كنعان السلام العالمي بحاجة إلى دبلوماسية غير منحازة

أكثر من سنة فى الرأى

الحقوق المشروعة لا تسقط بالتقادممناع: يجب ان تعتذر بريطانيا عن وعد بلفور وتعوض الفلسطينيينتمر اليوم الذكرى الـ 105 للوعد المشؤوم الذي فتح الابواب واسعة لسياسة بلفورية في تعامل الغرب مع القضية الفلسطينية امتدت حتى اليوم تظهر بتصريحات ووعود وخطوات تساهم في تكريس الاحتلال وتعاونه على ظلم الشعب الفلسطيني والاعتداء على حقوقه وارضه ومقدساته وهويته.

الأمين العام للجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان دعا بهذا اليوم العالم ومنظماته تذكر الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني بما في ذلك ما يجري في مدينة القدس من القتل والاسر والتشريد والابعاد والاقتحامات اليومية للمقدسات الاسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الاقصى المبارك وهدم البيوت ومصادرة الاملاك وحصار المدن كما هو الحال في نابلس وجنين والخليل وقطاع غزة الفلسطيني المحاصر منذ عقود.

ونبه كنعان في حديث خاص مع "الرأي" الى محاولة اسرلة التعليم وفرض المنهاج الاسرائيلي المزيف للحقائق وسياسة فرض الضرائب ومنع الخدمات الصحية والاجتماعية والاستمرار في الاستيطان وبناء الكنس على حساب الآثار التاريخية العربية والمقدسات الاسلامية والمسيحية وحجز جثامين القتلى والشهداء في مقابر الارقام وبشكل لم يعرف له العالم مثيلا، واصدار القوانين العنصرية بما فيها قانون القومية اليهودية الزائف، كل هذه الجراح النازفة في فلسطين وأمام نظر العالم الذي باتت سياسته الكيل بمكيالين والتي لاحظها العالم مؤخرا تجاه حالة أوكرانيا مقابل تناسي قضية فلسطين المحتلة، هو نتيجة مباشرة للدبلوماسية البلفورية المنتهجة اليوم والتي تركت أثرا قاسيا على الشعب الفلسطيني.

ولفت كنعان ان من صورها القاسية تصريح الرئيس الامريكي السابق ترامب عام 2017 المتمثل باعلانه مدينة القدس عاصمة مزعومة لاسرائيل واعلانه البدء باجراءات نقل السفارة الامريكية اليها، بالرغم من أن هذه السياسة تخالف الاعراف والمعاهدات والقرارات الدولية التي يطالب الجميع الاحتكام اليها، مما يجعلنا اليوم أمام نموذجين متناقضين هما؛ سياسة شعبوية غير مفعلة تطالب بالشرعية والديمقراطية والكرامة الانسانية، وسياسة رسمية مفعلة تتجاوز الشرعية والقانون الدولي وترسخ مفهوم الاحتلال والاستعمار وامتهان حقوق وحرية الانسان الفلسطيني المظلوم.

وطالب كنعان الاعلام العالمي الاشارة إلى مخاطر استمرارية النهج البلفوري وسياسة الانحياز لاسرائيل على حساب الحقوق التاريخية والشرعية الفلسطينية، لاسيما إذا بقيت بعض القوى تدافع عن إسرائيل وسياساتها في الأرض العربية المحتلة بانحياز أعمى، لأن ذلك من شأنه دفع إسرائيل "السلطة القائمة بالاحتلال" إلى التمادي في اعتداءاتها على البشر والشجر والحجر وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية في الضفة الغربية المحتلة بشكل عام وفي القدس على وجه الخصوص، فقد آن الآوان للدبلوماسية العالمية السعي لإزالة آثار خطيئتها التاريخية وظلمها للشعب الفلسطيني من خلال الاحتكام للشرعية ومنحه حقه في ارضه وتقرير مصيره، فلا يعقل أبدا أن تنفذ الوعود الشخصية في حين تقمع الارادة الدولية وقراراتها المجمع عليها، وعلى اسرائيل أولا ومن يدعمها ثانيا إدراك حقيقة راسخة وهي أن السنين لا تنسي صاحب الحق حقه بل تزيده إصرارا على المطالبة به وأن الحقوق المشروعة لا تسقط بالتقادم، وإن على دول العالم ومنظماته التي ترغب بالسلام أن تعمل على إلزام إسرائيل تطبيق قرارات الشرعية الدولية بما في ذلك حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967 وبغير ذلك لن يحل الأمن والسلام في المنطقة والعالم.

