العنف ليس ظاهرة اجتماعية

أكثر من سنة فى الرأى

في سياق الأحداث الداخلية وما ينعكس على مواقع التواصل الاجتماعي من تحديثات حول العنف الأسري والاجتماعي، يوحي بأن هناك ظاهرة من العنف المجتمعي، ويعطي انعكاسا غير صحيح بان الاردن دولة تسوده ظاهرة العنف المجتمعي والبلطجة والتذمر ويبعث برسالة بان احد مرتكزات قوة الاردن ومنعته في استقراره الامني والسياسي والاجتماعي وهو ما يؤثر بكثير من التفاصيل على صورة الاردن البراقة والجاذبة للسياحة والاستثمار وذلك نتيجية للتراكم شبه اليومي للتريندات التي تتصدرها مواقع التواصل الاجتماعي طبعا من خلال تضخيمها وتوسيع دائرتها واعطاء نموذج غير حقيقي عن قوة وصلابة الاجهزة الامنية والتي في كل الحالات قبضت على كل الجناة ومراقبيهم ومساعديهم وهناك من يتجرأ على تصوير الحدث الاجرامي من خلال اصدقائه او اطراف ثالثة مع سبق الاصرار والترصد يقوم بنشر ذلك الفعل الجرمي على مواقع التواصل الاجتماعي معتبرا نفسه متحديا لهيبة الدولة وسيادة القانون مع ان كل المجرمين تم القاء القبض عليهم ويخضعون الان الى القضاء العادل والذي تراكمت لديه تلك الدعاوى وباشر دون تأجيل في النظر في القضايا المطروحة امامه دون اي تلكؤ او تأويل.

ان من يتكلم في هذه الايام عن الحوادث الفردية هنا وهناك والتي هي حوادث تتكرر بشكل يومي في كل دول العالم ولكنها لا تحظى بشغول الاعلام المجتمعي واعتبارها ظاهرة اجتماعية.

ان هذه المبالغة في مراكمة الجرائم الفردية والاسرية كانها العامل الحاسم والرئيسي وهي محور المجتمع الاردني هو تجني حقيقي على واقع الاستقرار المجتمعي والاسري في الاردن الحبيب وهو خطير جدا وخاصة على ابواب التحول السياسي القادم وعلى البدء بتطبيق الرؤية الاقتصادية وقانون الاستثمار والذي تسعى الحكومة من خلال تحركها الحثيث وباسناد ومتابعة من قبل الحراك الملكي في الخارج لجعل الاردن مركزا اقليميا لوجستيا بحكم تلك العناصر التي على رأسها الاستقرار الاجتماعي والسياسي والامني وهو ايضا ما جعل هيئة الامم المتحده لجعل الاردن مركزا اقليميا في اطار عالم البحار وخاصة في الاتفاق مع الاردن على انشاء معهد اقليمي بين الاردن والامم المتحده يختص في هذا العالم وهو ايضا ما جعل التوصية بجعل الاردن مركزا اقليميا للامن الغذائي في اطاره اللوجستي كل ذلك يأتي من خلال تأثير واقع الامن والاستقرار الاردني على واقع صناع القرار في دول العالم وغيرها من الاستثمارات الاجنبية وخاصة في قطاع الاغذية والغذاء علاوة عن القفزة الاستثنائية التي قام بها القطاع السياحي والتي نلمس نتائجها في كل يوم.

كل هذه الجهود ستكون غير فاعلة عندما يستأثر الاعلام المجتمعي في سرد الجرائم والعنف والبلطة والتنمر كواجهة يتصدر من خلالها الاردن مواقع التواصل الاجتماعي ويجعلها تتحول من جرائم طبيعية في سياقها التاريخي وفي سياقها الزمني وانها تعود بالاساس الى توسع دائرة الفقر والبطالة والازمة الاقتصادية المتراكمة ببعديها الموضوعي والذاتي وهي ظاهرة عالمية الطابع ولكننا نتميز عن كل تلك الدول بان الاردن يتوافق توافقا كليا حول مرجعيته الهاشمية والمتمثلة في قيادته الفذة والحكيمية المتمثلة في جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين والتي تواكب بشكل يومي كل صغيرة وكبيرة وتتخذ في كثير من الاحيان اجراءات حكيمة توازن ما بين حرية التعبير والتحريض او التجييش لصالح اي ظاهرة سلبية في المجتمع.

من هنا إن تعامل وسائل التواصل الاجتماعي بتركيزها المحمود على السلبيات وتظهيرها وجعلها محور الواقع الأردني يتطلب بعد المطالبات التقليدية المتمثلة في الاسراع في ترجمة الرؤى الاقتصادية، والتي نأمل أن تنتج هذه العملية الانتقالية إلى نتائج ملموسة تنعكس على الطبقات الصغيرة وتوقف نزيف الطبقة الوسطى وتحد بشكل ولو نسبي من البطالة، وترسخ سيادة القانون في استقطاباتها وفي تعاملاتها مع الجرائم والبلطجة والتنمر كركيزة للعدل، بعد كل ذلك يجب أن يكون هناك آلية تستهدف الوعي المجتمعي تنطلق من مفهوم تغليب الإيجابيات والتي هي لا تعد ولا تحصى في مسيرة هذا الوطن والمحاربة الشفافة للظواهر السلبية واعتماد آلية جديدة تستهدف مدونة سلوك للاعلام المجتمعي بالحفاظ على حرية التعبير على الرأي والرأي الآخر.

كل هذا لا يعطي أحدا الحق في اعتبار أن تلك الحوادث الجرمية، أسرية كانت أم فردية، طابع الظاهرة الاجتماعية، فالظواهر الاجتماعية تستلزم وعيا اجتماعيا يدعمها، ولكن المسؤولية المجتمعية للشعب الأردني ترفض تلك الممارسات، ولذلك فهي حوادث جرمية تقليدية إذا ما قورنت بمفهوم الظاهرة الاجتماعية.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على