في عهد خليفة.. تفوق علمي وتألق عالمي

ما يقرب من سنتين فى الإتحاد

هزاع أبوالريش (أبوظبي)
حققت الجامعات الوطنية ومسيرة البحث العلمي فيها إنجازات هائلة في مجال التفوق العلمي والتألق العالمي في التصنيفات الدولية في عهد فقيد الوطن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه». وقد حققت كل جامعاتنا ومؤسساتنا الأكاديمية تميزاً وتألقاً مطردين، بشكل نال الإشادة والإعجاب من المجتمع العلمي والبحثي العالمي. وفيما يلي سنعرض، على سبيل المثال لا الحصر، جوانب مما حققته إحدى جامعاتنا التي تتشرف بحمل اسم فقيد الوطن هي جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا. ففي عهده «طيب الله ثراه»، شهدت هذه الجامعة محطات مهمة في مسيرتها نحو التميز على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. فمنذ أن تأسست الجامعة بمرسوم من المغفور له الشيخ خليفة بن زايد في عام 2007، حققت إنجازات كبيرة ومهمة كان لها دور كبير في تزويد القطاعات الاقتصادية المحلية بالكفاءات والكوادر الإماراتية المتميزة والقادرة على ريادة مختلف القطاعات، كما استطاعت أن تعزز منظومتها البحثية لتوفر حلولاً مبتكرة لمختلف القضايا والتحديات التي تواجه القطاعات مما ساهم في تعزيز عملياتها وتطويرها بشكل ملحوظ، وبالتالي تعزيز ازدهار الاقتصاد الوطني وتنافسيته العالمية، وبذلك تكون قد حققت الهدف من إنشائها، وهو دعم اقتصاد المعرفة والخطط الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة.
رحلة التطوروبعد حوالي 10 سنوات من تأسيسها، وتحديداً في عام 2017 وبموجب مرسوم من المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، انضمت جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث، التي تأسست في عام 2007 مع كل من معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، الذي تأسس في السنة نفسها والمعهد البترولي الذي تأسس هو أيضاً في عام 2000، تحت مسمى جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا. وقد أعطى الاندماج زخماً قوياً للبرامج الأكاديمية التي تنوعت بين برامج البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، والبرامج البحثية التي ضمتها المؤسسات التعليمية الثلاث. وكانت جامعة خليفة قد سجلت قبل الاندماج عدداً من الإنجازات المهمة منها تأسيس شبكة الإمارات المتقدمة للتعليم والبحوث «عنكبوت»، وهي شبكة اتصالات متطورة فائقة السرعة تربط مؤسسات الدولة البحثية والعلمية والأكاديمية مع بعضها بعضاً، وتربط تلك المؤسسات بمثيلاتها من المؤسسات حول العالم عن طريق ربط الشبكة نفسها بشبكات وطنية مماثلة في عدة دول في مختلف قارات العالم، وضمت عدداً من التطبيقات المبتكرة ضمن البنية التحتية للشبكة، مما وفر لقطاع التعليم والبحوث في الدولة فرصاً أكبر للتعاون والتطوير والاطلاع على أحدث ما توصلت إليه العلوم على مستوى العالم.ومن المحطات الأخرى البارزة أيضاً تأسيس مجموعة من المراكز البحثية لعل أهمها مركز الإمارات للابتكار في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات «إبتيك» بالتعاون مع كل من مؤسسة الإمارات للاتصالات ومؤسسة الاتصالات البريطانية «بي تي» وبدعم من هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية.
البحث العلميوتضم جامعة خليفة اليوم 20 مركزاً بحثياً متخصصاً يعمل فيها عدد من الباحثين من ألمع العقول سواء من المواطنين الإماراتيين المتميزين، ومنهم عدد كبير من خريجي الجامعة، أو من الكفاءات البحثية العالية من كافة أنحاء العالم. وتعمل المراكز البحثية بالتعاون مع مؤسسات القطاعات الصناعية وقطاعات الخدمات والقطاعات الحكومية بالإضافة إلى شركاء دوليين لتطوير حلول مبتكرة لأهم التحديات التي تواجهها تلك القطاعات. ولعل من أهم المجالات البحثية التي تغطيها هذه المراكز حلول الطاقة النظيفة والمستدامة والمياه والبيئة وإنتاج واستكشاف الهيدروكربون والصحة والطيران والفضاء وسلاسل التوريد والعمليات اللوجستية، بالإضافة إلى قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والروبوتات والذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية وعلوم البيانات والمواد المتطورة والتصنيع.وقد تحقق كل ذلك في ظل وجود رؤية بحثية تركز على بناء أسس قوية مبنية على أبحاث وأكاديميين متكاملين وإشراك المؤسسات الصناعية والحكومية والأكاديمية الرائدة، وإجراء البحوث المتميزة في العلوم والهندسة والطب، مع وجود تطبيقات عملية وترجمة الاكتشافات والاختراعات إلى ابتكارات يمكن أن تتحول إلى قيمة تجارية تعود بالفائدة على اقتصاد الدولة. وقد أثمرت كل تلك الجهود والاستثمارات البحثية بالفعل نتائج مهمة دعمت مركز جامعة خليفة المتقدم محلياً وإقليمياً ودولياً. فمنذ أن تأسست الجامعة، نشر باحثوها أكثر من 8000 ورقة بحثية 35% منها في أعلى وأهم 10% من المجلات العلمية في العالم، كما شارك الباحثون أيضاً في كتابة وتأليف أكثر من 400 كتاب علمي في مختلف المجالات.
