عشنا.. وتذكرنا كاسات العالم ٢

أكثر من سنة فى الإتحاد

- «شوابنا» المتخَيلون عام 2026 اللهم أبعد عنا الشيب والعيب، يظلون يتحرطمون قبل المباراة، وبعد المباراة، غير أن الموضوع ضائع، وكأنهم ينازعون الريح، ويبقون يتراهنون على لا شيء، هي كلمة يقولها الواحد: «طيب.. تراهن»! بعدها يسلّ كل واحد منهما يده، ولا تبقى إلا الكلمات الجوفاء الطائرة.- أفراد الجماعة، يصعب عليهم المكوث الطويل، تجد الواحد منهم كل ربع ساعة، يربع غرباً أو يركض شرقاً، ويتذمر إن طال الانتظار أو يتلفت يمنة ويسرة يريد أن يحسد أحداً، فلا يجد إلا مثله وشرواه أو يحاول تذكر قصص من النهار اختزنها ليغتاب شخصاً بعينه في المساء، لكنه لا يتذكر القصة، وتهرب من رأسه الشخصية، فلا يبقى في قاع الذاكرة إلا منازعات «أم أحمد» المتكررة.- أولهم ذلك المتدثر، يبدأ بكحة غير متعمدة، ويظل يطلب من ذلك النادل الذي شاخ في مطبخه كل وقت وحين شربة ماء دافئ، فيعجز ذلك الهندي الذي ظل يخدمنا طويلاً، وقد شاخ أبكر منا، من تكرار الذهاب والعودة، فيقطع المسألة بماء من «ولف» المطبخ، تبدو فقاعاته واضحة للعيان، وملتصقة بالكأس الزجاجي، ويمكن للبعض أن يميزه قبل أن يتذوقه، بعضهم يظل يتحنحن، ويسلك الشعب الهوائية بين كل لحظة وحين، ودون سبب واضح، وكثير منهم يطلب بأدب من القائم على الخدمة، الذي ملّ من طلباتنا ومتطلباتنا الدائمة وبدون داع، تخفيف برودة المكيف، وبعد فترة يصرخ أحدهم: «قلنا له يا أخي يبَنِّد المكيف هذا»! وحين يرد علينا: «آي دو سير لونغ تايم أكو»! يقول الذي طَوّل صوته: «مب.. كأنها دخلت علينا المربعانيات»!- وزرة فرقة المشاهدين الكرام، كل ما قام الواحد منهم نَصْلَت إلا من رحم ربي، ومن بدأ يستخدم «الشيط ميط»، تجد الواحد يفتش عن نقّاله، ونقّاله على الطاولة، وهو يفتش عنه في جيوبه، وواحد ما عنده سالفة غير: «تتذكرون «ميسي»، هذاك اللعب، مب لعب الحين» فيسود ذلك التذكر الطفولي الجمعي فجأة بين المشاهدين الشواب: لا «مارادونا» هو الساحر، الحين نسيتوا «رونالدو»، «وين «بيليه»، وين «اليزيبيو»، وين «لاتو» و«رومنيغيا»، يا سلام عليك يا «بلاتيني وزيدان»، «لا تنسوا المدافعين مثل «بريغل»، وإلا الكماشة الإيطالية، وذلك المعصقل المجنح «انخيل دي ماريّا»؟- يبدو فريق الشواب المشاهدين الذين كانوا يحتفلون بلبس فانيلات المنتخبات التي يشجعونها، اليوم لا يستطيع الواحد منهم أن يحضر دون أن يلبس «صديري» أو يرضف على ظهره طقم «كندورة وكوت»، ويكون «مزلغ»، ولو لقى «زربول» من الصوف ما توانى عن لبسه، خوف هجوم أي نسمة باردة ومباغتة، والتي يمكن أن ترقد الشويبة ثلاثة أيام!- فريق المشاهدين الشواب يظلون يتذكرون من مر عليهم في حياتهم من مشجعات في مدرجات بطولات كاس العالم السابقة، وسلبن لبهم طيلة المباريات في سنوات الصبا ونار الغضا وأغاني طلال ومحمد عبده، منهن، الشيرازية التي تشبه قطة خاتلة، والكرواتية المشاغبة، والأرجنتينية المهادنة، والإسبانية الفاتنة، والروسيات والإيطاليات والبرازيليات بصيغة الجمع، لأنه من الصعب أخذهن بصيغة المفرد، واللاتي كن يجعلن الملاعب واللحى تغلي، والصوت يبح من التشجيع، وأمنيات الفوز لكي لا ينكسر الخاطر، ويصبح أي واحد منهم مثل اليتيم العطشان!- إيييييه.. سقى الله أيام زمان! أيام السيكار الكوهيبي، ومرش دهن الورد، و«تولة» العود الهندي التي تثور على جمر المدخن، يومها لا أحد يعطس، ولا يكح، ولا يشكو من حساسية أنف وعظم ومفصل، ليس فينا غير العافية، ولا نرى غير السماء الصافية، والفرح بمباريات كاس العالم.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على