البرلمان الأردني.. مفاصل سياسية ودستورية
ما يقرب من ٣ سنوات فى الرأى
شهدت الحياة التشريعية والنيابية الأردنية العديد من الأحداث السياسية، ولكن يمكن اعتبار بعض هذه المجالس ذات دور مفصلي وتاريخي، وهو ما يعطيها بعداً سياسياً إضافياً، ويجعلها فاعلة وشاهدة على نقاط تحول رئيسة في التاريخ السياسي الأردني.
وشهد الأردن، كدولة، في تاريخه الممتد 101 حقبتين من المجالس التشريعية والنيابية، ففترة الإمارة (1921-1946) شهدت خمسة مجالس تشريعية، حيث كان المجلس التشريعي يضم (16) عضواً منتخباً بالإضافة إلى ستة أعضاء غير منتخبين، وهم رئيس الوزراء وخمسة من الوزراء، وكان رئيس الوزراء هو الذي يرأس المجلس التشريعي، ومع كل تغيير حكومي كان يتغير رئيس المجلس التشريعي، إن تغير رئيس الوزراء، ويتغير كذلك الأعضاء غير المنتخبين (الوزراء).
وشهد العام 1929 ولادة أول مجلس تشريعي، عقب سن قانون انتخاب المجلس التشريعي عام 1928، بعد أن تم سن القانون الأساسي لإمارة شرق الأردن في ذات العام، وهو ما يمكن اعتباره الدستور الأول لإمارة شرق الأردن.
وشهد المجلس التشريعي الرابع أول حالة تمديد لمدة مجلس تشريعي بسبب بداية الحرب العالمية الثانية، حيث تم انتخابه عام 1937، وكان ينتهي عام 1940، ولكن تم تمديده حتى عام 1942، حيث كان من صلاحيات الأمير تمديده لمدة عامين فقط.
أما المجلس التشريعي الخامس والأخير، فقد شهد نهاية الحرب العالمية الثانية، وتم تمديد عمره عامين أيضاً، فشهد إعلان استقلال الأردن، وفي عهده تم إقرار أول دستور للمملكة الأردنية الهاشمية، وتم المناداة بالأمير عبدالله الأول ابن الحسين بن علي ملكاً على الأردن.
وفي الدستور الأول للملكة الأردنية الهاشمية تم إقرار مجلس الأمة المكون من غرفتين (النواب والأعيان)، وأعطي لمجلس النواب الحق بمنح الثقة وسحبها من الحكومة.
المجلس النيابي الأول تم انتخابه عام 1947، وشهد هذا المجلس الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، والتي عُرفت شعبياً باسم (النكبة)، كما شهد الوحدة مع الضفة الغربية لتصبح جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، هذه الوحدة أوجبت تعديل الدستور الأردني، ومن ثم حل مجلس النواب عام 1950، ورئس هذا المجلس هاشم خير، والذي كان رئيس حزب النهضة العربية، ولكنه توفى وخلفه عبد القادر التل.
تم حل المجلس النيابي الأول بعد إقرار التعديلات على الدستور على ضوء ضم الضفة الغربية، ليتم انتخاب مجلس النواب الثاني، والذي تشكل نصفه من ممثلين للضفة الشرقية ونصفه الثاني للمثلين للضفة الغربية.
ولكن لم يعمر مجلس النواب الثاني طويلاً حيث تم حله بعد عام تقريباً بسبب عدم موافقته على مشروع قانون الموازنة العامة للدولة وإنعدام التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكانت هذه المرة الأول التي يتم فيها حل المجلس بسبب عدم توافق السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو السبب الذي تكرر أكثر من مرة في السنوات اللاحقة.
ووقعت حادثة اغتيال الملك عبدالله المؤسس، في 20 تموز عام 1951، وكانت هذه الفترة تشهد حالة فراغ نيابية، حيث تم حل المجلس النيابي الثاني في 3 أيار عام 1951، وتم انتخاب المجلس الثالث في 1 أيلول عام 1951.
وشهد المجلس النيابي الثالث أحداثاً سياسية ودستورية مهمة، فقد تم تتويج ملكين في عهد هذا المجلس النيابي، حيث شهد المنادة بالأمير طلال بن عبدالله ملكاً على الأردن، ومن ثم المناداة بالأمير الحسين بن طلال ملكاً على الأردن، كما كان هذا المجلس هو الذي أقر دستور عام 1952، والذي تحول، وفق نصوصه، نظام الحكم في الأردن من (ملكي وراثي نيابي) إلى (نيابي ملكي وراثي).