الابتكارات وبراءات الاختراعوفي مجال الابتكارات، لدى جامعة خليفة اليوم أكثر من 270 طلب براءة اختراع، وقد حصلت على أكثر من 200 براءة اختراع تم إصدارها بالفعل، مع وجود أكثر من 480 تقرير اختراع صادر عن الجامعة، وهي بذلك تعتبر الأعلى في الدولة في هذا المجال. والمراكز البحثية المتخصصة في الجامعة تمتلك معايير تؤهلها لتكون ضمن الأفضل عالمياً.
البرامج الأكاديمية والمنحولعل من أهم ما ميز جامعة خليفة أيضاً ما تقدمه من برامج أكاديمية معتمدة ومتنوعة وفريدة تتلاءم مع متطلبات القطاعات المختلفة، وقد ساهمت في تخريج آلاف الطلبة الذين يتبوأ كثير منهم الآن مراكز قيادية، وقد حققوا إنجازات مهمة ومحورية في مختلف القطاعات الحكومية والأكاديمية والاقتصادية والصناعية وفي قطاعات خدمية عديدة. وتنوعت البرامج الأكاديمية لتشمل برامج البكالوريوس، وقد بلغ عددها 16 برنامجاً، وبرامج الماجستير، وعددها 18 برنامجاً، مع وجود 5 برامج دكتوراه يوفر أحدها (الدكتوراه في الهندسة) و11 تخصصاً مختلفاً، فيما توفر الجامعة أيضاً برنامجاً للدراسات العليا في الطب والعلوم الصحية، وهو أول برنامج للطب من نوعه في الدولة والعالم العربي حيث يتبع المنهاج الأميركي المعتمد على دراسة أربع سنوات للطب بعد إنهاء 4 سنوات بكالوريوس (أو ما يعرف بنظام الـ4+4 المتبع في دول أميركا الشمالية)، مع توفير فرص تدريبية ميدانية في أفضل المؤسسات الصحية الشريكة، والاستفادة من أحدث المختبرات والمراكز البحثية التي توفرها الجامعة للطلبة ولتسهيل العملية التعليمية. كما فرت جامعة خليفة طيفاً متنوعاً من برامج المنح الدراسية التي تغطي النفقات الدراسية للطلبة، ومن الأمثلة على تلك البرامج برنامج الشيخ محمد بن زايد لمنح الدراسات العليا «بحوث» الذي يمنح الطلبة المواطنين الذين يرغبون بمتابعة دراساتهم العليا في مجال الهندسة في جامعة خليفة برواتب شهرية وتغطية نفقات حضور المؤتمرات والفعاليات وإجراء البحوث ومميزات أخرى.
التصنيفات الأكاديميةساهمت الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة والاستثمار في البنية التحتية للجامعة والإنجازات التي تحققت وتميز الطلبة والباحثين والأكاديميين في الجامعة، في تحقيق تصنيفات أكاديمية دولية مرموقة وغير مسبوقة في تاريخ الدولة. ففي أحدث تصنيف لعام 2023 عن مؤسسة «كيو إس»، إحدى أهم مؤسسات التصنيف الدولية لجامعات العالم، حلت جامعة خليفة في المركز 181 عالمياً، وكانت الجامعة قد صنفت ضمن 481-490 جامعة في عام 2016، وكانت تلك المرة الأولى التي تدخل فيها جامعة خليفة تصنيفات «كيو إس».وفي تصنيف آخر لمؤسسة «التايمز» للتعليم العالي لجامعات قارة آسيا لعام 2019، حلت جامعة خليفة في المركز 28 على مستوى القارة وفي المركز 38 لتصنيفات نفس المؤسسة في العام نفسه للجامعات الناشئة، فيما استطاعت أن تصل إلى المركز 13 على مستوى جامعات دول الاقتصادات الناشئة في التصنيف ذاته لعام 2019.وقد حافظت جامعة خليفة على مركز الصدارة بين جامعات الدولة، حيث كانت الأولى والأعلى تصنيفاً لخمس سنوات متوالية، وأصبحت الجامعة الأسرع نمواً في العالم وهي الجامعة الإماراتية الأولى التي تحصل على هذا اللقب.
