«طارئة وعادية».. محطات بارزة في تاريخ القمم العربية

أكثر من سنة فى الإتحاد

دينا محمود (لندن)
أحداث عديدة أثرت على العلاقات العربية - العربية، منذ أن التأم شمل القادة العرب للمرة الأولى على طاولة اجتماعات واحدة في منتصف أربعينيات القرن الماضي، ليدشنوا بذلك سلسلة قمم، تجاوز عددها الأربعين، وتنوعت ما بين عادية وطارئة واقتصادية.ففي العام التالي لتأسيس جامعة الدول العربية في مارس 1945، كأول منظمة للتعاون الإقليمي على الساحة الدولية خلال الشهور الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، كان الموعد مع انعقاد أول قمة للزعماء والقادة العرب، في مدينة أنشاص الواقعة في دلتا النيل بمصر، على بعد نحو 60 كيلومتراً من العاصمة القاهرة.وحملت القمة اسم هذه المدينة الصغيرة، التي جمعت على مدى يوميْ 28 و29 مايو 1946 بدعوة من ملك مصر وقتذاك فاروق الأول، قادة الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية، ومن بينها السعودية والعراق وسوريا ولبنان واليمن.وانتظر العرب أكثر من 10 سنوات، قبل أن تعقد قمتهم التالية، التي استضافتها بيروت في 13 نوفمبر 1956 بدعوة من الرئيس اللبناني حينذاك كميل شمعون، وذلك إثر «العدوان الثلاثي» الذي تعرضت له مصر.وانتهت القمة الطارئة، التي حضرها 9 من القادة العرب، ببيان ختامي، شدد على دعم مصر..
قمتان في عام ولكن القمم العربية لم تكتسب صبغتها الحالية، سوى اعتباراً من قمة القاهرة التي عقدت بين 13 و17 يناير عام 1964، عندما اجتمع قادة كل الدول الـ13 الأعضاء في الجامعة العربية وقتذاك، بدعوة من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، واختتمت بقرارات من بينها، تشكيل قيادة موحدة للجيوش العربية.كما أكدت القمة العربية العادية الثانية، التي عُقِدَت بعد أقل من 8 شهور، خلال الفترة من 5 إلى 11 سبتمبر 1964 بمدينة الإسكندرية المصرية، بحضور 14 من القادة العرب، على الإيمان والثقة في التضامن الأفريقي الآسيوي.وفي الفترة ما بين 13 و17 سبتمبر 1965، احتضنت مدينة الدار البيضاء المغربية، قمة عربية ثالثة، شاركت فيها 12 دولة عربية. وكان من أبرز قراراتها، الموافقة على إقرار «ميثاق التضامن العربي».في السنوات التالية هيمنت القضية الفلسطينية وتطوراتها بشكل كبير على جدول أعمال القمم العربية، بدءاً بقمة الخرطوم التي استضافتها العاصمة السودانية. وعقدت تلك القمة، في الفترة ما بين 29 أغسطس و2 سبتمبر 1967، بحضور جميع الدول العربية باستثناء سوريا.كما وافق القادة المشاركون في القمة نفسها، على خطة طرحتها الكويت لإنشاء «الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي».وفي ديسمبر 1969، عادت القمة للانعقاد في المغرب، ولكن في عاصمته الرباط هذه المرة، بمشاركة 14 من الدول الأعضاء في الجامعة العربية، وانتهت من دون صدور بيان ختامي. ولم يمض سوى أقل من عام، حتى شهدت القاهرة قمة عربية طارئة كانت الأولى من نوعها حينذاك، وعُقِدَت في الأسبوع الأخير من سبتمبر 1970 بدعوة مصرية، في مسعى لاحتواء اشتباكات وقعت في الأردن.وفي أعقاب حرب أكتوبر 1973، استضافت الجزائر في أواخر نوفمبر من العام نفسه، قمة عادية عُقِدَت بدعوة من مصر وسوريا، وشاركت فيها 16 دولة عربية.  كما شهدت هذه القمة انضمام موريتانيا إلى الجامعة العربية، بعد 13 عاماً على استقلالها عن فرنسا.وفي نوفمبر 1974، التئم شمل القادة العرب من جديد في الرباط، في قمة حضرتها كل الدول الأعضاء في الجامعة، ومن بينها الصومال، التي شاركت في الاجتماعات للمرة الأولى. وكان من أبرز مخرجات هذه القمة اختيار الخرطوم مقراً للمصرف العربي للتنمية الأفريقية، الذي كانت قمة الجزائر السابقة قد اتخذت قراراً بإنشائه.
