أبنائه ... .
فالرئيس عون كان يدرك تماما مدى خطورة ما كان يخطط له وما ينتظر لبنان ... سواء على الصعيد الديمغرافي أو الأمني أو حتى الإقتصادي، فقالها بالصوت العالي وعلى الملئ، التوطين لن يسمح به لبنان، لا للاجئ أو للنازح مهما كان الثمن ...، والقرار في هذا الشأن يعود لنا وليس لغيرنا، قالها الرئيس عون في الأمم المتحدة وحزم أمتعته ومشى ... .
 

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على