الشراكات الاستراتيجيةولتحقيق ما تسعى إليه جامعة خليفة، كان لابد من الشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات الرائدة في مختلف القطاعات الصناعية والاقتصادية والأكاديمية، سواء من داخل الدولة أو من المحيط الإقليمي، أو على الصعيد العالمي. وقد بلغ إجمالي قيمة عقود الشراكات في عام 2020 أكثر من 25.5 مليون دولار أميركي (أو 93.5 مليون درهم إماراتي) مع حوالي 50 من رواد القطاعات المختلفة. فيما وصل المبلغ الإجمالي لعام 2021 إلى أكثر من 63 مليون دولار أميركي (أو أكثر من 231 مليون درهم إماراتي) وأكثر من 91.8 مليون دولار أميركي (أو حوالي 337 مليون درهم إماراتي) حتى الآن للعام الحالي. 
البحوث والابتكار لمواجهة التحدياتدأبت جامعة خليفة منذ تأسيسها على تسخير جهودها في مجال البحوث والابتكار في خدمة الاقتصاد الوطني، وإيجاد حلول لمختلف التحديات التي تواجه الدولة والعالم. ولعل أبرز الأمثلة على تلك المساعي تحويل جهود البحوث في الجامعة إلى بحوث تنصب على إيجاد حلول لجائحة «كوفيد-19» التي عانى منها العالم. وقد أثمرت تلك الجهود بالفعل عدداً من الإنجازات المهمة في وقت قياسي، ولعل أبرز تلك الإنجازات الحصول على براءة اختراع لكمامة تعد الأولى من نوعها في العالم مصنوعة من مواد صديقة للبيئة وتوفر نسبة عالية جداً من الحماية ضد الفيروسات. كما أنشأ الباحثون في الجامعة أيضاً برامج تتنبأ بانتشار الجائحة وأخرى بتحديد الإصابات من خلال تطبيق على الهواتف المتحركة يقيس العلامات الحيوية على المريض. الابتكارات.. مشاريع ناشئة وقد تم إنشاء مركز خليفة للابتكار، وهو شراكة بين جامعة خليفة وصندوق خليفة مبادلة وتوازن وصندوق الوطن، ويوفر حاضنة أعمال لتسهيل عملية تحويل المعرفة والابتكار إلى شركات ناشئة. وقد استطاع المركز حتى الآن أن يضم 11 شركة ناشئة، ويجري العمل على زيادة هذا الرقم في الفترة المقبلة.ومن ناحية أخرى، فقد أطلقت جامعة خليفة بالتعاون مع شركائها شركة مشاريع جامعة خليفة التي تمثل الذراع التجاري والاستثماري للجامعة، حيث تم إنشاء صندوق استثماري بقيمة 100 مليون درهم إماراتي لدعم مشاريع الجامعة. وتهدف شركة مشاريع جامعة خليفة إلى تعزيز وتطوير مشاركة قطاع الأعمال في الجامعة بهدف تسريع الابتكار والمساهمة في تعزيز الأصول والموارد البحثية فيها. كما تسعى شركة مشاريع جامعة خليفة كذلك إلى تشجيع رواد الأعمال والمستثمرين في مجال التكنولوجيا لعقد الشراكات مع الجامعة بهدف تسويق محفظة براءات الاختراع فيها، التي تشهد تطوراً ملحوظاً في مجالات الطاقة والصناعة المتقدمة والصحة والأنظمة الذكية والروبوتات من خلال إنشاء المشاريع التكنولوجية. وستشمل شركة مشاريع جامعة خليفة كلاً من مسرّعات الابتكار وحاضنات الأعمال وشركات جامعة خليفة الناشئة، حيث ستعمل الأخيرة على تأسيس وتشغيل الشركات التكنولوجية.
مسيرة التمكين المعرفي مستمرةوتعليقاً على الموضوع، قال الدكتور عارف سلطان الحمادي، نائب الرئيس التنفيذي لجامعة خليفة: «حققت جامعة خليفة في عهد فقيد الوطن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، عدة إنجازات مهمة ساهمت في تشكيل ما وصلت إليه اليوم هذه الجامعة التي تتشرف بحمل اسمه، وستتابع الجامعة هذا الإرث الذي تستلهمه من رؤية ثاقبة للقيادة الرشيدة بدأت مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأكملها المغفور له الشيخ خليفة، وتتواصل مع سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، حيث ستصل الجامعة بعون الله في عهده إلى مراتب متقدمة وفضاءات جديدة من التميز والريادة، والمساهمة في تعزيز مكانة الدولة الإقليمية والعالمية على خريطة الابتكار في مختلف المجالات. رحم الله فقيد الوطن، الذي سيبقى اسمه نبراساً لنا ورؤيته دافعاً لمواصلة مسيرة التمكين والوصول إلى أعلى المراكز العالمية».

شارك الخبر على