الإمارات وإندونيسيا.. حقبة جديدة من التكامل الاقتصادي
ما يقرب من ٣ سنوات فى الإتحاد
مصطفى عبد العظيم (دبي)
تدخل العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وإندونيسيا، الممتدة منذ عقود طويلة، حقبة جديدة من الازدهار والتعاون التجاري والاستثماري، يطمح خلالها البلدان للوصول بالتجارة الثنائية إلى نحو 37 مليار درهم سنوياً، وفتح آفاق واعدة أمام الاستثمارات المشتركة، لاسيما في ظل حرص واهتمام القيادة السياسية في البلدين على ترسيخ هذه العلاقات وتطويرها.ويعمل البلدان للانطلاق معاً نحو المستقبل، بشراكة اقتصادية شاملة، تم توقيعها مطلع يوليو الماضي، بين ثاني أكبر اقتصاد عربي وأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، ليشكلا قوة اقتصادية مؤثرة في المشهد الاقتصادي والتجاري الإقليمي والعالمي، بفضل ما يتمتعان به من مقومات وفرص مشتركة في العديد من القطاعات، خاصةً فيما يتعلق بمجالات الزراعة والطاقة والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، بالتوازي مع تشجيع التعاون المستقبلي في مجالات السياحة وريادة الأعمال والرعاية الصحية، والاقتصاد الإسلامي الذي بات يشكل أحد أبرز الركائز الاقتصادية المشتركة بين الجانبين في السنوات الأخيرة.وفيما يستهدف البلدان رفع التبادل التجاري بينهما من 3 مليارات دولار كما في العام الماضي إلى نحو 10 مليارات دولار سنوياً، بلغ إجمالي التجارة الثنائية بينهما خلال الفترة من عام 2000 وحتى عام 2021، نحو أكثر من 146 مليار درهم، بعد أن حقق قفزات نوعية بارتفاعه من نحو 2.14 مليار درهم في عام 2000 ليصل إلى 11.44 مليار درهم في العام الماضي، بنمو زادت نسبته على 434%، وفقاً لبيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.وأظهرت البيانات التي حصلت «الاتحاد» على نسخة منها، ارتفاعاً تدريجياً في التجارة الثنائية بين البلدين خلال العقدين الماضيين لتصل في عام 2005 إلى أكثر من 3.2 مليار درهم، قبل أن تتضاعف في أقل من ثلاث سنوات إلى 6.8 مليار درهم في عام 2008، ومواصلة ارتفاعها لتصل إلى 7.8 مليار درهم في عام 2011، وإلى 8.3 في عام 2013، وإلى 10 مليارات درهم في عام 2014، قبل أن تقفز مجدداً إلى 11.4 مليار درهم في عام 2021، بنمو نسبته 62% عن عام 2020.ووفقاً لبيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، بلغ حجم التجارة الخارجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا خلال النصف الأول من عام 2022 إلى 6.4 مليار درهم، مقارنة مع 4.94 مليار درهم في النصف الأول من عام 2021، بنمو نسبته 30%.وبحسب البيانات تشمل أهم 3 سلع يتم تصديرها من الإمارات إلى إندونيسيا الألومنيوم والخام والذهب الخام وبوليمرات البروبلين، فيما تشمل أهم 3 سلع يتم إعادة تصدريها أجهزة الاتصالات والسيارات وأجزاء المركبات الجوية، في حين تضم أهم سلع يتم استيرادها من إندونيسيا: الحلي والمجوهرات وأجزاؤها من معادن ثمينة، والسيارات وزيت النخيل والأخشاب والمنسوجات والشاي والبن والورق بمختلف أنواعه، والمعدات الكهربائية، والمطاط ومنتجاته.
الشراكة الاقتصادية الشاملةوتتويجاً للعلاقات التاريخية المتميزة، شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» وفخامة جوكو ويدودو رئيس جمهورية إندونيسيا في مطلع يوليو الماضي، مراسم تبادل اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين دولة الإمارات وإندونيسيا، لتشكل منصة جديدة لتسهيل تدفق التجارة البينية والتعاون البناء وتبادل الاستثمارات ونقلة طموحة في التعاون بين البلدين وقاعدة متينة تنقل العلاقات إلى مرحلة جديدة أسرع تنميةً وازدهاراً، بما يلبي تطلعات شعبيهما الصديقين.
تحفيز التجارة البينية وتهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وإندونيسيا إلى تحفيز التجارة البينية بين البلدين من نحو ثلاث مليارات دولار سنوياً في عام 2021، وصولاً إلى أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً في غضون خمسة أعوام، من خلال خفض أو إزالة الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع والخدمات، مما يخلق فرصاً جديدة للمصدرين والشركات من الجانبين. وبموجب اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، فإن أكثر من 80% من الصادرات الإماراتية إلى إندونيسيا ستحظى بإعفاء فوري من الرسوم الجمركية. وتسهم الاتفاقية في زيادة القيمة الإجمالية للتجارة في الخدمات بين البلدين وصولاً إلى 630 مليون دولار بحلول عام 2030 وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتسهيل ممارسة الشركات الإماراتية أنشطة الأعمال مع أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، والذي يُتوقع نموه نسبة 5.4% عام 2022، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.وتستهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا خلق مزيدٍ من الفرص في قطاعات الاقتصاد الإسلامي سريعة النمو، والذي تشير التقديرات إلى بلوغ قيمته 3.2 تريليون دولار بحلول عام 2024.
