خبراء اشتراطات البنوك والروتين عقبات أمام تحقيق «الشمول المالي»

ما يقرب من ٧ سنوات فى التحرير

تستقبل مدينة شرم الشيخ في الفترة من 13 إلى 15 من سبتمبر الجاري مؤتمر التحالف الدولي للشمول المالي، بحضور 94 دولة و119 مؤسسة عالمية، وذلك تحت إشراف البنك المركزي المصري برئاسة طارق عامر، وتحت رعاية رئاسة الجمهورية بعنوان "اكتشاف التنوع وتعزيز الشمول".

واختارت مصر شعارًا للمؤتمر يتمثل في صورة الإله "إيزيس"، المرتبطة بنشر المعرفة والحكمة في العالم القديم.

ما هو الشمول المالي؟

يعرف الشمول المالي على أنه إتاحة الخدمات أو المنتجات المالية من: حسابات التوفير، والحسابات الجارية، والتأمين، والتمويل والائتمان لشرائح مختلفة من الشعب، سواء كانوا أفرادا أم مؤسسات، وذلك بجودة مناسبة وأسعار معقولة تمكنهم من التعامل مع القنوات الرسمية المالية كالبنوك، وهيئات البريد والجمعيات الأهلية، وتضمن تلك الخدمة إتاحة فرص مناسبة لكل فئات الشعب لإدارة مدخراتهم وأموالهم بشكل سليم، وخضوعها للرقابة والإشراف تجنبا لأي عمليات نصب أو أن يفرض عليهم رسوم مبالغ فيها.

يعتبر الشمول المالي إحدى ركائز النمو الاقتصادي، فيعمل على دمج الاقتصاد غير الرسمي للأفراد والمؤسسات داخل الهيكل الاقتصادي الرسمي للدولة، ويضمن تطور الخدمة التي تقدمها المؤسسات المالية المدرجة في نطاقه لتوافر عنصر التنافسية بين المؤسسات، كما يساعد في تحسن مستوى المعيشة داخل الدولة وانخفاض معدلات الفقر من خلال احتوائه شرائح معينة داخل المجتمع كالفقراء، ومحدودي الدخل، والمرأة، والشباب، والأطفال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.

متطلبات تنفيذ الشمول المالي

يتطلب تنفيذ برنامج الشمول المالي وضع أجندة عمل بالتنسيق مع العديد من الجهات داخل الدولة، ودراسة دقيقة للخدمات المالية التي تقدمها المؤسسات المالية بالفعل وإمكانية تطويرها، والسعي لتحقيق رغبات المستهلك من تلك الخدمة.

ويلعب جهاز حماية المستهلك دورًا حيويا في تنفيذ البرنامج من خلال تعزيز الثقة بين الشعب والمؤسسات المالية والمصرفية الرسمية من خلال إتاحة المعلومات اللازمة للعميل في كل مراحل تعامله مع مقدمي الخدمات، وتوفير معاملات شفافة وعادلة حول طبيعة الخدمات المصرفية المقدمة وبأسعار معقولة، وتقديم خدمات استشارية وتفعيل إمكانية تقديم الشكاوى من قبل المواطنين.

كما ينبغي أن تعمل الحكومة على تطوير خدمات الادخار والتأمين ووسائل الدفع، ولا تقتصر على خدمات الإقراض، ليمتد أثر البرنامج إلى فئات أشمل، فضلاً عن ضرورة الاهتمام بالتوعية المالية والمصرفية للفئات المستهدفة من خلال التنسيق مع العديد من الجهات الحكومية.

مبادرة البنك المركزي

أطلق البنك المركزي أبريل الماضي مبادرة الشمول المالي بالتنسيق مع جميع البنوك العاملة في مصر وعدها "39" بنكا، تحت عنوان "حساب لكل مواطن"، ودعا البنك المركزي المصارف إلى تسهيل فتح حسابات بالبنوك للمواطنين دون حد أدنى لفتح الحساب، مشددا على ضروة الوجود في الأقاليم والمناطق النائية والمدارس والنوادي والجمعيات الأهلية لتوعية المواطنين بالمشاركة في المبادرة.

