الإمارات وعُمان حاضر ومصير مشترك

أكثر من سنة فى الإتحاد

عبدالله أبو ضيف وأحمد عاطف (أبوظبي)
تجمع دولة الإمارات وسلطنة عُمان، روابط تاريخية عميقة، تشهد زخماً متواصلاً على المستويين الرسمي والشعبي، فهي ليست وليدة اللحظة أو مرحلة معينة، بل نشأت منذ الميلاد الإماراتي والعُماني، بناءً على المبادئ التي أرسى دعائمها الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. والعلاقات بين البلدين تشكل نموذجاً راسخاً يحتذى به لما ينبغي أن تكون عليه علاقات دول الجوار، انطلاقاً من حاضر ومصير مشترك، قائم على المواقف والأهداف التي تحقق تكامل الرؤى، وهو ما تعكسه الرؤية الحكيمة لقيادتي البلدين بالارتقاء بهذه الروابط، وما تجسده من تعزيز التعاون وتنمية المصلحة المشتركة.وترتكز العلاقات بين البلدين على عمق ورصانة وتواصل أخوي مستمر بين قيادتي الشعبين، والتعاون المشترك، لتحقيق ما يطمح إليه شعبا الإمارات وسلطنة عُمان من نمو وازدهار.ويظل تعميق العلاقات بين البلدين، على الدوام أولوية رئيسة لدى قيادة الدولة، في نهج ثابت، يستند إلى ما تثمره علاقات التعاون المتجددة من خير للشعبين، وعوامل قوة لنهضة البلدين، والرسالة المشتركة في تعزيز الاستقرار والتنمية والازدهار في المنطقة بأسرها. وتعكس الزيارات المتبادلة والحرص على التواصل والتنسيق الدائم، العلاقات الوثيقة وتوحيد الرؤى بين البلدين الشقيقين، حيث تتضمن قضايا التعاون الثنائي وتبادُل وجهات النظر، بشأن عددٍ من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية، لاسيما مستجدات الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية والشرق الأوسط، والجهود المبذولة لإيجاد تسويات سياسية للأزمات والتحديات التي تواجهها، بما يكفل تحقيق السلام والاستقرار للمنطقة وشعوبها.وتتسم العلاقات الإماراتية العُمانية بالتطور الاستراتيجي، في إطار رؤيتهما المشتركة للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات، تحقيقاً للمصالح الاستراتيجية المشتركة، وحرص البلدين على دعم العمل الخليجي المشترك.وتمثّل التطور في تكثيف التشاور والاتصالات والزيارات المتبادلة، لتنفيذ الرؤى الاستراتيجية لقيادة البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر ازدهاراً وأمناً واستقراراً والتنسيق لمواجهة التحديات.

وتحرص قيادتا البلدين على توثيق العلاقات باستمرار، حتى تستمر هذه العلاقة على ذات النهج والمضمون، وهو ما يوفر مزيداً من عناصر الاستقرار الضرورية لهذه العلاقة، التي تستصحب إرثاً من التقاليد السياسية والدبلوماسية التي أُرسيت على مدى عقود طويلة، في سياق تاريخي، رهنها دائماً لمبادئ التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، لذا تحقق الانسجام التام والكامل لجميع القرارات المتخذة من الدولتين الشقيقتين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.والمُتتبع لعلاقات السلطنة بدول العالم جميعها يجد تلك الروح العُمانية المتسامحة والمتعاونة والمتآزرة بما يخدم السلام العالمي وتحقيق الاستقرار، وهذه العلاقة تترسخ وتتكامل أكثر مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تربطها بالسلطنة أواصر القربى والرحم والدم واللغة والجغرافيا والتاريخ المُشترك والرسوخ الممتد تاريخياً واجتماعياً.وعلى مدار أكثر من 3 عقود، ساهمت اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين في توطيد العلاقات، ومواصلة تعزيز التعاون المشترك، ودعم العلاقات الاقتصادية والتجارية.وبدأت هذه اللجنة أول اجتماعاتها في شهر نوفمبر من عام 1991، وشملت أعمالها التعاون في مجالات الربط الآلي في المنافذ البرية، والنقل البري للركاب والبضائع، وأسواق المال، وحماية المستهلك والبيئة البحرية، والربط الكهربائي، والطيران المدني، والخدمة المدنية، فضلاً عن المجالات التربوية والصحية والدفاع المدني. كما أجرت اللجنة العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة، إضافة إلى التنسيق والتعاون في مختلف المجالات الأمنية والتعليمية والإعلامية.
تطور كبيروتشهد العلاقات تطوراً كبيراً على مستوى التعاون في الأصعدة كافة، ومنها الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين نحو 42.3 مليار درهم عام 2020، وبحسب المؤشرات والبيانات الاقتصادية، تعتبر السلطنة ثاني أهم شريك في التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتستحوذ على ما نسبته 20% من إجمالي التجارة غير النفطية للدولة مع دول مجلس التعاون الخليجي.واهتم البلدان بتطوير العلاقات الاقتصادية بشكل كبير، حيث يوجد نحو 320 علامة تجارية و22 وكالة تجارية عُمانية مسجلة في دولة الإمارات حتى نهاية 2018، ويبلغ عدد العقارات التي يمتلكها العُمانيون في الإمارات 3470 عقاراً، وبلغ عدد العقارات التي يمتلكها الإماراتيون في السلطنة 113 عقاراً و398 مزرعة.وشاركت سلطنة عُمان بجناح مميز، في «إكسبو 2020 دبي»، بتصميم مستوحى من إحدى أيقونات الطبيعة، وهي شجرة «اللبان»، والذي يسرد حكاية البلاد على مر التاريخ، ودور شجرة «اللبان» التي أسهمت بدور كبير في تعزيز التجارة العمانية في حضارات العالم القديم.
جهود مشتركةأسهمت الجهود المشتركة بين دولة الإمارات وسلطنة عمان في تحقيق الكثير من طموحات شعبي البلدين الشقيقين، فهما أول دولتين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتمدان البطاقة الشخصية وثيقةً لتنقل مواطنيهما، بدلا من جوازات السفر منذ عام 1993، وهو ما تم الأخذ به وتعميمه في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية.وفي المجال السياحي تستقبل المنشآت السياحية في البلدين أفواجاً عديدة من السياح من الدولتين في ظل العديد من التسهيلات المقدمة في هذا الإطار، كما أن هناك العديد من الاستثمارات السياحية المشتركة التي أسهمت في استقطاب المزيد من السياح.ويقوم القطاع الخاص في البلدين الشقيقين بدور حيوي في التنمية الاقتصادية، ويعول عليه في تحقيق توجهات التنويع الاقتصادي.ويتطلع الشعبان بآمال كبيرة إلى أن تضع زيارة صاحبِ السُّمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسِ دولة الإمارات العربية المتحدة لأخيه صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق، لبناتٍ جديدةً على مسار التعاون العُماني الإماراتي في كل المجالات وتعمّق الروابط الأخوية وترفع مستوى التقدم المنشود للبلدين الشقيقين والسير نحو المستقبل بعزيمة وثبات.