المجلس النيابي الرابع استمر عامين فقط، وشهد العديد من الخلافات مع الحكومات المتتالية بسب ما عُرف بـ(حلف بغداد)، واستمر هذا المجلس ليشهد في 1 آذار عام 1956 تعريب قيادة الجيش العربي، حيث تم حل المجلس في 26 حزيران عام 1956.
وجاءت انتخابات المجلس النيابي الخامس لتشهد دوراً واضحاً للأحزاب القومية واليسارية، ولتحقق النجاح وتحصل على أغلبية مقاعد مجلس النواب، حيث شهد هذا المجلس إلغاء المعاهدة البريطانية الأردنية في 4 آذار عام 1957.
ورغم العمر القصير للمجلس النيابي السابع، والذي لم يتجاوز تسعة أشهر ونصف، إلا أنه كان المجلس النيابي الوحيد الذي يحجب الثقة عن الحكومة، والتي كانت برئاسة سمير الرفاعي، الذي لم يتم تكليفه بتشكيل حكومة مرة أخرى.
ويعد المجلس النيابي التاسع أطول المجالس النيابية عمراً حيث استمر 22 عاماً، فقد تم انتخابه قبل أقل من شهرين من حرب عام 1967، والتي احتلت على إثرها الضفة الغربية من قبل الإسرائيليين، فيما عُرف عند العرب بـ(النكسة)، واستمر المجلس بعمله حت عام 1973، وشهد ما عُرف في الأردن بأحدث أيلول عام 1970، كما شهد حادثة اغتيال وصفي التل، رئيس الوزراء الأردني، في القاهرة.
وظلت الحياة النيابية معلقة منذ عام 1974 حتى عام 1984، حيث قام جلالة الملك الحسين بن طلال بدعوة المجلس للانعقاد، وتم تمديد مدته حتى عام 1990.
ولكن تغيرت الظروف، فتم حل المجلس وإجراء انتخابات نيابية عام 1989، حيث شاركت المرأة لأول مرة كناخبة في الانتخابات النيابية، وشهد هذا المجلس غزو العراق للكويت وما تبعه من أحداث، كما شهد ذهاب الأردن والدول العربية (سوريا، لبنان، منظمة التحرير الفلسطينية) إلى مفاوضات مدريد مع الإسرائيليين برعاية أمريكية روسية.
عام 1993 تم انتخاب المجلس الثاني عشر، وجرت الانتخابات على نظام الصوت الواحد، وشهد هذا المجلس توقيع اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل، وخطب من على منبره الرئيس الأميركي بيل كلينتون، ليكون الرئيس الأميركي الوحيد الذي خطب من تحت قبة مجلس النواب الأردني حتى الآن.
وفي عام 1997 انتخب مجلس النواب الثالث عشر، والذي شهد وفاة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، والمناداة بالأمير عبدالله بن الحسين ملكاً على الأردن.
وجاء مجلس النواب الرابع عشر ليكون المجلس النيابي الأول الذي ينتخب في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، عام 2003،.
كما شهد أحداث تفجير عمان في 9/11/2005، وما تبعها من أحداث، بما فيها تصفية أبو مصعب الزرقاوي، وذهاب نواب يمثلون الإخوان المسلمين للتعزية به.
وانتخب في عام 2013 مجلس النواب السابع عشر بعد أكبر تعديلات دستورية، وفي ظل انتخابات تديرها الهيئة المستقلة للانتخاب.
ولكن لم يكمل المجلس مدته الدستورية، بعد تعديل قانون الانتخاب، وتم انتخاب مجلس النواب استنادا للقوائم المحلية.
وأكمل المجلس الثامن عشر مدته، وتم انتخاب المجلس التاسع عشر رغم جائحة كورونا.
وتحمل هذا المجلس مسؤولية تعديلات القوانين والدستور تحقيقا لمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
واليوم يبرز دور مجلس النواب التاسع عشر في إكمال مجموعة من التشريعات الخاصة بالبعد الاقتصادي والبيروقراطي.