سينمائيون إماراتيون.. يناقشون حدود الاتصال والانفصال بين الرواية والشاشة

ما يقرب من ٣ سنوات فى الإتحاد

إبراهيم الملا (الشارقة)
ما هي حدود التواصل والانفصال بين النصوص السردية، وشاشة العرض؟ ومن الذي استفاد أكثر من الآخر: الرواية أم السينما؟ وهل يمكن لكتّاب السيناريو التصرف بتفاصيل وشخوص الأعمال الروائية لاستيفاء الشروط البصرية والقياسية والزمنية للفيلم أو المسلسل التلفزيوني؟كانت هذه الأسئلة وغيرها محلّاً للنقاش والتداول بين السينمائيين الإماراتيين المشاركين في ندوة نظمتها ندوة الثقافة والعلوم بعنوان: «المعالجة السينمائية للأعمال الروائية»، مساء أمس الأول بالدورة 41 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، حيث شهدت الندوة مداخلات ثرية من السيناريست محمد حسن أحمد، والمخرجة نهلة الفهد، والمخرجة والفنانة نجوم الغانم، التي أشارت في مستهلّ حديثها إلى أننا لا يمكننا نسيان الحضور اللافت للروايات العالمية على الشاشة، مثل: ذهب مع الريح، والبؤساء، وعصر البراءة، والدكتور جيفاغو، والعرّاب، وآنا كارنينيا، وأوديسا الفضاء، وغيرها الكثير من الأفلام المنتمية أساساً إلى نصوص سردية ذائعة الصيت، وأضافت الغانم أن العلاقة بين الرواية والسينما هي علاقة تاريخية ومتجذّرة، ويزيد عمرها عن مئة سنة، وقد ازدهرت هذه العلاقة بسبب حاجة السينما لموضوعات أصيلة ومختلفة، حيث تعرّضت صالات السينما في بدايات القرن الماضي وتحديداً في فرنسا لأزمة بسبب نقص الموضوعات المطروحة في الأفلام، ولذلك تم تأسيس شركة حملت اسم: «شركة المؤلفين ورجال الأدب» لإمداد السينما بالموضوعات والقصص والنصوص الروائية. واستطردت الغانم قائلة إن السينما العربية والمصرية تحديداً عانت أيضاً من إشكالية نقص الأطروحات والمواضيع الرصينة، فاستعانت بأعمال روائية مرموقة مثل رواية: «زينب» لمحمد حسين هيكل، ولجأت تالياً لأعمال نجيب محفوظ، وإحسان عبدالقدوس، ويوسف إدريس، وعبدالرحمن الشرقاوي، ويحيى حقّي، وغيرهم، فباتت الأفلام المصرية في تلك الفترة من خلال الاحتفاء بالأدب الوطني، أكثر التصاقاً بالهوية المصرية، وأكثر قرباً من قضايا المجتمع وهموم الطبقة الفقيرة والفئات المهمّشة.
مكانة مميزةأشار السيناريست محمد حسن إلى أن الرواية في منطقة الخليج حجزت لها مكانة مميزة قبل انتشار السينما وصناعة الأفلام وظهور المهرجانات التخصصية فيها، وبالتالي فإن العلاقة بينهما لم تكن بذات القوة أو التواصل الإبداعي كما في السينماءات الأخرى الدولية والعربية، مضيفاً أن معظم الأفلام الروائية القصيرة والطويلة في الإمارات والخليج، وكذلك الأعمال الدرامية، كانت تخرج مباشرة من مختبر السيناريو لتصل إلى المخرجين والمنتجين سواء في مجال السينما أو التلفزيون، وكان الاقتباس من الأعمال الروائية الجاهزة وما زال إجراءً نادراً، وعلّل حسن السبب بأن المعالجة الدرامية أو السينمائية لهذه الروايات كانت تشهد تدخّل الروائيين أنفسهم في تفاصيل السيناريو واعتراضهم على التعديلات المتعلقة بشخصيات الرواية الأصلية وأحداثها ومجرياتها، وبالتالي -كما أشار حسن- فإن كتابة السيناريو مباشرة وبشكل مستقل عن أي اقتباس روائي كانت هي الأمر الأسهل والأنسب والأكثر استقلالية.
مراحل الاقتباسالمخرجة نهلة الفهد أوضحت أن قرّاء الروايات المشهورة والمتداولة بين الناس غالباً ما يضعون مقارنات غير منصفة عند مشاهدتهم للأعمال البصرية المقتبسة من هذه الروايات، لأنهم يغفلون عن نقطة مهمة وهي أن للفيلم شروطه الخاصة، وكذلك فإن المسلسل التلفزيوني الذي يمتد في كثير من الأحيان لثلاثين حلقة، له اعتبارات إنتاجية يجهلها قارئ الرواية، وبالتالي فإن الاقتباس من الأعمال الأدبية في منطقتنا بحاجة لتعديل إجرائي وقانوني، وهو عدم تدخل الروائي في تفاصيل العمل السينمائي والدرامي بعد بيعه لحقوق عمله الأدبي وموافقته على تحويله لمنتج بصري خاضع لمقاييس وخطط إنتاجية مختلفة، كما أنه منتج ينتمي لمفهوم صناعة الأفلام والمسلسلات ضمن عمل جماعي، يفترق عن طقوس الكتابة الإبداعية في نطاقها الشخصي أو الفردي.

شارك الخبر على