أزمة الخلاف السياسي في العراق تتفاقم عبر المظاهرات والاعتصامات المتضادة

أكثر من سنة فى كونا

من علاء الهويجل (تقرير.اخباري)
بغداد - 26 - 8 (كونا) -- في شوارع المنطقة الخضراء ببغداد يتبادل الفرقاء منذ نحو شهر الرسائل السياسية عبر المظاهرات والاعتصامات المتضادة والتي وصلت ذروتها الثلاثاء الماضي باعتصام اتباع التيار الصدري عند بوابة مجلس القضاء الاعلى ما دفع الاخير لتعليق اعماله في انعكاس واضح وخطير لتفاقم الخلاف السياسي وانغلاق افق التفاهمات الحزبية.وبعد أن اخفق التيار الصدري في تشكيل حكومة اغلبية نيابية مع حليفيه (السيادة) السني و(الديمقراطي الكردستاني) الكردي بسبب تفسير قضائي مهد لخصومهم في (الاطار التنسيقي) تشكيل ما يعرف بالثلث النيابي المعطل قرر زعيم التيار مقتدى الصدر الانسحاب من البرلمان واللجوء الى خيارات الشارع.ولم يمهل الصدر خصومه طويلا بعد استقالة نوابه من البرلمان حتى لجأ إلى حشد قاعدته الشعبية ليقتحم بهم المنطقة الخضراء وليعتصموا في مبنى البرلمان في يوم السبت 30 من يوليو الماضي بينما غريمه (الاطار التنسيقي) يرتب فيه لعقد جلسة نيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية والمضي بتشكيل حكومة "اطارية" رغما عن ارادة الصدريين.بيد ان (الاطار التنسيقي) لم يتأخر كثيرا في الرد على الصدر وبذات اللغة والوسيلة اذ دعا انصاره للتظاهر في الاول من اغسطس اي بعد يومين من اعتصام الصدريين في البرلمان وذلك بحجة الدفاع عما وصفه بالشرعية الدستورية والمؤسسات الحكومية ثم عاد في ال 12 منه للدعوة لمظاهرة ثانية اعقبها اعتصام مفتوح ليتحقق على الارض (المظاهرة وضدها.. والاعتصام وضده).ورغم ان المعتصمين على طرفي نقيض وبين جمهورين متشنجين فإنه لم يسجل اي احتكاك بينهما حتى الان وقد يكون ذلك عائدا لإرادة قيادتي الطرفين بتجنب العنف او ربما بسبب التباعد الجغرافي بينهما اذ ان الصدريين يعتصمون في محيط مبنى البرلمان في الجزء الشمالي من المنطقة الخضراء بينما يعتصم الاطاريون خارج المنطقة الخضراء عند بوابتها الجنوبية (بوابة الجسر المعلق).ولعل ابرز ما يختصر المشهد ويوضح عمق الهوة بين الطرفين هو الخطابان المتضادان للصدر من جهة ولغريمه القيادي في الاطار التنسيقي ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي من جهة اخرى.فقد لخص الصدر في خطاب متلفز بثه مكتبه الاعلامي في الثالث من اغسطس مطالبه بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة ليأتيه الرد بثلاث (لاءات) من المالكي في كلمة متلفزة بثها مكتبه في الثامن من اغسطس قال فيها "لا حل للبرلمان ولا تغيير للنظام ولا انتخابات مبكرة الا بعودة مجلس النواب الى الانعقاد وهو الذي يناقش المطالب ويبت بها".ومع حالة التشنج تلك حاول الصدر ان يزيد من الضغط على خصومه بالدعوة الى مظاهرة مليونية سلمية لجميع انصاره من كل المحافظات وكانت مقررة في ال 20 من اغسطس الجاري الا انه عاد ليلغي المظاهرة بعد ان قرر (الاطار التنسيقي) الدعوة لمظاهرة مليونية مضادة دون ان يحدد موعدها.وفي ظل ذلك جاء التصعيد الاخير للصدريين وعن طريق الشارع والاحتجاجات اذ اقدم متظاهرو التيار الثلاثاء الماضي على الاعتصام امام مبنى (مجلس القضاء الاعلى العراقي) وهو ما دفع المجلس الى تعليق عمله وعمل المحكمة الاتحادية وجميع المحاكم الاخرى التابعة له في البلاد.وقال مجلس القضاء في بيان انه اتخذ قرار تعليق العمل ردا على الاعتصام المفتوح لمتظاهري التيار الصدري ولتلقيه رسائل تهديد عبر الهاتف ثم ما لبث ان اصدرت محكمة عراقية اوامر قبض بحق ثلاثة قياديين في التيار الصدري بتهمة تهديد القضاء.ولم يستغرق اعتصام الصدريين امام مجلس القضاء سوى ساعات قليلة قبل ان ينسحبوا من هناك بعد موجة مواقف رافضة لاعتصامهم كان ابرزها بيان لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الذي قال فيه ان الازمة في العراق تتجه نحو غياب الشرعية وخسارة الاعتراف الدولي بالعملية السياسية فيه.ولم يكن اعتصام الصدريين امام مجلس القضاء الثلاثاء الماضي مفاجئا بل كان متوقعا اذ سبق ان حمل الصدر في تغريدة في العاشر من اغسطس المجلس مسؤولية حل البرلمان وكلف اتباعه بكتابة الاف الشكاوى للمطالبة باصدار امر قضائي بذلك.وأمهل الصدر حينها القضاء حتى 18 من اغسطس لاتخاذ قرار حل البرلمان متوعدا باتخاذ موقف لم يحدده حينها في حال مخالفة مجلس القضاء لذلك المطلب.ورد مجلس القضاء في 14 من اغسطس في بيان قال فيه انه لا يملك صلاحية حل مجلس النواب ولا يحق له التدخل في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية.وفي ظل تلك الازمات اخفقت كل مساعي ومبادرات حل الازمة في البلاد والتي كان اخرها دعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لجلسة حوار عاجلة في 17 من اغسطس وكان يفترض ان تضم جميع القادة السياسيين في البلاد لوضع الحلول الجذرية للازمة.ولكن يبدو ان دعوة الكاظمي لم تحقق اهدافها اذ قاطع الصدريون جلسة الحوار فضلا عن تغيب عدد من قيادات الاطار التنسيقي وأبرزهم زعيم عصائب اهل الحق قيس الخزعلي ورئيس المجلس الاعلى الاسلامي همام حمودي بحجة انهما خولا رئيس تحالف الفتح هادي العامري بتمثيلهما في المؤتمر.وهكذا ورغم مرور اكثر من تسعة اشهر على انتخابات نوفمبر فانه لم يتم حتى الان حل ازمة تشكيل الحكومة او حتى البرلمان. (النهاية)

ع ح ه

شارك الخبر على