الجمهورية البازل الرئاسي مشتت.. الوساطات تعقيــدات.. واشنطن لمراعاة مصلحة اللبنانيين

أكثر من سنة فى ن ن أ

وطنية - كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول:

باقٍ من الزمن الرئاسي 9 ايام لتطوى صفحة ولاية الرئيس ميشال عون ويشغر القصر الجمهوري من سيّده، وتُفتح صفحة جديدة اعتبارًا من اول تشرين الثاني المقبل، يحكمها فراغ في سدّة الرئاسة الاولى حتى اشعار آخر. والايام التسعة هذه تشكّل فرصة اخيرة لاستيلاد حكومة تتأرجح حتى الآن بين منطقين متصادمين، تعب الوسطاء في محاولة التقريب بينهما، قبل السقوط في فراغ حكومي يُحال أمر البلد فيه إلى حكومة تصريف اعمال، محاطة مهمتها سلفًا بالتباسات واحتمالات لا تبشّر بخير. وفي موازاة «الفراغين» إن قدّر لهما ان يتواكبا معًا، وهو امر شبه مؤكّد حتى الآن، لا أحد يملك قدرة التنبؤ بنوع، او كمّ، او حجم، او مساحة ما قد تشهده مرحلة «الفراغين» من أحداث وتطورّات، وما قد ترخيه من آثار وتداعيات على هذا البلد، وأثمان اضافية على شعبه المنكوب.

البازل الرئاسي .. مبعثر

فانتخاب رئيس الجمهورية، وكما بات محسومًا في الجو السياسي القائم، فرصُه معدومة، لم تبق عظة في صرح كنسي، او خطبة في جامع، او نصيحة من الصديق والشقيق، إلى ديوك الصراع الداخلي في جلبهم إلى بيت الطاعة الوطنية والتعامل بمسؤولية مع واقع بلد يُحتضر، ولا نفع الترغيب بأنّ البلد مقبل حتمًا على ازدهار وانتعاش إن تفاهمتم وأتممتم استحقاقاتكم وسلكتم طريق الاصلاحات، ولا نفع ترهيب بأنّ البلد مقبل حتماً على خراب وانهيار إن بقي الحال على ما هو عليه أسير الإرادات والحسابات والأجندات المتصادمة.

هو واقع ينذر بكل ما هو سلبي. فالبازل الرئاسي، مبعثرة قطعه بين ديوك السياسة، كلّ منها يستحوذ على قطعة «يمكيجها» بمواصفات برّاقة، يتبجّح بها في كل جلسة انتخابية فاشلة في مجلس النواب. ويبازر فيها، بل ويبارز فيها خصومه بامتلاكه ما يعتبره «حق الفيتو» على هذا وذاك من المرشحين المفترضين لرئاسة الجمهورية، ويشدّ الرئاسة في اتجاهه دون الآخرين، ويتعامى عن الفشل الذي يُمنى به في كلّ جلسة انتخاب. والاسطوانة ذاتها تتكرّر منذ الجلسة الانتخابية الاولى، وعلى ذات المنوال ستتكرّر في كل جلسة لاحقة، طالما انّ حبال الود مقطوعة، وإرادة التوافق الذي لا مفرّ منه لتمرير الاستحقاق الرئاسي، معدومة.

هذه الصورة المبعثرة هي التي ستتصدّر مرحلة ما بعد ولاية الرئيس عون الى أجل غير مسمّى، حيث لا يبدو في أفق المكوّنات المتمترسة خلف دشم الانقسام السياسي، ما يوحي بإمكان تجميع قطع البازل الرئاسي على ارضية توافقية، والذهاب إلى انتخابات رئاسية بصورة طبيعية في المدى المنظور، فإرادة الصدام هي الغالبة حتى الآن لكل دعوة تفاهم ووئام. وأمام هذا المأزق، يبرز السؤال، هل ثمّة مخرج لهذا المأزق، وهل من سبيل لبلوغه وكيف؟

على هذا السؤال، يأتي الجواب متشائمًا على لسان مرجع مسؤول بقوله لـ»الجمهورية»: «لا ارى بصيص امل في الأفق الرئاسي، والاستحقاق ضحية واقع سياسي مشتت، لا يمكن ان ينتظم الّا عبر التوافق. ولكن مع الاسف لا يريدون التوافق، بل يمعنون في احترافهم في صنع الهزائم لأنفسهم ولبلدهم هكذا بالمجان. في اي حال، ومهما طال الزمن لا مفرّ من عبور طريق التوافق، وامامنا الآن فرصة لبلوغه على البارد، وما اخشاه ان نصل الى وقت تقودنا اليه صدمة حامية مكلفة سياسيًا وماليًا واقتصاديًا وربما غير ذلك».

