شيخ الأزهر «وثيقة الأخوة» أنموذج للبناء من أجل السلام

ما يقرب من ٣ سنوات فى الإتحاد

المنامة (الاتحاد) 
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أنَّ وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية التي انطلقت من أبوظبي في 2019، أضحت أنموذجاً ونهجاً يمثل أساساً للبناء من أجل السلام والوئام والاحترام المتبادل، والتسامح بين الناس.جاء ذلك خلال لقاء فضيلته، أمس، في المنامة قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في إطار زيارتهما إلى مملكة البحرين والمشاركة في ملتقى البحرين للحوار «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني».وأعرب فضيلة الإمام الأكبر عن تقديره لأخيه قداسة البابا فرنسيس، واللقاء مجدداً في إطار العلاقات الأخوية بينهما، وسعيهما معاً لإحلال وإرساء قيم السلام والعيش المشترك وقبول الآخر.من جانبه، رحَّب قداسة البابا فرنسيس، بفضيلة الإمام الأكبر، معرباً عن تقديره لجهود الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في دعم وتشجيع الحوار بين أتباع الأديان، ونشر ثقافة الأخوة الإنسانية، وتعزيز السلام العالمي، مؤكداً أهمية تضامن قادة وزعماء الأديان من أجل خير البشرية، وإعلاء صوت الدين لخدمة الإنسانية، مشدداً على أهمية الحوار في إنهاء الحروب والصراعات والحد من انتشار العنصرية والكراهية.وفي هذه الأثناء، دعا شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إلى استثمار وثيقة الأخوة الإنسانية لتحويل حوار الأديان إلى واقع عملي.وأكد أن الإسلام أوجب الحفاظ على البيئة، ودعا إلى الاستثمار في استدامة مواردها، وحرم قطع الأشجار والنباتات أو إغراقها بالماء بهدف تخريبها، محذراً فضيلته من أن ما نشهده اليوم من فسادٍ وإفسادٍ في الأرض، وطغيان على موارد البيئة المستخلف فيها الإنسان لتعميرها، هو سير في اتجاه معاكس لإرادة الله في كونه الفسيح.وأوضح، أن المتابع للميزانيات الهائلة المطلوبة لتجاوز أزمة المناخ، خاصةً في ظل ما درجت عليه الدول الصناعية الكبرى من قبض ذات اليد عن التمويل الواجب أخلاقيّاً وإنسانيّاً، يصاب برعب شديد، مضيفاً أنه على علماء الأديان ورجالها، حيال هذه الأوضاع هو أن نبلغ صرختنا إلى أولي الأمر، وأولي الثراء الذين يجب أن يفكروا، ولو قليلاً، في مصيرهم هم قبل غيرهم، وأن ينفروا خفافاً وثقالاً للتصدي لهذه الكارثة.ويعقد اجتماع حكماء المسلمين تحت عنوان «الحوار بين الأديان، وتحدِّيات القرن الواحد والعشرين»، بمسجد قصر الصخير الملكي بالعاصمة البحرينية المنامة، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، عقب ختام فعاليات ملتقى البحرين للحوار الذي عقد على مدار يومي 3 و4 نوفمبر الجاري، بحضور جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، ومشاركة رموز الأديان والمفكرين والمثقفين من مختلف دول العالم.وأكد شيخ الأزهر أن العلماء هم حماة الأمة، وأنَّ المسؤولية على العلماء مضاعفة أمام الله، وعلى علماء المسلمين ألا يملوا من بيان سماحة الإسلام وقبوله للتعددية الدينية بين البشر.وقال: «لن نستطيع مواجهة التحديات بالتشرذم أو الاختفاء أو التخلف عن هذه المهمة السامية، وقد كانت هناك محاولة لتجار سوق الفتنة أن يحدثوا ذلك في مصر قبل سنوات بين المسلمين والمسيحيين، لكن الأزهر تنبَّه لهم، فأنشأنا بيت العائلة المصرية مع الكنائس المصرية، وبذلنا كلَّ الجهود لوحدة الصف، وهذا ما ينبغي أن يحدث على مستوى العالم الإسلامي أجمع».