بعد عودة العلاقات.. هل توافق مصر على فتح مكتب لـ«حماس» في القاهرة؟

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

كتب- أحمد سعيد حسانين ومحمد عودة:

لم تمضِ ساعات قليلة على ما تداولته وسائل إعلام مصرية وفلسطينية، بشأن إنشاء حماس مكتبا لها فى القاهرة، حتى نفت الحركة على لسان متحدثها الرسمي صحة تلك الأنباء المتداولة.

وقال عدد من الخبراء والمحللين المتخصصين فى الشأن الفلسطيني، إن هناك انفراجة تشهدها العلاقات بين القاهرة وحماس فى الوقت الراهن، بعد الضغوط التى تعرضت لها الأخيرة خلال الفترة الماضية عقب إغلاق البوابات الشرقية الخاصة بقطر وتركيا، فيما ذهب آخرون إلى أن حماس خلقت أزمة عندما شكلت لجنة إدارية لإدارة قطاع غزة، ومنعت حكومة الوفاق الوطنى من أن تمارس مهامها.

أسامة شعث: المصالحة لحماس «ممر إجبارى».. ولا مشكلة لدى مصر فى وجود ممثل للحركة بالقاهرة

يرى الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية، ومستشار العلاقات الدولية، أن علاقة حماس بالقاهرة بدأت تتغير بسبب الظروف التى مرت بها الحركة مؤخرًا، خاصة بعد إغلاق البوابات الشرقية المتعلقة بقطر وتركيا، مشيرًا إلى أن حماس لم يبق أمامها إلا المنفذ المصرى باعتبارها الدولة العربية والإقليمية الوحيدة التى تستطيع أن تتعامل مع كل الملفات الفلسطينية، بدءًا من المصالحة الفلسطينية، ووصولًا إلى تبادل الأسرى مع الاحتلال أو غير ذلك من ملفات تخص الصراع مع الاحتلال.

وأضاف شعث أن المصالحة أصبحت لدى حماس بمثابة ممر إجبارى، لا سيما بعد مطالبة الرئيس أبو مازن بحل اللجنة الوزارية التى شكلتها حماس لإدارة قطاع غزة ومن ثم تسليم مقاليد السلطة، مشيرًا إلى أن وفد حركة فتح الذى وصل القاهرة ويضم عزام الأحمد، وحسين الشيخ، وروحي فتوح، لديهم الاستعداد الكامل لاستكمال بنود المصالحة وفقًا للاتفاقات السابقة فى القاهرة، واستطرد قائلًا: «المصالحة الفلسطينية أصبحت تسير الآن فى الاتجاه الصحيح بعد عودتها إلى حضن الدولة المصرية، والتى لا شك بأنها الدولة العربية المؤتمنة على القضية الفلسطينية».

وعن الأنباء التى تداولها البعض بشأن فتح مكتب لحماس فى القاهرة قال: «لا أعتقد أن مصر لديها إشكالية فى وجود ممثل دائم لحماس بالقاهرة، لتسهيل الاتصال مع قيادات الحركة فى غزة، وتسيير المهمة فى العديد من الملفات التى تخصها من الناحية الأمنية».

«الفرا»: المصالحة الفلسطينية لن تكون إلا في القاهرة

بينما قال الدكتور بركات الفرا، السفير الفلسطينى السابق لدى القاهرة، لـ«التحرير» إن دلالات ذلك تشير إلى وجود ثمة انفراجة بين القاهرة وحماس، وإلا كيف تستقبل القاهرة رئيس وأعضاء المكتب السياسى، فى الوقت الذى نرى فيه أن هناك تفاهمات بين الجانب المصرى وحركة حماس، ونتمنى أن تستمر تلك الانفراجة، وأن يغلق ملف التوتر بين الجانبين بكل ما له وما عليه وما يحتويه، وأن ينتهى إلى ما فيه مصلحة قطاع غزة ومصلحة القاهرة أيضًا.

وأوضح قائلًا: «من وجهة نظري، لدى مصر أكثر من دافع يجعلها تستوعب حركة حماس، بداية من اهتمام مصر بالقضية الفلسطينية، وتحقيق المصالحة على المستوى الفلسطينى، واهتمام مصر بالجانب الأمني، فالأمن القومي المصري مهم جدا، والمشكلات الكثيرة على الحدود بين سيناء وقطاع غزة موجودة، من الأنفاق والتهريب وغيرها، فبالتالي مصر معنية بالسيطرة على مسئولي إدارة قطاع غزة والتي تمثلها حركة حماس، وبالتالى فإنها معنية بإيجاد حلول، وهذه الدوافع تجعل مصر تحاول بالفعل استيعاب حركة حماس، ولا شك فى أن مصر حتى الآن ناجحة فى خطتها».

