الإمارات وإندونيسيا.. 46 عاماً من التعاون المشترك
almost 3 years in الإتحاد
هالة الخياط (أبوظبي)
ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة مع جمهورية إندونيسيا بعلاقات ثنائية طويلة الأمد قائمة على الالتزام المشترك بتحقيق التعاون في كافة المجالات، السياسية والاقتصادية والثقافية والتجارية والاستثمارية بين البلدين الصديقين.وتتفق سياسات البلدين في نبذ العنف والتطرف والعمل على تشجيع الحوار بين الأديان لجمع الشعوب مختلفة الأعراق والثقافات، والسعي المشترك نحو نشر قيم الإسلام السمحة الداعية إلى السلام والرخاء والوئام والتسامح الدائم. واستمراراً للعلاقات بين البلدين، شهد يوليو الماضي إبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين الإمارات وإندونيسيا بهدف توطيد العلاقات التجارية، وتحفيز التجارة البينية بين البلدين وصولاً إلى 10 مليارات دولار سنوياً في غضون الأعوام الخمسة المقبلة.وتؤسس الاتفاقية لمرحلة جديدة ونقطة انطلاق مهمة نحو المزيد من التعاون الاستراتيجي في مختلف القطاعات الحيوية، بما يسخر الإمكانات الكبيرة للبلدين لما فيه مصلحة ورخاء الشعبين الإماراتي والإندونيسي.
علاقات تاريخيةبدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين الإمارات وإندونيسيا في العام 1976، وفي أعقاب ذلك، افتتحت إندونيسيا سفارتها في أبوظبي في 28 أكتوبر من العام 1978 على مستوى القائم بالأعمال. وفي العام 2003، افتتحت إندونيسيا قنصليتها العامة لجاكرتا في دبي في فبراير من العام 2003، ومكتب ترويج التجارة في فبراير 2003، ومكتب ترويج الاستثمار الإندونيسي في 2010.وفي 10 يونيو 1991، افتتحت الإمارات سفارتها في جاكرتا، فيما افتتح مكتب الهلال الأحمر الإماراتي بجاكرتا في العام 1997، في إطار دعم ومساعدة الشعب الإندونيسي، وتقديم الدعم في المناطق التي تتضرر من الكوارث الطبيعية.فيما افتتحت الإمارات مكتباً للخدمات القنصلية في أغسطس 2014 في إندونيسيا بهدف تقديم خدمات قنصلية إلكترونية متميزة وسريعة، خصوصاً في مجال إرسال العمالة الإندونيسية للدولة، أعقبه افتتاح الملحقية العسكرية في جاكرتا، في أبريل 2019.
زيارات متبادلة انطلقت العلاقات الإماراتية الإندونيسية إلى آفاق جديدة، مع الزيارة التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لإندونيسيا في مايو 1990، وكانت بمثابة نقطة تحول في تقوية علاقات البلدين.وفي مايو من العام 2006، أجرى الرئيس الإندونيسي السابق سوسيلو بامبانغ يوديونو زيارة لدولة الإمارات.فيما أجرى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي زيارتين لإندونيسيا في أكتوبر 2010 ونوفمبر 2014. وفي سبتمبر 2015، أجرى الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو زيارة للإمارات.وفي 24 يوليو 2019، أجرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، زيارة لإندونيسيا. وفي نوفمبر 2021، استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو بقصر الشاطئ.وفي يوليو الماضي، استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو بقصر الشاطئ، حيث تم إبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة لتوطيد العلاقات التجارية البينية بين البلدين.
التعاون الاقتصاديأثْرت العلاقات التاريخية والزيارات المتبادلة بين البلدين التعاون الاقتصادي، إذ بلغت القيمة الإجمالية للتجارة البينية غير النفطية بين دولة الإمارات وإندونيسيا 3 مليارات دولار في 2021، وتحت مظلة اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين يمكن للتجارة البينية أن تتضاعف أكثر من 3 مرات، وصولاً إلى 10 مليارات دولار في غضون 5 سنوات.وتعد أهم الصادرات الإماراتية إلى إندونيسيا البترول، والكيماويات ومنتجاتهما، والألومنيوم ومصنوعاته، والحديد والفولاذ، والتمور، والمواد البلاستيكية.فيما تشمل أهم الواردات الإماراتية من إندونيسيا الأخشاب، والمنسوجات، والشاي، والبن، والورق بمختلف أنواعه، والمعدات الكهربائية، والمطاط ومنتجاته والعود، ومحركات ودراجات، والذهب والمعادن الثمينة ومصنوعاتها.وتتفق أبوظبي وجاكرتا على أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، خصوصاً في قطاعات التجارة والطاقة والأعمال والاستثمار في البنى التحتية، إضافة إلى المضيّ قدماً في تشجيع المشروعات التعاونية في قطاعات التعليم العالي والثقافة والسياحة والزراعة والنقل البحري، والمسائل الأمنية والأمن الغذائي، وفي مجال العلوم والتكنولوجيا والتمويل والثقافة الاجتماعية إلى جانب العمالة.وتتمتع إندونيسيا بإمكانات اقتصادية واعدة وتعتبر بيئة خصبة للاستثمار في مختلف القطاعات في ظل وجود ثروات لم يتم استغلالها، وتأمل إندونيسيا في استقطاب المستثمرين الإماراتيين عبر اللقاءات الثنائية واللجان المشتركة، مع التركيز على قطاعات الطاقة والثروة المعدنية والخدمات المالية والعقارات والبناء والتشييد، وسط تشجيع وتسهيلات استثمارية مشجعة.
نهج التسامحتشكل الإمارات وإندونيسيا نموذجين حقيقيين في مجال تطبيق مفاهيم التسامح، حيث نجحت إندونيسيا في صهر التعدد العرقي واللغوي والديني الناتج عن طبيعة الجمهورية التي تتشكل من أرخبيل يضم أكثر من 17 ألف جزيرة يتحدث سكانها بأكثر من 700 لغة، وتحويله إلى فرص تخدم أهدافها التنموية، وهو النموذج ذاته الذي قدمته الإمارات عبر احتواء أكثر من 200 جنسية على أرضها تتوافر لهم الحقوق والواجبات كافة التي تكفل تعايشهم بسلام، لتتحول الإمارات إلى إحدى أهم منارات التسامح في المنطقة عبر استضافة العديد من المناسبات والمؤتمرات وإطلاق العديد من المبادرات المرتبطة بتعزيز ونشر مفهوم التسامح في العالم.واتفقت دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا على أهمية نشر مفهوم التسامح منذ وقت مبكر، حيث أصدرتا في 2015 بياناً مشتركاً في اختتام زيارة للرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو لدولة الإمارات، أكدا خلاله أن تحقيق السلام والأمن والاستقرار في العالم يتطلب نشر الصورة الصحيحة عن الإسلام، وتشجيع الحوار بين الأديان لجميع الشعوب المختلفة الأعراق والثقافات والأديان.
امتداد العلاقاتفي أكتوبر 2020، وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ببناء مسجد يحمل اسم رئيس جمهورية إندونيسيا جوكو ويدودو، وكذلك إطلاق اسمه على أحد أهم شوارع العاصمة أبوظبي «تقديراً لصداقة الرئيس الإندونيسي المتينة مع دولة الإمارات ولجهوده في توثيق العلاقات الثنائية بين البلدين في مجالات عديدة».