النزاهة تصعِّد إجراءاتها وتستعدّ للإطاحة بمحافظين ومسؤولين فاسدين

أكثر من ٦ سنوات فى المدى

يتوقع أن يصل "إعصار النزاهة" إلى عدد من المحافظات الجديدة خلال الأيام القليلة المقبلة. وكان الإعصار سبق أن أطاح، خلال الاسابيع الماضية، بـ3 محافظين وعدد من المسؤولين المحليين والتنفيذيين بتهم فساد.ويتحفظ مطلعون على أوامر اعتقال مرتقبة قد تصدرها النزاهة، على كشف الأسماء خشية هروب المتهمين.وكان محافظ البصرة ماجد النصراوي قد فرّ من البلاد اعتماداً على جوازه الأجنبي، قبل أن تتمكن هيئة النزاهة من إصدار قرار حظر السفر.ومنذ تشكيل هيئة النزاهة قبل 13 عاماً، تُتَّهم المؤسسة بالتبعية السياسية إلى الحكومة. وتمكن عدد من المسؤولين الفاسدين من الهرب خلال تلك السنوات بينهم 3 وزراء.ومازالت الهيئة، حتى منتصف العام الحالي، تمنع أكثر من 200 مسؤول من السفر، بضمنهم عدد من الوزراء.ويكشف النائب علي البديري عن "وجود مذكرات اعتقال جديدة ستصدر قريباً عن هيئة النزاهة، تخص محافظين ورؤساء مجالس محافظات".وكان البديري  قد كشف، الشهر الماضي، عن حملة اعتقالات لمسؤولين محليين، قبل أيام من صدور مذكرات إلقاء قبض بحق محافظ الأنبار صهيب الراوي، وصلاح الدين أحمد عبدالله الجبوري.واعتذر البديري، خلال اتصال مع (المدى) أمس، من الكشف عن أسماء المسؤولين أو المحافظات التي ستشهد مذكرات اعتقال في قضايا فساد. ويقول "إذا ذكرنا اسم مسؤول فسيهرب فوراً".وعلق حسن الياسري، رئيس هيئة النزاهة، على خبر هروب محافظ البصرة ماجد النصراوي، قبل أسبوعين، بأن "عطلة يوم الجمعة والسبت تسببت بتأخير الإجراءات ضد المحافظ".وكان محافظ البصرة  قد غادر البلاد في يوم خميس، وهو نفس يوم صدور أمر بمنعه من السفر.وقالت الهيئة، في بيان لها عقب الحادث، بأن النصراوي "خرج بعد الانتهاء من مؤتمره الصحفيّ مباشرةً إلى إيران، ممَّا يعني قبل وصول قرار منع السفر بحقه".وكانت تقارير سابقة للنزاهة، أكدت اتهام أكثر من 250 مسؤولاً بتهمة تهريب أموال، من بينهم ثلاثة وزراء يقيمون خارج العراق، وهم أيهم السامرائي، وحازم الشعلان، وفلاح السوداني.وأكد التقرير الاخير للهيئة وجود 216 مسؤولا ممنوعين من السفر، بينهم 18 وزيراً أو من هم بدرجة وزير.وأشار التقرير، الذي صدر منتصف العام الحالي، الى وجود 140 مسؤولاً ممنوعاً من السفر في عام 2017 بينهم 4 وزراء.هل النزاهة مستقلة ؟ويرى النائب علي البديري ان "ضغط الرأي العام واقتراب الانتخابات يمثلان أحد أكبر المحركات لزيادة نشاط هيئة النزاهة في الفترة الاخيرة".بدوره ينفي النائب حيدر الفوادي، عضو لجنة النزاهة، ان تكون هيئة النزاهة تابعة لجهة سياسية معينة.ويرأس حسن الياسري، الذي ينتمي إلى كتلة مستقلون المنضوية ضمن دولة القانون، الهيئة بالوكالة منذ عامين.ويقول الفوادي، في تصريح لـ(المدى) أمس، ان "نشاط الهيئة مستمر منذ سنوات، وهناك مذكرات اعتقال مستمرة"، عازياً "ارتفاع نشاطها خلال الفترة الاخيرة الى تراكم الخبرات".