رحلة «ابن بطوطة» وثيقة لفهم الحضارات
almost 3 years in الإتحاد
الشارقة (الاتحاد)
اتفق المتحدثون في جلسة «على خطى ابن بطوطة» على القيمة التاريخية والرمزية للتراث الثري الذي خلفته مدونات الرحالة العرب، باعتبارها من أهم الوثائق التي تعرفنا على ثقافات الشعوب وخصائصهم في الحقب القديمة، وما تمثله من مادة بحثية غنية حتى يومنا الحالي، على رغم التطور الكبير الذي شهدته وسائل النقل والاتصالات والنشر. جاء ذلك، ضمن فعاليات اليوم العاشر من معرض الشارقة الدولي للكتاب.واستضافت الجلسة كلاً من الدكتورة كلوديا ماريا تريسو، المستشرقة الإيطالية والباحثة في جامعة تورينو، والتونسية دكتورة ليلى العبيدي، أستاذة الأدب في جامعة الشارقة، للحديث عن الأثر الكبير الذي لا يزال يمثله كتاب الرحالة المغربي «تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، والمعروف برحلة ابن بطوطة، في الجلسة التي أدارها الكاتب والصحفي الأردني محمد أبو عرب، وبحضور نيكولا لينير، سفير الجمهورية الإيطالية لدى الدولة.وكانت كلوديا تريسو، أول من ينقل كتاب ابن بطوطة إلى اللغة الإيطالية عام 2006، الذي دون فيه أخبار رحلته في القرن الرابع عشر، ما حدا بها إلى التركيز على أهمية الترجمة في مطلع حديثها، مختارةً أن توجهه بلغة عربية رصينة، مستشهدةً بالقرآن الكريم في قوله تعالى: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا».أما عن كتاب محمد بن بطوطة، فأكدت تريسو أهمية رحلته قائلة: «إنها نصٌ أساسي لمعرفة جانب مهم من تاريخ القرون الوسطى في معظم أنحاء العالم المعروف آنذاك، على الرغم من كونها سرداً لتجربة شخصية وليس كتاباً علمياً في التاريخ»، مؤكدةً الفارق الجوهري بين أدب الرحلات الذي يوثق ككتاب ابن بطوطة، لمشاهدات الحياة اليومية للناس العاديين، على عكس كتابات المؤرخين التي تركز فقط على الشؤون الرسمية، وأصحاب السلطة.
كنز معلومات من جانبها، قالت الدكتورة ليلى العبيدي، الحائزة جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها السادسة 2011/2012، إن ابن بطوطة وإن كان قد خرج في رحلته من طنجة بغرض الحج، إلا أنه كثيراً ما سعد بخروج القوافل التي رافقها عن مساره الأصلي طوال العقود الثلاثة التي استمرت فيها رحلته، مؤكدةً أن الوثيقة التي تركها لها قيمة أنثروبولوجية، وإثنولوجية، واجتماعية عظيمة لأنها عرفتنا على ثقافات الشعوب التي زارها ابن بطوطة، وخصائصهم، مع كم هائل يلخص كل جوانب حياتهم.واتفقت المتحدثتان على أن رحلة ابن بطوطة وكتابه «تحفة الأنظار» كنز من المعلومات التي تمثل الآن جزءاً من التراث غير المادي، ليس العربي فقط بل العالمي، نظراً إلى ترجمة هذا الكتاب إلى أكثر من 50 لغة حتى الآن، فالباحثون لا يزالون يستخدمون نصه ليعرفوا أكثر عن تاريخ الإسلام والعالم في القرون الوسطى من المغرب وشرق أوروبا وحتى الصين والهند. وأكدوا أن التفاصيل الدقيقة التي اعتنى بها في كتابته، والتي تطرقت لعامة الناس حتى النساء والأطفال الذين تجاهلهم المؤرخون بوصفهم من عامة الناس، كانت أول سجل مكتوب عن الكثير من المناطق في العالم.