داعش السودان.. «معسكر» تدريب الإرهابيين لدخول أرض الكنانة

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

لم يعد تنظيم داعش يقتصر على سوريا والعراق، ولم يقتصر الخطر على دواعش "ولاية سيناء"، وإنما الحدود الجنوبية لمصر تشهد تنظيم داعشي أشرس، وفرت له كافة الإمكانات لمهاجمة أرض المحروسة، ومع مرور 16 عامًا على 11 سبتمبر، قررت التحرير كشف أنشطة تنظيم داعش بالسودان واتخاذها قاعدة للإنطلاق إلى مصر.

قيادات داعش في كوبر

"كان هو أول من قدم لي كوب ماء فور دخولي زنزانة سجن كوبر"، بهذه الكلمات وصف غالب طيفور، عضو الحزب الاتحادي السوداني، أول لقاء يجمع بينه وبين أفراد داعش بالسودان، ذلك الشاب صاحب الذقن الطويلة وهو في بداية العقد الثالث من العمر، كان يدعى "عامر السر" من أبناء بحري، يعمل بسوق "الجداد" وله محلًا هناك، قبض عليه بسبب انضمامه لتنظيم "داعش" كانت طبيعته شرسة، وهو مؤمنا إيمانًا "قاطعًا" بمنهجهم وطريقة أحكامهم على المناوئين والعادات بالمجتمعات، "قتلاً وتنكيلاً وتعذيبًا وسبيًا للنساء"، وكان يمتاز بالثبات في مواقفه وحركاته.

وأكد طيفور في تصريحات خاصة لـ"التحرير" أن ذلك الشاب يتفاخر بما يقومون به ويدعي أنه روح الإسلام، وكان يطلب كثيرًا للتحري بداعي جلسات ومداولات يظنون أنهم يحاولون إثنائه عن التنظيم "داعش" ومعظم جلساته المتوالية مع منسوبي الحركة الإسلامية.

استكمل طيفور تفاصيل اللقاء، مبينًا نفوذه داخل السجن، قائلاً: "طلبت منه هاتف أتحدث به فضحك وقال له: دع الأمر حتي الصباح، وأنه كان يلتقي بأقطاب بارزة في الحزب الحاكم مثل دكتورعصام أحمد البشير، القيادي في الحركة الإسلامية، ورئيس مجمع البحوث االإسلامية.

وأوضح طيفور، أن عامر عندما يخرج ويعود يكون سعيدًا بالوجبات التي تقدم له، والأماكن التي تقام فيها الجلسات، ويبدو أن هنالك مؤامرة كانت تحاك حتي تم إطلاق سراحه بعد حضور غالب بشهر.

ولم يكن "عامر" الداعشي الوحيد الذي قابله "طيفور" في كوبر، بل تم إحضار أحد الدواعش الآخرين وهو محمد عبدالحميد أبا يزيد، وهو حافظ لكتاب الله، ومجودًا وخطيبًا"، ويبدو من أول وهلة أنه من قيادتهم النافذين بأفكاره المتطرف وإيمانه القاطع بما يقومون به داخل التنظيم من قتل وحرق وتعذيب وسبي للحرائر، كما أنه متزمت في فهمه، فالقناعات التي تشبع بها امتلأ بها رأسه ولم يعد هنالك مكان للعودة، وصارت منهجًا في حياته وأرضعته منهج التنظيم بكافة تفاصيله.

 وبين طيفور أن بايزيد، كان عضوًا أصيلاً لدرجة أنه ينفذ عمليات، وعندما تم إحضاره لسجن كوبر كان عائدًا من عملية بكمبالا وهو يدل على تشربه من قنينة التنظيم حتي الثمالة، بل وله تواصل متكامل مع أبوبكر البغدادي.

أمير داعش في السودان.. من المعتقل إلى المنبر

 وأكد طيفور أنه كان يقطن والدواعش  بسجن (كوبر عنبر الزاوية)، وكان دكتور الجزولي وهو أميرهم بالسودان بالعنبر المجاور، والمسمي القاعدة، وكانكان عدد الدواعش أكثر من ثلاثة وخمسين، وقيادتهم جميعًا "معتقلة".

وأشار طيفور إلى أن  الجزولي، أمير داعش بالسودان هو من مواليد الحسيناب بالشمالية، خريج اقتصاد جامعة النيلين، ويشغل عددًا من الوظائف التي لا يخفى ارتباطها بالسلطة، ومن بينها أمين هيئة الرقابة الشرعية بشركة شيكان للتأمين وأعادة التأمين، مدير الإعلام والثقافة التامينية بشركة شيكان للتامين وإعادة التأمين المحدودة، مشرف وحدة العالم الإسلامي بالفضائية السودانية، مدرب معتمد لدى جامعة السودان المفتوحة، ومشرف بمنظمة رعاية الطلاب الوافدين الطلاب الإيرانييين ثم العراقيين ثم السريلانكيين، والأمين العام لمجلس توحيد أهل القبلة، ودعا إلى استهداف المصالح الأمريكية بما فيها الجامعات والمدارس والمتاجر.

إتفاقية مع البشير

 وأردف طيفور أن الجزولي وباقي القيادات، كانوا يخرجون في مناظرات وجلسات طويلة ويعودوا، وكانت قناعتنا بأنهم سيحاكمونهم، ولكنهم خرجوا من السجن واحدًا تلو الآخر، ومنهم الجزولي أمير داعش، والذي تم إطلاق سراحه جاء بمبادرة من الدكتور عصام أحمد البشير، رئيس مجمع الفقه الإسلامي، على أن يعقب خروجه من المعتقل حوار فكري عميق، وكتب الجزولي فور خروجه من المعتقل: "لست نبيًا ولم أكن في غار حراء، فلم تتبدل عندي المواقف، ولم تتغير الأفكار، وقد وصلت في الحوار الفكري مع بعض من التقيتهم إلى طريق مسدود".