وكانت الهيئة  قد أكدت مؤخرا أنها "جهة مستقلة"، وكشفت عن توقيع موظفيها على تعهد يمنعهم من ممارسة أي "نشاط سياسي أو حزبي أو الترشح للانتخابات".ويدعو عضو لجنة النزاهة الهيئة الى "المضي في عملها دون الالتفات الى اتهامات التسييس". لكنه بالمقابل لاينكر وجود "ضغوطات سياسية وقوانين قديمة تعرقل عمل الهيئة".وأكد رئيس الهيئة، خلال تصريحات له الشهر الماضي، أنه "لاتوجد خطوط حمراء على أي مسؤول تثبت عليه قضايا فساد". وكانت الإجراءات الأخيرة للنزاهة،  قد أدت إلى الحكم على محافظ الانبار صهيب الراوي بالحبس لمدة عام واحد مع إيقاف التنفيذ، الأمر الذي مهّد الطريق إلى إقالته من منصبه.كما تسببت تقارير هيئة النزاهة بسجن محافظ صلاح الدين أحمد الجبوري لمدة 3 سنوات على خلفية تهم فساد. ولايزال صباح البزوني، رئيس مجلس البصرة، موقوفا على ذمة التحقيق في قضايا فساد ايضاً. لكن النائب علي البديري يقول إن "زعماء سياسيين تدخلوا لإخراج محافظ بابل صادق مدلول بشكل مؤقت من السجن". ويرى عضو التحالف الوطني أن "إجراءات النزاهة جيدة، لكنها لاتطبق على الجميع، وهنا تكمن المشكلة".وكانت محكمة الجنح في بابل أصدرت، قبل شهرين، على المحافظ بـ(الحبس البسيط) لمدة ستة أشهر مع غرامة مالية قدرها مليون دينار، بعد إدانته بقضايا فساد.وأشار قاضي محكمة بابل، في بيان صحفي أصدره في أيار الماضي، إلى أن "المدان حاول الهروب من المفرزة بعد إصدار الحكم إلا أن رجال المفرزة تمكنوا من إعادته".وأصدرت هيئة النزاهة، الاسبوع الماضي، حكما بحبس مدير عام الخطوط الجوية العراقية سامر كبة لمدة سنتين.بالمقابل، تسربت معلومات عن صدور أوامر منع السفر بحق محافظ ذي قار يحيى الناصري. وجاء ذلك بعد ايام من اعتقال نائب المحافظ وعدد من معاونيه على خلفية تهم بالفساد.من أين لك هذا؟وأكد رئيس هيئة النزاهة، مؤخرا، أنَّ عددَ المتهمين المحالين إلى القضاء خلالَ العام الجاري "بلغ (2512) متهماً، منهم 16 وزيراً ومن هم بدرجتهم".وقال في مؤتمر صحفي في بغداد إن "تحقيقات الهيئة قادت إلى إصدار (3198) أمرَ قبضٍ، نُفِّذ منها 836 أمراً".في غضون ذلك يرى النائب عبدالكريم عبطان، عضو لجنة النزاهة، أن "ما حققته هيئة النزاهة ليس بمستوى ما يحدث من فساد في البلاد".ويقول عبطان، في تصريح لـ(المدى) امس، ان "حجم الاموال التي هربت خارج العراق، أكبر بكثير من الذي قامت الهيئة باسترداده".وكشفت الهيئة نجاحها بإعادة ومنع إهدار 92 مليار دينار. وتقدر دائرة استرداد الأموال في هيئة النزاهة، تهريب أكثر من ترليون دولار منذ 2003،. لكن لجنة النزاهة البرلمانية تقدر المبلغ المهرب بنحو نصف ترليون دولار فقط.وكان رئيس الحكومة حيدر العبادي  قد قرر، في آب 2015 ، البدء بتفعيل مبدأ (من أين لك هذا؟) بحق جميع المسؤولين، وكلف هيئة النزاهة بتشكيل فرق خاصة للتحقيق بثروات كبار الموظفين وأصحاب الدرجات الخاصة.ويدعو النائب عبطان هيئة النزاهة إلى "حصر ممتلكات المسؤولين وكل عراقي أثرى على حساب المال العام".

شارك الخبر على