فوضى في العراق وإعلان حظر التجوال الشامل

ما يقرب من سنتين فى الإتحاد

هدى جاسم (بغداد)
أثار إعلان زعيم «التيار الصدري» في العراق مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي بشكل نهائي وعدم التدخل في الشؤون السياسية وإغلاق كافة المؤسسات التابعة له، أنصاره الذين خرجوا بالآلاف إلى الشوارع واقتحموا مقر الحكومة والقصر الرئاسي في المنطقة الخضراء، ما تسبب بمقتل وإصابة المئات منهم.وأعُلن فرض حظر تجول شامل في كافة أنحاء البلاد وتعليق أعمال الحكومة حتى إشعار آخر. جاء ذلك بينما أرسل الجيش العراقي تعزيزات عسكرية إلى بغداد للمساهمة في إعادة فرض الأمن وأعلنت الأجهزة الأمنية حالة الإنذار القصوى في صفوفها وقطعت إجازات منتسبيها.وقتل 12 شخصاً أمس، في المنطقة الخضراء ببغداد وأصيب 270 آخرون بجروح، وسط حالة من الفوضى.وأفادت مصادر محلية وطبية عن إطلاق النار بالذخيرة الحية عند مداخل المنطقة الخضراء الخاضعة لحراسة مشددة وتضم مقار حكومية وسفارات، ما أسفر عن مقتل 12 من أنصار «التيار الصدري» وإصابة 270 من المتظاهرين الآخرين، بعضهم بالرصاص وآخرون جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع.كما اقتحم متظاهرون، القصر الجمهوري ومقر الحكومة داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد.جاء ذلك بعد أن أعلن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، اعتزاله العمل السياسي، وعدم التدخل في الشؤون السياسية بشكل نهائي، وإغلاق كافة المؤسسات التابعة له.وأغلق المتحدث باسم زعيم «التيار الصدري» حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما نقلت وسائل إعلام عراقية عن اللجنة المنظمة لتظاهرات «التيار الصدري» أنها علقت أعمالها. وفي السياق، أعلنت قيادة العمليات المشتركة في بيان لها، حظر التجول الشامل في جميع محافظات العراق اعتباراً من الساعة السابعة مساء أمس، إلى إشعار آخر. وقالت القيادة في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية، إنه «تقرر فرض حظر التجول الشامل، ويشمل السيارات والمدنيين». ودعت قيادة العمليات المشتركة المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من داخل المنطقة الخضراء.وقالت: إنها «التزمت أعلى درجات ضبط النفس والتعامل الأخوي لمنع التصادم أو إراقة الدم العراقي»، مؤكدة مسؤوليتها عن حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية والأملاك العامة والخاصة.وأفاد مصدر أمني، بأن الجيش العراقي أعلن حالة الإنذار القصوى في بغداد وقطع إجازة منتسبيه.وأمر الجيش الذي استقدم تعزيزات عسكرية إلى بغداد من أجل إعادة فرض الأمن بتعزيز الحماية للدوائر الحكومية والمصارف في بغداد.في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تعليق أعمال الحكومة حتى إشعار آخر، بعد اقتحام متظاهرين القصر الجمهوري ومقر الحكومة.كما عقد الكاظمي اجتماعاً طارئاً للقيادات الأمنية في مقر العمليات المشتركة لمناقشة الأحداث الأخيرة.وذكر المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء في بيان أن «الكاظمي جدد توجيهاته للقيادات الأمنية بالالتزام التام بالتعليمات السابقة فيما يخص حماية المتظاهرين والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، ومنع التجاوز على المؤسسات الحكومية من قبل أي طرف».وقال: إن «التطورات تؤشر على خطورة النتائج المترتبة على استمرار الخلافات السياسية وتراكمها».ودعا الكاظمي في بيان أنصار «التيار الصدري» إلى الانسحاب من المؤسسات الحكومية، معتبراً أن تجاوز المتظاهرين على مؤسسات الدولة يعد «عملاً مداناً وخارجاً عن السياقات القانونية».ورأى أن «تمادي الخلاف السياسي ليصل إلى لحظة الإضرار بكل مؤسسات الدولة لا يخدم مقدرات الشعب العراقي وتطلعاته ومستقبله ووحدة أراضيه».بدوره، طالب الرئيس العراقي برهم صالح جميع القوى السياسية بضبط النفس، والتزام التهدئة والامتناع عن التصعيد.وقال صالح، في بيان، إن «الظرف العصيب، الذي يمر ببلدنا يستدعي من الجميع التزام التهدئة وضبط النفس ومنع التصعيد، وضمان عدم انزلاق الأوضاع نحو متاهات مجهولة وخطيرة يكون الجميع خاسراً فيها».وأكد أن «التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق مكفول دستورياً مع الالتزام بالقوانين وحفظ الأمن العام»، لكنه شدد على أن «تعطيل مؤسسات الدولة أمر خطير يضع البلد ومصالح العراقيين أمام مخاطر جسيمة، وندعو أبناءنا المتظاهرين إلى الانسحاب من المؤسسات الرسمية، وإفساح المجال أمام القوات الأمنية في القيام بواجبها في حفظ الأمن والنظام والممتلكات العامة».بدوره، دعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، جميع الأطراف إلى «إطفاء نار الفتنة والتوصل إلى تفاهمات».وقال الحلبوسي في بيان، إن «ما آل إليه الوضع هذا ينذر بخطر كبير، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه أو تركه يتصاعد دون تدخلٍ من العقلاء والمؤثرين من زعامات دينية وسياسية وعشائرية واجتماعية، تدفع باتجاه التهدئة وضبط النفس، وتحذر من الفوضى وإراقة دماء العراقيين عبر استخدام السلاح من أي طرف».واعتبر خبراء ومحللون عراقيون في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن المشهد يتجه نحو التعقيد إذا لم تتخذ القوى السياسية طريقاً للحوار وإيجاد الحل المناسب للخروج من الأزمة.وقال الدكتور غازي فيصل حسين مدير «المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية»، إن قوى «الإطار التنسيقي» تواجه تحديات وعقبات تمنع من توفير الشروط السياسية والدستورية لعقد جلسة لمجلس النواب تضمن الحصول على نصاب الثلثين، لانتخاب مرشح لرئاسة الجمهورية، تكلف شخصية لرئاسة الوزراء.وقال حسين في تصريح لـ«الاتحاد»، إن «الدستور وبعد مرور 10 شهور على الانتخابات التشريعية فقد شرعيته لتجاوز مجلس النواب المدد المقررة لانتخاب الرئيس، وهي الثلاثين يوماً بعد انعقاد الجلسة الأولى، كما جاء انسحاب نواب التيار ليشكل إخلالاً في التوازن الذي أظهرته الانتخابات الأخيرة».بدوره، أكد المحلل السياسي علاء الخطيب، أن لا طريق لحل الأزمة في العراق سوى الحوار، وهو ما وضع «التيار الصدري» في حالة حرج وهذا ما دل عليه مقتدى الصدر في تغريدته الأخيرة.

شارك الخبر على