الديار رسالة ميدانيّة قويّة من المقاومة الى العدو الإسرائيلي "إحذروا المغامرة"!

ما يقرب من سنتين فى تيار

تُشير المعلومات المُتداولة بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و»إسرائيل» إلى أن لبنان تسلّم رسميًا من الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، رفضًا إسرائيليًا على الطرح الذي قدّمه لبنان بشأن ملف ترسيم الحدود. وينصّ الطرح اللبناني على إعتماد الخط 23 كحدّ فاصل بين المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة للبنان والمنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة لفلسطين بالإضافة إلى كامل حقل قانا (وهو ما يجعل منه خطًا متعرّجًا)؛ في حين يُطالب «الإسرائيلي» بقسم من البلوك رقم 8 مُقابل إعطاء لبنان كامل حقل قانا.
خلال المُحادثات الأخيرة في بيروت بين الوسيط الأميركي هوكشتاين والمسؤولين اللبنانيين، رفض لبنان «الطلب الإسرائيلي» بالكامل، وشدّد على أهمية أن يحصل لبنان على الخط 23 وكامل حقل قانا. وهنا إقترح هوكشتاين – بناءً على طروحات أوروبية – أن تبدأ شركة «توتال» الفرنسية التنقيب عن الغاز في الحقل رقم 9 مُقابل إستخراج «إسرائيل» للغاز في حقل كاريش. هذا الإقتراح المبني على مُعادلة المقاومة أن لا إستخراج للغاز من كاريش من دون ضمانات إستخراج الغاز من حقل قانا، رفضه لبنان نظرًا إلى عدم وجود ضمانات فعّلية كما حصل في البلوك رقم 4 ، حيث قالت الشركة أنها لم تجد غازا بكمّيات تجارية، في حين لم يصدر التقرير التقني حتى الساعة، وهو ما يعني بشكل مباشر أن الشركة تعرّضت لضغوطات كبيرة لوقف عمليات التنقيب ولجم الإندفاع اللبناني.
أحد المسؤولين المُطلعين على الملف قال لا يوجد شفافية في التعاطي مع الرأي العام اللبناني وكل تصاريح المسؤولين تقول بأنهم لا يمتلكون الكثير من المعلومات، والذين يمتلكونها لا يتحدّثون إلى الإعلام. وبالتالي هذا يسمح بطرح فرضيات عديدة على رأسها مُقايضات سياسية وعسكرية ، أغلب الظنّ لن يرضى بها لبنان. وأضاف أن الملف الآن في حال جمود كامل، حيث أن التطورات الإقليمية والدولية هي الوحيدة القادرة على إعادة تحريكه – أي إعادة إحياء المفاوضات غير المباشرة في الناقورة تحت سقف الاتفاق الذي قد يتوصّل إليه هوكشتاين مع الجانبين.
وبالفعل، تُشير المعلومات إلى أنّ عودة الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين الى بيروت مؤكدة اعلامياً، لكنها مُستبعدة الحصول نظرًا إلى وصول الأمر إلى تصلّب الفريقين وتشبثهما بموقفهما.
هذا الأمر دفع «الإسرائيلي» إلى التحرّك عسكريًا في غزة عبر عدوان حصد عشرات الشهداء الفلسطينين، حذّر خلال هذا التحرك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «إسرائيل» بأن أي محاولة لإغتيال مسؤولين من حركة الجهاد الإسلامي في لبنان سيتم الردّ عليها. ويرى البعض أن هذه العملية هي رسالة تُحاول «إسرائيل توجيهها إلى حزب الله، خصوصًا أن العدو الإسرائيلي أرسل مسيّرات في مرتفعات «ميفدون» لاقت ردًا بالغ الدقة من الدفاعات الأرضية – الجوية من الأعيرة الثقيلة التابعة لحزب الله. هذا الردّ الحازم بالغ الأهمّية في التوقيت والشكل مع مقال ورد في صحيفة الـ «جيروزاليم بوست الإسرائيلية» (النسخة الإنجليزية) تقول فيه إن الحادث يأتي وسط تصاعد التوتر بين حزب الله و»تل أبيب» حول المحادثات الجارية حول الحدود البحرية بين البلدين، وإحتمال قيام «إسرائيل» بعملية عسكرية محدودة ضد لبنان، قبل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود، تفاديًا لإعتبارها مساومة من قبل «إسرائيل»، وهو ما يضر رئيس الوزراء الحالي في الانتخابات.