 

حث اميركي وفرنسي

وفي موازاة هذا الفشل، يبرز الموقفان الاميركي والفرنسي اللذان يحثان اللبنانيين على انجاز الاستحقاقات اللبنانية، والسعي في اتجاه اخراج لبنان من ازمته. فالإدارة الفرنسية تولي اهتمامًا ملحوظًا بالشأن اللبناني، سواء عبر موفديها في اتجاه لبنان، او عبر السفيرة في بيروت آن غريو، التي تتنقل في كل الاتجاهات الداخلية، ناقلة رسالة فرنسا إلى القادة السياسيين وغير السياسيين بالتعجيل في إتمام الاستحقاقين الرئاسي والحكومي، وزارت امس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وكان تشديد على ضرورة تشكيل حكومة قادرة على النهوض بالبلد من أزماته، وعلى وجوب انتخاب رئيس للجمهورية وإعلاء مصلحة لبنان واللبنانيين بمختلف اطيافهم فوق كل مصلحة خاصة.

اما واشنطن، وفق ما تؤكّد مستوياتها السياسية، فترى انّ الاولوية هي لتعزيز استقرار لبنان، وذلك يتمّ عبر تشكيل حكومة تلبّي طموحات اللبنانيين والتعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية. وكان لافتًا ما اعلنته وزارة الخارجية الاميركية، غداة فشل المجلس النيابي في جلسة الخميس، في انتخاب رئيس للجمهورية، حيث دعت المسؤولين اللبنانيين إلى تنحية مصلحتهم الشخصية جانبًا، ووضع مصلحة اللبنانيين في المقام الأول.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، في مؤتمر صحفي: «نشعر بالقلق حيال الأوضاع الاقتصادية والسياسية في لبنان منذ بعض الوقت ومنذ شهور طويلة. لقد دأبنا على حث المسؤولين اللبنانيين على تنحية مصلحتهم الشخصية جانبًا للعمل بشكل بنّاء من أجل مصلحة الشعب اللبناني». وتابع برايس: «الشعب اللبناني بعد كل شيء كان يعاني منذ فترة طويلة من سوء الإدارة نتيجة الفساد وانعدام الأمن وفراغ السلطة».

وقال: «نريد أن نشهد قيام حكومة لبنانية تضع مصالح اللبنانيين في المقام الأول وتضع لبنان على أسس سياسية مستقرة وعلى أسس اقتصادية سليمة وتلبي الحاجات الملحّة للبنانيين».

وفي سياق متصل، أفيد أمس بأنّ خمسة اعضاء في الكونغرس الاميركي من لجنة الصّداقة الأميركيّة - اللّبنانيّة، داريل عيسى، ودارين لحّود، وديبي دينغل، ودافيد جويس، ودانيل كيلدي، وجَّهوا قبل ثلاثة ايام رسالة إلى وزير الخارجيّة الأميركيّة أنتوني بلينكن، حضُّوهُ فيها على أن يبذل والديبلوماسيّة الأميركيّة كُلّ الجُهود اللّازِمة لمواكبة «إتمام استحقاق انتِخاب رئيس جمهوريّة للُبنان في موعِده الدّستوري، رئيس يُحقّق استقرار واستِقلال وسيادة لبنان، وتمنع تحوّله إلى دولة فاشِلة».

وجاء في الرسالة: «إنَّ استِقرارًا طويل الأمَد في الشَرْق الأَوْسَط يعتمِدُ على بقاءِ لبنان مستقرًا، سيِّدًا، ومستقِلًا، ليستعيد الثّقة الدّوليّة والثّبات الاقتصاديّ. من هُنا فإنَّ أيّ فراغٍ جديد في رئاسة الجمهوريّة اللّبنانيّة سيُفاقِم الوضع، لذا نسأل الإدارة أن تُشجّع القادة في مجلس النوّاب اللّبناني على التّعاون لانتِخاب رئيسٍ جديد».

