نيويورك تايمز هل ينجح بوتين بالتفوق على الغرب؟

أكثر من سنة فى الرأى

كتب الصحافي والمحلل توماس ل. فريدمان مقالاً في صحيفة "نيويورك تايمز" سلط من خلاله الضوء على ما ستكون عليه روسيا بعد إعلان فلاديمير بوتين الجمعة ضم أجزاء من أوكرانيا، لافتاً إلى أن هذه الخطوة "لن تكون مجرد تهديد جيوسياسي، بل ستكون مأساة إنسانية ذات أبعاد ضخمة".وقال فريدمان إنه "بعد ضم الأجزاء الـ4 من أوكرانيا الجمعة، من الصعب رؤية أي نتيجة أخرى طالما أن بوتين في السلطة"، واصفاً ما يسعى إليه الأخير من محاولة التفوق دائماً على الغرب، بأنه "تخصص كوري شمالي".وأضاف أن الرئيس الروسي أعلن الجمعة "بضجة كبيرة ضم مناطق أوكرانية: لوهانسك ودونيتسك، المنطقتان المدعومتان من موسكو حيث تقاتل القوات الموالية لبوتين كييف منذ عام 2014، وخرسون وزابوريجيا، اللتان تم احتلالهما منذ فترة وجيزة بعد غزو بوتين في فبراير (شباط)، وأكد أن سكان هذه المناطق سيصبحون مواطنين روس إلى الأبد".تسوية تفاوضيةلكن فريدمان تساءل ما الذي يخطط له بوتين؟ قبل أن يجيب "يمكن للمرء فقط التكهن، بداية بسياسته الداخلية، قاعدة بوتين ليست طلاب جامعة موسكو الحكومية. قاعدته هي القوميون اليمينيون، الذين أصبحوا غاضبين بشكل متزايد من الإذلال العسكري الروسي في أوكرانيا".وأضاف الكاتب "للحفاظ على دعمهم، ربما شعر بوتين بالحاجة إلى إظهار أنه من خلال التعبئة الجديدة يخوض حرباً حقيقية من أجل روسيا الأم، وليس مجرد عملية عسكرية خاصة وغامضة".ومع ذلك، لفت فريدمان إلى أن "هذا قد يكون أيضاً محاولة من قبل الرئيس الروسي للمناورة بتسوية تفاوضية مواتية. لن أتفاجأ إذا أعلن قريباً عن استعداده لوقف إطلاق النار، واستعداده لإصلاح خطوط الأنابيب، واستئناف شحنات الغاز إلى أي دولة مستعدة للاعتراف بضم روسيا".السلاح النوويوتابع "يمكن لبوتين بعد ذلك أن يدعي لقاعدته القومية أنه قد حصل على شيء مقابل حربه، حتى لو كانت باهظة الثمن، وهو الآن راضٍ عن وقف إطلاق النار، لكن تبقى هناك مشكلة واحدة فقط: بوتين لا يسيطر في الواقع على كل الأراضي التي يضمها".وذكر فريدمان أنه من المحتمل أن "بوتين قد وضع نفسه في الزاوية من خلال ادعاء السيطرة على الأراضي التي لا يسيطر عليها بالكامل، ما قد يقوده يوماً ما إلى محاولة الهروب بسلاح نووي".لكن فريدمان توقع بأن تستمر حرب بوتين للشتاء، "في الوقت الذي تكون فيه إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا مقيدة والأسعارباهظة، وهو ما قد يقود الغرب إما إلى إبرام صفقة قذرة مع بوتين لوقف حربه، أو ستكون هناك مواجهة من خلال الإصرار على عدم حصول بوتين على أي إنجاز إقليمي من هذه الحرب".انهيار الجيشولفت الكاتب إلى أنه "سيكون هناك ضغوط داخل أوروبا للقبول بصفقات بوتين، وهو تحديداً ما يهدف إليه الأخير: تقسيم التحالف الغربي والابتعاد بانتصار يحفظ ماء الوجه".لكن فريدمان أشار إلى "خطر آخر قصير المدى يمكن أن يقترب من بوتين.. إذ أنه في حال لم ينحرف الغرب، ولم يختر صفقة معه، بل ضاعف الأسلحة والمساعدات المالية لأوكرانيا، فهناك فرصة لانهيار الجيش الروسي".وقال الكاتب إن "هذا لا يمكن التنبؤ به، لكن ما يمكن التنبؤ به هو أن هناك ديناميكية موجودة الآن ستدفع روسيا أكثر نحو نموذج كوريا الشمالية، حيث يبدأ الأمر بقرار بوتين قطع معظم إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا الغربية".وتابع "لكن بوتين جعل نفسه مورداً غير موثوق به لبعض أقدم وأفضل عملائه، بدءاً من ألمانيا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي. إنهم جميعاً يبحثون الآن عن إمدادات بديلة طويلة الأجل من الغاز الطبيعي، وبناء المزيد من الطاقة المتجددة"."كوريا الشمالية الروسية"وقال فريدمان إن الأمر "سيستغرق من عامين إلى ثلاثة أعوام حتى تبدأ شبكات خطوط الأنابيب الجديدة القادمة من شرق البحر الأبيض المتوسط، والغاز الطبيعي المسال القادم من الولايات المتحدة وشمال إفريقيا، في استبدال الغاز الروسي بشكل مستدام على نطاق واسع".ولكن، يضيف فريدمان "عندما يحدث ذلك، وعندما تزداد إمدادات الغاز الطبيعي العالمية بشكل عام للتعويض عن فقدان الغاز الروسي، ومع ظهور المزيد من مصادر الطاقة المتجددة، فقد يواجه بوتين تحدياً اقتصادياً حقيقياً".واختتم المحلل مقاله بالقول إن "بوتين يعمل على تآكل أكبر مصدر للدخل المستدام طويل الأجل. في الوقت نفسه، يضمن ضمه غير القانوني لمناطق أوكرانيا بقاء العقوبات الغربية على روسيا سارية، ما سيؤدي فقط إلى تسريع هجرة روسيا إلى وضعية الدولة الفاشلة"، مضيفاً "ربما لم يترك لنا بوتين أي خيار سوى تعلم العيش مع كوريا الشمالية الروسية".

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على