وأقام البنك عدة مبادرات لدعم الشمول المالي من خلال تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومنحها تسهيلات ائتمانية بنسبة 5%، إضافة إلى ذلك تخصيص محافظ ائتمانية بالبنوك للمشروعات متناهية الصغر، وتمويل مشروعات الصناعة والتصنيع الزراعي والطاقة المتجددة، فضلاً عن مبادرة التمويل العقاري التي خصصت لها البنوك ما يقرب من 7 مليارات جنيه، وتقديم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت وأجهزة المحمول.

وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي مصطفى نمرة، إن المؤتمر خطوة لا مفر منها، حتى لو كان العائد ضعيفًا، مضيفا أنه لم يعد من الرفاهيات، وإنما يضمن الرقابة على المصارف المالية ورفع موارد الدولة من ضرائب ومرتبات، ويقضي على مشكاتل مهمة كالفساد والجرائم وغيرها، فضلا عن دمج السوق غير الرسمي في الاقتصاد.

وأشار إلى أن هذا البرنامج يعد من تحديات الدولة خاصة مع نسبة الأمية الكتابية المرتفعة في مصر، التي تصل تصل إلى نحو 30%، فضلا عن الأمية الاقتصادية والثقافية، مؤكدًا أن الدولة لديها تحد كبير بتعزيز ثقة الشعب في القطاع المصرفي، باعتباره جزءا لا يتجزأ من النظام الحكومي.

وأضاف نمرة أن مشكلات القطاع المصرفي متجذرة تحتاج إلى فترة من خمس إلى عشر سنوات لتداركها، وذلك من خلال تسهيل الإجراءات بالنظام المصرفي وإتاحة فتح الحسابات دون إجراءات متشددة، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي متشدد فيما يتعلق بمعرفة مصادر رؤوس الأموال، على عكس دول مثل ألمانيا التي تقبل التعاملات المباشرة بالكاش دون معرفة المصدر.

وأكد ضرورة اهتمام الدولة بسياسات التعليم والتوعية الثقافية والاقتصادية، وتوفير الضمانات اللازمة للمتعاملين بالنظام المصرفي وتعزيز الثقة بين الحكومة والشعب، فضلاً عن تطبيق مبادرات البنك المركزي للشمول المالي.

واستبعد الخبير المصرفي أحمد سامي وجود أي جدوي للمؤتمر قائلا: "المعاملات في البنوك تتم بصعوبة وبيضحكوا على الناس"، مشيرا إلى تشديدات البنوك على ضرورة معرفة مصادر الأموال، لافتا إلى أن تلك المبادرات أطلقت منذ عام وحتى الآن لا جدوى لها.

بينما شدد الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد، على ضرورة توفير الوعي الاقتصادي والمصرفي أولاً، مشيرًا إلى أن إجراءات الشمول المالي لا تتم إلا من خلال وجود فوائض مالية، مضيفًا بقوله "الناس ماعهاش فلوس أصلا والكلام ده ما بيتنشرش بالمؤتمرات".

وقال عبده إن نشر الثقافة لا يحتاج إلى غرف مغلقة لمتخصصين ولكن لا بد أن تبدأ من الشارع والمواطنين، ولكي يحقق المؤتمر خطوة في طريق التنمية لا بد من الاهتمام بالتغطية الإعلامية الجيدة والمختلفة له، فضلاً عن الاهتمام بالنواحي المادية وضرورة توفر فائض في ظل وجود معدلات مرتفعة من التضخم على مشارف الـ40%، هذا بالإضافة إلى ضرورة تقديم ضمانات للمواطنين للتعامل بالكاش مع المصارف المالية وتوفير درجة من الأمان لهم.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على