لبنانوشهد خريف عام 1976 سابقة فريدة من نوعها، إذ عقدت خلاله قمتان في أقل من شهر، أولاها طارئة استضافتها الرياض في 16 أكتوبر بمبادرة سعودية كويتية، لبحث ملف الحرب الأهلية في لبنان، وشاركت فيها 5 دول، أما الثانية فكانت قمة عادية، حضرتها 14 دولة في القاهرة في 25 أكتوبر لاستكمال بحث ما جرى التطرق إليه في العاصمة السعودية.وفي حين انشغلت القمتان العربيتان التاسعة والعاشرة، في بغداد 1978 وتونس 1979، باتفاقيات السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل خلال هذين العاميْن، كما وجد ملف الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988) طريقه إلى جدول أعمال القمة الحادية عشرة، التي حطت الرحال في العاصمة الأردنية عمّان في نوفمبر 1980. وتطرقت الدول الخمس عشرة، التي حضرت القمة أيضاً إلى الحرب الأهلية اللبنانية، التي كانت لا تزال مستمرة، وصادق قادتها كذلك، على «وثيقة استراتيجية»، للعمل الاقتصادي العربي المشترك، حتى عام 2000.وفي نوفمبر من العام التالي، استضافت مدينة فاس المغربية القمة العربية الثانية عشرة، بمشاركة كل الدول العربية باستثناء مصر. وتُعرف تلك القمة بالأقصر بين القمم العربية، حيث استمرت جلسة واحدة فقط. واستُكْمِلَت أعمال قمة فاس، بقمة طارئة عُقِدَت في المدينة نفسها، في سبتمبر 1982، بمشاركة 19 دولة عربية، وانتهت ببيان ختامي، كان من أبرز قراراته، إقرار مشروع للسلام مع إسرائيل على أساس انسحابها من الأراضي المحتلة عام 1967، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.وفي أغسطس 1985، مَثَّل الاتفاق على تشكيل لجنتيْن تعملان على تنقية الأجواء بين الدول العربية وحل الخلافات القائمة بينها، أحد أبرز قرارات قمة طارئة، عُقِدَت في مدينة الدار البيضاء المغربية. وكان لافتاً كذلك، حضور ملف «الإرهاب الدولي» على طاولة الاجتماعات، التي خَلُصَت إلى إعلان القادة المشاركين فيها، استنكارهم للإرهاب بكل أنواعه ومصادره.
انعقاد دوريوفي عمَّان، كان الموعد في نوفمبر 1987 مع قمة طارئة رابعة، شاركت فيها 20 دولة عربية، وطُرِحَت فيها قضية عودة مصر إلى الجامعة العربية، بجانب ملفات القضية الفلسطينية والحرب العراقية الإيرانية، والحرب الأهلية في لبنان.وفي يونيو من العام التالي، عُقِدَت في الجزائر قمة طارئة أخرى، تركزت على بحث تطورات القضية الفلسطينية. وطالب المشاركون في الاجتماعات، بعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، تحت إشراف الأمم المتحدة.ولم تنتهِ سلسلة القمم العربية الطارئة التي شهدها عقد الثمانينيات من القرن الماضي، قبل أن تضم قائمتها قمة استضافتها الدار البيضاء في مايو 1989، وشهدت عودة مصر إلى جامعة الدول العربية، بعد سنوات من تجميد عضويتها فيها.واستهل عقد التسعينيات قممه على الوتيرة نفسها، لتشهد بغداد قمة استثنائية سابعة في مايو 1990، وتلتها القاهرة التي احتضنت القمة الطارئة الثامنة في 9 و10 أغسطس من العام نفسه، لبحث سبل التعامل مع غزو العراق للكويت، الذي كان قد وقع قبل ذلك بأسبوع واحد فحسب. وشكلت العاصمة المصرية ساحة للقمتين الطارئتيْن التاليتيْن، عاميْ 1996 و2000، اللتين تركز فيهما الاهتمام على القضية الفلسطينية وتطوراتها. وفي قمة 2000 تحديداً، اتفق القادة العرب على مبدأ الانعقاد الدوري لقممهم بشكل سنوي ووفقاً للترتيب الأبجدي، لتصبح عمّان في مارس 2001 العاصمة الأولى، التي تستضيف الاجتماعات وفقاً لهذا المبدأ، وشهدت أيضاً الاتفاق على عقد المؤتمر الاقتصادي الأول بالقاهرة، في وقت لاحق من العام نفسه.
المبادرة العربيةفي مارس 2002، عُقِدَت القمة في بيروت، واتفق المشاركون فيها على تبني مبادرة للسلام في المنطقة، طرحها وقتذاك العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد، لتتحول إلى مبادرة عربية.وقبل أقل من ثلاثة أسابيع من اجتياح العراق في 19 مارس 2003، انعقدت القمة العربية العادية الخامسة عشرة، في شرم الشيخ بمصر، وهيمنت عليها أجواء الأزمة.أما قمة تونس، التي عُقِدَت في مارس 2004، فقد شهدت إقرار ما عُرِفَ بـ «وثيقة عهد ووفاق وتضامن» بين القادة العرب، وأكد المشاركون فيها تمسكهم بمبادرة السلام العربية، التي أقرتها قمة بيروت.وما بين استضافة تونس لتلك القمة واحتضانها للقمة العادية الثلاثين التي عُقِدَت فيها عام 2019 قبل أن تتوقف الاجتماعات ثلاث سنوات جراء أزمة وباء «كورونا»، طافت الاجتماعات بالعديد من العواصم والمدن العربية.وخلال تلك السنوات تم الاتفاق في قمة الخرطوم 2006، على إنشاء مجلس السلم والأمن العربي، كما دُشِنَت آلية عقد القمم العربية الاقتصادية، بدءاً بالكويت عام 2009، ثم مصر في 2011، قبل أن تستضيف السعودية القمة الثالثة في 2013، التي أعقبتها قمة رابعة في لبنان عام 2019.

شارك الخبر على