اضافت: «كُلُّ جهد ديبلوماسيّ مطلوب أيضًا لتشكيل حكومة محرّرة من الفساد، حكومة ديموقراطيّة، وإنَّ المؤسّسات الدُّستوريّة معنيّة بالعمل لخدمة مصالح الشَّعْب اللّبناني حصرًا». وخلصت الرسالة إلى انّه «لا يُمكِن أن نسمح بأن يتحوّل لبنان دولة فاشلة، وإنّنا نُقدِّر اهتمام الولايات المتّحدة بهذه المسألة كما دعمها الشَّعْب اللّبناني».

 

الوساطة مستمرة

واما البازل الحكومي، فمبعثر بدوره. الوسطاء المجنّدون لإعادة تجميعه، ماضون في مساعيهم وجهودهم في بناء ما يسمّيه احدهم «جسر العبور الى حكومة اللحظة الاخيرة». وعلى الرغم من المطبّات التي تعترض مهمتهم وحالت دون بلوغ الغاية المرجوة، فإنّهم لا يزالون يراهنون على إحداث مفاجأة ايجابية، تبني مساحة مشتركة بين منطق رئيس الجمهورية الذي يظهّره رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، والذي يصرّ على حكومةٍ، رئيس الجمهورية حاضر فيها بعد انتهاء ولايته، بوجوه وزارية موثوقة من قِبل التيار، وهذا يعني إجراء تغييرات تطال عددًا من الوزراء المسيحيين، مع الإبقاء على وزراء في حقائبهم مثل وزير الطاقة وليد فياض. وبين منطق الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، الذي يرفض من جهة اي طرح من شأنه أن يمسّ صلاحياته، ويصرّ من جهة ثانية، على تشكيلة وزارية كما سبق وطرحها، مع تغييرات محدودة، يقال انّها تشمل وزير الطاقة.

 

التيار: التمثيل الحقيقي

وبحسب ما هو سائد في أجواء التيار، فإنّه «لا تلمس اي جدّية لدى الرئيس المكلّف في التوجّه نحو تشكيل حكومة، وعَكَس ذلك الإصرار على حكومة كما يريدها طيّعة له، فهو يريد أن يأخذ ولا يعطي، وتبعًا لذلك لا مجال للقبول بأي صيغة تقفز فوق موقع الرئيس وحجم التيار، ولا تأخذ بالاعتبار معيار التمثيل الحقيقي، بوجوه موثوقة وغير مرتهنة».

وتؤكّد: «ووفق هذه الاجواء، فإنّ الرهان على بقاء حكومة تصريف الاعمال الحالية وتناط بها صلاحيات رئيس الجمهورية، هو رهان فاشل سلفًا، وإمعان في جرّ البلد إلى الوقوع في فوضى لا حدود لها. وتبعًا لذلك لا يمكن ان نقبل، بل لن نسمح بأن يُهان موقع الرئاسة، وتجيير صلاحيات رئيس الجمهورية إلى حكومة غير موجودة».

 

هجوم عنيف

وفي المقابل، ينقل فريق الرئيس المكلّف عنه، تأكيده انّ الحلول الحكومية متاحة شرط صفاء النيات. ورفضه القاطع لأي محاولة للإخلال بالتوازنات القائمة او محاولة وضع اليد على القرار الحكومي.

ويلقي هذا الفريق على باسيل مسؤولية تعطيل تشكيل حكومة، وتعقيد مهمة الوسطاء. ولفت ما اورده موقع «لبنان 24» التابع للرئيس ميقاتي، حول انّ باسيل يراوغ، حيث اتهمه «بالمراوغة مع الوسطاء، وممارسة لعبة تمرير الوقت، سعيًا لتنفيذ شروطه قبل الموافقة، نيابة عن رئيس الجمهورية وبتكليف منه، على التعديل الحكومي. وكلما تمّ التوصل إلى تفاهم أخرج من جعبته مطلبًا اشكاليًا جديدًا».