محطاتويقول محمد سليمان العضو السابق بجمعية الصحافيين العمانية ل«الاتحاد»، إن بعض المحطات التي شكلت نقاط قوة في العلاقات الثقافية بين البلدين، ومنها الفعاليات التي أقامتها سلطنة عُمان بمناسبة اختيار مسقط كمدينة للثقافة العربية عام 2006، حيث شاركت الإمارات بأسبوع ثقافي ومجموعة من المعارض التي تخصصت في الخط العربي والفنون التشكيلية وفنون العملات.كما تستمر المشاركات بين البلدين في الأعياد الوطنية الخاصة بكل بلد، ويعود ذلك إلى وجود وشائج قربى بين أبناء الشعبين، تسهم في مزيد من القوة في العلاقات الاجتماعية بين البلدين.وما زالت الأجيال في الإمارات وعُمان تتواصل مع بعضها البعض، جيلاً بعد جيل، يثبت الشعبان على أهمية استمرار التواصل بينهما وتوحيد الجهود والخطط الاستراتيجية للوصول إلى مستقبل آمن لأبناء الشعبين - بحسب سليمان.
آفاقمن جانبه، يرى مبارك العاتي المحلل السياسي السعودي، أن الجارتان الشقيقتان دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان ترتبطان بعلاقات من الأخوة والتعاون المشترك المبني على أسس تاريخية ترسخت عبر التاريخ في مجالات متعددة.ويقول العاتي ل«الاتحاد»، إن للزيارة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لسلطنة عُمان ولقائه بجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق، أهمية كبيرة في توقيتها، وهو ما سيسهم في دفع العلاقات الثنائية الوثيقة إلى آفاق أوسع وأرحب من التعاون، حيث ستسهم في زيادة التنسيق والتكامل في كل المجالات كافة، وهو ما سنعكس على تقوية أواصر البيت الخليجي، ويقوي دعائمه ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون بين دول المجلس.ولفت العاتي إلى أن البلدين يتقاسمان موروثاً ثقافياً مشتركاً من فنون وآداب شكلت هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما ولجميع شعوب منطقة الخليج العربي، فيما تنعكس العادات والتقاليد المشتركة بين الشعبين.وتزداد الروابط الثقافية والاجتماعية بين الإمارات وسلطنة عُمان تداخلاً وعمقاً بدرجات كبيرة، تصل إلى مستوى العلاقات الأسرية والعائلية وتقاسم العادات والأزياء والفنون، نتيجة للتاريخ المشترك والتلامس الجغرافي، بحسب العاتي.
نهج قويمامتثالاً لتوجيهات القيادتين الرشيدتين بدولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان الشقيقة، واستكمالاً للجهود المبذولة لتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، عقدت «لجنة المتابعة المنبثقة عن اللجنة العليا الإماراتية - العمانية المشتركة» اجتماعها الدوري، في السابع من يونيو الماضي، في العاصمة أبوظبي.واستمراراً للنهج القويم الذي تسير عليه اللجنة، فقد استعرضت، خلال اجتماعها، الموضوعات المدرجة على جدول أعمالها، وفي مقدمتها الموضوعات الاقتصادية والتجارية.وفي أغسطس الماضي، عقد فريق العمل المنبثق عن اللجنة العمانية الإماراتية المشتركة اجتماعاً عبر تقنية الاتصال المرئي، وناقش الاجتماع تطوير التعاون والتنسيق المشتركين في المواضيع التي تحظى باهتمام الجانبين. 
 

شارك الخبر على