بالأرقام.. كيف اختلف «تعويم الجنيه» بين عهدي «العقدة» و«عامر»؟
ما يقرب من ٨ سنوات فى التحرير
في الثالث من نوفمبر العام الماضي قرر البنك المركزي تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار وتركه وفقًا لآليات العرض والطلب (تعويم الجنيه).
وأدي قرار التعويم إلى انخفاض قيمة الجنيه بنحو 48%، ليرتفع سعر الدولار من 8.88 جنيه إلى 13 جنيها في التعاملات الرسمية والبنوك.
واستكملت العملة المحلية انخفاضها بنهاية اليوم الأول للتعويم واستمرت في مسارها للتراجع بما يزيد على 100%، ليصل سعر الدولار في البنوك إلى 17.73 جنيه خلال تعاملات اليوم الأربعاء.
كان سعر الدولار قبل التعويم قد ارتفع تدريجيا على مدار نحو أربعة أشهر في السوق السوداء حتى وصل إلى 12 جنيها، مقابل سعره الرسمي في البنوك الذي استقر عند 8.88 جنيه، إلا أن المضاربات زادت على العملة المحلية مع التوقعات باقتراب تخفيض السعر الرسمي، ليكسر الدولار حاجز 18 جنيها قبل اتخاذ قرار التعويم ببضعة أيام.
أول تعويم للجنيه
لم يكن قرار تعويم الجنيه جديدًا على الاقتصاد المصري، حيث ظهر مصطلح تعويم الجنيه في مصر في نهاية يناير من عام 2003، حينما قرر عاطف عبيد رئيس الوزراء، في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، تعويم الجنيه وفك ارتباطه بالدولار، وترك المعاملات المالية لسوق العرض والطلب، والذى عرف حينها بـ "التعويم المدار".
وسبق إصدار القرار عدة خطوات في عامي 2001 و2002 لتخفيض سعر الجنيه مقابل الدولار، انتهت إلى ارتفاع سعر الدولار من 3.85 جنيه إلى 4.51 جنيه.
وقبل يناير 2003، كان سعر الصرف يقوم على أساس ربط قيمة الجنيه بالدولار الأمريكي، ولكن انخفاض قيمة الدولار عالميًا حينها أمام العديد من العملات الأجنبية خاصة اليورو، كان له أثر سلبي على الجنيه المصري، وأدى إلى انخفاض قيمته أمام العملات الأخرى.
واستهدفت الحكومة من قراراها آنذاك خفض العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وتحقيق توزان بين العرض والطلب في السوق النقدي، بزيادة المعروض من الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وأدى تعويم الجنيه في ذلك الوقت إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق الرسمية من 3.70 جنيه إلى 5.35 جنيه، ثم قفز سعر الدولار إلى 6.19 جنيه في عام 2004، بينما بلغ سعر الدولار في السوق الموازية حينذاك 7 جنيهات، ليتراجع بعدها سعر الدولار في البنوك إلى 5.5 جنيه ليتأرجح بعد ذلك ما بين 5.50 و 5.80 جنيه حتى اندلاع ثورة 25 يناير 2011.
وبعد شهرين من قرار التعويم ألزمت الحكومة وقتها الوزارات والأجهزة التابعة لها، والهيئات العامة الاقتصادية والخدمية، و شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام، وشركات وأفراد ومنشآت القطاع الخاص، التي يستحق لها عن نشاطها مدفوعات بالنقد الأجنبي، ببيع 75% مما تحصله من هذا النقد للبنوك خلال أسبوع من تاريخ تسلمه، بالإضافة إلى تجنب 25% من الحصيلة في حسابات خاصة في البنوك الوطنية لمواجهة التزاماتها نحو البنوك والوفاء بمتطلبات نشاطها بالنقد الأجنبي.
معدلات التضخم
تعويم 2003
قفزت معدلات التضخم بعد قرار تعويم العملة في عهد عاطف عبيد إلى 11.4% خلال العام المالي 2004- 2005 مقابل 2.9 % في عام 2003، ثم تراجعت بعد لتستقر ما بين 8 و 11 ٪ سنويا في الفترة من ٢٠٠٥ الي يناير ٢٠١١.
تعويم 2016
ارتفع معدل التضخم السنوي في شهر التعويم ( نوفمبر 2016) إلى 20.73 % مقابل 15.72 % فى شهر أكتوبرمن نفس العام، ثم واصلت معدلات التضخم إرتفاعها إلى مستويات قياسية لتسجل 34.2 % خلال شهر يوليو الماضي بعد تطبيق حزمة من القرارات التقشفية من بينها خفض الدعم عن المحروقات البترولية وزيادة أسعار الكهرباء والمياه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14 %، ثم تراجعت معدلات التضخم بنحو طفيف خلال شهر أغسطس الماضي لتسجل 32.2 %.
الصادرات والاستثمار الأجنبي
شهدت الصادرات المصرية في تجربة 2003 بعض التحسن بالتزامن مع قرار التعويم، فقد ارتفعت حصيلة الصادرات من 7.1 مليار دولار في العام المالي 2001/2002، إلى 8.2 مليار دولار في العام الذي تلاه، وصولا إلى 10.4 مليار دولار في 2003/2004، أي بنسبة 46%.
وقفزت الصادرات المصرية بعد قرار التعويم في 2016 إلى 20 مليار دولار مقابل 18.6 مليار دولار بنهاية عام 2015، وارتفعت الصادرات المصرية خلال الأربعة شهور الأولى من العام الجاري إلى 7.4 مليار دولار مقابل 6.5 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وارتفع صافي حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، بنحو 64% إلى 700.6 مليون جنيه في العام المالي 2003/2004، متضمنًا حصيلة خصخصة حصص أغلبية في بعض الشركات المحلية لمستثمرين أجانب بلغت 439.7 مليون دولار، حسب التقرير السنوي للبنك المركزي عن عام 2002/2003.
وبعد قرار تعويم 2016، ارتفعت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة (الدين الحكومي) إلى 10.2 مليار دولار بينما كانت في أكتوبر 2016 أقل من مليار دولار.
الجدير بالذكر أنه في عام 1960 كان الجنيه ضمن أعلى عملات العالم قيمة، وكانت قيمته توازي تقريبًا 3 دولارات، وكان متفوقًا في قيمته على الجنيه الاسترليني وما يرتبط به من عملات، وظل سعر صرف الجنيه مستقرًا لنحو عشر سنوات حتى قيام حرب أكتوبر 1973.
وفي عام 1979 ومع سياسات الانفتاح تم تخفيض قيمة الجنيه، ليصل الدولار إلى 70 قرشًا، وخسرت العملة المصرية قرابة نصف قيمتها تقريبًا في ذلك الوقت، وتراجعت للمرة الأولى أمام الجنيه الاسترليني، ولكن ظل الفارق واضحًا بينها وبين الدولار الأمريكي والكندي والفرنك السويسري.