لماذا فقدت معارض السيارات الدولية بريقها؟
أكثر من سنة فى البلاد
افتتح معرض “ديترويت” والمسمى أيضًا بمعرض أمريكا الشمالية الدولي للسيارات (NAIAS) قبل أكثر من أسبوع بعد انقطاع دام لسنوات بسبب الجائحة، ويمثل هذا الحدث الظهور الأول الذي طال انتظاره، وبالفعل تغير الكثير منذ آخر عرض له بالمدينة الصناعية في يناير 2019، مع بعض الاحتفالات المألوفة، والكشف عن السيارات الجديدة والمستقبلية وبالطبع الكهربائية.
من الأمور الواضحة هناك تمامًا في المعرض وهو تقديم كل ما يتعلق بالتنقل، سواء أكان ذلك على أربع عجلات أم لا! تشغل الشركات الناشئة ومشاريع التنقل مساحة كبيرة من المساحة الأرضية مثل شركات تصنيع السيارات التقليدية، ويمكن العثور على كل شيء من محطات الشحن EV، إلى تطبيقات الهاتف المدمجة، وكذلك الطائرات بدون طيار في المعرض الذي ضم هذا العام الكثير من السيارات الكهربائية بتألق واضح لشركة شفروليه على وجه الخصوص، وتم تقديم من المصنعين الصغار شاحنات توصيل كهربائية متوسطة الحجم، ومع ذلك لا يزال هناك الكثير من السيارات مع محركات الاحتراق V8، وهو ما يعكس بطريقة أو بأخرى واقع النقل الحالي والاتجاهات في شراء السيارات.
يلبي معرض “ديترويت”، احتياجات العملاء العصريين الذي يستطيعون اختبار المركبات على الطرق الوعرة والشاحنات الصغيرة في 3 ملاعب داخلية كبيرة، مع أفكار مستقبلية حول طائرات الركاب بدون طيار وذاتية القيادة، ومشاهدة الدراسات التي أجرتها الشركات الناشئة على مركبات التوصيل الكهربائية متوسطة الحجم، والسيارات الكلاسيكية ذات محركات الاحتراق، لكن كل ذلك لم يشفع له هذا العام من خلال عدد الزائرين من الصحافة والمختصين، وبالطبع الجمهور الذي ابتعد – كما هو الحال في دور السينما – عن الذهاب إلى معارض السيارات بعد فترة الإغلاق!
فتح معرض أمريكا الشمالية الدولي للسيارات NAIAS أبوابه لوسائل الإعلام والمتخصصين في هذا المجال بعد أن كان ذات يوم من أهم معارض السيارات الدولية في الخريطة السنوية، مع شاشات عرض ضخمة ومكشوفة من شركات صناعة السيارات المحلية والأجنبية على حد سواء، لكن بريقه بدأ يتلاشى حتى قبل الوباء تقريبا، فلم تكن فيراري ولامبورغيني ورولز رويس وبوجاتي في أي مكان يمكن العثور عليه في مكان المعرض المقام بمركز المؤتمرات، وكانت بورشه قد غادرت أيضا.
في يونيو 2020 كانت ولاية ميشيغان تخرج للتو من المرحلة الأكثر صرامة من إغلاقها الوبائي، ولم يقدم المعرض آنذاك خصوصا بعد تحويل المركز للاستخدام الصحي الميداني لفيروس كورونا، وبالمثل تم إلغاء المعرض في 2021 بسبب مخاوف الوباء التي انتهت تقريبا في ديترويت العام الحالي، واختفاء جزئي لقيود الوباء، لكن الجو العام للمعرض كان في حالة اكتئاب أكثر من أي وقت مضى!
كان لمجموعة Stellantis العالمية بصمة كبيرة في المعرض هذا العام، حيث عرضت منتجات Ram و Fiat و Alfa Romeo و Chrysler و Dodge و Jeep، وتم استخدام معظم مساحة شركة صناعة السيارات لقيادة العروض التوضيحية، وتسلق التضاريس الوعرة الاصطناعية وتجربة قوة السحب، وفي الطرف الآخر من القاعة كانت جنرال موتورز التي قدمت فيها شركة كاديلاك عرض صغير على جدران خرسانية غير مزخرفة، وكان لشركة بويك الغير مخصصة لخارج أمريكا وجود صغير بنفس القدر، وكان لشفروليه أكبر بصمة بين جميع العلامات التجارية لجنرال موتورز، ولكن حتى هذا كان باهتا مقارنة بعروض ما قبل الوباء، واستحوذت فورد على غالبية الطابق الرئيسي بالمعرض، مع شاشة مخصصة لتقديم موستانج 2024 الجديدة، ولكن أكثر من أي شيء آخر، كان الأمر الأكثر بروزا هو الفراغ في مساحات المعرض الدولي، والكمية الصادمة من المساحات الخالية بين السيارات!
في عام 2019 وما قبله، لم تكن أرضية المعرض مزدحمة بالسيارات والعروض فحسب، بل كانت أيام وسائل الإعلام كالكابوس للتنقل بسبب حجم المشاركين هناك من حول العالم والزحمة الكبيرة من الحضور، وكان على الصحفيين “القتال” وسط الحشود للحصول على لمحة عن أي مركبة تم الكشف عنها حديثا، وبالنسبة لعام 2022، كان أكبر حشد في المعرض هو خط الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء تجوله في أرضية المعرض، والذي دعا إلى الانتقال إلى السيارات الكهربائبة خلال افتتاح المعرض الذي ينظم مجددا بعد إلغاء الدورتين السابقتين بمشاركة شركات تعرض مزيدًا من الآليات غير الملوثة إلى جانب السيارات التقليدية العاملة بالوقود.
