العرض والطلب.. والفجوة بين المهارات الوطنية والوافدة

أكثر من ٦ سنوات فى الشبيبة

محمد محمود عثمانتشهد أسواق العمل الخليجية اتجاهين متضادين هما: تزايد عدد العمال الأجانب وتنامي عدد الباحثين عن عمل، نتيجة للخلل في منظومة إدارة التنمية البشرية وعدم قدرتها على توجيهها وفق الاحتياجات الفعلية لسوق العمل ورفده بالأيدي العاملة التي تتمتع بدرجة عالية، أو حتى مناسبة من المهارة والمهنية التي يطلبها السوق، في ظل المنافسات الشرسة بين الأيدي العاملة.ومع الفجوة السحيقة بين العرض والطلب تختل معايير التوازن الذي يتحقق من خلال الوجود الإيجابي للأيدي العاملة الوطنية بما يخفف من حدة الأعداد المتزايدة من الباحثين عن عمل، والداخلين الجدد لسوق العمل سنويًا من مخرجات التعليم العام والعالي.وهنا تظهر إشكالية الاستثمار في الموارد البشرية، التي يعد الاستثمار فيها، من أهم الاستثمارات التي يجب أن نوليها جل الاهتمام في إطار السعي للتنمية الاقتصادية الشاملة، لذلك تسعى دول العالم قاطبة إلى استغلال كل الموارد المتاحة المتوفرة لبرمجة الخطط التنموية، والتي تبدأ دائما من الموارد البشرية باعتبارها عاملًا رئيسيًا في نجاح كل الخطط الاقتصادية، لذلك يهتم المستثمر دائمًا بمستوى الخبرات والمهارات التي تتمتع بها الأيدي العاملة في سوق العمل، باعتبار أن توافر الأيدي العاملة المدربة والرخيصة أيضا، هو من أهم المميزات النسبية التي يتفوق بها سوق عن آخر، باعتبارها من عوامل الجذب القوية التي يسعى إليها المستثمر المحلي أو الأجنبي.وأدركت الدول المتقدمة أن الثروة لا تكمن في توفير عناصر الإنتاج مثل المواد الخام أو رأس المال أو السوق فقط، بل في إدارة وإعداد القوى العاملة لتؤدي الدور المطلوب منها بالكفاءة التشغيلية التي تحقق الإنتاجية المطلوبة، لذلك يعاني سوق العمل العربي من خلل كبير في مستوى المهارات التي تتمتع بها القوى العاملة الوطنية، في مواجهة منافسة الأيدي العاملة الوافدة، ولسوف يظل يعاني لسنوات قادمة، طالما استمرت تلك الإشكالية الحقيقية باعتبارها المعادلة الصعبة التي تتمثل أطرافها في العامل الوطني والقطاع الخاص والعامل الوافد وإنتاجية العامل ومستوى المهارات المكتسبة والأجر المستحق أو المطلوب، وفقا لأسس ومعايير العمل الدولية، ومدى توافقها مع احتياجات العامل، وقدرة القطاع الخاص، وأثر ذلك على التكلفة الكلية للتشغيل، وتأثيرها على الأرباح والخسائر.هي معادلة متعددة الأطراف، ومن هنا تأتي صعوبتها، والأصعب أن المشكلة تتراكم عاما بعد آخر، حتى أنها تزداد تعقيدا مع مرور الوقت، خاصة إذا كانت هناك عوامل أخرى مؤثرة، مثل النظام التعليمي وآليات التدريب المتاحة وإمكانياتها، وافتقاد ثقافة العمل المهني التي تحتاج إلى التأصيل في مجتمعاتنا العربية والخليجية تحديدا، خاصة أن لها انعكاسا ت سلبية على الخلل الناتج عن التركيبة السكانية، وأخطر ما في ذلك هو النقص الشديد في الأيدي العاملة الوطنية الماهرة والمدربة القادرة على تحمل مسؤوليتها في سد احتياجات سوق العمل والمشاركة في عمليات التنمية الاقتصادية المستدامة، على الرغم من زيادة حجم البطالة وأعداد الباحثين عن عمل، والداخلين الجدد سنويا إلى سوق العمل، وكلها تشكل عناصر ضغط في الأزمات الاقتصادية، لما لها من تأثيرات سلبية اقتصادية وسياسية واجتماعية، قد تصل إلى حد كارثي.ولابد أن يواكب ذلك إسهام فاعل وواع من وسائل الإعلام والثقافة والفن والدراما المتنوعة في تكريس ثقافة العمل المهني بين فئات المجتمع المختلفة حتى تصبح ثابتة ومقبولة في ذهن ووجدان الجميع على المدى الطويل.وحتى لا تتحول الأيدي العاملة الوطنية إلى مجرد متفرج، يخسر فرصة المشاركة الفاعلة وفرصة العمل المتاحة، التي يمكن أن يستفيد منها ماديًا ومعنويًا.محمد محمود عثمانmohmeedosman@yahoo.com

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على