الإمارات ومصر.. ٥٠ عاماً من التضامن

ما يقرب من ٣ سنوات فى الإتحاد

أحمد مراد (القاهرة)
شكلت العلاقات بين الإمارات ومصر، على مدى 50 عاماً، واحدة من المحطات الاستراتيجية في مسار التضامن العربي، ويكمل كل منهما الآخر. وأوضح خبراء لـ «الاتحاد» أن القيادات المتعاقبة على الدولتين أدركت خلال الـ50 عاماً الماضية جيداً أهمية العلاقات المشتركة، وعملت على تعزيزها عبر العديد من الاتفاقيات والبرامج والآليات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية.
محطة استراتيجيةالسفير السيد أمين شلبي، المدير التنفيذي الأسبق للمجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية الأسبق، شدد على أهمية ومتانة العلاقات التاريخية التي تجمع الإمارات ومصر، مؤكداً أن العلاقات المشتركة بين البلدين تمثل واحدة من أهم المحطات الاستراتيجية والحيوية في مسار التضامن العربي على مدى الـ50 عاماً الماضية. وأوضح الدبلوماسي المصري لـ «الاتحاد» أن تاريخ العلاقات الإماراتية المصرية يعود إلى ما قبل الإعلان عن قيام دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر عام 1971، حيث سجلت الذاكرة المصرية العديد من المواقف المشرفة التي اتخذها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، دعماً ومساندة لمصر في أعقاب نكسة يونيو 1967، فقد قدم مجموعة من المساعدات الاقتصادية، فضلاً عن رعايته الكريمة لإقامة حي الشيخ زايد بمدينتي السويس والإسماعيلية لمعالجة آثار النكسة.ومع الإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971، سارعت مصر إلى الاعتراف بها، وكانت من أوائل دول العالم التي أقرت بوحدة الإمارات العربية المتحدة وسيادتها على أراضيها. وفيما بعد حرصت مصر على دعم الإمارات على المستوى الإقليمي والدولي، واعتبرتها القاهرة إضافة قوية للدول العربية، وركيزة للأمن والاستقرار والوحدة في المنطقة الخليجية.
قلب العربأشار المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري إلى أنه خلال السنوات العشر الأولى في عمر الدولة الإماراتية، تعمقت روابط الأخوة والشراكة الاستراتيجية بين الإمارات ومصر، وتبادل قيادات الدولتين اللقاءات والتشاورات والاتصالات.وحرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على مد جسور التعاون مع مصر من منطلق إيمانه بالدور المحوري الذي تلعبه القاهرة في المنطقة العربية، وهو الأمر الذي عبر عنه بمقولته الشهيرة: «مصر بالنسبة للعرب هي القلب، وإذا مات القلب فلا حياة للعرب». وفي أواخر عقد الثمانينيات من القرن الماضي، شهدت العلاقات الإماراتية المصرية نقلة نوعية، لا سيما مع إنشاء لجنة عليا مشتركة بين البلدين في عام 1988، وفي العام نفسه تم توقيع اتفاق للتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والتقني وتشجيع وحماية الاستثمارات، وتوقيع اتفاق آخر للتعاون المشترك بين الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية واتحاد الغرف التجارية والصناعية بالإمارات.واتجهت العلاقات الإماراتية - المصرية في عقد التسعينيات من القرن الماضي إلى مزيد من التطور، وخلال هذه الفترة، وقع البلدان العديد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون، أبرزها اتفاقية للتعاون المشترك بين الاتحاد التعاوني الاستهلاكي الإماراتي والاتحاد العام للتعاونيات المصري في العام 1991، واتفاق إنشاء مجلس الأعمال الإماراتي - المصري المشترك في عام 1993، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب في عام 1994.وقال السفير السيد شلبي: «الإمارات ومصر دولتان تمتلكان تاريخاً مشرفاً حافلاً بالعمل والتعاون المشترك، سواء على المستويات الدبلوماسية أو السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية، وهو الأمر الذي جعل علاقاتهما حيوية وضرورية، ويكمل كل منهما الآخر، ويشكلان إحدى أهم التحالفات في منطقة الشرق الأوسط».
برامج وآلياتأوضحت الدكتورة نادية حلمي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة بني سويف، في تصريحات لـ «الاتحاد»، أن القيادات المتعاقبة على دولتي الإمارات ومصر خلال الـ 50 عاماً الماضية، أدركت جيداً أهمية العلاقات المشتركة بين الدولتين، وعملت على تعزيزها عبر العديد من الاتفاقيات والبرامج والآليات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية.وفي هذا الإطار، جاء حرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على إقامة وتنفيذ العديد من المشروعات التنموية في مصر، أبرزها مدينة الشيخ زايد التي أنشئت في عام 1995 لإسكان 150 ألف نسمة، بالإضافة إلى قناة الشيخ زايد بطول 50 كيلومتراً في منطقة توشكى لزراعة 450 ألف فدان، وترعة الشيخ زايد في منطقة وادي النطرون، وترعة الشيخ زايد شرق قناة السويس التي تروي 40 ألف فدان.وأشارت الدكتورة نادية حلمي إلى أن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، سار على نهج القائد المؤسس، وحرص على تعميق العلاقات والروابط بين الإمارات ومصر، وفي هذا الإطار وقع البلدان في 22 يوليو 2008 مذكرتي تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارتي خارجية البلدين، وبهدف إجراء محادثات ثنائية منتظمة لمناقشة العلاقات وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية.
تشاور مستمرفي أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، شهدت العلاقات الإماراتية - المصرية دفعة قوية، حيث كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي سارعت إلى مد يد العون لمصر من أجل مساعدتها في حفظ الأمن والاستقرار الداخلي، وأكدت دعمها الكامل والمستمر للشعب المصري.ومع تولي الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، رئاسة الجمهورية في منتصف عام 2014، وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، شهدت العلاقات الإماراتية - المصرية تطوراً هائلاً على المستويات كافة.ونجح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في بناء جسور متينة وشراكة قوية بين الإمارات ومصر، واتفق البلدان في فبراير من عام 2017 على تشكيل آلية تشاور سياسي ثنائية تجتمع كل 6 أشهر على مستوى وزراء الخارجية، والأخرى على مستوى كبار المسؤولين.ونوهت الدكتورة نادية حلمي إلى التقارب والتفاهم الشديدين بين الإمارات ومصر تجاه مختلف قضايا المنطقة العربية، وهو أمر يمثل نتيجة حتمية للتنسيق المستمر بين البلدين حيال القضايا العربية مثل القضية الفلسطينية والعراقية واللبنانية والليبية واليمنية والسورية، في ظل وجود تقارب كبير في الرؤى والمواقف السياسية تجاه هذه القضايا المهمة.
الأولىترتبط الإمارات ومصر بشراكة اقتصادية استراتيجية، وبحسب الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة الأولى من حيث الدول المستثمرة في مصر باستثمارات تقدر بـ 6.200 مليار دولار، ونحو 1250 شركة برؤوس أموال مصدرة تقترب من 20 مليار دولار.وتمثل العمالة المصرية في الإمارات عاملاً مهماً لتعميق الروابط والعلاقات الإماراتية - المصرية، ويحقق السوق المصري استفادة كبيرة من تحويلات المصريين الدولارية القادمة من الإمارات التي لعبت دوراً مهماً في مجال مواجهة تداعيات قرار تحرير صرف الجنيه المصري أمام الدولار.

شارك الخبر على