ودقْ وبرَدْ.. رائعة شعرية جديدة لمحمد بن راشد
أكثر من سنتين فى الإتحاد
محمد عبدالسميع (الشارقة)
تشبيهات غاية في الروعة، يبدعها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تحضر فيها جمالية المطر والغيم، هذه النعمة الربانيّة التي تدعو كلّ من يراها لكي يصورها شعراً عالي البلاغة والصورة، ومن مثل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يقوم بذلك، فيعبّر أجمل التعبير في قصيدة يمتدح فيها أخاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.
سحاب الأفكارتبدو الفكرة، كما في مستهلّ الأبيات، تماماً مثل رذاذ المطر أو أجزائه، لا تلبث أن تستمر في التكوّن والانسجام حتى تصنع فكرة عظيمة، بل أفكاراً أعظم، وهذا هو الشعر الذي هو الوجه المقابل للسحاب، سحاب الأفكار الذي يتراءى للشاعر القدير حين يجري جري السحاب. فلقد فطن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، إلى تسلسل وانهمار حبّات المطر وهطوله، مستعيراً الحالة ذاتها في هطولها ونزولها السريع، حين يطيب للشاعر أن يجعل المطر والشجر والمكان يشاركه قصيدته العظيمة التي يزجيها لشخص عظيم القدر عالي المكانة هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله. فلنبدأ القصيدة ولنسعد بانهمارها علينا كقراء، مثلما يغيث المطر الناس، والتشبيه واضح ورائع في هذه الالتفاتة الذكية نحو المطر، فالشاعر هنا لا يمكن أن يجدب أو تقفر صفحاته من الشعر، فهو السحاب الذي تخضرّ به الصفحات المجدبة، وهذه عظمة القصيدة في خيرها العميم الذي ننتظر جميعاً هطوله، وهذه المرة في أبيات قصيدة فخمة تزينت بأجمل ما يتزين به الشعر من لون.
معاني البطولةويا لروعة الأبيات، حين تجري على لسان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بهذا التدفق، فتذكّره بوقت مضى، والشاعر بالطبع يذكر ما حوله بأوقات وأزمنة وظروف تبدو ممثلة بكل حيويتها اليوم، فهي القصيدة صاحبة الإمكانات والقدرة على خلق الموضوع والتغني به وجعله أنغاماً رائعة تجري على ألسنة الناس. أما موضوع الذكرى فموضوع له وقعه وأهميّته عند الشاعر، فهو وقتٌ محبب يودّ مبدع هذه القصيدة العصماء الرائعة أن يعيده وأن يحييه من جديد، فالذكريات العذبة جديرة بأن تحيا في نفوس الناس، فكيف بالشعراء الذين يعيشون الحياة بتفاصيلها الإنسانية الجميلة وكل معاني البطولة والرمزية التي تحملها، فالشاعر مستعدٌّ لأن يجلب الماضي لو كان يُستعاد أو يأتي به للفرح به كما كان، وهذه طريقة رائعة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في الإعلاء من قيمة الوقت والمكان والتغني به وجعله في غاية النقاء والروعة، وهو أسلوب تشويق جميل من الشاعر يجعلنا نترقب منذ هذين البيتين حول الموضوع وأهميته وما كان يراه الشاعر ويستطيبه، وهو ما ستكشف عنه الأبيات التالية من القصيدة التي جاءت على وزن مميز في طول البيت وعروضه الموسيقية، وفي قافيته البائية الرائعة بالتأكيد.شاعرية عاليةفكيف يستعدّ الشاعر لأن يشتري ذلك الزمن بالعمر، ونحن نعلم أن العمر هو أغلى ما في الوجود، فهو أكبر من المال وهو الذي يتمسّك به الناس ويريدون فيه سعادة دائمة، فالتضحية بالعمر لأجل ذلك الزمان أمرٌ يجعلنا أيضاً نشارك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، في أهميته وروعته وحضوره، فالأسلوب يدل على شاعرية عالية ومقدرة كبيرة في الاستهلال الذي هو أول الشعر أو القصيدة، به يكون التشويق ومن خلاله يبدأ الشاعر بنسج الأبيات التالية نسج العارف القدير بكل تفصيلة من تفاصيل هذه القصيدة العصماء. إنه الغيم ولا سواه، الفرح، هذا الغيم الذي يخاطبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كصديق كريم، وهو ما يدل على علو المنزلة وقيمتها لدى الشاعر، ويدل ذلك أيضاً على هذا الحس العالي في الصداقة مع الغيم، حامل البشرى والسعادة. فالأثر لا يزال قريباً من الشاعر الذي يتمثل في القصيدة، الأثر الباقي بقاء ما يفعل الغيم بمنتظريه، والغيم كما نعلم في الدلالة الشعرية رمز العطاء ورمز الماء ورمز الجود والإحسان، وكأن الشاعر هنا لم يأت به عبثاً أو لمجرد الحوار معه، بل لأنه يستحق أن يقترن بالشخصية التي يمتدحها، لكي تصل الفكرة التي تصبح أفكاراً في أن الغيم والممدوح هما واحد، وهذه بلاغة الابتداء بالغيم والمطر والسحاب في القصيدة.
