«الجونة السينمائي» يمنح الناقد اللبناني إبراهيم العريس جائزة الإنجاز الإبداعي

ما يقرب من ٨ سنوات فى التحرير

أعلن مهرجان الجونة السينمائي عن منح "جائزة الإنجاز الإبداعي"، للناقد السينمائي اللبناني الكبير إبراهيم العريس، حيث سيتم تسليمه الجائزة في حفل افتتاح المهرجان بحضور نخبة من النقاد والسينمائيين العرب والعالميين، وذلك تقديرًا لإسهاماته المشهودة في مجال النقد السينمائي فى المنطقة العربية.

يأتي ذلك في إطار احتفاء الدورة الأولى من مهرجان الجونة بمبدعين كبار في شتى المجالات السينمائية، حيث تم الإعلان أولاً عن تكريم النجم الكبير عادل إمام، وأعقبه الإعلان عن تكريم الممثل المتميز فوريست ويتيكر، والذى سيتسلم جائزته خلال حفل الختام.

وكانت إدارة المهرجان كانت قد قررت تكريم ثلاث شخصيات سينمائية، إحداها شخصية مصرية والثانية عربية والثالثة دولية خلال الدورة الأولى للمهرجان، وهي شخصيات هامة أثرت المشهد السينمائي بمختلف أوجهه على مدى سنوات طويلة، ومن بينها النقد السينمائي، الذي يشكل ركيزة أساسية فى رصد التجارب السينمائية، وعكس مدى نهضتها وتطورها نحو الأفضل.

وحول اختيار الناقد السينمائي إبراهيم العريس للجائزة هذا العام، قال انتشال التميمي، مدير المهرجان، في تصريحات صحفية، إن «العريس» يُعتبر قامة سينمائية كبيرة، أسهمت في ترسيخ مكانة السينما العربية في المحافل الدولية، سواء من خلال مقالاته النقدية المتميزة، أو دوره الثقافى البارز، لافتًا إلى أن هذه الجائزة تعد اعترافًا بإنجازاته الكبيرة التي خدمت صناعة السينما العربية على مدار أكثر من 50 عامًا".

وأضاف: تكريم إبراهيم العريس هو في الوقت نفسه تكريم لجيل من النقاد والسينمائيين الرواد فى الوطن العربى، حيث يحضرنا ذكرى كل من النقاد سمير فريد، وخميس الخياطي، وعدنان مدانات، وسامى السلامونى، وغسان عبد الخالق، ومصطفى المسناوى، وسمير نصرى، وقصيّ صالح الدرويش، وعلى أبو شادى، وكمال رمزى، ونور الدين صايل.

واستطرد: "كل من تابع كتابات العريس يشهد أنها تجاوزت حدود النقد السينمائي لتنتقل إلى آفاق أوسع، وهو ما يظهر جليًا فى العديد من كتبه ودراساته ومحاوراته". فالعريس لا يكتب فى مجال السينما فقط، إنما امتدت مساهماته فى مجالات ثقافية، واجتماعية، وفكرية، وسياسية مختلفة، فكان مثالًا صارخًا وبارزًا للمثقف المتميز.

وفى شهاداته التى قدمها عبر برامج تليفزيونية وإذاعية قال العريس: "منذ طفولتي عشت فى جو فني وأدبي، ولأننى سافرت كثيرا وعشت فى الخارج اطلعت على فنون وثقافات عالمية عبر مشاهدة الأفلام وقراءة الكتب، فتراكم لديّ حصيلة حول كيفية استساغة شعوب العالم للفنون عمومًا، وفى النظريات العلمية يقال إنه لا يضاف للكون شىء ولا ينقص منه شىء، لكن الإنسان استطاع أن يضيف الكثير والكثير لهذا الكون عبر ألف عام".

وأعرب «العريس» عن سعادته لدى تلقيه خبر حصوله على جائزة "الإنجاز الإبداعي" من مهرجان الجونة في دورته الأولى قائلا: "إنه لشرف كبير أن أحظى بهذا التكريم من مهرجان أرى أنه سيشكل نقطة تحول في المنطقة العربية تجاه السينما كتعبير عن الحداثة، وانعكاس لدور مصر المحوري في العالم العربي".