وكشف طيفور عن وجود اتفاقية مشتركة بين داعش والبشير، وهي تدريب المقاتلين، وإرسالهم للعراق وليبيا وسوريا، وعدم التدخل في معسكراتهم وتهيئة الأجواء لهم، وتسهيل مرور الدواعش في الأراضي السودانية، واستخدام المناطق المغلقة معسكرات لتدريب المقاتلين والدارسة، وفي المقابل علي تنظيم داعش عدم التدخل في السياسة الداخلية، ومساعدة نظام البشير في منع الإضرابات والصراعات الداخلية، وتقديم الدعم المادي والمعنوي بصورة غير مباشرة، وإبداء حسن النية في نشر الإسلام السياسي الذي يوطد لحكم البشير ويثبت أركان دولته.

معسكرات داعش

وأفاد طيفور أن الدواعش  يعسكرون في السودان بحظيرة الدندر شرق النيل الأزرق، فلهم معسكرات كبيرة للتدريب وإعداد المقاتلين، إلا أن هناك طوق عسكري،  لم يتم إخطاره من قبل الجهات الأمنية بوجود مقاتلي داعش، وذلك وبالرغم من كون جميع الأمور تتم بواسطة حكومة البشير ولكنها بصورة سرية، ونسبة لعدم معرفته حدثت معركة وتم اعتقال جزء منهم ووفاة جزء آخر.

سبق وأن أوقفت السلطات السودانية مجموعة منهم فيما عرف "خلية الدندر" وكانت مجموعة تتكون من32 شابًا تتراوح أعمارهم بين 19-22 عامًا، تتدرب على استخدام الأسلحة في حظيرة الدندر المغلقة عازمة على الجهاد في مالي وسوريا والصومال.

مساجد داعشية بالخرطوم

وقال الصادق المهدي، رئيس الوزراء السوداني الأسبق، ورئيس حزب الأمة، وإمام الأنصار، أن السودان بدأ ينتشر فيها فكر داعش المتطرف، وبدأت بعض المساجد حتى في العاصمة الخرطوم تنشر لهذا الفكر، وتروج له بلا رقيب أو حسيب.

وأكد المهدي في تصريحات خاصة لـ"التحرير"، أن هذا الفكر هدام، ويجب التصدي له فكريًا حتى لا ينتشر ويتوسع بداخل السودان، خاصة مع تواطؤ نظام البشير مع هذا الفكر الدخيل.

وأكد بكري عبد العزيز، المتحدث باسم تمرد السودان، أن داعش في بلاده باتت تنظيم معترف به كأي حزب سياسي آخر، وأن محمد على الجزوري أمير داعش في السودان، يصول ويجول كما يحلوا له، ويلقي خطب الجمعة في المساجد، والرجل معلن صراحةً بيعته لأبو بكر البغدادي.

وأكد "عبد العزيز"، في تصريحات خاصة لـ"التحرير"، أن داعش تقوم بتدريب عناصرها في السودان، خاصة القادمين من إفر يقيا، لتسفيرهم لليبيا وسوريا والعراق ومصر، كما أنها تستخدم لترهيب المعارضين في السودان، مثل ما حدث مع الصحفية شمائل النور، بل وصاروا يمنعوا إقامة الحفلات.

سودانيين في سوريا والعراق

شارك شباب السودان في العمليات التي تدور في سوريا والعراق، بل كان بعضهم في موضع القيادة، ففي يوم الأربعاء 7مايو الماضي، قُتل الشاب السوداني مازن محمد عبد اللطيف، واحتسبته المواقع الإلكترونية الجهادية ومواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر "شهيدًا"، واعتبر مازن المولود في منتصف عام 1995م، من أبرز الشهداء لصغر سنه وكان قائدًا لسرية عسكرية.

قاعدة لانطلاق العمليات إلى مصر 

أحبط قطاع الأمن الوطني عملية انتحارية مزدوجة، كانت تستهدف إحدى كنائس الإسكندرية، بعد أن تمكن من القبض على 6 عناصر كونوا خلية عنقودية، منهم انتحاريان اثنان كانا سيفجران نفسيهما، واعترافات الانتحاري الأول ويُدعى حمزة شعبان عبدالرحمن جاد، (19 عامًا، من محافظة بني سويف)، وقال إنه اقتنع بفكر "داعش" عام 2015.

وأضاف "جاد"، أنه فكر في السفر إلى ليبيا عن طريق السودان، ومكث في شقة المدعو (أبو يعقوب) في أسوان، وكان من بين من استقبلهم هناك واحد اسمه "أحمد محمد زيد" واسمه الحركي "سفيان"، وسافرنا السودان وسكنا في أم درمان، وأجهزة الأمن في السودان ألقت القبض علينا واحتجزونا لمدة 5 أشهر وأفرجوا عننا، وبعد ذلك انتقلوا لشقة في الخرطوم، وجاءه تكليف مع أحمد محمد زيد (سفيان) بالنزول لمصر وتنفيذ عمليات انتحارية ضد الكنائس".

وفاجأت جماعة "داعش" السودانيين بنشرها خريطة لدولتها المرتقبة، وتشمل الخريطة ثلاث قارات هي آسيا وإفريقيا وأوروبا، تمثل جميعها إحدى عشرة ولاية، ويتبع جزء من السودان لمصر التي سميت بأرض الكنانة، بينما تم ضم الجزء الجنوبي منه للحبشة.

شارك الخبر على