الرئيس تبعات وصلاحيات ومواصفات..

أكثر من سنة فى تيار

حبيب البستاني
في الوقت الذي يحتاج فيه لبنان أكثر ما يحتاج إليه هو تاليف حكومة كاملة المواصفات، وذلك ليس فقط بغية تولي صلاحيات الرئيس في حال الشغور الرئاسي وتعذر انتخاب رئيس جمهورية جديد قبل انتهاء ولاية فخامة الرئيس ميشال عون، ولكن للبدء بإيجاد الحلول اللازمة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والتي باتت تهدد بشل البلد بالكامل وخلق حالة من الفوضى لا مثيل لها. في هذا الوقت يقوم أكثر من فريق بممارسة الهروب إلى الأمام وبدلاً من معالجة معضلة التأليف التي بات الرئيس المكلف غير راغب فيها أو غير قادر عليها، لا فرق،ها هم يبدأون بالحديث عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتحديد مواصفاته، وهم كمن يضع العربة أمام الحصان وبالتالي فهم ينادون بانتخاب رئيس في ما هم يعملون على استبعاد هذا الانتخاب، فكيف يصار إلى الاتفاق على رئيس واحد فيما هم عاجزون على الاتفاق على حكومة، كل وزير فيها يمثل جهة وكل وزير فيها هو بمثابة رئيس جمهورية من حيث الصلاحيات في حال الشغور. موضوع الرئاسة ليس موضوع مواصفات وحسب، فالمواصفات بحاجة لشخص الرئيس والشخص يجب تسميته أو المناداة به وذلك قبل انتخابه، فالموضوع ليس كما أعلن "التغييرييون" وليس بتعداد مواصفات لرئيس مثالي، إذ بإمكان أي طالب تخرج من المرحلة الابتدائية ودخل المرحلة التكميلية وبالتالي بدأ يتقن كتاب التربية المدنية الذي يقول بكل ما جاء على لسان التغييريين، من السيادة إلى الجيش إلى الوطن إلى الحكم إلى الدولة، فهنيئاً للتغييريين بهذه اللغة الإنشائية التي لم تحاكي الواقع ولم تحدد المشكلة حتى أنها لم تذهب إلى تسمية "الرئيس" وهنا نردد مقولة أن من لا يستطيع تسمية رئيس لا يستطيع الإتيان به، فاضحى مؤتمرهم أشبه ب "هوبرة" الأعراس في الضيع اللبنانية فينادي أحدهم باعلى الصوت "عريسنا شيخ الشباب" ليرد عليه آخر "شيخ الشباب عريسنا" وهكذا علمنا أن هنالك عرساً ولكننا لم نعلم من هو العريس.أما المفارقة الثانية فتمثلت بمواصفات أمل – القوات اللبنانية، حيث انتقل الخطيبين من موضوع المواصفات إلى مهاجمة الرئيس والتيار على حد سواء، وإذا كان دولة رئيس المجلس قد انتقل من لعب دور الرئيس الجامع وصمام الأمان إلى لعب دور رئيس حركة، وهذا الدور يتقنه تمام الإتقان وقد برع في لعبه طيلة مدة تغييب الإمام اي منذ أكثر من 44 أربعة وأربعين عاماً. وإذا كان الجميع يعلم فقدان الكيمياء بين دولته وفخامته وذلك منذ اليوم الأول لانتخاب عون رئيساً، وهذا عائد لفشل الحلف القائم بين المر وبري وجنبلاط بالإتيان بسليمان فرنجيه رئيساً في العام 2016، فإنه من غير المفهوم أن يستمر هذا الخلاف طيلة سني العهد آخذاً في طريقه خطط النهوض الكهربائي والمائي والمالي وصولاً إلى توقيف ترقية ضباط ما عرف بدورة عون، ولم تنجح مساعي الحليف بتذليل الخلافات ونسج تسوية ولو بحدها الأدنى.أما في مقلب القوات فإن الخلاف المستحكم بين جعجع والرئيس انفجر دفعة واحدة بمناسبة يوم الشهيد، هذا الخلاف الذي ينبع من اعتبارات خاصة بشخص رئيس القوات وليس بشخص الرئيس أو مواصفاته. ومن منا لا يذكر أنه وفي عز الاحتضان الشعبي لرئيس الحكومة آنذاك ميشال عون في بعبدا وبعد المسيرات المليونية إلى بيت الشعب، انبرى جعجع ليحتفل بيوم المقاومة من المجلس الحربي في الكرنتينا وذلك فقط ليعلن "أنا هنا".لقد فشل جعجع من التحول إلى زعيم مسيحي أقله بمناسبة يوم الشهيد في معراب، وغرق في لغة نبش الأحقاد محملاً الرئيس كامل مسؤولية الفشل وهو بذلك يحمل الرئاسة الفشل وليس الرئيس عون، وهو كما فعل عند تاييد الطائف بحجة مجابهة عون ولكنه في النهاية حد من صلاحيات الرئيس واضر بالرئاسة، وهنا نتذكر قول جعجع من أمام قصر بعبدا في العام 1989 وبمناسبة (مواجهة اتفاق الطائف) وهل تُسأل القوات عن موقفها!!!، ليصار بعدها إلى لحس جعجع لتوقيعه وموافقته على الطائف.إنه من المسلم به أن من ليس له صلاحيات لا يتحمل التبعات، وأما المواصفات فهي يجب أن تتوفر بالرئاسة أكثر منها بالرئيس، لأن أي رئيس بدون صلاحيات لا يستطيع ممارسة دوره في الحكم ولا سيما في رسم سياسة البلد. كاتب سياسي*

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على