الممدوح والغيم إن التعبير بالعطاء للمطر، و(عاليين الجناب)، هو رائع للمتلقي الذي يجد في المقاربة بين عطاء السماء وعطاء الممدوح، أمراً طبيعياً، بل إن عطاء الغيم (يشبه) عطاء (عاليين الجناب)، فالمدح للشخصية الممدوحة من خلال هذه اللفظة أقوى وأكبر من مدح الغيم نفسه، وهذا لا يصدر إلا عن شاعر قدير نحو شخصية عظيمة يليق بها هذا المدح كما سنرى في الأبيات العظيمة التالية. يا للروعة، فها هي المسافة تزداد بين الممدوح والغيم، حتى وإن كان هذا الغيم مشهوراً في موروثنا الشعري العربي برمزية الجود التي هي فيه، فعطاء صاحب الجود تفوق على عطاء الغيم بمليون باب، وهنا فإن درجة الإعجاب تزداد وتكبر بسرعة هائلة لتدل على هذه المكانة الكبيرة، فالمليون رقم كبير، والناس تتخذه معياراً للضخامة في العدد أو كبره، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، يزداد جوده بمليون باب عن جود الغيم، وهذا من روعة البيان والاشتغال الواثق والنسج البلاغي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، في التوصيف والمقارنات والمقايسات التي يدخلها شعره حتى غدت معروفة عنه وتعطي قصيدته رونقاً جميلاً جداً، لسرعة التقاطته وعظمة بنائه ومعرفته بمقدار القادة والعظماء. أبواب الكرم والجودوفي البيت الرابع، يصرح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد باسم القائد الذي يُمناه مثل البحر، والبحر أيضاً في اتساعه وامتداده هائل وواسع العطاء، وفي ذلك تجري هذه الصورة للشاعر في أن الشخصية الممدوحة تتفوق على البحر وقبله الغيم بمليون باب من أبواب الكرم والجود.وبالطبع، فإن (أبو خالد) هو مصدر سعادة لكل من رآه وأخذ عنه خصاله الطيبة ومعانيه الكبيرة، فهو مصدر فرح القلوب والحظوظ، وما ذاك إلا لأنه إنسان نبيل ينعكس خيره على الناس، فيمدهم بالسعادة والهناء، أما كفّاه، وهذا تشبيه بليغ من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، فهما كفّا من يعطي بلا حساب، فلا يملّ من العطاء والبذل والإحسان، فهما دائمتا الانسكاب، كدليل على الحالة الدائمة التي لا تتغير بحال من الأحوال.
القائد الفذّإنها رحلة الذكريات والماضي والمستقبل لشاعر عظيم بحجم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في وصفه ومدحه بطلاً عظيماً وقائداً وإنساناً كريماً هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، فهي رحلة في ضمير الشاعر، كلما رأى المطر ينتثر بعطائه تذكر العظماء أصحاب النخوة ممثلين بالقائد صاحب السمو رئيس الدولة، فقد مر على الشاعر في هذه الحياة الكثير مما يستحق الحديث عنه، وجميل رائع البيت الأخير من القصيدة، حين نفرح بصورة القائد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، وهو الفذّ بين البشر الذي يظل يفكر لصالح شعبه وخدمة الدولة والناس، وأيضاً رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لنفسه بأنه كتاب، بما يحمله الكتاب من فكر وجمال ومعرفة بأهمية الشخصية الممدوحة عالية البنيان في هذه القصيدة، وفي كل مجال من مجالات الحياة، حفظه الله.