ماذا يريد أكراد العراق؟

أكثر من ٦ سنوات فى الشبيبة

أحمد المرشدلطالما اعتبرت الدولة الكردية المستقلة هدفًا لمعظم الأكراد المنتشرين في 4 بلدان وهي تركيا وإيران والعراق وسوريا، ما يجعلها أكبر قومية دون دولة في العالم، إلا أن مستقبل أكراد العراق في ضوء الاستفتاء الجديد في 25 سبتمبر المقبل، يكتب فصلًا جديدًا في مستقبل الشرق الأوسط.فهناك نحو 5 ملايين كردي عراقي يعيشون حاليًا في منطقة الحكم الذاتي الكردية شمالي العراق، والتي تتألف من 4 محافظات هي: دهوك وأربيل والسليمانية وحلبجة.ويرافق حلم إقامة «كردستان مستقلة» هدف آخر يتمثل في الحصول على الأراضي المتنازع عليها والممتدة من مدينة سنجار إلى غرب الموصل، وصعودًا نحو مدينة خناقين على الحدود الإيرانية، بالإضافة إلى محافظة كركوك الجنوبية الغنية بالنفط.إلا أن مساعي إقامة دولة كردية تواجهه العديد من العقبات، التي ينبغي تجاوزها على غرار تهديدها المباشر للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الذي ما يزال هشًّا.فرغم التوقعات شبه المؤكدة بأن عملية الاستفتاء محسومة مسبقًا، وذلك بحسب تطلعات حلم الشارع الكردي، والتي تأتي بعاطفية أكثر للاستقلال، باعتبار أنهم يناضلون لهذا الهدف منذ أمد بعيد، إلا أن مستقبل الإقليم يعدّ غامضًا في ضوء التقلبات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالمنطقة.وحال نجاح الاستفتاء، نجد أن الدولة الكردية المستقلة في العراق لن تكون مطلة على البحر، وبالتالي ستعتمد على تركيا أو إيران نظرًا لانفصالها عن العراق، في الوقت الذي يعتبر فيه الكثيرون أن سوريا بلد مقسّم بالفعل.فمن غير المرجح أن تدعم إيران خطط رئيس الإقليم، مسعود برزاني، لإعلان دولة كردية متاخمة لحدود مقاطعة كردستان التابعة لها (المعروفة باسم كردستان الشرقية).وتبدي الولايات المتحدة ترددها إزاء الاستفتاء، كما تأتي هذه الجهود في فترة زمنية أقل ما يقال عنها إنها سيئة، في ظل حرب مفتوحة في العراق وسوريا ضد تنظيم داعش.وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لعداء مسعود برزاني تجاه حزب العمال الكردستاني، خصم تركيا الكردي في تركيا وسوريا، أن يشكّل عنصرًا آخر لضمان قبول تركيا بمسألة إقامة دولة كردية مستقلة، برغم إعلان عدد من المسؤولين الأتراك رفضهم للاستفتاء.أما الاتحاد الأوروبي فتحفّظ على إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان، واعتبر أن مصلحة الشعب العراقي تقتضي بقاء العراق موحدًا.إلا أن خبراء يرون أن الإقليم يواجه آفاقًا قاتمة نتيجة الانتكاسات الاقتصادية والأمنية التي يتعرّض لها، إذ ما يزال تنظيم داعش يهدد المنطقة الكردية، بالإضافة إلى تقلبات أسعار النفط، الذي يعدّ المورد الرئيسي لميزانية الإقليم في ظل توتر العلاقات مع حكومة بغداد، ما أدى إلى تفاقم الأزمة المالية، التي ألقت بظلالها على المؤسسات في أربيل.وفي ظل ذلك، حاول الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، خلال زيارته الأخيرة لأربيل، إقناع رئيس إقليم كردستان، مسعود برزاني، بتأجيل الاستفتاء لفترة وإجراء مفاوضات بين أربيل وبغداد برعاية من المجتمع الدولي، إلا أن برزاني رفض ذلك.فمساعي الأمين العام للجامعة العربية تأتي في إطار وحدة الأرض العربية، في ظل مآسٍ وتقلبات سياسية تشهدها منطقة الشرق الأوسط مرورًا بالأزمة السورية والحرب على داعش، إضافة إلى زعزعة إيران لاستقرار المنطقة.ويرى مراقبون أن إمكانيات ومقومات الدولة ليست متكاملة لإعلان دولة الكرد المستقلة، فالخلافات ما تزال جوهرية بين الفصائل الكردية، بدليل إصابة البرلمان الكردي بالشلل، كذلك تردي الوضع الاقتصادي، الذي يعتمد على مساعدات الحكومة المركزية، وعدم صرف رواتب الموظفين منذ فترة طويلة.وأضافوا أن هدف الأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان العراق من طرح الاستفتاء هو امتصاص غضب الشارع المحلي وطمأنته بأنه ما يزال يناضل من أجله، ومن أجل الحصول على استقلاله، وأن ما يجري من ضغوط على المواطن، هو نتيجة للمطالبة باستقلاله، وهو بذلك ينأى، بنفسه على الأقل، عن أسباب التدهور الاقتصادي في الإقليم ومشاكله الأخرى ليحمّل الحكومة المركزية في بغداد أسبابها، وبالتالي فهذه الأحزاب تحاول تقوية مواقعها وتثبت أقدامها وتزيد من تعلق الشارع بها، الذي سيعتبرها الأكفأ في قيادة الأكراد لتحقيق أحلامهم.وفي ظل ما سبق، سيضيف الاستفتاء بشأن قيام دولة كردية مستقلة، الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى الانفصال عن العراق بحكم الواقع، إنْ لم يكن بحكم القانون، عنصرًا متقلبًا جديدًا إلى الساحة السياسية في الشرق الأوسط.كاتب ومحلل سياسي بحريني

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على