«ترعة ناصر» في الأقصر بين تهميش المسئولين وهجرة أبنائها (صور)

ما يقرب من ٧ سنوات فى التحرير

لم يخطر في بال أبناء قرية ترعة ناصر بجنوب الأقصر، أن يأتي عليهم يوم من الأيام لهجر آبائهم وأمهاتهم بعد أن ضاقت عليهم الحياة فيها، من أجل الاعتماد على أنفسهم وتحقيق ما لم تحققه لهم الحكومة في ظل التهميش الذي تُعاني منه بلدتهم.

وتُعاني قرية ترعة ناصر التي تقع في أواخر المحافظة والتى تفصل الأقصر عن أسوان، ويبلغ تعداد سكانها حول 10 آلاف نسمة، منذ سنوات عديدة من تهميش المسؤولين، مما أدى إلى نقص العديد من الخدمات بداخلها، وهجرها شبابها بحثًا عن الرزق في محافظات أخرى.

أوضاع القرية تتسبب في هجر الشباب

"الشباب كلوا مسافر ومتغرب يدور على لقمة العيش، في محافظات وجه بحري بالعمل في المعمار من الضيقة".. بتلك الجُملة تحدث عدلى بدر، أحد أهالى القرية، متابعًا، "ترعة ناصر هجروها لما تمر به من ظروف قهرية وعدم وجود مشروعات أو وظائف تساعدهم في كسب رزقهم".

والتقط محمد عبد الحميد، طرف الحديث، قائلًا: "الشباب أغلبهم مؤهلات عليا، ولكنهم يعملون في الفاعل، بالمدن الجديدة التي يتم أنشائها والمحاجر، وكل من يصل سنة إلى 17 عامًا، وما فوق يهم بالذهاب إلى محافظات أخرى، هيقعد هنا يعمل أيه، البلد مفيهاش معيشة".

وأشار حسين سليمان، أحد الشباب الذي عاد إلى قريته لزيارة أسرته في أجازة العيد، إلى أن شباب القرية يبحث عن تجهيز تكاليف الزواج من بناء منزل وتشطيبه، ودفع مهر و شراء شبكة، في ظل غلاء الأسعار وعدم وجود وظائف أو مشروعات أو إسكان شباب يخدم أبناء البلدة، لافتًا إلى أن الأعمال التي يقومون بها تهدر صحتهم، لأنها في الفاعل.

وتابع سليمان، أن أحد هناك مشكلة أخرى تتسبب في هجرة الشباب إلى محافظات أخرى تاركين الأراضي الزراعية التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، وهي عدم وجود ظهير صحرواي، حيث أن القرية يحدها النيل من الجانب الشرقي والجبل من الناحية الغربية، مما يجعلهم يقومون بإنشاء المباني على الرقعة الزراعية التي ضاقت وتهمشت لعدم وجود إسكان شباب أو منطقة مخصصة من قبل المسئولين لبنائها كمساكن.

مكتب بريد بالإيجار منذ 10 سنوات

ورغم أن غالبية شباب قرية ترعة ناصر بالأقصر، هجروها بحثًا عن الرزق في محافظات أخرى واحتياج القرية إلى مكتب بريد لإرسال ما يتحصلوا عليه من أموال لأسرهم، بالإضافة إلى المستفيدين من المعاشات، إلا أن مكتب البريد الذي يخدم القرية أغلق منذ 10 سنوات لقيام لجنة بمعاينته، وأصدرت قرارًا بأنه آيل للسقوط، ولم يتم إزالته حتى الآن، مما اضطر الأهالي إلى تأجير شقة ودفع التكاليف الشهرية إلى مالكها، دون أن يتحرك ساكنًا من قبل المسئولين حتى الآن.

يقول عبد اللطيف حامد، أحد الأهالي، في عام 2007 قامت لجنة بمعاينة المبنى، وأقرت بأنه آيل للسقوط ويجب إزالته، وتم وقف النشاط بداخله، ولم يفعل القرار حتى الآن، أو بناء آخر خلفً له، رغم أن أقرب مكتب بريد على بعد 5 كيلو من القرية، وحوالي 3 آلاف شخص يتقاضون معاشاتهم منه.

وأضاف، قمنا باستئجار شقة بـ500 جنيه شهريًا، و نقوم بجمعها من الأهالي للدفع لصاحبه، دون أن يتحرك مسئول تجاه هذه المشكلة، مشيرًا إلى إرسال العديد من الشكوى، التي تقابل بوعود وهمية منذ إغلاق المبنى حتى الآن.

