إرهابيّو «عين الحلوة» قرّروا الانتقال الى الهجوم

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

 ناجي سمير البستاني -بالأمس القريب كشفت التحقيقات التي أجرتها الجهات الأمنيّة الرسميّة المُختصّة مع أفراد خليّة إرهابيّة كبيرة كانت تُخطّط للقيام بأعمال إرهابيّة تستهدف أكثر من معلم سياحي وتجاري في لبنان، إضافة إلى مواقع مدنيّة وعسكريّة، أنّ «العقل المُخطّط» للخليّة المذكورة هو المصري فادي إبراهيم أحمد (مُلقّب بإسم «أبو خطاب») الموجود في حيّ حطّين في مخيّم «عين الحلوة».
وقد عمل «أبو خطاب» على تزويد هذه الخليّة بالدعم المالي واللوجستي لتمكينها من رصد الأهداف المُحدّدة، ومن العمل على التحضير لإستهدافها أمنيًا عندما تسنح الفرصة بمُجرّد تلقّي «الضوء الأخضر» بذلك. وكانت تحقيقات سابقة قد كشفت أنّ خليّة إرهابيّة أخرى كانت تُحضّر بدورها لتنفيذ تفجيرات إرهابيّة تستهدف مطعم الساحة في بيروت وقاعة الواصلين في مطار رفيق الحريري الدَولي في خلال شهر رمضان السابق، وذلك بتوجيهات وبدعم لوجستي مُباشر من داخل مخيّم «عين الحلوة» وتحديداً من قبل الإرهابي خالد السيّد.
وما أن قامت الأجهزة اللبنانيّة بعرض جزء من إثباتاتها وبراهينها على القيادات الفلسطينيّة المعنيّة في المخيّم، حتى جرى مطلع تمّوز الماضي تسليم الإرهابي خالد السيّد إلى وحدة من جهاز الإستخبارات حضرت إلى أحد مداخل المخيّم. وقد لعب الدور الحاسم في عمليّة التسليم في حينه مسؤولون من حركة «حماس» وكذلك من «عصبة الأنصار». فهل سيتمّ تسليم الإرهابي فادي أحمد بالطريقة نفسها؟
مصدر أمني مُطلع لفت إلى أنّ المُشكلة الأبرز التي تُواجهها السُلطات اللبنانيّة التي إتخذت قراراً حاسماً بإنهاء الحالات الشاذة في مخيّم «عين الحلوة»، لجهة العمل على تسلّم الإرهابيّين من دون أي تأخير إضافي، نظراً للأخطار المُحدقة التي ثبت أنّهم يُشكّلونها على الأمن والإستقرار في لبنان، تتمثّل في الخلافات الداخليّة الفلسطينيّة.
وأوضح أنّ صراع الفصائل الفلسطينيّة المُختلفة على النُفوذ يعيق حلّ ملفّ المطلوبين والفارين من العدالة، مُشيراً إلى أنّ بعض الخلافات هي أيضاً بين أجنحة مُتعدّدة ضمن الفصيل الواحد، ومُشدّدًا على أنّ هذا الوضع غير مقبول على الإطلاق لأنّ الإرهابيّين لم يكتفوا باتخاذ بعض أحياء «عين الحلوة» ملجأ مُحصّناً لهم، بل عمدوا أخيراً إلى الإنتقال من موقع الدفاع إلى موقع الهُجوم حيث جرى رصد تحضيرات بالجملة لضرب الإستقرار اللبناني بأوامر وتسهيلات مُباشرة من بعض المطلوبين المختبئين في «عين الحلوة». وتابع المصدر الأمني نفسه كلامه بالقول إنّ الخلافات الفلسطينيّة ـ الفلسطينيّة أخّرت تشكيل «اللجنة المُشتركة» التي كان جرى التوافق على تشكيلها خلال إجتماع عُقد في مقرّ السفارة الفلسطينيّة في بيروت في الماضي القريب، علماً أنّ هذه اللجنة مُكلّفة مُتابعة ملفّ المطلوبين داخل المخيّم، لجهة بحث أفضل وأسرع السُبل لتسليمهم إلى السُلطات اللبنانيّة.
وكشف المصدر الأمني المُطلع أنّ الخلافات الفلسطينيّة الداخليّة، دفعت بعض القوى إلى المُطالبة بجلب مُقاتلين ينتمون إلى «الجبهة الشعبيّة ـ القيادة العامة» من كل من مخيّم الناعمة جنوب بيروت، ومخيّم قوسايا في البقاع الأوسط، إلى «عين الحلوة» للتعامل بالشكل العسكري المُناسب مع المطلوبين والإرهابيّين، طالما أنّ القوى الفلسطينيّة الحالية داخل المخيّم عاجزة عن حسم الوضع.
