د. عبدالله الغذامي يكتب طه حسين إذ يصبح خطراً ثقافياً

ما يقرب من سنتين فى الإتحاد

في حكاية لافتة للأستاذ عزيز ضياء، رحمه الله، ذكر أنه قرر مرةً في مطلع حياته أن يمتنع عن قراءة كتب طه حسين، والسبب أنه لاحظ أن مقالاته التي كان يكتبها في الصحف قد أصبحت وكأنها من مخزون طه حسين بسبب تشبعه الذهني بأسلوب طه حسين وتماهيه معه فكرياً ولغوياً، وهنا وجد ضياء أن شخصيته الأدبية تقع تحت سطوة التأثير الطاغي لهذا الأديب الذي احتل ذوقه ونظام تفكيره، وهو يريد لنفسه التميز والتفرد وأن يؤسس لخط أسلوبي ينسب إليه ولا يكون نسخةً عن أحدٍ غيره مهما كانت عظمة هذا الأحد، ومضى عزيز ضياء بتجنب طه حسين وأغرق نفسه بقراءات متنوعة بمثل ما تعلم اللغة الإنجليزية ليقرأ فينصوص سردية في تلك اللغة، وقد ترجم بعض الأعمال من اللغة الإنجليزية، على أن العبرة من فعل ضياء يمكن أن نلتمسه في قول مجنون ليلى:أتاني هواها قبل أن أعرف الهوىفصادف قلباً خالياً فتمكنا ونظرية القلب الخالي تستجلب نظرية العقل الخالي، فكل حالة خلاء لابد أن تنجذب للإعجاب المطلق بأمرٍ ما، ويتحول الإعجاب إلى استحواذ فيحتل الذهن وتحتويه، وهذا درس تعلمته التنظيمات الحزبية، حيث تجنح لعزل المريد من أي مؤثرات جانبية لكي تستحوذ على ذهنه بفكرها الخاص الذي تريد غرسه في عقل المريد ومن ثم يصبح تحت سيطرتها، ولهذا نرى من يحذر الناس من قراءة الكتب الفلانية والهدف هو حصرهم في كتب من فكر محدد لا يريدون لعقل المريد أن يشذ عنه، وفي المقابل فكلما تعددت مصادر الاطلاع والقراءة ومراجع المعرفة فهذا يقلل من فرص الاستقطاب ويفتح فرص التعددية المعرفية، (وكل أناء بما فيه ينضح) حسب المثل العربي، فإن أصبح المخزون الذهني ذا طابع محدد فالمنتوج سيكون نضحاً عن المخزون، هذه مسألة تنبه لها عزيز ضياء حين لاحظ على نفسه الانقياد والتقليد فأراد أن يتحرر عقلياً ويتخلص من عبوديته الذهنية لأستاذ معين مهما علا شأن ذاك الأستاذ.

شارك الخبر على