«كاليبسو» الإمارات
almost 3 years in الإتحاد
في منتصف سبعينيات القرن الماضي ومع انبهارنا بالبث الملون لتلفزيون دبي، كنت أتابع بإعجاب كبير برنامج «عالم البحار» والذي ركزت جل حلقاته على عالم البحار والمحيطات المغامر الفرنسي جاك إيف كوستو وسفينته العتيدة «كاليبسو» والتي كانت كاسحة ألغام أميركية تقاعدت عن العمل دفعه شغفه بعلوم وأسرار البحار لجمع الأموال من أصدقائه لشرائها عام 1950وتحويلها لسفينة أبحاث علمية، بعد أن جهزها بأحدث تقنيات ذلك العصر من مختبرات وأدوات غوص وتصوير تحت الماء وطاف بها العالم سابراً أغوار المياه العميقة في مختلف بحار ومحيطات الكرة الأرضية بما فيها المتجمدة.وقد وصل في إحدى محطات حياته إلى أبوظبي حيث التقاه المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع بدء الاستكشافات النفطية البحرية للإمارة. وقد رحل كوستو عن عالمنا في يونيو من العام 1997 عن 87 عاماً بعد أن ترك للعالم أكثر من 115 فيلماً وثائقياً و50 كتاباً، ونال الأوسكار عنها، وبعد أن شغل منصب مدير متحف علم المحيطات في موناكو لمدة ثلاثين عاماً ومنحته الأمم المتحدة جائزة البيئة الدولية.لمعت في الذاكرة هذه الرحلة الحافلة عن الأبحاث البحرية، وسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة في أبوظبي، يعلن بدء الهيئة «بناء وتطوير سفينة أبحاث تعتبر الأكثر تقدماً وتطوراً على مستوى الشرق الأوسط، والأحدث في المنطقة»، مؤكداً سموه «التزام الهيئة بمواصلة جهودها للحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي البحري والموارد الطبيعية لإمارة أبوظبي، والنظام البيئي البحري الأوسع لدولة الإمارات العربية المتحدة»، وتعد «إنجازاً بالغ الأهمية سيمكننا من مراقبة مخزوننا السمكي والتنوع البيولوجي البحري والحفاظ عليهما بالإضافة إلى تعزيز شغف الباحثين الإماراتيين الشباب لدراسة مصايد الأسماك لسنوات قادمة».جرى تركيب أول قطعة فولاذ على متن السفينة في يونيو 2021، وسيتم إجراء التجربة البحرية الأولية لها في فيجو الإسبانية أواخر العام الجاري 2022 مع إجراء تجارب في مياه الخليج خلال رحلتها إلى أبوظبي. جهد استثنائي إماراتي رفيع وإسهام علمي كبير، يؤكد ما توليه قيادتنا الرشيدة من دعم واهتمام بالبحث العلمي لحماية البيئة وتحقيق استدامة الموارد وصون المحميات بأنواعها للحفاظ على التنوع البيئي البحري على وجه الخصوص لاعتبارات عدة تلخص ارتباط إنسان هذه الأرض وعلاقته الأزلية بالبحر. وشكراً بوسلطان.