10 مليارات دولار وتؤدي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة إلى تسريع وتيرة ما تصل قيمته إلى 10 مليارات دولار من المشاريع الاستثمارية في القطاعات ذات الأولوية المشتركة مثل الزراعة والطاقة والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، بالتوازي مع تشجيع التعاون المستقبلي في مجالات السياحة وريادة الأعمال والرعاية الصحية.وتهدف الاتفاقية إلى تحقيق تقدم تكنولوجي سريع في قطاعات واعدة تشمل تكنولوجيا الطاقة النظيفة والمتجددة والحوسبة السحابية والأتمتة، مما يؤدي إلى مزيد من التقدم الاجتماعي والاقتصادي في البلدين. وستعمل الاتفاقية التاريخية على تعزيز مكانة الممر الجنوبي-الجنوبي للتجارة العالمية.وكانت دولة الإمارات وإندونيسيا أطلقتا المحادثات الرامية إلى التوصل إلى اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة خلال شهر سبتمبر عام 2021 ضمن رؤية مشتركة لتوسيع الفرص الاقتصادية، ودعم التعافي من جائحة «كوفيد 19» وإعلان مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، إضافة إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية في مختلف المجالات إلى آفاق جديدة.ويواصل البلدان التعاون بشكل أوثق عبر العمل معاً على مجموعة واسعة من المشاريع الاستراتيجية، بما يشمل أكبر محطة عائمة للطاقة الشمسية في العالم. كما تعهدت الإمارات بتقديم 10 مليارات دولار لهيئة الاستثمار الإندونيسية، وفي الوقت نفسه أصبحت الحكومة الإندونيسية أكبر جهة إصدار للصكوك في «ناسداك دبي» في مايو 2019.
فوائد مشتركةوتترجم اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وإندونيسيا نهج دولة الإمارات لبناء شراكات قوية متعددة الأطراف لاستدامة النمو الاقتصادي في إطار التزام مشترك بتحقيق الاستقرار والتنمية، حيث تسهم هذه الاتفاقية في الارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين إلى مستويات أرحب، إذ صُممت الاتفاقية لخفض الرسوم الجمركية أو إلغائها على معظم السلع، بالإضافة إلى تعزيز الوصول إلى الأسواق، وتحفيز التدفقات الاستثمارية الجديدة، وتوليد فرص إضافية في القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والتكنولوجيا المتقدمة، والرعاية الصحية، والبيئة، والتجارة الرقمية. كما ستساعد على نمو وازدهار الجيل المقبل من الشركات في البلدين.
تكامل اقتصاديومن شأن النمو المتوقع في النشاط الاقتصادي والتجاري وتدفق الاستثمارات بين البلدين عند دخول الاتفاقية حيز التنفيذ أن يعزز النمو والفرص على نطاق أوسع من خلال الدفع باتجاه تكامل اقتصادي أكبر بين الدولتين ليشمل القطاعات كافة، والذي سيسهم في زيادة الفرص أمام مجتمع الأعمال في الدولتين وتهيئة الأسس لمستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة للشعبين.
