إسرائيل تتّهم «عباس» بالتخابر مع روسيا.. وفلسطين ترد

ما يقرب من ٨ سنوات فى التحرير

كشف عميل جهاز المخابرات السوفييتي السابق "كي جي بي"، اللاجئ في الغرب، "فاسيلي ميتروخين"، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كان عميلًا لوكالة الاستخبارات السوفييتية.ونقلت "القناة الأولى" الإسرائيلية، عن "ميتروخين" قوله: إن "عباس الذي كان عضو اللجنة التنفيذية في فتح عام 1983 ومركزه العاصمة السورية دمشق، تعامل مع الكي جي بي وكان لقبه (كروتوف) والتي تعني خلند أو جاسوس بالعربية"، وذلك حسبما نقلت إذاعة "صوت إسرائيل".

وجاء في تقرير القناة، أن وثائق (ميتروخين) يعتبرها مسؤولوا الأجهزة الأمنية الغربية ذات مصداقية، وأنها ساعدت في الكشف عن مئات العملاء في الغرب.

ووفقًا لما كشفه المراسل أورن نهاري في تقريره الذي بثّ على "القناة الأولى" الإسرائيلية، فإن هذه المعلومات تعتمد على ملفات كشف عنها ميتروخين، وتشمل المستندات قائمة بأسماء مصادر ومساعدين ومتعاونين مع جهاز الاستخبارات السوفييتي الكي جي بي من العام 1983، ومن بين هذه الأسماء محمود عباس".

ومن المعروف أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عاش فترة في موسكو لأجل إنهاء أطروحة الدكتوراه بموضوع الهولوكوست، كما عمل السوفييت على تجنيد مواطنين أجانب تعلّموا في مؤسساتها الأكاديمية إلى صفوف أجهزتهم الاستخباراتية، وفق ما ذكره موقع "i24" الإسرائيلي.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نشرت في تقريرٍ لمراسلها بيتر بيكر، أن رئيس السلطة الوطنية يشترك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكثير من القواسم المشتركة، أكثر من اهتمامهما بمحادثات السلام في الشرق الأوسط، ومن أهمها عملهما معًا مع المخابرات السوفيتية "كي جي بي".

وتضيف الصحيفة في تقريرها، أن الإشارة إلى وجود اسم عباس على وثيقة لها علاقة بموسكو قبل ثلاثة عقود ربما تظل أمرًا مثيرًا لفضول المؤرخين، مستدركةً بأن هذا الحديث يتزامن مع محاولات الرئيس بوتين ترتيب لقاء بين عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث زار إسرائيل مبعوث روسي هذا الأسبوع، والتقى نتنياهو، إلا أن القادة الإسرائيليين والفلسطينيين على خلاف يمنع من عقد الاجتماع في المستقبل القريب.

وينقل المراسل بيتر، عن أحد الباحثين في معهد "ترومان" في الجامعة العبرية جدعون راميز، قوله: "نعتقد أنه من المهم الآن في سياق المحاولة الروسية لترتيب قمة بين عباس ونتنياهو، معرفة أن عباس انضم لـ(كيه جي بي) في الماضي، مثل الرئيس الروسي بوتين".

وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن الباحثين كانا كشفا عن الوثيقة للقناة الأولى الإسرائيلية، وتقول زميلة راميز في البحث إزابيلا غينور: إنّ "ماضي عباس مهم؛ نظرًا لاستمرار التأثير الروسي عليه"، وتضيف "لا نعرف ماذا حدث لاحقًا، وما إن استمر أبو مازن بعمله وخدمته للسوفييت، لكنه يترأس الآن السلطة الوطنية الفلسطينية".

ويفيد "بيكر" بأن المسؤولين الفلسطينيين يناقشون بأن عباس لم يكن بحاجة لأن يكون عميلًا للسوفييت؛ لأن منظمة التحرير الفلسطينية كانت تعمل هناك بشكل مفتوح في الاتحاد السوفييتي، وقالوا: إن "بناء عباس صداقة مع السوفييت جعله المنسق الحقيقي معهم".