وتابع كنعان: ان استمرار الاحتلال الاسرائيلي باعتباره ترسيخا وتنفيذا لوعد بلفور المشؤوم يعتبر مأساة اخلاقية يجب ان تنتهي ويعم السلام العادل كما قال جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في اللقاءات والمحافل الدولية، لذا فإن العاقل الفطن على يقين أن اسرائيل لن تنعم كما تدعي بالامن والسلام وهي تنتهج سياسة الانتهاكات بقيادة الحكومات اليمينية المتطرفة، هذه الحكومات التي تترك الحرية للمستوطنين بنشر الترهيب والقتل وارتكاب الجرائم ضد المدنيين العزل من أهل فلسطين.

ولفت كنعان الى ما اشار له المبعوث الاممي للسلام في الشرق الاوسط ( وينسلاند) أن ازدياد عنف المستوطنين أسهم في ارتفاع وتيرة العنف في الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة، فهم بذلك جزء من منظومة الاحتلال وكما أوضحت أيضا المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الانسان في فلسطين المحتلة ( فرانشيسكا البانيز) ان الاحتلال الاسرائيلي غير قانوني ولا يمكن تمييزه عن الاستعمار الاستيطاني، لذا فان على اسرائيل الالتزام بما قررته الارادة الدولية والحقائق الشرعية والتاريخية والتي اقرت حق الشعب الفلسطيني تقرير مصيره واقامة دولته على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

من جانبه رأى منسق الحملة الدولية للدفاع عن القدس ومدير عام بيت الذاكرة الدكتور جودت مناع في حديث مع الرأي ان بريطانيا وضعت نفسها ومع مرور هذه الذكرى القاسية التي من أبرز تداعياتها النكبة الفلسطينية وبتأييدها لهذا الوعد وتسهيل تنفيذه بدعم العصابات الصهيونية الإرهابية بالسلاح وتسهيل العمليات اللوجستية لنقل ملايين اليهود من أوروبا إلى فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني شريكا في هذه الجرائم التي تمثلت بمذابح في أكثر من 50 قرية فلسطينية على أيدي منظمات إرهابية يهودية ما أدى إلى تدمير نحو 500 قرية فلسطينية وتهجير اكثر من مليوني فلسطيني من ديارهم.

واضاف مناع ان من نتائج هذا الوعد استيلاء تلك المنظمات وفق قوانين عسكرية تم استصدارها عقب احتلال فلسطين على منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم والاستيطان غير المسبوق فيها من قبل يهود استقدموا من شتى أنحاء العالم.

وفي خضم العدوان الذي يعيشه الشعب الفلسطيني فإن إسرائيل استغلت هذا الوعد ومواقف أوروبية أخرى التي اعتبرت دفاع الشعب الفلسطيني عن وطنه عداء للسامية بالرغم من معرفة أوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة أن معاداة السامية ظاهرة أعقبت الحرب العالمية الثانية وتداعياتها نتيجة للكراهية المتفشية ضد اليهود في أوروبا وليس في دول العربية الذي لم يساهم في تلك الحرب ولا في "الهولوكوست".

ولفت مناع الى إن الشعب الفلسطيني لا يزال يدفع ثمن كراهية أوروبا لكن الثمن الأكثر دموية تسببت به الحركة الصهيونية التي تبرر احتلالها بوعد بلفور.

ودعا مناع في هذه الذكرى بريطانيا أن تفتح أعينها بعد مرور أكثر من قرن على جرائم إسرائيل في فلسطين بعد أن أعماها وعد بلفور عن حقوقهم طوال هذه الفترة.

واعتبر مناع ان أقل ما ينتظره الشعب الفلسطيني من بريطانيا هو الاعتذار عن "وعد بلفور" وتعويض الشعب الفلسطيني عما لحق به إثر تداعياته، ففي تلك الحقبة السوداء دعمت بريطانيا إعلانها لهذا الوعد عام 1917 الذي لا يمكن وصفه إلا بأسوأ أخطائها.

يذكر ان وعد بلفور يندرج ضمن مخططات الصهيونية الساعية منذ مدة طويلة في تحقيق مشروعها الاستعماري الزائف، والذي اتضحت معالم مؤامرته وبروتوكولاته في مؤتمر بال عام 1897، والمتتبع لمسيرة اللوبي الصهيوني يدرك أن هناك (وعود بلفورية) كثيرة تتشابه في فحواها الخطير مع وعد بلفور، منها نداء ورسالة الفرنسي نابليون لليهود عام 1799، وبعده كان أيضا خطاب الدعم الالماني من (دوق إيلونبرج) باسم حكومة القيصر الالماني عام 1898 الذي أشار فيه إلى تقديم الدعم الدبلوماسي والحماية للكيان الصهيوني حال تأسيسه.

شارك الخبر على