فرص جديدة للشركاتوتسرّع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات واندونيسيا الوصول إلى حقبة جديدة من التعاون التجاري عبر كل القطاعات، وتوفر فرصاً جديدة للشركات، وتسهل وصول المصدرين إلى الأسواق في البلدين.كما تسهم الاتفاقية في ترسيخ مكانة دولة الإمارات بوابةً عالميةً رئيسية لتدفق التجارة والاستثمار، وتحقيق خطط مضاعفة حجم الاقتصاد الوطني وصولاً إلى 3 تريليونات درهم بحلول عام 2030، وتعكس هذه الاتفاقية رؤية دولة الإمارات باستخدام التجارة والاستثمار كمحركين رئيسيين للنمو المستدام للاقتصاد الوطني، وسوف ترسي أسساً متينة لعلاقات أقوى عبر القطاعات الاقتصادية الرئيسية في البلدين، فضلاً عن تعزيز الصادرات وتشجيع تدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
إنشاء مركز لصيانة محركات الطائرات في إندونيسياأعلنت أمس شركة سند، الشركة الرائدة عالمياً في مجال الخدمات الصناعية والتي تمتد خبرتها لأكثر من 30 عاماً في قطاع الطيران، والمملوكة بالكامل لشركة مبادلة للاستثمار (مبادلة)، عن توقيعها مذكرة تفاهم مع شركة جي أم أف الإندونيسية، إحدى أكبر شركات الصيانة في قطاع الطيران في إندونيسيا خلال منتدى الأعمال الإماراتي، الذي أقيم على هامش مؤتمر مجموعة الأعمال في دول العشرين في بالي بأندونيسيا. وتتطلع مذكرة التفاهم إلى إنشاء مركز عالمي متطور لصيانة محركات الطائرات في إندونيسيا، وتأتي في إطار استراتيجية سند الهادفة إلى تأسيس شبكة عالمية متميزة لصيانة محركات الطائرات في أسواق النمو على المستوى العالمي، حيث تتميز إندونيسيا بموقع استراتيجي هام في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والتي تشهد نمواً كبيراً في حركة الطيران وطلباً متزايداً على خدمات عمرة وصيانة وإصلاح محركات الطائرات. ويعتبر المركز ثمرة مباشرة من ثمار اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين دولة الإمارات وإندونيسيا، والتي تهدف لتحفيز التجارة البينية بين البلدين لتصل إلى 10 مليارات سنوياً بحلول عام 2026.وتستفيد الاتفاقية الجديدة من قدرات الشركتين الكبيرتين في مجال صيانة المحركات لتوفير خدمات متميزة في سوق آسيا والمحيط الهادئ، أحد أسرع أسواق الطيران نمواً على المستوى العالمي. ووقع مذكرة التفاهم كلٌ من منصور جناحي، الرئيس التنفيذي لمجموعة سند، وأندي فخرروزي، الرئيس التنفيذي لشركة جي أم أف، وذلك على هامش مؤتمر مجموعة الأعمال في دول العشرين المقامة في بالي، إندونيسيا.ويبدأ التعاون بين الشركتين بتأسيس خدمات الصيانة الشاملة لمحركات سي إف إم، إحدى أوسع محركات الطائرات انتشاراً على المستوى العالمي، والتي تضم محركات «ليب» المستخدمة على طائرات الجيل القادم مثل «بوينج 737 ماكس» و«إيرباص A320 نيو»، وطائرات كوماك سي 919، في منشأة شركة جي أم أف في جاكارتا. ومن خلال هذا التعاون، ستوفر سند الكفاءات التشغيلية اللازمة عبر منشأتها المتطورة في أبوظبي.
«المالية» و«الصحة» تشاركان في اجتماع بـ«العشرين»شاركت وزارة المالية ووزارة الصحة ووقاية المجتمع في الاجتماع المشترك الثاني لوزراء المالية والصحة ضمن مجموعة العشرين (G20)، والذي عقد تحت الرئاسة الإندونيسية للمجموعة، يوم 12 نوفمبر الجاري.وناقش الاجتماع آخر التطورات المتعلقة بصندوق الوساطة المالية لتعزيز الوقاية من الأوبئة والتأهب والتصدي لها الذي تم إنشاؤه بدعوة من مجموعة العشرين والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، ولمناقشة أعمال الفريق المشترك بين المالية والصحة، بالإضافة إلى تحديد أولويات فريق العمل خلال العام المقبل تحت رئاسة الهند لمجموعة العشرين. وشارك في الاجتماع كل من معالي محمد بن هادي الحسيني وزير دولة للشؤون المالية، وسعادة الدكتور يوسف محمد السركال مدير عام مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، إضافة إلى عدد من وزراء المالية والصحة من الدول الأعضاء، والدول المدعوة، وممثلين عن المنظمات الدولية مثل مجموعة البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية.وخلال الاجتماع، أشاد معالي محمد بن هادي الحسيني بجهود مجموعة العشرين والجهات المعنية في إنشاء صندوق الوساطة المالية، والذي تعتبر دولة الإمارات أحد الدول المانحة المؤسسة له حيث قدمت مبلغ 20 مليون دولار أميركي للصندوق، وأشاد معاليه بجهود رئاسة إندونيسيا لمجموعة العشرين والمنظمات الدولية المعنية على إنشاء الصندوق في وقت قياسي وبشكل شامل. وقال معاليه: «حوكمة الصندوق تمكن الدول منخفضة الدخل المستفيدة من الصندوق من المشاركة في عملية صياغة القرار بشكل مباشر». وأكد معاليه خلال الاجتماع على ضرورة توسيع قاعدة الدول المانحة للصندوق لأهمية تعزيز الجاهزية وقدرة الاستجابة العالمية للأوبئة في المستقبل. وفيما يتعلق بأعمال الفريق المشترك بين وزارات المالية والصحة لدول مجموعة العشرين، شدد معالي محمد بن هادي الحسيني على ضرورة تكامل جهود فريق العمل مع مهام صندوق الوساطة المالية لتعزيز الوقاية من الأوبئة والتأهب والتصدي لها، حيث قال معاليه: «تمثل الحاجة لدعم الاستثمار في جاهزية القطاع الصحي وتعزيز قدرته على الاستجابة للأوبئة في المستقبل ضرورة ملحة تتطلب تكامل الجهود بين وزارات المالية والصحة».