«تصريف الأعمال» في لبنان.. صلاحيات محدودة ومسؤولية مضاعفة
ما يقرب من ٣ سنوات فى الإتحاد
أحمد مراد (بيروت، القاهرة)
شدد خبراء ومحللون لبنانيون على ضرورة دعم حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي بغض النظر عن كونها «محدودة الصلاحيات»، مؤكدين أنه لا مفر من استمرار عملها حتى لا يكون هناك شغور في السلطة ولا تتعطل المصالح، مشيرين إلى أنه باستطاعتها تسيير الأمور حتى يتم انتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة جديدة بصلاحيات كاملة.وخلال الـ17 عاماً الأخيرة، وتحديداً في الفترة بين عامي 2006 و2022، شهد لبنان 6 حكومات تصريف أعمال، الأولى حكومة فؤاد السنيورة «2006 - 2008»، والثانية حكومة نجيب ميقاتي «2013 - 2014»، الثالثة تمام سلام «2014 - 2016»، الرابعة سعد الحريري «2018 - 2019»، الخامسة حسان دياب «2020 ـ 2021»، والسادسة حكومة ميقاتي الحالية.وعادة ما تكون حكومة تصريف الأعمال محدودة الصلاحيات إلى حد ما، فلا يمكنها اقتراح مشاريع قوانين أو توقيع معاهدات أو اتخاذ قرارات مصيرية ملزمة للحكومة التي تأتي بعدها.واعتبر المحلل والكاتب اللبناني باسل الخطيب، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن وجود حكومة بصلاحيات كاملة أفضل من وجود حكومة تصريف أعمال بصلاحيات محدودة، مشيراً إلى أنه يجب على الجميع إدراك أن الأزمة التي يعاني منها لبنان لم تكن لتُحل حتى لو تألفت حكومة جديدة.وأوضح أن النائب جبران باسيل، صهر الرئيس السابق ميشال عون، كان يسعى لتشكيل حكومة بشخصيات استفزازية بالنسبة لرئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، الذي رأى أن الهدف من إدخال هذه الشخصيات هو خلق حالة من التوتر داخل مجلس الوزراء، وبالتالي فضّل الإبقاء على حكومة تصريف أعمال.وتشكلت حكومة ميقاتي في سبتمبر2021، وبعد الانتخابات النيابية التي جرت في 14 مايو 2022 اُعتبرت مستقيلة، وفي 23 يونيو 2022 تم تكليف ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة من المجلس النيابي، لكنه لم ينجح بعد رفض رئيس الجمهورية لهذه التشكيلة، ومن وقتها أصبحت حكومة تصريف أعمال.وأشار المحلل اللبناني إلى أن إدارة حكومة تصريف الأعمال للبلاد بعد انتهاء ولاية عون لن تحدث فرقاً بالنسبة للبنانيين لأن الوضع الاقتصادي والمعيشي في الحضيض، والحكومة الحالية لن تحل الأزمة المالية، ولا حتى الحكومة التي كانوا يتحدثون عن تشكيلها.وأوضح أن هناك اقتناعاً لدى قسم كبير من اللبنانيين أن ما ينقذ البلاد حالياً ليس تشكيل حكومة فقط أو إقرار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بل عودة لبنان إلى الحضن العربي، خاصة دول الخليج التي ابتعد لبنان عنها منذ تولي ميشال عون للرئاسة.وشدد الخطيب على أن المطلوب حالياً انتخاب رئيس يُعيد صداقة لبنان مع دول الخليج العربي التي كان لها الفضل في دعم اقتصاد لبنان على مدى الأعوام الماضية.وقال: «حكومة ميقاتي باستطاعتها تسيير الأمور، وفيما يتعلق بمساعي لبنان للحصول على قروض وعقد اتفاقيات فإن الحكومة أقرت منذ أشهر خطتها مع صندوق النقد، ولكن مجلس النواب لم يوافق عليها حتى اللحظة، وبالتالي فإن التأخير في الحصول على قرض الصندوق يتحمل مسؤوليته النواب الذين يرون أن خطة الإصلاح المالي والاتفاق مع الصندوق النقد مجحفة، تحديداً لناحية تحمل الخسائر المالية، حيث تحمل الخطة قسماً كبيراً من الخسائر للمودعين في المصارف».وعلى مدى الأيام الماضية، شهد لبنان جدلاً سياسياً وقانونياً حول مدى دستورية تولي حكومة تصريف الأعمال لمهام رئيس الجمهورية، ويُعد النائب جبران باسيل رئيس «التيار الوطني الحر»، أحد أبرز المعترضين على ذلك، حيث يصفها بـ«حكومة ناقصة الصلاحيات»، وفاقدة لثقة المجلس النيابي، وبالتالي لا يمكنها أن تمارس صلاحيات الرئيس.وأوضحت المحللة والكاتبة اللبنانية ميساء عبدالخالق في تصريحات لـ«الاتحاد» أن لبنان لا يتحمل الفراغ الرئاسي والحكومي، وبالتالي لا مفر من تولي حكومة ميقاتي مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية لضمان أمن واستقرار البلاد، وحتى لا يزداد الوضع السياسي والاقتصادي سوءاً وتعقيداً.وشددت على ضرورة استمرار عمل ومهام حكومة تصريف الأعمال بغض النظر عن كونها محدودة الصلاحيات، حتى لا يكون هناك شغور في السلطة، ولا تتعطل مصالح اللبنانيين.