«هذاك.. شو اسمه لاه»!
أكثر من سنتين فى الإتحاد
هناك أشياء نستعملها كثيراً، لكننا لو توقفنا فجأة، وسألنا عن اسمها سندرك حينها أننا لا نعرفه، ولم نستعمله، ولم يخطر على بالنا أن نوجد له مسمى طوال ذلك الوقت الطويل، وكانت الوسيلة له دوماً الإشارة، مثل أعطني ذاك، أو بعاميتنا ناولني مال ذاك الشيء، وذاك الشيء يمكن أن تكون نظارة أو حذاء، والأمثلة على ذلك كثيرة، مثلاً؛ منديل مسح النظارة الحريري، لاشك أن له مسميات في لغات بعض الشعوب التي عرفته أولاً أو اخترعته لهذا الخصوص، وقد تحدثت سابقاً عن ذلك المنديل، واليوم أتحدث عن ذلك الذي يسهل عملية إدخال القدم في الحذاء، هذا الذي حين كنا صغاراً نضحك عليه ومنه، ولا نرى له ضرورة تذكر، فعادة ما كنا نستعمل أصابع اليد لتلك العملية، ولا نشغل بالنا مثل «الجنتلمان» الإنجليزي الذي يحرص على أن تكون كل الأمور في نصابها، ولكل شيء ضرورته وخصوصية عمله، لكن حين كبرنا، وأصبحنا نتضارب كل يوم مع أحذيتنا التي ضاقت على أقدامنا أو أن أقدامنا كبرت على مقاس أحذيتنا، وأصبحت عظام الظهر غير مطاوعة، ونخشى عليها من أي حركة مفاجئة أو غير متوقعة، وبالتالي يصبح كسرها لا يجبر، التفتنا لذلك الشيء الذي لا نعرف اسمه، لأنه ليس جزءاً من حضارتنا القديمة، فالعرب كانت تلبس النعال والخف والوطئة والقشرة، ولم تعرف الصحراء الأحذية إلا تلك المصنوعة من الصوف والوبر أو ليف النخل، لذا لم يحتاجوا، ولم يعرف عندهم ذلك الذي يسمى بالإنجليزية «Shoe horn» أو بالفرنسية «Chausse- pied» أو ما ترجمته بالعربية حرفياً «قرن الحذاء»، الذي لزاماً علينا أن نشكر الذي صنعه، لأنه أراح المتقاعدين، وميز الرجال الأنيقين، وسهل على المتان الذين ينقطع نَفَسهم من جهد وضع أقدامهم الثقيلة في تلك الأحذية الجلدية التي تئن من ثقلهم.عرف في الإنجليزية أيضاً بمسميات أخرى؛ shoespooner, shoe spoon, shoe schlipp, shoe tongue وتم اختراعه في آخر العصور الوسطى وعصر النهضة في إنجلترا، حيث ذكر المصطلح الإنجليزي في مخطوطات القرن الخامس عشر، بينما المصطلح الفرنسي ظهر في النصف الأخير من القرن السادس عشر، وكانت الملكة اليزابيث الأولى Elizabeth I (1533 - 1603)، قد اشترت 18 نوعاً منه، من الحداد «Garrett Johnson» بين الأعوام 1563 - 1566، وربما لهذا السبب يسمى في دارجة الشوام بـ «الكَرَتَة» نسبة لاسم الحداد «كاريت»، وكان يهدى في المناسبات كأي هدية ثمينة، وخاصة في أعياد الميلاد ورأس السنة، ثم تفنن في صناعته الحدادون، وكان يرسم عليه أسماء المشترين أو الأحرف الأولى من اسمهم، بجانب توقيع واسم الصانع الحداد، تغيرت المادة المصنوع منها من الحديد إلى النحاس والفضة والذهب والخشب الثمين والحجر الكريم حتى وصل إلى الألمونيوم والبلاستيك، وتعددت أطواله، حتى أصبح بمقدار فتر أو شبر، لكن ظل الخشب له قيمته، ودوام بقائه، وهو يستعمل للرجال والنساء على السواء، بعضه كان يحمل في اليد كعصاة صغيرة أو مهماز للخيل، وكان يتحلى ويتزين به بعض الرجال كجزء من هندامهم المعتد به، وكذلك بعض النساء اتخذنه زينة سائدة في ذلك العصر، مثله مثل مروحة اليد.هناك أشياء صغيرة وبسيطة، وربما تجاوزها الوقت الآن، لكنها لبعض الناس غدت من الضروريات، صحيح أنها ليست بتلك الأهمية الأولى لدى ظهورها واكتشافها أو اختراعها، لكن تحضر في وقتها وحين حاجتها، تغيب عنا أسماؤها، لكنها حين تحضر نبدأ الالتفات لها، ونتفطن لِمَ غاب اسمها من لغتنا، فلا نحاول ابتكار اسم لها، ونستعيض عنه بالإشارة، والكل يتفق على الفهم السريع.