ووفق آخر المعطيات، كما اوردها الموقع، «فإنّ باسيل يصرّ على شرطه بتسليم اسماء الوزراء المسيحيين في اللحظة الاخيرة قبل إصدار المراسيم الحكومية، ويرفض منح تكتله الحكومة الثقة، من دون ان ييأس من إمكان نجاحه في تمرير مرسوم تجنيس جديد، بدأت صرخة الموعودين به ترتفع بعدما «قاموا بالواجب الوطني المطلوب»، علماً انّ رئيس الحكومة كان حاسمًا في رفض هذا الامر منذ تمّت مفاتحته به «من خلال الاستعانة بصديق».

وحمل الموقع بعنف على باسيل، واتهمه بأنّه أوصل عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى نهاية حوّلت الاكثرية الساحقة من اللبنانيين الى حال العوز، ولم يرتدع.

وقال الموقع: «انّ باسيل وضع شروطًا تعجيزية امام الوسطاء الذين عملوا على «حلحلة» العِقد أمام تشكيل حكومة جديدة، ما جمّد الملف الحكومي رغم جهود المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم والحاج وفيق صفا. كما انّه يهّدد مجدداً بعدم السماح لحكومة تصريف الاعمال» بأن «ترث» صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي، وبخطوات أخرى تجعل من إمكانية حكم حكومة تصريف الاعمال أمراً مستحيلاً، وقد تؤدي إلى فوضى دستورية وأزمة سياسية حادّة». كما يبشر الحاكم «بتوقيع عمّه» بإطلالة تلفزيونية لرئيس الجمهورية قبل نهاية العهد، وبأنّه «سيعلن فيها سلسلة خطوات، من بينها توقيع مرسوم قبول استقالة حكومة ميقاتي، علمًا انّ هذه الخطوة لو تمّت لا تغيّر في الواقع الدستوري شيئًا، لأنّ الحكومة ستبقى تصرف الاعمال بموجب الدستور إلى حين تشكيل حكومة جديدة كما هو الحال الآن. فضلًا عن انّ الحكومة معتبرة مستقيلة حكمًا مع بدء ولاية مجلس النواب في ايار الماضي، ولا داعي لأي تدبير آخر، حتى انّ رئيس الحكومة لم يقدّم استقالة خطية لأنّ الامر مفروغ منه دستورياً».

وخلص الموقع في هجومه على باسيل إلى القول: «دونكيشوت الجمهورية» لا يريد لرئيس الجمهورية أن يمضي «بسلام» إلى منزله، بل يخطّط لمزيد من الخراب والفوضى، متجاهلاً او متناسياً، لا فرق، أنّ البلد ليس صكًا عقاريًا بمتلكه باسيل اسمياً او التفافياً، وانّ من بات محط شبه إجماع على خصومته من قبل الغالبية الساحقة من الناس، لن يستطيع بعد فقدان «التوقيع الاخير» أن يبقى منتفخًا سياسيًا، كما هو الآن».

 

قراءتان

إزاء هذا المشهد، تبرز قراءتان سياسيتان، تقارب الاولى حركة الوسطاء بإيجابية حتمية، ستفضي حتمًا الى تشكيل حكومة، وثمة من حدّد مطلع الاسبوع المقبل موعدًا لولادة هذه الحكومة. ويستند صاحب هذه القراءة الى فرضية «انّ كل الاطراف تستشعر حجم المشكل الكبير الذي قد يقع فيه البلد في غياب حكومة كاملة الصلاحيات والمواصفات. والفوضى الدستورية اشار اليها بصراحة ووضوح جبران باسيل، تبدأ بعدم الاعتراف بحكومة تصريف الاعمال كوريث لصلاحيات رئيس الجمهورية. وليس مستبعدًا ان تجاريه في هذا الموقف اطراف اخرى سياسية وغير سياسية. وبالتأكيد فإنّ هذه الفوضى إن سقط فيها البلد ستكون باهظة الكلفة على كل المستويات».