وقال فضيلة الإمام الأكبر، خلال الاجتماع مع أعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية البحريني: «إن البحرين تمثل تعبيراً صادقاً للأخوة العميقة، وقد رأيت ذلك حقيقة في لقاء ملك البحرين قبل سنوات في مشيخة الأزهر والآن في البحرين، وهذا هو السر في أنَّ الله تعالى يفيض على هذا البلد بكثيرٍ من الخير»، مشيراً إلى أن اجتماع اليوم يجمع العلماء المهمومين بهموم الأمة، وأولها هموم التحديات الصارخة التي تتربص بأمتنا ليل نهار، وتصنع لها البرامج وترصد لها الأموال، لتحارب الدين، مضيفاً أن الاتحاد بين علماء المسلمين سُنة وشيعة ضروري وحتمي.وأضاف: «إنَّنا نحن المسلمين، بمختلف مذاهبنا ومدارسنا الفكرية، مؤهلون للاتحاد والتلاقي على أرضية مشتركة، فنحن أبناء دين واحد ولغة واحدة، وتجمعنا مشتركات إنسانية وقيم أخلاقية وعادات مجتمعية متشابهة، وتتوفَّر لدينا كل مقومات الاتحاد، ولكن هناك صراعات وأجندات ومصالح مادية تتصدَّرها بيع الأسلحة، تتخذ من عالمنا الإسلامي سوقاً لترويج بضائعها ولا سبيل لهم في ذلك سوى بث الفرقة والطائفية بيننا نحن المسلمين، فهم يتغذون على ضعفنا، وهم حريصون على أن لا نتحد»، مشيراً إلى أن الأزهر انفتح في الحوار الإيجابي على مختلف المؤسسات الدينيَّة حول العالم، ويأتي في مقدمة أولوياته التقاء علماء المسلمين مع بعضهم بعضاً، وأن يتحدوا لمواجهة التحديات وتجاوز الأزمات.
ثمرة الوسطيةرحب معالي الشيخ عبدالرحمن محمد بن آل خليفة، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، بشيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، في مملكة البحرين، معرباً عن تقديره الشديد لفضيلة الإمام الأكبر، وقيادة مؤسسة الأزهر الشرعية والعلمية والعملية والقيادية على المستوى الإسلامي والعالمي.وأشار إلى أن ملتقى الحوار بين الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني، ثمرة من ثمار مواقف شيخ الأزهر الوسطية التي تنبع من مصادر التشريع الإسلامي الذي جاء بخير أمة أخرجت للناس، مؤكِّداً أن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية يقدم مثالاً للتعايش بين علماء المسلمين سُنة وشيعة، ومثالاً للمواطنين في البحرين وجميع المقيمين على أرضها.وأكَّد رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ترحيبه بما طرحه شيخ الأزهر من وحدة بين المسلمين، ودعوة للتقريب بين علماء المسلمين والحوار بينهم، وأن المجلس يعمل على التقريب بين المذاهب في البحرين، وتعزيز الوحدة بين المسلمين والتقاليد الإسلامية السمحة، وأنه يعد نموذجاً فريداً في تشكيلاته لتأكيد وحدة الهدف والمصير بين المسلمين، ومتابعة الحوار بين الإسلام والديانات السماوية الأخرى.وعبّر معالي الشيخ عبدالرحمن عن استعداد المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لتعزيز العمل المشترك مع الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، وتعزيز أطر التنسيق حول مختلف القضايا العامة للمسلمين بما يقوي جانب المسلمين، ويُعلي كلمتهم ويُعزِّز موقفهم، استجابة لتلك التحديات الكبيرة التي تواجه الأمة الإسلامية وجمهور المسلمين حول العالم، سواء على المستوى الفكري أو الثقافي أو التربوي أو الاجتماعي، لذلك نحن بحاجة إلى تضافر الجهود، وأن نقيم دراسات جادة وعلمية تؤصل لتلك القضايا والتحديات، وتحللها وتقدم لها الحلول وتصوغ لها البرامج والمشروعات العملية التي تحفظ لأمتنا عقيدتها وهويتها وقيمها، وتحفظ لمجتمعاتنا استقرارها، وللأسرة كيانها، وللبشرية فطرتها، وللفرد إنسانيته.

شارك الخبر على