فالمعادلة التي فرضها حزب الله في موازين القوى مع العدو الإسرائيلي، أعطت ثمارها. فبحسب المعلومات وصل إلى لبنان رسالة أميركية عبر الكويت، أن الولايات المُتحدة الأميركية حصلت على ضمانات من العدو الإسرائيلي بأنه سيعطي لبنان ما يُطالب فيه بعد إنهاء الانتخابات النيابية في «إسرائيل».
وبغضّ النظر عن المسار الحقيقي للأمور على الأرض، من الواضح أن لبنان دخل في معادلة «من الندّ للندّ» مع العدو الإسرائيلي، وخير دليل على ذلك هو التأجيل الحاصل في إستخراج الغاز «الإسرائيلي»، وهو ما إعتبرته صحف «إسرائيلية» خسارة لـ «إسرائيل» أمام أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي نجح بتوجيه الرسائل العسكرية (المسيّرات) في الوقت والزمان المناسبين. أيضًا كان لموقع «القناة 14 الإسرائيلي» مقال ذكرت فيه أن المفاوضات تذهب بإتجاه تسوية دائمة، لكن هناك تنازلات مؤلمة من الجانب «الإسرائيلي» في تفاصيل الاتفاق
ترسيم الحدود والإستحقاق الرئاسي
وإذا كانت المُعطيات تُشير إلى أن العدو الإسرائيلي يتذرّع بالإنتخابات النيابية «الإسرائيلية» لتأجيل التوقيع على إتفاق مع لبنان خوفًا من أن يؤثّر هذا الإتفاق على نتائج انتخابات «الكنيست»، إلا أن السؤال هو عن مدى تأثير هذا الاتفاق – في حال وُقّع – على الإستحقاق الرئاسي في لبنان؟
من البديهي القول إن الواقع اللبناني يجعل ملفيّ ترسيم الحدود البحرية والإستحقاق الرئاسي مرتبطان بشكل عضوي. فالرئيس ميشال عون يُشدّد على التوصّل إلى إتفاق على ترسيم الحدود قبل إنتهاء ولايته نظرًا إلى التداعيات الإيجابية على فريقه السياسي. وفي المقابل، أشار بعض المُحلّلين أن الرئيس برّي يتريّث في الدعوة إلى عقد جلسة لإنتخاب رئيس للجمهورية بإنتظار معرفة مصير المفاوضات على ترسيم الحدود، الذي قد يرى النور قبل المهل الدستورية. فأي إتفاق على ترسيم الحدود يضع لبنان في نقطة تقاطع دولي ستؤثّر حكمًا على الإستحقاق الرئاسي، وهو ما سيُقصّي عددًا من المرشحين بشكل تلقائي وجعلهم خارج اللعبة.
لكن هذا الإقصاء الحتمي لبعض المرشحين، يوازيه «فيتو» واضح من قبل البطريركية المارونية على بعض الشخصيات، حيث أبدى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في عظته أمس، حرصه على حياد لبنان وعدم الإنغماس في صراعات الآخرين، وهو ما يُفسّره البعض الإتيان برئيس يكون من خارج الإصطفافات السياسية ومنفتحًا على الجميع، ويحظى بإجماع سياسي داخلي، بالإضافة إلى قدرته على التواصل مع المجتمع الدولي وفرض – بالحوار – رؤيته الإصلاحيّة سياسيًا وإقتصاديًا. فهل يُمكن للتقارب «الإشتراكي» مع حزب الله أن يُحقّق هذه الشروط ويأتي برئيس يرضى عليه الجميع؟ وحدها الأيام المقبلة قادرة على الإجابة على هذا السؤال.

شارك الخبر على