مواجهات معقدة.. بايدن والكونجرس
almost 3 years in الإتحاد
يواجه الرئيس جو بايدن مواجهة صعبة في الكونجرس، وخارجه في الفترة المقبلة، وقبل إجراء انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، حيث نسب التضخم العالية التي تنذر بالخطر على ما هو آت برغم الرسائل الإيجابية التي يعمل عليها الرئيس جو بايدن، وفريق معاونيه بالتأكيد على أن الأمر وقتي ومرحلي، ويتعلق بالأزمة الدولية الراهنة التي خلفتها الحرب الأوكرانية الروسية. برغم ذلك يشير الواقع الفعلي إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي «البنك المركزي»، قد يعجز عن السيطرة على الموقف النقدي والمالي في ظل احتمالات تعرض الاقتصاد الأميركي لهبوط حاد بعدما وصل مقياس التضخم إلى مستويات قياسية فاقت التوقعات التي طرحها الخبراء في أسواق المال بل وفي داخل وزارة الخزانة. في هذا السياق من المتوقع أن تنخفض بعض أسعار السلع حيث يؤدي الطلب الراهن لقوى المستهلكين إلى تحويل المزيد من إنفاقهم نحو السفر والترفيه، لكن كلاهما يظل مرتفعًا. فعلى سبيل المثال انخفضت أسعار السيارات المستعملة للشهر الثاني. كما انخفضت أسعار الطائرات وبعض العقارات، على الأرجح بسبب انخفاض أسعار الوقود. مع استمرار التضخم في تقويض مكاسب أجور المواطن الأميركي.والواقع أن الرئيس الأميركي جو بايدن – وقبل الانتخابات التجديد النصفي للكونجرس – كان يأمل في خفض معدلات التضخم الرئيسية، وذهب إلى حد جدولة بنود قانون خفض التضخم الذي أصدره مؤخرًا، وهو عبارة عن حزمة من سياسات الرعاية الصحية والمناخ. ولكن قوبل الرئيس بايدن بالإضافة إلى اشكالية التضخم عدة قضايا أخرى ستؤثر بشكل كبير في حسم الانتخابات، أبرزها قانون الإجهاض والضرائب والإسكان والقروض التصاعدية وغيرها.ومعلوم أن الحزب «الديمقراطي» يتمتع بالأغلبية في مجلس الشيوخ، وسيحتاج إما إلى الاحتفاظ بمقاعد جديدة، أو انتقائها للحفاظ على تقدمه. وإن كان من المتوقع أن يستعيد «الجمهوريون» عددًا من المقاعد، مع التركيز على أن حزمة مساعدات الرئيس جو بايدن البالغة 1.9 تريليون دولار لمواجهة فيروس كورونا ومقاومة عقود إيجار التنقيب عن النفط تسببت في حدوث تضخم، على الرغم من ارتفاع الأسعار في جميع أنحاء العالم بسبب الوباء وحرب روسيا وأوكرانيا، وتعرض سلاسل التوريد للمتاعب.ومن المؤكد أن تزايد أو انخفاض شعبية الرئيس بايدن إشارة على بداية تعافي الاقتصاد الأميركي من ركود حادث خلال شهور الصيف، وبداية تراجع أسعار الغاز والبنزين، وإقرار قانون التضخم الذي سيخفض تكلفة الأدوية والمركبات الكهربائية والألواح الشمسية. وعلى الرغم من أن مسألة التضخم لا تزال تمثل أولوية قصوى للناخبين الأميركيين في الفترة التي تسبق انتخابات التجديد النصفي، إلا أن نسبة الأميركيين الذين يقولون إنه أكبر مصدر قلق لهم قد انخفضت، مع التأكيد على أن سيطرة «الديمقراطيين» على الكونجرس ستكون في مساحات من الهوامش المحدودة. ومعروف أن الحزب «الجمهوري» يفضل السيطرة على أحد المجلسين أو كليهما، لكن النجاحات التشريعية، وآخرها إقرار خطة إنفاق رئيسية للأزمات المحلية والمناخية، قانون خفض التضخم، أعطت «الديمقراطيين» الأمل في تحقيق التقدم المنشود، خاصة أن الرئيس جو بايدن كانت قد ارتفعت شعبيته أيضاً منذ تراجعها في أوائل يوليو.ودائما ما يخسر الرئيس تقليدياً انتخابات تجديد مقاعد مجلس النواب و35 من المقاعد ال100 بمجلس الشيوخ.وعادة ما تكون انتخابات التجديد النصفي صعبة للحزب الحاكم، وقد عانى الرئيس جو بايدن و«الديمقراطيون» في استطلاعات الرأي مؤخرا لكنهم في الأسابيع الماضية، استعادوا بعض القوة بفضل عوامل مثل المخاوف من حظر الإجهاض، ومجموعة من الإصلاحات مررها الرئيس بايدن عبر الكونجرس وتراجع التضخم. وفي المقابل يبدو «الجمهوريون» في حالة ارتباك، إذ صرح زعيم الحزب في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بأن احتمال استعادتهم الأغلبية في المجلس، الذي يسيطر عليه «الديمقراطيون» بفارق صوت واحد، لا يتجاوز 50%. ويشعر «الجمهوريون» بقلق متزايد من أنهم أهدروا فرصة سانحة، نتيجة ضعف شعبية الرئيس بايدن وغضب من ارتفاع معدلات التضخم والجريمة. فشعبية الرئيس «الديمقراطي» ترتفع، وأسعار البنزين تتراجع، فيما يسجّل التضخم بوادر حلحلة، كما أن البطالة لا تزال منخفضة.تصبح إذن كل الرهانات قائمة وكل السيناريوهات متوقعة في ظل استمرار حالة التجاذب بين الرئيس والكونجرس، وبين فواعل النظام الأميركي المعقد.* أكاديمي متخصص في العلوم السياسية والشؤون الاستراتيجية