واما القراءة الثانية، فتقارب ملف التأليف بتشاؤم بالغ، تنعى احتمال تشكيل الحكومة، مستندة بدورها الى فرضية انّه لو كانت ثمة إرادة جدّية في تشكيل الحكومة لما تمّ تضييع كل هذا الوقت وصولًا الى عنق الولاية الرئاسية. ويذهب صاحب هذه القراءة بعيدًا في تأكيد سلبية الاطراف، وكما يصفه بـ«تكاذبها» على بعضها البعض، ويقول: «الحكومة عالقة بين منطقين يحضّران، كلّ على طريقته، لمعركة ما بعد الولاية الرئاسية. المنطق الاول يعبّر عنه باسيل عبر إصراره على حكومة بتمثيل كما يريده، يدرك سلفًا انّ مراده لن يتحقق، وخلفية هذا الإصرار هي التبرير لنفسه بعد انقضاء الولاية، المشاغبة كيفما شاء، على حكومة تصريف الاعمال».

واما المنطق الثاني، كما يقدّر صاحب القراءة، فيعبّر عنه الرئيس المكلّف اولًا بتعامله مع التأليف على قاعدة «انّه في موقعه كرئيس للحكومة، فإن تشكّلت هو رئيسها، وإن لم تتشكّل الحكومة فهو رئيس حكومة تصريف الاعمال. ومن هنا ممانعته للشروط التي تُطرح عليه واصراره على حكومة، من موقعه كصاحب صلاحية التأليف، بتعديلات محدودة تطال بعض الوجوه، هو يدرك سلفًا انّ الطرف الآخر لن يقبل بذلك. وخلفية هذا الإصرار قناعته بصلاحية حكومة تصريف الاعمال في تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية وفق النص الدستوري، التي تبرّر له ان يشهر امام أي منطق يعتبر حكومة تصريف الاعمال غير شرعية، سلاح الاحتكام الى الدستور الذي تستمد شرعيتها منه.

 

هل ضاق الوقت؟

الى ذلك، وفيما بدأت اوساط سياسية تنعى إمكان تأليف حكومة في الايام المتبقية من ولاية عون، على اعتبار انّ الوقت بات ضيقًا جدًا، والاسبوع المتبقي وحتى ولو تمّ التوافق على حكومة، لم يعد يتسع لإتمام إجراءات التأليف والبيان الوزاري وجلسة الثقة، خالفت مصادر قانونية هذا الرأي وقالت لـ«الجمهورية»: «الوقت متاح، وفي الإمكان تشكيل حكومة واصدار مراسيمها في آخر لحظة من ولاية رئيس الجمهورية. فانتهاء ولاية الرئيس لا تنتهي معه مفاعيل مراسيم تشكيل الحكومة. فالدستور لم يلحظ ذلك لا من قريب او بعيد، بل انّ ثمة مسارًا محددًا في المادة 64 من الدستور يوجب على الحكومة عند تأليفها ان تتقدّم من المجلس النيابي ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يومًا من تاريخ صدور مراسيمها، ولا تمارس صلاحياتها قبل نيلها الثقة الّا بالمعنى الضيّق لتصريف الاعمال. بمعنى اوضح انّ الحكومة ان تشكّلت،

وانتهت ولاية الرئيس، تصبح هي تلقائيًا حكومة تصريف الاعمال بدل الحكومة القائمة، الى حين نيلها الثقة من مجلس النواب».

وردًا على سؤال عمّا إذا بادر رئيس الجمهورية الى توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة، قالت المصادر: «الحكومة لم تستقل، طوعًا، بل اعتُبرت مستقيلة مع بدء ولاية المجلس النيابي الجديد، فضلًا عن انّ رئيس الحكومة لم يتقدّم بكتاب استقالة. ولكن حتى ولو حصل هذا الإجراء واصدر رئيس الجمهورية مرسوم قبول استقالة الحكومة، فلا مفاعيل له على الاطلاق، ولن يغيّر في واقع الحال شيئًا، وخصوصًا انّ الدستور (المادة 64) اعطى للحكومة المستقيلة وكذلك التي تُعتبر مستقيلة، حق تصريف الاعمال بالمعنى الضيق، ولا يحول دون هذا الحق مرسوم صادر عن رئيس الجمهورية».

شارك الخبر على