وأكد الرئيس الأميركي: “الرحلة الطويلة بالسيارات عبر الولايات المتحدة ستصبح كهربائية بالكامل”، وسلطت زيارة الرئيس المحب للسيارات، الضوء على معرض غاب عن الواجهة مدة سنتين بسبب جائحة كوفيد-19، وكان المعرض يقام عادة في يناير لكنه نقل إلى سبتمبر حين يكون الطقس مؤاتيا أكثر ولا يتعارض مع معرض لاس فيغاس للتكنولوجيا الذي بات يستقطب مزيدا من الشركات العاملة في قطاع السيارات.
ونسخة العام 2022 لمعرض ديترويت أصغر حجما من سابقاتها، إذ يغيب عنها الكثير من شركات صناعة السيارات الأجنبية وأطراف حديثة في هذا المجال مثل “تيسلا”. أما الشركات الحاضرة التي اعتادت خلال الجائحة الكشف عن آخر طرازاتها عبر الانترنت فلن تنظم عروضا باذخة.
في عصر الإغلاق الوبائي مع إلغاء معارض السيارات، تحولت شركات صناعة السيارات أولا إلى البث المباشر عبر الإنترنت لأول مرة للسيارات الجديدة لديها، ثم إلى الأحداث المستضافة بشكل خاص والسوشيال ميديا، ومن المرجح أن يكون نقل حفنة من الصحفيين والمؤثرين إلى موقع مثير لمشاهدة الظهور الأول لطراز جديد أكثر فعالية من حيث التكلفة من تأمين بصمة في 12 معرضا مختلفا للسيارات على مدار العام، وفي حدث لا يتعين على شركة صناعة السيارات التنافس مع كل علامة تجارية أخرى في السوق للحصول على العيون على أحدث طراز.
لقد غير الوباء الكثير من الأشياء حولنا في الحياة، ولا يمكن إلقاء اللوم على منظمي المعرض بالبطع في ذلك، وتم إحباط انتقال توقيته من يناير إلى يونيو إلى سبتمبر مرارا وتكرارا بسبب التغييرات غير المتوقعة في الحياة تحت تأثير COVID-19، ولكن بعد الاحداث والحضور هذا العام، يأتي التساؤل عما إذا كانت معارض السيارات لها مستقبل على الإطلاق!
وبحسب “يورو نيوز”، لا تزال محركات الوقود تهيمن بشكل واسع على الطرقات في الولايات المتحدة، لهذا أبرزت الشركات الحاضرة في ديترويت السيارات الكهربائية التي تستعد لطرحها أملاً في سحب حصص في هذه السوق الآخذة بالاتساع من “تيسلا”، وروّجت “شيفروليه” للنسخة الكهربائية من شاحنة “سيلفيرادو” الصغيرة ومن سيارة “اكينوكس” الرباعية الدفع الماضي بسعر أساسي قدره 30 ألف دولار.
وقال نائب رئيس شركة “شفروليه” ستيف ماجوروس: “الناس بصدد اعتماد السيارة الكهربائية بشكل كثيف” فمع توافر عدد متزايد من محطات الشحن “بات عدد متعاظم من الأميركيين جاهزين”.
لكن محرّكات الوقود لم تهمل كليا، فقد عرضت شيفروليه نسخة أولى من سيارة “تاهو” الرباعية الدفع العاملة بالوقود، ودافعت “فورد” التي استثمرت في السيارات الكهربائية أكثر من أي مؤسسة أخرى في السنوات الأخيرة عن خيارها، مؤكدة أن “الزبائن المهتمين بالسيارات الرياضية لا يزالون يريدون محرّك احتراق داخلي”.
ومنذ انتخابه رئيسًا، اتخذ جو بايدن إجراءات عدة بهدف تسهيل الانتقال إلى السيارات الكهربائية ومن بينها تخصيص 7,5 مليارات دولار لبناء محطات شحن، وأعلن أن إدارته ستفرج قريبًا عن 900 مليون دولار من هذه المخصصات، وعمل لإقرار قانون واسع حول شبه الموصلات التي باتت أساسية في السيارات الزاخرة بالمعدات الالكترونية وإقرار دعم للشركات وللسائقين.
إلا أن الأطراف الفاعلة في هذا القطاع أبدت تحفظات حول الحوافز الجديدة لشراء سيارة كهربائية والخاضعة لشروط محددة ومن بينها أن يتم التجميع النهائي في أمريكا الشمالية أو لزوم التزود بسلع أساسية انتجت في المنطقة.
الرئيس الأميركي جو بايدن على علاقة جيدة مع شركات صناعة السيارات منذ أن ساعدها على الخروج من المأزق الناجم عن الأزمة المالية في 2008 عندما كان نائبا للرئيس، ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض زار مصانع “جنرال موتورز” و”فورد”، وتأمل شركات صناعة السيارات أن تبدي الإدارة الأميركية مرونة في تطبيق القواعد الجديدة.
المصدر: jalopnik.com