وأضاف أنّ هذا الإقتراح لقي إعتراضات عدّة، منها لبنانيّة لأسباب سياسيّة، ومنها فلسطينيّة لا سيّما من قيادات حركة «فتح»، نتيجة إعتبارات خاصة بتوزّع السيطرة والنفوذ على المخيّمات الفلسطينيّة المُختلفة في لبنان، مُذكّراً في الوقت عينه بأنّ حركة «فتح» سبق وأن قامت ـ بعيداً عن الأضواء وبتسهيل لبناني، في الأشهر القليلة الماضية، باستقدام مُقاتلين مُوالين لها من مخيّمي الرشيديّة والبرج الشمالي في منطقة صُور إلى «عين الحلوة» من دون أن يُؤدّي هذا الإجراء إلى إحداث تغيير ميداني مُهم على الأرض.
وشدّد المصدر الأمني المُطلع نفسه على أنّ حسم ملفّ المطلوبين والإرهابيّين في «عين الحلوة» يستوجب إجراءات عسكريّة ميدانيّة من جانب حركة «فتح» والقوّة الفلسطينيّة المُشتركة، ويتطلّب في الوقت عينه غطاء سياسيًا من جانب القوى الإسلاميّة التي لا تُوافق على تنفيذ أعمال إرهابيّة ضُد أهداف مُختلفة في لبنان من قبل بعض المُتشدّدين الذين يختبئون تحت الرايات الإسلاميّة في المخيّم.
وعمّا يُمكن أن يحصل مُستقبلاً، لفت المصدر الأمني المُطلع إلى أنّ السُلطات اللبنانيّة ترفض رفضًا قاطعاً خروج أيّ مطلوب لُبناني من دون مُحاكمة، لكنّها لا تُمانع من حيث المبدأ التفاوض على تسوية تؤمّن خروج المطلوبين والمشبوهين من غير اللبنانيّين، في حال تأمّنت تسوية بهذا المعنى مع الدول التي ستتكفّل باستضافتهم في أراضيها. وقال إنّ مُشكلة المطلوبين الفلسطينيّين والسوريّين ومن جنسيات عربية أخرى تكمن بالتالي في المكان الذي سيُنقلون إليه في حال وافقت السُلطات اللبنانيّة على خروجهم من دون مُحاكمة تسهيلاً لإعادة الإستقرار إلى المخيّم. وأشار إلى أنّه من الضروري تفعيل عمل اللجنة التي جرى التوافق على تشكيلها والمُكلّفة التنسيق والتواصل المفتوح مع الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة في صيدا والجنوب، برئاسة أمين سرّ حركة «فتح» العميد ماهر شبايطة، للوُصول إلى حلول وتسويات منطقيّة.
وأشار المصدر الأمني المُطلع إلى أنّه في الوقت المُستقطع ستُواصل السُلطات اللبنانيّة إتخاذ سلسلة من الإجراءات، وأبرزها:أوّلاً: إستكمال بناء الجدار الإسمنتي وأبراج المُراقبة في محيط المخيّم، وتحديدًا لجهة «درب السيم»، بعد أن كانت إعتراضات سابقة قد أوقفت العمل به ظرفيًا.
ثانياً: تشديد الإجراءات الأمنيّة على الحواجز، وتفعيل عمليّات التدقيق والتحقيق، بعد أن تبيّن وُجود أكثر من سيارة من طراز «ميني فان» و«بيك آب» جرى تعديلها لتسهيل عمليّات التهريب من المخيّم وإليه، منها مثلاً تحويل خزّان لنقل المياه إلى جيب تحميل كبير مموّه بأطراف تُملئ بالمياه بينما تجويفه يصلح لنقل البضائع والأسلحة، ومنها أيضاً سيارات نقل ركاب مُتوسّطة الحجم جرى تضمين هيكلها جيوبًا للتهريب مخفيّة ضمن قاعدة الهيكل وأسفل المقاعد، إلخ.
ثالثاً: تعزيز إنتشار قوى الجيش اللبناني بشكل واضح في محيط المخيّم، عن طريق نشر المزيد من الوحدات المُقاتلة، بهدف بعث رسائل واضحة وحازمة، لجهة جدّية القرار المُتخذ بضرورة حسم ملفّ المطلوبين والفارين والإرهابيّين داخل «عين الحلوة»، من دون مزيد من المُماطلة.
رابعاً: تكثيف الضُغوط السياسيّة على القوى الفلسطينيّة المُصنّفة مُعتدلة، لحثّها على التحرّك على الأرض داخل المخيّم لإعتقال المطلوبين، مع إبداء الإستعداد الكامل لتوفير أي دعم لوجستي مطلوب، حتى لو كان تسهيل نقل مُقاتلين فلسطينيّين من خارج «عين الحلوة» إلى داخل المخيّم، على الرغم من الضرر المعنوي الذي يلحق بالسيادة اللُبنانيّة من جرّاء هكذا قرارات تستوجبها الضرورة في بعض الأحيان.

شارك الخبر على