يُذكر أن إبراهيم العريس باحث في التاريخ الثقافي، وكاتب صحفي، وناقد سينمائي، ومترجم، ولد في بيروت عام 1946، ودرس الإخراج السينمائي في روما، والسيناريو والنقد في لندن، ويعمل فى الصحافة منذ عام 1970، ويرأس حاليًا القسم السينمائي في جريدة «الحياة اللندنية»، حيث يكتب فيها زاوية يومية حول التراث الإنساني وتاريخ الثقافة العالمية، كما ترجم نحو 40 كتابًا ودراسة عن الفرنسية، والإنجليزية، والإيطالية في السينما، والفلسفة، والاقتصاد، والنقد، والتاريخ.

ومن أهم مؤلفاته: "رحلة في السينما العربية"، و"مارتن سكورسيزي: سيرة سينمائية"، و"يوسف شاهين: نظرة الطفل وقبضة المتمرد"، و"السينما التاريخ والعالم"، و"السينما العربية: تاريخها ومستقبلها ودورها النهضوي"، و"سينما الإنسان: قراءة في حياة وأعمال عدد من المخرجين"، وأخيرًا موسوعة "السينما والمجتمع في الوطن العربي" التي صدر جزآها الأول والثاني من مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، ويجري الاستعداد حاليا لإصدار الجزء الثالث والأخير منها.

كما ينشر إبراهيم العريس موسوعة تراث الإنسان في 12 مجلدا، تضمنت حتى الآن مجلدا خاصا بـ"تاريخ السينما فى 100 عام"، والذى يعد قراءة نقدية لمئة فيلم أجنبى، اعتبرها العريس منعطفات أساسية فى تاريخ السينما، علما بأنه يقدم لقارئه رحلة شيقة فى الجغرافيا، والروح، والفضاءات السينمائية المتنوعة امتدادا إلى حدود التناقضات الجمالية أحيانًا، والمتكاملة أحيانًا أخرى فى صياغة لغوية متميزة.

إضافة إلى كتابة "تراث الإنسان ألف عام من الفن التشكيلى"، وفيه  تناول أعمالًا خالدة وأساسية، شكلت معلمًا هامًا في تاريخ البشرية على جميع الأصعدة الفكرية، والسياسية، والفلسفية، والأدبية، كما وعلى صعيد الفنون بما في ذلك الفنون المسرحية، والسينمائية، والرسم، والنحت، وفي إطار نظرة تحاول أن تقدم رؤية جديدة، تعطي المكانة الأهم تمجيدًا للدور الذي يلعبه الفرد في بناء الحضارة الشاملة، بغض النظر عن انتمائه، أو جنسيته، عربيًا كان أم أعجميا... إفريقيًا أم أوروبيًا... أم أمريكيًا أو آسيويا، لتطغى الأهمية على ما يقدمه من نموذج... فليس هناك حدود بين شكسبير، ونجيب محفوظ، وباخ، وماهلر، وأولى الروايات اليابانية، وآخر الأشعار الإفريقية، بالنسبة للغاية وهي كأنها جميعا تشترك في بناء وتكوين تاريخ وتراث البشرية.

ومن أجزاء "تراث الإنسان" الأخرى التي صدرت بالفعل عن "مركز الشيخ إبراهيم آل خليفة" في البحرين: "ألف عام من الموسيقى"، و"ألف عام من الأوبرا" ، و"ألف عام من الفكر السياسى"، وغيرها.

وتشكل هذه الموسوعة خلاصة تجربة العريس كناقد وباحث ومرجع في العديد من الفنون والفكر الإنساني.

كما قدم العريس العديد من المؤلفات الأخرى مثل: "الحلم المعلق: سينما مارون بغدادي"، وهو محاولة أولية لقراءة أفلام مارون بغدادي في ارتباطها بحياته القصيرة (1950 – 1993)، وفيه يتابع الناقد إبراهيم العريس مسار سينما هذا المخرج الذي يُعتبر أحد أبرز مؤسسي تيار التجديد في السينما اللبنانية، منذ فيلمه الروائي الطويل "بيروت يا بيروت" وصولاً إلى فيلمه الأخير "فتاة الهواء"، مرورًا بالعديد من الأفلام التي أخرجها بين لبنان وفرنسا التي عاش فيها سنواته الأخيرة، ويتوقف عند أبرز مشاريعه التي لم يتح له إنجازها ومنها مشروع فيلمه الأخير "زوايا" الذي كان من المفترض أن يبدأ تصويره في لبنان، كنوع من المصالحة مع الوطن، حين قضى في حادث مؤسف عام 1993.

وللعريس أيضا كتاب "الصورة الملتبسة" عن تاريخ السينما اللبنانية، وكتاب "الصورة والواقع: كتابات فى السينما"، و"لغة الذات والحداثة الدائمة"، وغيرها من الأعمال.

شارك الخبر على