وحدة شؤون بـ800 جنيه شهريًا على عاتق الأهالي

وأوضح محمد عبد الحميد، أن قريتهم مدرجة ضمن القرى الأكثر فقرًا على مستوى الجمهورية، وتحتاج إلى وحدة شئون اجتماعية، لأن الوحدة الأساسية تبعد مسافة أكثر من 10 كيلو متر، فطالبهم المسئولين بتخصيص قطعة أرض، وتم تخصيصها منذ 5 سنوات، ولا يوجد اهتمام، مشيرًا إلى أن المحافظ و نائب وزير التخطيط وعداهم باعتماد مالي لإنشائها، ولم يحدث حتى الآن، مما جعل الأهالي يقومون باستئجار شقة بـ800 جنيه شهريًا، يأتي بها موظف واحد لمدة يومين في الأسبوع، ولم يقضي أي مصالح، موجهًا الأهالي لوحدة قرية العضايمة.

وأكد عبد الحميد، أن هناك العديد من الأرامل والمطلقات وذوي الاحتياجات الخاصة بالقرية، وبذهابهم إلى وحدة شئون العضايمة يكون هناك بعض الطلبات المنقوصة، مما يجعلهم يذهبون مرارًا وتكرارًا في عناء شديد، مطالبًا بإنشاء الوحدة من أجل خدمة الأهالي وتخفيف العناء عنهم.

انهيار العملية التعليمية بترعة ناصر

أما عن حال التعليم في القرية، فهناك مدرستين ابتدائي، وأخرى اعداداي معطلة منذ 3 سنوات، حيث استطرد عبده حفني، أن المدرسة الإعدادية صدر لها قرار إزالة في عام 2014، ولم ينفذ حتى الآن، مما أدى إلى ضم تلاميذها إلى إحدى المدرستين الابتدائيتين، لتعمل بنظام الفترتين.

وذكر حفني، أن هذا الأمر أثر على العملية التعليمة، وجعل ساعات الدراسة للتلاميذ قليلة جدًا، وعدم ممارسة الأنشطة بصورة طبيعية، لضيق الوقت.

وأشار محمد عبد الحافظ، أن المدرسة الابتدائية التي ضم لها تلاميذ الإعدادية ستدخل في تطوير هذا العام، الأمر الذي يترتب عليه توزيع أطفال الابتدائي إلى المدرسة الأخرى، والإعدادي إلى مدرسة خارج القرية تبعد مسافة 5 كيلو مترات، مما يؤدي إلى إرهاق الطلاب، ومصروفات زيادة، وتخوف أولياء الأمور من الحوادث.

وأكد عبد الحافظ، أن المدرسة الابتدائية التي سيتم نقل التلاميذ إليها سعتها 6 فصول علمًا بأن الأولى 12 فصل، وبذلك ستزداد كثافة الطلاب إلى 80 طالب بالفصل الواحد، بالإضافة إلى انها فترتين، مما يهدد مستقبل الأطفال والعملية التعليمية بالانهيار والتدمير بالقرية.

الظلام سيد الموقف على الطرقات

وعن حال الكهرباء في القرية، أوضح السيد عبد السميع، أن هناك ضعف شديد بها، بالإضافة إلى عدم قيام المجلس بتركيب كشافات بأعمدة الإنارة، وقيام الأهالي بجمع أموال وشراء لمبات إنارة على حسابهم الخاص لتركيبها، مؤكدًا أن رئيسي القرية والمدينة، أبلغوهم بعدم وجود كشافات تكاسلًا منهم.

ضعف المياه وصدأ المشرح العمومي

وعن حال المياه، أرجع أحد الأهالي، أن المرشح قديم ومواسير المياه متهالكة، وتصل ضعيفة جدًا للمنازل ولا تستطيع الصعود للأدوار العليا، بالإضافة إلى أنها تأتي في بعض الأحيان ملوثة لعدم صيانة المواسير.

من جانبه أشار اللواء حاتم زين العابدين، السكرتير العام لمحافظة الأقصر، بعد اطلاعه من قبل "التحرير" على المشكلات التي تعاني منها القرية، وعد بترتيب زيارة لها، للوقوف على جميع الخدمات، وإيجاد حلول سريعة للمشكلات التي تعاني منها.

شارك الخبر على