وتابع قائلا: « نتمنى على الإخوة فى حركة حماس أن يخلعوا ثوب الإخوان وعباءتهم نهائيا، ويكتفوا بأنهم فصيل فلسطيني إسلامي، هدفه فقط هو تحرير فلسطين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، دون علاقة لهم بالإخوان، من خلال إنهاء تلك العلاقات تمامًا، ولطالما طالبت حماس بإنهاء علاقاتهم بالإخوان، وألا يكون لهم امتدادات خارج فلسطين، فهم فصيل فلسطينى مقاوم ومناضل، فليناضل من أجل بلده بعيدًا عن الإخوان، والوثيقة الجديدة التى أصدروها يقولون من خلالها "باي باي إخوان"، على الأقل نظريا، ويحتاج إلى تأكيد على أرض عملية».

وعن المصالحة الوطنية الفلسطينية، قال الفرا: «لن تكون المصالحة الفلسطينية إلا فى القاهرة، فهى المكان الصحيح، والمكان الموضوعى، لأن القاهرة هى التى تبنت موضوع تحقيق المصالحة منذ اليوم الأول لانقلاب حركة حماس، وهى التى توصلت إلى الورقة الشهيرة التى عُرِفت بـ"الورقة المصرية" التى وقعتها حركة فتح، ولم توقعها حركة حماس، قبل أن توقعها فى الأخير يوم 5 نوفمبر 2011، فالقاهرة بالفعل هى المكان الصحيح، فالتاريخ والجغرافيا يحكمان، فضلًا عن موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية، وحرصها على القضية وعلى الشعب الفلسطينى، وبالأخص فى قطاع غزة ورفع المعاناة عنه».

وأضاف: «نتمنى على الإخوة فى حماس حل تلك المشكلات التى خلقوها، بإنهاء موضوع اللجنة الإدارية، وتمكن وزارة الوفاق الوطنى من القيام بمهامها، وأيضًا على السلطة الفلسطينية أن تجد حلًا موضوعيًا ومرضيًا لموظفى حركة حماس واستيعابهم، ودفع مرتباتهم».

وعن دور محمد دحلان فى المصالحة بين حماس والقاهرة، قال الفرا: «لا أعرف، أنا ماليش دعوة بموضوع محمد دحلان، مصر ليست بحاجة لوسيط مع الشعب الفلسطينى، سواء حماس أو أى فصيل، فالقاهرة منفتحة على جميع الفصائل الفلسطينية، ومهتمة بالقضية الفلسطينية، وبالتالى فهى ليست فى حاجة إلى وساطات».

ياسين: المصالحة بين القاهرة وحماس ستفشل بسبب الرئيس أبو مازن.. وتحركات دحلان بلا فائدة

بينما قال المؤرخ والسياسى الفلسطيني عبد القادر ياسين، فى حديثه لـ«التحرير»، إن هناك مؤشرات قوية ودلالات واضحة على وجود انفراجة فى العلاقات بين القاهرة وحركة حماس فى الوقت الراهن، لافتًا إلى أن العلاقة بدأت فى التحسن بشكل واضح منذ الزيارة السابقة لوفد حركة حماس، وأضاف أن حماس شددت الحراسة على الحدود لمنع انتقال العناصر الإرهابية من سيناء، كما عرضت مصر المصالحة مرة أخرى.

وأشار ياسين إلى أن هناك الكثير من المعلومات المغلوطة التى يتم تداولها بشأن اعتبار الحكومة المصرية حماس حركة إرهابية، موضحا بقوله: «الحكم المصرى لا يرى أنها إرهابية، وكلما نشر خبر مغلوط عن حماس فى الصحف ووسائل الإعلام، تتم مراجعته مع الحكومة فيكون جوابهم لا تحاسبونا إلا على ما يخرج من الناطق العسكرى فقط، ولسنا مسئولين عن أية أخبار أخرى».

وتابع: «إن تحركات محمد دحلان رئيس جهاز الأمن الوقائى الفلسطينى السابق فى غزة بلا فائدة، لأنه لن يحصل على أى دور له فى غزة، وليس له حصة فى المشروع الحالي، رغم أن جماعة دحلان عقدت لقاءين مع حماس خلال الأيام الماضية، فى سبيل إحياء الاتفاق المبدئي من أجل إقامة شراكة بين عباس ودحلان».

وأشار السياسى الفلسطينى إلى أن المفاوضات التى تجرى حاليًا للمصالحة بين حماس وفتح بالقاهرة ستنتهى بالفشل، نظرًا لاشتراط الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن المصالحة مع حماس مقابل إلغاء اللجنة الإدارية مسبقًا قبل التفاوض، وقال: «من غير المعقول أن يضع أبو مازن شروطًا للتصالح مع حماس، فى حين يذهب للتفاوض مع الإسرائيليين بالشروط التى يضعونها».

شارك الخبر على