وتكشف الصحيفة عن أن الوثيقة التي تذكر اسم عباس هي واحدة من بين آلاف الملفات التي وصلت إلى المخابرات البريطانية، والتي قدمها العميل السوفييتي السابق فاسيلي ميتروخين، الذي شعر بالخيبة، وقضى سنوات طويلة وهو ينسخ الوثائق السرية، وجمع خلالها ثروة من المعلومات التي قدمها للمحللين الغربيين والمؤرخين، وأصبحت تُعرف بأرشيف ميتروخين، وكُتب عنها كتابان، وهي محفوظة في مركز أرشيف تشرتشل في جامعة كامبريدج، وسمح للباحثين بالاطلاع عليها العام الماضي.

ويبين الكاتب أن الوثيقة لا تذكر أي معلومات عن مكان تجنيده، أو كيفيته، أو ماذا قدم لـ"كيه جي بي"، وعما إذا كان قد تلقى أموالًا عن خدماته، وكم قضى معها من الوقت، مُستدركًا بأن الباحثين (راميز وغينور) لاحظا أن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوجدانوف، كان في الوقت ذاته الذي تتحدث عنه الوثيقة يعمل في محطة دمشق.

وتابعت أنه بحسب السيرة الخاصة لبوجدانوف في الخارجية، فإنه عمل في دمشق في الفترة ما بين 1983 -1989، وعاد مرة أخرى في الفترة ما بين 1991-1994، وقال الباحثان: "لا نستطيع القول إنه عمل مباشرة مع عباس في ذلك الوقت، لكننا نفترض أنه عرف عنه مع مرور الوقت؛ لأنه كان خبيرًا في الشرق الأوسط".

واختتمت "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى تأكيد (راميز) أنه لا يحاول التأثير على عباس، وفي الحقيقة فهو من مؤيدي المحادثات مع الفلسطينيين، لكن ليس برعاية الروس، قائلًا: إنها "ليست فكرة جيدة"، ويضيف "لهذا قلنا إن الوقت جيد للحديث بشكل علني عن هذا الاكتشاف".

فلسطين ترد

من جهتها، اعتبرت الرئاسة الفلسطينية أن المعلومات التي نشرها التلفزيون الإسرائيلي والتي يتهم فيها الرئيس محمود عباس بأنه كان عميلًا للاستخبارات السوفييتية في الثمانينات، تندرج في إطار "السخافات".

وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة لوكالة الأنباء الفرنسية: إن "تقرير التلفزيون الإسرائيلي يندرج في إطار السخافات الإسرائيلية التي اعتدنا عليها"، معتبرًا في الوقت نفسه أنها مناورة إسرائيلية بهدف إضعاف جهود الوساطة الروسية في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.

واعتبر أبو ردينة أن هذه المعلومات "تندرج في إطار حملة تشويه إسرائيلية وإقليمية ضد الرئيس محمود عباس، بهدف إضعاف الموقف الفلسطيني الثابت بوجوب حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف وحل كافة قضايا الوضع النهائي".

وأضاف "واضح أن إسرائيل منزعجة من العلاقة الاستراتيجية المتينة مع روسيا ومن الموقف الروسي الواضح والمعلن الذي يدعو إلى حل للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة وحق شعبنا بتقرير مصيره".

وأكد أن ميخائيل بوجدانوف، مبعوث روسيا لعملية السلام "يمثل سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في دعم حقوق الشعب الفلسطيني وهو صديق لشعبنا وعموم القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس أبو مازن".

محض هراء

من جانبه، قال جبريل الرجوب: إن "ما جاء في التقرير هو محض هراء"، معتبرًا أنه لا يستهدف إلا إضعاف رئيس السلطة الفلسطينية.

وتساءل الرجوب "كيف يمكن لعباس أن يكون عميلًا للكي جي بي إذا كان الاتحاد السوفييتي في تلك الفترة حليفًا استراتيجيًا للفلسطينيين والأقرب لهم من بين دول العالم؟".

كما اعتبر القيادي الفتحاوي حسين الشيخ، أن هذا جزء من المعركة التي فتحها الإسرائيليون ضد عباس رغبة منهم في عدم إحراز تقدم.

من جهة أخرى، صرح قيادي فلسطيني، فضّل عدم ذكر اسمه، "لا نستغرب هذه الحملة ضد الرئيس عباس، ولا نزال نتوقع أكثر من ذلك".

وأوضح "أن إسرائيل فعلت مثل هذا وأكثر بالرئيس عرفات وهو محاصر في مقر القيادة برام الله عام 2002، وقد صرفت مئات ملايين الدولارات على وسائل إعلام عالمية وعربية لتشويه صورته الثورية وسيرته النضالية".

شارك الخبر على